الفصل الرابع من الجزء الثاني

368 25 5
                                    

#فجوة_زمنية الجزء الثاني
الحلقة الرابعة.

بحار، وأنهار، وصحاري عبرها "خوان" من أجل الحصول على ترياق النجاة لـ "فولاك"، اللي محمي بتعويذة من سبع عقد، كل عقدة لازم تتحل بخط من خطوط الخريطة السبعة، ومجرد ما تتحل الخط ده يتلاشى ويختفي عشان يفضل الخط المؤدي للكهف موجود لوحده.

الطرق اللي عبرها "خوان" كانت سلسلة بشكل مُريب، لكنه تغاضى عن ده، وكمل طريقه اللي متأكد إن نهايته هتكون يا نجاة يا موت، يا موته هو وجلالة الملك، يا حياتهم الاتنين.

عينيه كانت زي الصقر بتراقب كل تفصيلة تحته وهو طاير، كان الأمر هادي وطبيعي، لحد ما اقتحم صحراء الشيطان، المرسومة على الخريطة، واللي كانت موجودة وادي خفي، محدش يعرف عن وجوده ، واللي كانت طُرقها كلها موت، والبداية كانت مع جيش من الجان حُماة الصحرا دي، واللي ابتدوا يهاجموه في السما بشكل مفاجيء مجرد ما خطى خطوة واحدة جواها.

صدمة قوية لـ "خوان" ما كانش عامل حسابها إن الهجوم يكون جوي وفي أول لحظة، لكنه استجمع كل قوته وشجاعته وهو بيقول لنفسه:
  - إنت هنا عشان تنقذ الملك والمملكة، ولازم تخرج منتصر من الحرب دي أيًا كان التمن.

وانطلق ناحيتهم بكل قوته يحاربهم بأسلحته الخاصة، لكن عددهم الكبير كان بيرجح كفة الفوز و الانتصار ناحيتهم ، إنما "خوان" ما استسلمش وابتدى يقاوم ويدافع بكل قوته في حرب غير متكافئة عدديًا، لكن الأكيد إنها خسرانة تكتيكيًا، فذكاء ودهاء "خوان" قائد جيش المملكة كان يفوقهم بكتير، وده اللي جعل من مراوغته سلاح قوي مكنه من التغلب عليهم وهزيمتهم بكل أريحية، فجميع الضربات تفاداها، وكان تخطيه ليهم ومروره من خلالهم شعلة احتراقهم جميعًا واختفائهم من المكان، عشان يختفي معاهم أول خط من الخطوط السبعة.

مجرد ما عبرهم "خوان" واقتحم الصحرا، اتنهد بكل راحة وهو بيهز راسه باستنتاج وبيهمس:
  - يعني كده كل مرحلة بعديها بتتحرق حراسها.

وابتدى يهبط تدريجي لحد ما استقام بوقفته في الصحراء ، وبدأ يدور بعينيه في كل أرجاءها بترقب وحذر شديد وهو بيتقدم جواها بخطوات محسوبة، عشان فجأة يلاقي الصحرا قدامه اتشقت نصين كاشفة عن الجحيم بباطنها.

اختل توازن "خوان" اللي جاهد لحفظه على حافة الجحيم بكل قوته، ومال جسمه ناحية الحفرة، لكنه وقع جواها بكل تقله لمسافة مترين، عشان فجأة يتوقف سقوطه ده بفعل إيد قوية اتمسكت بيه وسحبته للخارج في نفس لحظة إغلاق الحفرة لسطحها.

غمض "خوان" عينيه بقوة وهو بيتنهد براحة قبل ما يفتحها مرة تانية، ويرفعها ناحية مُنقذه، اللي اتصدم من رؤيته ليه، لأنه ماكانش غير  "هيرينا"!

صدمة "خوان" تلاشت تدريجيًا وهو بيستوعب وجودها، لكن دهشته كانت لسه موجودة وهو بيقف قصادها بكل جسم مشدود وبيسألها :
  - إنتي إزاي جيتي هنا؟، وعرفتي المكان ده منين؟
 
زفرت "هيرينا" زفرة قوية براحة وهي بتبص للأرض اللي رجعت لطبيعتها وبتقوله بهلع :
  - إنت كنت هتتدفن في الجحيم، أنا كنت هخسرك، فاهم يعني أخسرك؟.. إنت كنت هتموت يا "خوان".
 
اتفهم "خوان" قلقها وتوترها، وسحب كفها بين كفوفه يطبطب عليه برفق وهو بيقولها بنبرة مُطمئنة:
  - اهدي.. أنا كويس ومفيش أي حاجة حصلت.
 
رفعت عينيها المليانة بالدموع تطوف كل ملامحه بشوق قبل ما تترمي في حضنه، وتدفن راسها بين دراعاته القوية وهي بتقوله ببكاء :
  - أنا ماقدرش أعيش في عالم إنت مش فيه يا "خوان"، أنا متحملة بعدك عني بس على أمل إننا نرجع لبعض في يوم من الأيام.. أنا بحبك ومقدرش أشوف حياتي من غيرك.
 
طبطب "خوان" على كتفها برفق وهو بيقولها :
  - أنا هنا يا سمو الأميرة.. اهدي.
 
وبعدها عنه شوية وهو بيبصلها بنظرة عشق مفقودة من سنين وبيقولها :
  - لازم ترجعي المملكة، وجودك هنا خطر عليكي.
 
هزت راسها بنفي وهي بتقوله بنبرة حازمة ما تقبلش أي نقاش:
  - لو كنت عايزة أرجع المملكة ما كنتش قطعت كل المسافة دي عشان آجي لحد هنا ، وبعدين خطر إيه؟!.. إنت ناسي إني أميرة محاربة في الأساس، ومعايا كل تعاويذ وطلاسم الحروب، يعني مفيش أي عقدة تقف قصادي.. يلا نكمل طريقنا عشان ننقذ جلالة الملك.
 
وتقدمته متوغلة داخل الصحراء بعد ما سقطت العقدة التانية، ومعاها تلاشى الخط التاني في الخريطة.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن