لِما الوضعُ معي هكذا دائِماً ، أريدُ الكلامَ ولا أَتَكلم ، أريدُ المشيَ ولا أَمشي ، أُريدُ قطع ذلك الطريقَ المتواصِلَ ، لكن لا يسعني سوى الإلتِفات والعودةُ إلى حيثُ كُنت ..
وها أنا هُنا ، حيث عهدت نفسي أن أكونَ ..أَشعُرُ بِقَطَراتِ المَطَرِ المتثاقلةِ وهي تَسقط على يدي قطرةً بعد قطرة ، أتأمل صفاء ذلك اللون وهو يسيلُ بِخفةٍ مِن على كفي ليعانق الأرض أخيراً ، لعله إشتاق لِلأرض بعد زمن طويل مِن بقاءه معلقاً في السماء ، حتماً بعض الأمور تحتاج صبراً حتى نحصل عليها ، ولم أكن مدركة لذلك ، ولكن شدة المطر تعالت والقطرات التي كانت تتساقط على كفي بخفة ، باتت الآن تنسكب بغزارة وأصبحت تتلاطم كصرخات رجل غاضب ، شعرت وكأني أقف تحت شلال ينهمر الماء للأسفل محتضناً الأرض ، لتنهمر معه همومي حينها وتعقبها دموعي .
البكاء تحت المطر كم أهواه حيث تشارك السماء كلها لتواصل مع مدامعي حفلة الهطول ، يوم ممطر آخر ونحن على نفس الوعد ، وعدنا الأبدي بيننا فقط أنا وأنتِ ، في أي لحظة تبكين بها أيتها السماء ، فأني سأكون حاضرة هنا لنتقاسم نصيبنا من الدموع ، وحينما يحين الليل تذكري تلك الجفون التي تترقبكِ وحاذري أن تُسهبي في البكاء .
مالي لا أملك إلا أن أراقب من النافذة المهترئة ، وأنتِ قد نسيتي وعدنا ، تستمر مدامعكِ بالهطول حتى حين لا أكون عندكِ ، لا أملك سوى المراقبة والنظر لدموعكِ تسقي الأنام ..
وماذا عني؟!
أنا أيضاً إشتقت للأرض وتعبت من المقاومة لسنواتٍ وسنوات
أُريد العودة للأرض إلى حيث كُنتُ وأنتمي ، إلى تحت التراب ، لِأرتَوي بدموعِ السماءِ وترتوي أوصالي المتعبةِ بقطراتِ المَطَر .
لا تزالُ اللهفةُ تجتاحني لذلكَ الحنين ، حيثُ يكونُ الوعدُ تحتَ المَطَر ، حيثُ أَرتَوي بِدُموعِكِ وأَوراقِ الشَجَر ، وأَزهارِ الياسِ تُزيِّنُ قَبريَ الصَغير ..
أنت تقرأ
خواطر إنسانة
Non-Fictionهنا مقبرة لمشاعري المدفونة ، كلمات لأشخاص وأشياء لم و لن يقرئوها .. هنا حيث اللامكان واللازمان يلتقيان لتنسج حروفي كلمات تتراقص على مدى الزمن تحمل معها أحاسيس صعبة التعبير وأقوال صعبة البوح .. بقلمي : ميرا