عيد ميلاد في الجحيم-قصة-

1 1 0
                                    

يومٌ هادئ آخر من أيام حَلا ، فتحت النافذة تتأمل زرقة السماء الملطخة بالغيوم كلوحةٍ فنيةٍ متقنة ، شغّلت حاسوبها لتفتح أحد حلقات الأنمي وجهَّزت وجبتها المفضلة ، الفوشار بالجبن ، ألقت بنفسها فوق أريكتها المُريحة المرنة وأخذت تأكل وهي تُجري إتصالاً بهاتفها المحمول :
...
ريام : مَن معي؟
حَلا : ماذا حَدَث للنقود؟
ريام : قلتُ لكِ أني لا أملك هذا المبلغ الكبير !
حلا : أسمعُ من كلامكِ أنكِ ترغبين بأن يتم نشر تلك الصور؟ حسناً سيكون ذلك مسلياً فحتى أنا أرغب في رؤية ما سيحصل حالما يعلم الجميع حقيقتكِ

تجمدّت ريام في مكانها نتيجة للذعر الذي إمتلك أوصالها .. نطقت بتلعثم : حسناً إصبري علي أرجوكِ أحتاج وقتاً لجمع النقود وأعدكِ أنني سأسلمها !
إبتسمت ريام : لديكِ أسبوعٌ واحد .. بعدها لن أضمن لكِ أن الفضيحة لن تُنشَر

أغلقت الهاتف لتتنهد، ثم أخذت تكلم نفسها " يمكنني كسب رزقي من خلال هذه الفتاة الغبية، لحسن حظي فقد كنتُ الوحيدة في المدرسةِ آنذاك .. "
بعد محاورةٍ جالت في ذهنها شرعت في مشاهدة الأنمي مرةً أخرى .

في اليوم التالي ذهبت حَلا إلى المدرسة، بعد كلِّ شيء هي لاتزال طالبة في الإعدادية ، حالما خطّت رجلها تعلن ولوجها فصلها الدراسي حتى قفزت نحوها صديقتها المفضلة سَمَر تحتضنها وهي تنطق بهمة : وأخيراً قررتي المجيء ! قلقتُ أن تكوني تركتِ المدرسة بسبب تغيبكِ المستمر !

حَلا : كنتُ سأتركها حتماً ولكنني إشتقتُ إليكِ .. بالإضافةِ إلى ..
سَمَر : ماذا أهناك مشكلة ما؟
حَلا : يومُ غدٍ يصادف عيدُ ميلادي لذا ستقيم والدتي حفلة مساء اليوم .. وقد أجبرتني على دعوة أصدقائي، ولكني .. لا أملكُ غيركِ ..
سَمر : بحقّك هذهِ ليست مشكلة سأدعو سارا وريام وأحمد كما أنَّ حسام سيأتي بالتأكيد فهو مهتمٌ بشأنكِ كما تعلمين

تنهدّت حَلا لتأخذ سَمَر بالتلويح لريام حالما لمحتها، خطت نحوها تخبرها بالأمر فارتجفت أوصالها حينما تسلل لمسامعها أسم "حَلا" لترفضَ بهمةٍ الطلب متمسكة بحجة الدراسة والعمل، أخذت سمر تحاول إقناعها بأخذِ إستراحة والقدوم ولكن بدون جدوى ، تقدّمت حَلا نحوهما لتنطق وهي توجه نظرات التهديد لريام : لا تخافي فلن أضع لكِ أكلاً مسموماً أوماشابه
بلعت ريام ريقها لتجيب بالموافقة تحت نظرات سَمَر المستغربة ، ثم دخلت سارا لتشارك بالحديث : مالذي تتحاوران بشأنه من دوني
سرعان ما أخبرتها سمر بأنها مدعوة حتى حاولت هي الأخرى تجنب الحضور ، كانت تستعد لإعطاء الأعذار لولا تَدَّخُلِ حُسام قائلاً : أيمكنني الحضور؟
سَمَر : بالطبع، كانت حلا تنوي دعوتك بالفعل
حَلا في نفسها : غيرُ صحيح لو كان الأمر بيدي لماعوت أحداً غير سمر

حالما أدركت سارا بأن حسام سيحضر وافقت على الحضور بدون تفكير، وفي نفسها تشتم حلا ألف مرة، أخذت تردد في نفسها " أكرهكِ .. ياليت عيدكِ هذا ينقلبُ جحيماً .. ياليتكِ تموتين فحسب .. لما يجب أن تكونين الأجمل والأغنى، ومحور إهتمام الجميع، أقرب صديقةٍ لي تفضلك، حبي الأول والأخير يلاحقك، وماذا عن مشاعري أنا؟.. لم يحسب أحدٌ لي حساباً .."

بعد ذلك دَعَت سمر أحمد للحضور وهكذا تقرر مجيء الخمسة أصدقاء للحفل، بعد إنتهاء الدوام إتفقت سمر وريام وسارا أن تخرجن لشراء الهدايا لحلا معاً، لذا فقد خرجن سوياً، أوقفتهم سمر للحظة من أجل أن تحضر شيئاً نسيته في المختبر، أخذت الأثنتان تتحاوران
ريام : في الواقع لا أحب حلا تلك ولكن هذا من أجل سمر سارا : أتساءل مالذي يجعلها مهتمةً بفتاة مثلها
ريام : ألا تضنين أنَّ هذه صداقة مصلحة؟
سارا : ماذا؟ لماذا؟
ريام : لأن والد سمر يعمل موظفاً في الفندق الذي تديره والدة حلا، بالرغم من إنه أتهم بالسرقة من أموال الفندق عدة مرات إلا أنها لم تطرده لأنه والد صديقةِ إبنتها فحسب ..
سارا : ظننتُ إنها كانت إتهامات باطلة ؟
ريام : لا إنها صحيحة ولكن والدة حلا تستمر بالتستر عليه كيلا يفقد وظيفته، بصراحةٍ طوبى لها فما كنتُ لأفعل ذلك لو كنتُ مكانها
سارا : صحيح كان ينبغي لها أن تزجه في السجن

سرعان ما إبتلعت الإثنتان أفواههما حين ظهرت سمر من خلفهما وهي تنطق : هيا بنا لنذهب

الساعة 11:00 مساءاً في منزل حلا، كانت الوالدة قد أعدَّت الكعكة والمقبلات فطرقت سمر الباب لتكون أول الحاضرين، وضعت الهدية جانباً بينما أخذت تساعد الوالدة في تزيين الصالة، وهكذا أقبل الزوار يجتمعون بالتتالي، أحضر حسام الدونات والكاب كيك والعصائر نضراً لأن والده يعمل في مخبز للحلويات، بينما أحضر أحمد الألعاب النارية، قسّمت سمر الحلويات في صحون ووزعتها على الحضور بينما سكبت سارا العصائر، شرب الجميع وأكلوا واستمتعوا وبحلول الثانية عشر منتصف الليل كانت حلا تجلس مقابل الكعكة تتأمل لهيب الشموع وهي تستعد لتمني أمنية حياتها، أخذت ذلك النفس العميق الذي يعقب نفثها إياه نحو الشموع، لتسقط طريحة الأرض وعلامات التسمم تعتلي ملامحها التي أخذت تبرد، لتترك خلفها سؤالاً لمحققينا وهو ~ من المجرم ؟.. ~

خواطر إنسانةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن