آهٍ يا زَماني .. أَوَيرحَمُني الزَمانُ مِقدارَ ذَرّة، ويعصمني مافات من المخيب، أويعتزمُ يُبقيني مُكبَّلةً بأصفادٍ لا منسيةٍ حارقةٍ من حميمٍ يغلي، يستعر كلّ يومٍ ولا يكاد يخمد عند آخره حتى يعود فيستعر كما السابق.. أوما يكتفي يناظرني في تأججي وهَذَياني؟..
وها أَنا ذا أَستيقظُ عَلى أَلمِ الجفال
وَدمِ السُعال
ودَمعِ النهال
وكالعادة دون مساعدة الفعال
أجفلُ مِن ذاتي وَعَلى أَمَلِ الزَوال
أَو أَمَلِ الرُجوعِ لِعائِلةٍ كانَت لي
كأَشعةِ الشَمسِ في السَلام
وَضياءِ القَمَرِ في الرِمال
وَأُحادِثُ القَدَرَ بِكُلِّ حُرقةٍ وَارتِجال
مافعلتُ لك لتنتقم مني بأحر من الجحيم ولظاها؟
وسعيرها وحماها؟
وَأَلمِها وَصَلاها؟أمسيتُ أرتجي الغفوة، لأصحو على ماضٍ بَهي، كان ولازال يرافقني ..
وكم ارتجيتُ وَكَم دَعوتُ أَن لا أَخيب، وأن أستلقي حتى الأبد عند ماضيَّ البَعيد، ارتجيتُ أَنْ لا أصحو على واقعي الشديد، أَوَيَدري الدهرُ ما أُريد؟ أَوَلَم يَلمَح فؤادي الذي اكتساهُ الصَديد؟
حُبِستُ بالدهرِ العَسيرِ حينها
دونَ أَن أَترُكَ ذرةً مِن ثَواني السنين
عن معاناتي فيهِ وَأَلَمي الجَليل
أَيَراني كرَمادِ وَرَقةٍ كَدِرة؟
أَلا يَراني في شَكوتي بِمُقتَدِرة؟
أَنوحُ في أَلواحي سائِلة
عَن ما حَصَلَ وَما يَحصُلُ وَإلى أَينَ أَنا زَائِلة
إلى البَصرَةِ لِأُشارِكَ الأَسماكَ عَويلي..
أَم إلى نَينوى لِأَحرِقَ بِبَيدائِها وَريقي؟
نَادَيتُ وناديت، وكم من دمعةٍ أَلقيتُها بَعدما تَناجَيت، وَما رَضيَ زَماني عَن رِضاي، تَخَبَطّتُ وَسطَ بؤسي حَتى المَمات، الغِلُّ يَطعَنُني وَالأَوجاعُ تَسكُنُني، وَأَمَلٌ قديمٌ باتَ في النسيان يَعصِفُ بي..حنيني لحضنٍ دافئٍ كان يكتسح أوصالي
اعتزمتُ أنه باقٍ واعتزم بعدَ حينٍ إذلالي
لا حيطان ولا شبابيك فرغت أرضي وصَفَت لي سمائي
أَتُراني راحلة دون الأَخذِ بِثَأرِي
مِن أَلَمٍ سَرمَدي؟
وَجُنونٍ قَسري؟
أَنا نورُ الأَكوانِ كُلِّها
وَسِرِّ الأَفلاكِ والنُجوم
أَتَرميني عَلى قارِعَةِ طَريقي
راكِعةٌ مُنخَذِلة؟
وَيحَك! ما قَولُكَ عِندَ الحِسابِ وَدونَ السَماحِ بالولوذِ الأَسرِي؟
والمَوتِ الفجري؟
أَتُراكَ كالرَفدِ إن تزلزل؟
والقيامةِ إن وَقَعَت؟
أَتُراك كل عويلي ودون زائلي؟
ما فِعلَتُك إلا براجعة في الفرقدين والرشد
ومَا أَنا إلا بروحٍ اقتلعت أَعشاشها مِن أَلمها كالجحجح
وتَراها في دَربِ الإنتقام تشهد
عَن نيتها وشَجَنِها المُتَبَلِّد
ورؤيتها الضبابية كدُميةٍ مُدَمدِمة
دبَّت الرُعبَ في نفوس الأقدارِ مُتَشائِمة
وَمُحاوَلَتِهِم للولوذِ لأملهم ساقِمة
وما الرب سوى معها عن قدرها لاجمة
فالدرب انقطع والرضا توجب
وعن الأمل الذي تأكل
أُخذ منها ومن رمادها
الذي اختلط ببيداء طريقها المترمل
فلم ترى نفسها إلا وهي تتشهد
على باب طريقها المتبدد
ترى أنفاسها المتثاقلة
وهي تخرج عنوة بتردد
وتتجهز لمقابلة ربها بتلذذ
وخوف من الموت المزلزل
ورأيت عن نفسي أنَّ الأَوصالَ ذَهَبَت
وبقيتُ وباعوجاجي عن ذاتي أَمام الحَشدِ أَتردَّد
وَأَتساءَلُ ما الحَل وما النَجاةُ مِن ظَلامي؟
وما هي النجاةُ والحريةُ أَيا تُرى؟
تقطَّعَت أوداجي في ظل الشمس عن بنيانها
كأبي المندفن فيها كأحوالي
يَتعذَّبُ فيها عَن قُربٍ وماهو سوى باستغلالِ
مِن مَكانٍ سلالِ
يبيع بالأغلالِ
ويستأنسُ بالرياح وتسلله
عن مكانه وعن خدمه
حالاً ترائى لمسمعي صوتٌ رغيد
تردد القول وأزدادت أوجاعي في النحيب
أياغارقاً في حُزنٍ بَعيد
أياعالِماً حَقَّ الوجود
أولم يكن للحياة تَوأَمها المعهود؟
فمالك تجهش في البكاء متناسياً حق الرجوع؟أشرتُ وكامل جوارحي نحو التراب، نحو مسكننا الوحيد، بعد طول إنتظار لأشجار فؤادي أن تزهر، أعلنت جوارحي عن بدء ربيعي المُرتَقَب، بيدي العاريتين نفضتُ الغبار عن روحي، وأبيت إلا أن أثمر مع الربيع، ماعادت الأوراق تتناثر في أرضي وماعادت أنفاسي ترتجي المغيب، فماكان لنظرةٍ للمستقبل أن تخيب، وارتويتُ بتطلعاتي الجمة للطريب، أخذتني للأيام ذكرى خاطفة، وأبصرتُ حاضري السعيد، باتت الأزهار تحيي أرضنا، وتشهد عن محيانا للأمد البعيد
🍃
~~~~~~~~~
أنت تقرأ
خواطر إنسانة
Saggisticaهنا مقبرة لمشاعري المدفونة ، كلمات لأشخاص وأشياء لم و لن يقرئوها .. هنا حيث اللامكان واللازمان يلتقيان لتنسج حروفي كلمات تتراقص على مدى الزمن تحمل معها أحاسيس صعبة التعبير وأقوال صعبة البوح .. بقلمي : ميرا