الفصل السابع من الجزء الثاني

402 28 9
                                    

#فجوة_زمنية  (تعويذة الهوى ) الجزء الثاني
الحلقة السابعة.

الصدمة اللي سيطرت على "فولاك" من هيئة "نور"، لجمته للحظات، لكنه قدر يستجمع قوته ويجري ناحيتها بخوف شديد وهو رافع راسه لفوق، ودراعاته مفتوحة لها وهو يتمتم بتعويذة خاصة حررتها من براثن الوحش ده، عشان تسقط بين دراعاته ويضمها لصدره بقوة وهو بيسحب نفس قوي بصمت، وبيتحرك بيها ناحية السرير ينيمها برفق وهو باعد أنظاره عن جسمها العاري، واللي بصلي بحزم وهو بيقولي :
  - فيه هدوم عندك في الدولاب هاتيها وتعالي بسرعة.
 
وقام من مكانه في نفس الوقت يجيب علبة صغيرة من صندوق مجوهراته الخاص، وناولهالي وهو بيكمل كلامه :
  - وادهني كل جروحها من الكريم ده، وغيري ليها هدومها، أنا هستناكي بره على ما تخلصي.
 
هزيت راسي بموافقة وأنا باخد منه الكريم وببصله لحد ما خرج من الأوضة وقفل الباب وراه، عشان أرجع أبص ناحية "نور" تاني وأنا حاضنة الهدوم اللي مجرد ما قربت من السرير حطيتها على طرفه، وقعدت جنبها أرفع عنها باقي هدومها المتقطعة وأنا قلبي بيتوجع على منظر جسمها اللي اتشوه بشكل بشع.

عقمت كل جروحها بمعقم كان موجود جنب السرير، وابتديت أحط الكريم بأطراف صوابعي على كل الجروح اللي مجرد ما لمسها التئمت تمامًا، واختفت، ولا كأن كان فيه أي حاجة.

كنت مبهورة بقوة الكريم ده في الشفاء، لكني كنت مكملة في تطبيبها وأنا بسمي  بالله الرحمن الرحيم عليها، لحد ما انتهيت تمامًا، ولبستها هدومها الجديدة، وابتديت أرقيها وأنا ايدي على راسها.

في اللحظة اللي كنت برقيها فيها دي حسيت برجفة قوية في قلبي، وايد باردة بتخنقه بكل قوتها، فهربت دمعة من عيوني عشان "نور" اللي حالها اتبدل بين يوم وليلة، واللي دخلت عالم مش بتاعها، وعاشت حكاية ما كانش لازم تعيشها، لكنه قدرها.

اتنهدت بقوة بعد ما خلصت الرقية، وبعدت عنها وأنا بسحب الغطاء عليها وبلم هدومها القديمة، في اللحظة دي الباب اتفتح ودخل "فولاك" بلهفة شديد وهو بيقولي:
  - هي عاملة إيه؟
 
بصيتله بحيرة وأنا بتنفس بقوة وبديله هدومها وبقوله :
  - الحمد لله بخير، جروحها كلها طابت.. الكريم ده سحر بجد، عالج جروحها ولا كأنها كانت موجودة أساسًا.
 
اتنهد "فولاك" براحة رغم القلق اللي كان واضح في نظراته، وبكل قوة وهو بيكور هدومها وبيرميها في زواية من زوايا الأوضة، اللي بلعتها في لحظة واختفت من الوجود، رجع بأنظاره مرة تانية ناحية "نور"، اللي ابتدت تفوق من نومها بتعابير وش متألمة.

مجرد ما شُفتها بتفوق جريت عليها بلهفة حقيقية، عشان أطمن عليها على عكس "فولاك" اللي كان لسه متسمر مكانه، واللي بصيت له بدهشة وأنا بقوله :
  - تعالى جنبها عشان تطمن أول ما تشوفك.
 
هز راسه برفض وعينيه متعلقة بيها بتركيز قوي، مطيت شفايفي بلا مبالاة وأنا برجع بأنظاري ناحيتها وبقوله :
  - إنت حر.
 
في اللحظة دي "نور" استعادت كامل وعيها وصحيت من غفوتها تبص للأوضة قدامها بتوتر شديد، اختفى مجرد ما وقعت عينيها على "فولاك" اللي ابتسم لها بمودة وهو بيقولها :
  - حمد الله على السلامة.
 
ابتسمت "نور" ابتسامة خفيفة وهي بتسند على ايديها عشان تقعد في مكانها وهي بتقوله :
  - الله يسلمك.. إنت واقف بالمنظر ده من ساعتها؟
 
قرب منها بابتسامة عذبة وهو بيهز راسه بنفي وبيقولها :
  - أنا لسه جاي حالًا، سيبتك ترتاحي بعد ما الطبيب طمني عليكي.
 
كنت براقب ابتسامتها بسعادة وأنا بقعد جنبها على السرير وبقولها بعطف:
  - حمد الله على سلامتك يا "نور".
 
تجاهلتني تمامًا كأني هوا قدامها، وده استفزني بشكل كبير، وبصيت لها بغيظ وأنا بتنفض أقوم من مكاني وبقولها :
  -  بقا دي جزاتي إني كنت هتجنن عشانك، وكنتي صعبانة عليا، وبدعي ربنا ينجيكي من العالم ده.. ماشي يا "نور".
 
وروحت ناحية "فولاك" أصب غضبي عليه وأنا بقوله :
  - شُفت الست "نور" بتاعتك متجهلاني إزاي، ومش بترد عليا! 
 
سيطر "فولاك" على ابتسامته بصعوبة وركز بنظراته على "نور" للحظات، قبل ما يقوم من مكانه ويقرب مني وهو بيقولي :
  - ما هي مش شايفاكي ولا سامعاكي أصلًا.
 
ضحكت ضحكة بلهاء وأنا بقوله :
  - أصلًا؟.. ليه لابسة طاقية الإخفاء ولا إيه؟
 
مال "فولاك" ناحيتي بجدية همس لي بيها :
  - محدش بيشوفك ولا بيسمعك في العالم ده كله غيري.
 
رفعت عيني ناحيته بنفس البلاهة وأنا بضحك وبقوله :
  - يا راجل؟!
 
هز راسه بإيجاب وهو بيقولي :
  - هو لو حد كان شافك ولا سمعك كان سابك في حالك وإنتي عمالة تتنططي من هنا لهنا؟
 
ضيقت عينيا بتركيز في كلامه اللي كمله بكل جدية وهو لسه بيهمس :
  - من لحظة ما عبرنا الهاوية وأنا قارئ عليكي تعويذة التورية، عشان كده بتتحركي بكل أريحية.
 
لسه بضحك نفس الضحكة وأنا ببصله بإعجاب قبل ما أبص ناحية "نور" اللي كانت بتبصلنا بصمت تام، عشان أرجع أبصله تاني وأنا بقوله :
  - والست "نور" شايفاك دلوقتي وسامعاك وأنت بتكلم شبح خفي؟
 
هز "فولاك" راسه بنفي وهو بيجاوبني :
  - "نور" دخلت الفجوة دلوقتي، يعني لا شايفة ولا سامعة.
 
هزيت راسي لفوق بتذكر وأنا بقوله :
  - فجوة زمنية!.. آه.. زي اللي كانت بتدخلها وهي متجوزة يونس؟!.. يعني إنت اللي كنت السبب في كل ده.
 
سحب "فولاك" نفس قوي بغيظ شديد وهو بيقولي :
  - أديكي عرفتي كل حاجة، ياريت تكتبي حكايتنا وإنتي ساكتة.
 
و راح بأنظاره للحظات تاني ناحية "نور" اللي اتنهدت بتوتر وهي بتسترسل في كلامها بشكل طبيعي:
  - أنا الحمد لله أحسن، بس شُفت كابوس وحش قوي، من بشاعته حسيت إنه حقيقة.
 
ابتسم "فولاك" ابتسامة باهتة وهو بيقولها :
  - كان مجرد كابوس وراح لحالة.. قومي معايا نخرج عشان تشمي هوا.
 
رفعت "نور" الغطا عنها ونزلت من السرير وهي بتقوله :
  - محتاجة ده جدًا.

********
كانت "هيرينا" في غرفتها بتمشط شعرها وهي سرحانة في انعكاسها في المراية وابتسامة خفيفة بتغازلها بين وقت والتاني وهي بتفتكر "خوان" وكلامه معاها، عشان تتنهد أخيرًا باشتياق جارف وهي بتهمس:
  - وحشتني يا "خوان".. كنت أتمنى لحظة ما كنت في حضنك دي تفضل العمر كله.. آه لو تسامح ونرجع تاني زي ما كنا.

فجوة زمنية (تعويذة الهوى ) للكاتبة /فاطمة علي محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن