الفصل الثامن.

408 25 2
                                    


بلهفة متوجسة لفيت بكل جسمي أدور على "يونس" وأنا من جوايا متراهنة على كذب "فولاك"، على إخلاص جوزي وحب عمري، متأكدة إن حبه ليا عمره ما يخونه، ولا يخوني، الصراع جوايا كان بينهش قلبي، رغم ثقتي ، إلا إني خايفة، لأ مرعوبة إني أشوف حاجة تكسرني وتكسر صورته المثالية اللي فضلت أرسم فيها طول عمرنا سوا رغم عيوبه اللي موجودة في ناس كتير، واللي كنت بحاول أتقبلها رغم ضيقي منها ونفوري.

أخيرًا عيني وقعت على أوضة نومي اللي أنا مرتباها بإيدي، واللي حافظة كل ميللي فيها بقلبي، قلبي اللي ضربات الخوف جواه صدعت عقلي اللي بيقولي عادي، ما كل الرجالة خاينة، مفيش راجل مخلص بنسبة ميه في المية، كل الرجالة بيعدي في حياتها نزوات، اللي مرة واللي اتنين واللي أكتر، واللي طول العمر مقضيها، هزيت راسي بقوة أنفض منها الأفكار دي عشان يظهر قدامي "يونس" اللي صوت ضحكته رن في وداني، واللي اختلطت بصوت ضحكة أنثوية خليعة جلدتني بكرباح من نار، عشان عينيا تجحظ بشكل تلقائي تدور على صاحبة الصوت ده بكل لهفة وفضول، لحد ما أخيرًا لقيتها داخلة أوضتي بهدوم فاضحة، وجوزي بيحضنها.

دموعي كانت حمم بركانية بتنحت طريقها في وشي، وقلبي هيشق صدري ويخرج منه ، أما رجليا فماعدتش قادرة تشيلني، وقعت على الأرض وأنا بهز راسي برفض وبقول بهذيان:
  - مش "يونس"، مش جوزي اللي يعمل كده، أكيد دي خيالات إنت اللي مصورها ليا.. إنت شيطان بيوسوس ليا بخيانة جوزي، وبيصورلي كده، ربنا قال كده.. إنت شيطان.. ده مش جوزي.

ابتدى صوتي يعلى بعياط وأنا بحط ايديا على وداني أمنع صوتهم اللي واصلني وبقوله بصريخ :
  - كفاية.. مش عايزة أشوف حاجة، اقفل القرف ده، خرجني من لعبتكم دي، عايز تنتقم منه أهو عندك انتقم ، ابعدني أنا عن كل ده، بالله عليكم كفاية.. أرجوك.

أخيرًا.. الصورة اختفت من قدامي، والأصوات تلاشت تمامًا، وأنا استسلمت للانهيار اللي تمكن من كل ذرة في كياني.

أوقات طويلة عدت وأنا قاعدة ساكتة ما بنطقش حرف، رغم الدوشة والصراع اللي جوا عقلي، واللي خلاني آخد قراري أخيرًا، وأقوم من مكاني أخرج بره الأوضة اللي كانت كاتمة على نفسي، للبراح الواسع اللي أول مرة كنت أشوفه.

فضلت أتنفس بقوة كأني باخد آخر أنفاسي في الدنيا، وأنا بنادي :
  - "فولاك".

لحظات بسيطة دورت بعينيا عليه فيهم، عشان أشوف سرب كبير من المخلوقات اللي طايرة في السما وجاية ناحيتي، ركزت بقوة لحد ما الصورة اتضحت، "فولاك" بيقود سرب من بني جنسه، اللي مجرد ما قربوا مني اتفرقوا بإشارة من راس "فولاك " اللي نزل على الأرض قدامي وهو بيقولي:
  - شكلك ارتاحتي وتقبلتي الحقيقة أخيرًا.
 
روحت ناحيته بعصبية وأنا بقوله :
  - أنا عايزة أرجع بيتي وآخد حقي من "يونس" اللي داس على قلبي وكرامتي بكل  وقاحة وغدر.
 
ضم "فولاك" أجنحته جنبه بثبات لحد ما اتحولت لدراعين عقدهم قدام صدره وهو بيقولي :
  - مواجهتك مع الوغد ده إنتي الخسرانة الوحيدة فيها لأن الشر خلاص تمكن من قلبه وسيطر عليه سيطرة كاملة، للأسف جوزك اتحول لشيطان بشري.
 
الغضب والحقد ملا عينيا اللي بصت له بتفكير وأنا بقوله :
  - بس أنا عايزة أنتقم منه، عايزة أدفعه تمن كل لحظة حب عيشتهاله.
 
هز "فولاك" راسه بموافقة وهو بيقولي :
  - هيدفع تمن كل حاجة وبزيادة، وأنا اللي هعمل كده بنفسي، لكن إنتي لازم قلبك يفضل نقي زي ما هو، إياكي تلوثيه بالشر.
 
غصة قوية وقفت في حلقي وأنا بفتكر كلام بابا الشيخ "علي" اللي دايمًا كان يقولي قلبك يا "نور" أنقى من حبات الندى وقت طلوع الفجر، واسمك ليكي منه نصيب إوعى تخسريه أو تفرطي فيه في يوم.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن