الفصل الخامس والعشرون والأخير من الجزء الثاني

360 22 24
                                    

#فجوة_زمنية (تعويذة الهوى ) الجزء الثاني.
الحلقة الخامسة والعشرون والأخيرة.

جملة "مويرا" اللي قالتها كانت كفيلة تحرر الشيطان الكامن جوه "هيرينا"، اللي اشتعلت عينيها بلهيب الحقد والغل، ونفرت جميع عروق جسدها بشكل تقززت منه "مويرا"، أما صوتها فاتحول لـ صوت أجوف رنان وهي بتقولها بجنون:
  - يعني إيه خطتك إنتي و"فولاك" هي اللي نجحت؟!.. يعني انتوا متفقين سوا؟!.. خدعتوني؟

اتسعت إبتسامة "مويرا" وهي بتبصلها باستهزاء، في نفس اللحظة اللي كان فيها "خوان" بيهز راسه برفض لكل حاجة وهو بيقولها بصدمة :
  - إنتِ مين؟!.. مستحيل تكوني "هيرينا" اللي اتربيت معاها وحبيتها!.. أكيد فيه شيطان متلبسك.

برقت عيون "هيرينا" بقوة وهي بتلتفت ناحيته صاكة أسنانها بقوة، تكشف عن أنيابها الحادة، مرددة :
  - إنت أكبر عقاب اتعاقبته في مشواري ده، إني اتجوز جني من سلالة غير ملكية كان وصمة عار في حياتي، صورتك في خيالي كانت أكتر حاجة مقززة، أما في الحقيقة فكانت ديدان بتنهش في جسمي بكل قذارتها.. أنا بكرهك يا "خوان"، وطول سنين جوازنا كرهي ليك كان بيتضاعف يوم عن يوم، وكرهتك أكتر لما كنت بتتسلل لأوضتي كل ليلة، كأنك مستكتر عليا أرتاح منك ومن قربك مني، كنت بكره نفسي وأنا معاك، وبحتقرها وأنا بمثل عليك العشق والغرام.

"خوان" كان بيسمع كل الكلام ده بصدمة مسيطرة على كل جسمه لدرجة التخدير، جسمه تقيل، رجليه قربت تفقد قدرتها على حمله، عقله رافض كل الكلام ده، أما قلبه فكان بيصرخ بين ضلوعه زي الذبيح، وهو بيهز راسه برفض لكل كلمة اتقالت، لكنها كانت مُصرة تقطع آخر شريان بينبض جواه وهي بتقوله:
  - في كل ليلة معاك كنت بفكر أحط السم في مشروبك، وأقطع جثتك بسناني، وارميها لكلاب الجن، لكني كنت بتراجع في آخر لحظة، لأنك ضماني الوحيد لوجودي في المملكة دي.

تمالك "خوان" ما تبقى من نفسه المنهارة وهو بيسحب نفس عميق بضيق مرددًا بسخرية :
  - ضمانك الوحيد!.. وتحطيلي السم في المشروب؟!
 
هنا تدخل "فولاك" اللي كان بيتابع كل ده في صمت وهو بيقوله :
  - مش جديدة عليها يا "خوان"، عملتها مع أخوها قبل كده.
 
التفت "خوان" بنظراته ناحية "فولاك" بصدمة أكبر وهو بيردد بذهول :
  - يعني إيه؟!.. يعني مش "نيرون" اللي عمل كده؟!.. دي قالتلي سكت واتحملت عشان أحمي "نيرون".
 
ورجع بأنظاره ناحيتها مرة تانية وهو بيقولها باستنكار قوي:
  - مش ده كلامك ليا يا "هيرينا"؟!
 
تعالت ضحكات "هيرينا" الشيطانية وهي بتقوله :
  - وإنت غبي وصدقت.
 
اشتعلت نيران الغضب بعيون "خوان" اللي هَمَّ بصفعها لولا تدخل "فولاك" قائلًا:
  - ماتستاهلش ايدك تترفع عشانها.
 
تصارعت نظرات "خوان" الثائرة مع نظرات "فولاك" الثابتة، وهو بيسأله بعتاب صارخ :
  - وإنت عارف كل ده وساكت؟!.. عارف إنها حاولت تقتلك ومآمن عليا معاها؟!..

وكمل بنبرته المتهكمة:
- وأنا اللي كنت مستغرب يومها وأقول إزاي "فولاك" سابها تمشي بسهولة؟!.. ومادفعش عنها لحظة!.. أقول لنفسي إزاي صديق عمري يتفرج عليا وأنا بهد بيتي وحياتي بايدي وهو  واقف ساكت؟!.. ما صعبتش عليك وأنا عايش مخدوع كل السنين دي؟
 
نظرات "فولاك" الثابتة اترسمت بخطوط العتاب زي كلامه وهو بيقوله:
  - وتفتكر "فولاك" يضحي بـ "خوان" عشان خاطر أي حاجة في الدنيا؟
 
صرخ فيه "خوان" بوجع :
  - أومال إيه؟.. سيبتني على عمايا ليه؟
 
هز "فولاك" راسه بنفي وهو بيقوله :
  - عمري ما سيبتك، من يوم ماعرفت بنوايا "هيرينا" وأنا محصنك ضدها، و "رنة" كانت بتراقبك طول ما أنت بره المملكة وبتبلغني بكل أخبارك، دي غير إني كنت واثق مليون في المية إنها مش هتئذيك، لأنها لسه محتاجاك عشان ترجع هنا وتنفذ باقي خطتها.
 
قبض "خوان" على قميص "فولاك" بقوة وهو بيقوله :
  - وماقولتليش ليه؟.. ما شاركتنيش معاك ليه؟
 
صرخ فيه "فولاك" بقوة :
  - أقولك إيه؟.. أقولك إني سمعت أختي بتتأمر عليا مع "آشماداي" عشان يقتلني، ولا أقولك إني سمعتها وهي بتقوله إنها عايزة تشوفي وأنا بحتضر قدامها بعد ما تحطلي السم بايديها، أقولك إني شربت المشروب وأنا عارف إن فيه سم، وإني عملت كده عشان أحمي "نيرون" من شرب مشروبه بعد ماشده من ايدها،  أقولك إني مثلت إن السم بيجري في عروقي قبل ما أحس بأي أعراض عشان بس أوقع مشروب "نيرون".. أقولك إني كنت مضطر أبص في وش أختي اللي حاولت واللي بتحاول تخلص مني كل يوم عشان بس إنت بتحبها وعايز تعيش معاها؟!
 
كل كلام "فولاك" من بعد لفظه لاسم "آشماداي" كان بالنسبة لـ "خوان" صمت طويل، فعقله توقف عند هذه اللحظة تمامًا، أما عيونه فكانت متعلقة بعيون "هيرينا" اللي اتبدلت قدامه بشيطان رجيم، عشان يهز راسه باستنكار وهو بيقول :
  - وإيه علاقة "هيرينا" بـ "آشماداي"؟!
 
والتفت بأنظاره ناحية "مويرا" يسألها :
  - كانت بتخوني معاه يا"مويرا"؟!.. ده اللي كنتي تقصديه بكلامك؟.. "هيرينا" عاشقة لـ "آشماداي"؟!
 
هزت "مويرا" راسها بنفي وهي بتقوله :
  - "هيرينا" ما تعرفش غير الغل والحقد والكره يا "خوان"، عمرها في حياتها ما حبت حد عشان تحب "آشماداي".
 
صرخ بها "خوان" بعصبية جنونية:
  - أومال علاقتها بيه إيه؟.. علاقة مراتي بجوز الملكة "شمس الأخاديد" إيه يا" مويرا"؟
 
وزعت "مويرا" أنظارها ما بين "خوان" المُحترق بنار الخيانة، وبين "هيرينا" اللي بتابع حديثهم بنظرات ساخرة متهكمة، عشان تستقر أخيرًا بأنظارها نحو "خوان" وهي بتقوله :
  - "آشماداي" هو اللي كان عاشق لـ "هيرينا"، وكان مستعد يضحي بحياته عشانها، وكان بينفذ أي أمر تؤمره بيه وبطيب خاطر، حتى جوازه من الملكة "شمس الأخاديد" كان بترتيب منها، وأنا كنت هحذر "فولاك" من ده لكن للأسف اللي حصلي وقف كل حاجة.
 
تعالت ضحكات "خوان" الموجوعة بتهكم قوي وهو بيرفع أنظاره ناحية سقف الغرفة  بحالة صدمة قوية مرددًا :
  - "آشماداي" عاشق لمراتي؟! ، ومراتي بتستغله في تنفيذ أوامرها! ، أوامرها اللي كانت إنه يتجوز الملكة "شمس الأخاديد"! ، و "مويرا" عارفة كل ده! ، وكانت عايزة تحذر "فولاك" اللي خانته مع الإنسي، و"فولاك" طلع عامل خطة مع "مويرا"، وأنا كنت المهرج الوحيد في المسرحية دي، واللي الكل بيستهزأ بيه.
 
وأخيرًا نزل بأنظاره ناحية "فولاك" اللي كان بيبصله بحزن قوي لحالته، وهو بيصقف له بقوة وإعجاب مرددًا:
  - جلالة الملك "فولاك" ابن الملك "برقان" العظيم، القوي، الحكيم، اللي عارف كل حاجة بتحصل في مملكته وساكت.
 
واتسمت نبرة "خوان" بمرارة الخذلان وهو بيشاور ناحيته بسبابته مرددًا :
  - واللي كان واقف يتفرج على كل اللي بيحصل لصاحبه ومبسوط، اللي آمن "مويرا" اللي خانته على سره وخون صاحب عمره.
 
هزت "مويرا" راسها برفض وهي بتقوله :
  - ماتظلمش "فولاك" أنا اللي طلبت منه ده، ولحد اللحظة دي ماكانش مديني الأمان، ولا واثق فيا.
 
ورجعت بالذاكرة لبعد ما استعادت حياتها مرة تانية، تحديدًا في حديقة "فولاك" الخاصة.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن