الفصل الحادي والعشرون من الجزء الثاني.

348 18 7
                                    

#فجوة_زمنية (تعويذة الهوى ) الجزء الثاني.
الحلقة الحادية والعشرون.

اقتربت "هيرينا" متهادية بخطواتها نحو "آشماداي" الذي كان بيطوفها بنظراته الولهة، عشان تقف قصاده بابتسامة خفيفة وهي بتقوله :
- طمني.. قابلت "شمس الاخاديد"؟

انفرجت إبتسامة "آشماداي" الماكرة، وهو يرفع زاوية فمه مرددًا بسخرية تامة :
- كانت زعلانة مني!.. أصلها فاقت من غيبوبتها ما لقتنيش قدامها، بس أنا شيلت الليلة كلها لملكها المبجل.

ضيقت "هيرينا" عينيها بتركيز، لمحاولة استيعاب ما يرمي إليه "آشماداي"، اللي استرسل في كلامه :
- فهمتها إنه رماني في السجن من أول لحظة شافني فيها وهي مغمى عليها، وإن الإنسية هي اللي مسيطرة عليه سيطرة تامة.

مطت "هيرينا" فمها بسخرية وهي بيتسأله:
- وصدقت؟!

هز "آشماداي" راسه بإيجاب وهو بيجاوبها بثقة عظيمة :
- صدقت طبعًا.. هي ما بتحبش الإنسية من أول لحظة شافتها فيها، ده غير إن "فولاك" فعلًا اتغير معاها من يوم ما عرف بجوازنا، تحديدًا من يوم ما جيت المملكة، وأعلنت قدامه جوازي من "شمس الأخاديد" زي ما اتفقنا.

سحبت "هيرينا" نفس قوي بغيظ أقوى، وحبسته بصدرها للحظات،قبل ما تزفره مع كلماتها الساخطة وهي شاردة بالظلام أمامها :
- كان لازم علاقتهم تتوتر، وده عمره ما كان هيحصل من ناحية "شمس الأخاديد" اللي بتحب ابنها أكتر من نفسها، واللي عندها استعداد إنها تفديه بحياتها، إنما طبيعي جدًا إنه يحصل من "فولاك"، اللي كبرياؤه عنده أهم من أمه ذاتها، واللي كنت متأكدة إنه هينفيها بعيد عن المملكة مجرد ما يعرف خبر جوازكم.

واحتدت نبرتها الغاضبة بحقد شديد وهي بتسترسل بكلامها :
- وفعلًا أصدر الأمر بنفيها، لكن إيه اللي حصل خلاه يرجع في تنفيذ الأمر!..ده اللي هيجنني لحد دلوقتي.

ورفعت "هيرينا" أنظارها ناحية "آشماداي" بحنق قوي مرددة :
- كنت فاكرة إنك هتقدر تسيطر عليها، وإنها مش هتقدر تستغنى عنك، لكني اتفاجئت برد فعلها، اللي خالف كل توقعاتي، عارف أكتر حاجة مستغرباها في الموضوع ده؟

حرك "آشماداي" راسه يمينًا ويسارًا بتساؤل صامت، جاوبته "هيرينا" على الفور :
- رد فعلها بعد ما فاقت من الغيبوبة، ده غير إنها فاقت بكامل صحتها وعافيتها، رغم إن العقار اللي أخدته بيعمل شلل كامل لكل الجسم، يعني يدوب العيون اللي تتحرك، إنما دي فاقت كأنها صاحية من حلم جميل.

ارتجفت الشفة العلوية لـ "آشماداي" بغيظ قوي وهو بيردد بحنق :
- "أوتو".. الطبيب "أوتو" اللي اتدخل بسرعة وقدر يديها مصل مضاد.. مش عارف طلع لنا ده منين؟!.. كان كبير الأطباء بيعمل كل اللي عايزينه، آه كان طماع ومادي وحقير، بس كان بينفذ كل أوامرنا.

زفرت "هيرينا" زفرة طويلة بعمق وهي بتتأمل الظلام الدامس أمامها مرددة بوعيد :
- دوره جاي، رغم إني حاولت أكتر من مرة أخلص منه، لكنه محارب قوي، وأنا كنت مستهونة بيه.

كور "آشماداي" قبضته بغيظ شديد وهو بيردد بصوت شيطاني :
- أنا قادر إني أحرقه مكانه، إديني الأوامر وأنا كفيل بيه.

اتجهت "هيرينا" بأنظارها الغاضبة ناحية "آشماداي" تنهره بغيظ حانق :
- دورك أنا رسماه، إياك تفكر تتعداه، مهمتك "شمس الأخاديد"، وإنت فشلت معاها مرتين، التالتة هتكون الأخيرة، فُرصك عندي كلها انتهت يا "آشماداي".

بلع "آشماداي" ريقه بتوتر شديد وهو بيقرب منها يغدقها بنظرات عاشقة مرددًا :
- هعمل كل اللي إنتِ عايزاه، بس اقبليني عاشق، أنا بعمل كل ده عشان بحبك، اتجوزت "شمس الأخاديد" بس عشان أساعدك في خطتك للفوز بالعرش، وواجهت "فولاك" واستفزيته عشان أدخل القصر وننتقم منه.. أنا مش شايف في الكون كله أنثى غيرك يا "هيرينا".

تعالت ضحكات ساخرة من حلق "هيرينا" وهي بتطبطب على كتفه بتهكم قوي مرددة من بين ضحكاتها :
- حب إيه يا "آشماداي"؟! .. الحب ده ما أعرفوش، ولا محتاجة أعرفه، أو يمكن أنا مش شايفة في الكون ده كله حد يستاهل حبي غيري، عشان كده ما بحبش غيري، وبعمل كل حاجة عشان أسعد نفسي.

واحتدت نبرتها بغضب قوي وهي بتقوله :
- السعادة اللي اتحرمت منها طول عمري، كنت دايمًا هوا موجود في حياة الملك "برقان"، ما كانش شايف غير "فولاك" و "نيرون"؛ حتى "خوان"! .. كان بيتهتم بيه أكتر مني، مش فاكرة مرة اتبسط إنه شافني، ولا مرة أثنى عليا زي أي أب، أنا بيتهيألي إنه ما كانش يعرف إني موجودة من الأساس، عشان كده قررت أفرض سيطرتي على الكل، وأقولهم إني موجودة، الوحيد اللي فشلت معاه كان "فولاك" عشان كده فكرت أحطله السم في المشروب، لكني فشلت.. بس ملحوقة، أديني رجعت المملكة، والقصر وأقدر أحاول تاني وتالت وعاشر، لحد ما أقعد على كرسي العرش، وأحكم كل ممالك الجان، وأثبت للملك "برقان" إني الأفضل من بين كل اللي كان يعرفهم.

طوفها "آشماداي" بنظراته وهو بيهمس جوارها :
- إنتِ فعلًا الأفضل يا "هيرينا"، وهتحكمي العالم كله وأنا معاكِ.

زفرت "هيرينا" زفرة قوية بلامبالاة وهي بتجاوبه بجدية مغايرة لمجرى الحديث :
- تخليك جنب "شمس الأخاديد" طول الوقت، لازم تكون تحت عينينا لحد ما تيجي اللحظة المناسبة، اللي هتودع فيها عالمنا مع ملكها "فولاك" العظيم.

هز "آشماداي" راسه بموافقة، عشان تغادر "هيرينا" بخطاها الواثقة.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن