وعدٌ لازال يعزفُ على خيوطِ ذاكرتي الرثة ، يَدنو إلى مسامعي في كلِّ مرة أقرِّرُ فيها النِسيان .. ليَفتَحَ جُـروحاً لَم ولن تَلتئِمَ في حَياتي القادِمة ..
مابالُ وُعودي غَرَقَت فِي ثَنايا دُنياي .. أَتَتَعمَّدُ الدُنيا كَسري أَم أنَّ الأُمورَ لَم تَكُن في صالحي منذُ البداية؟!لا تؤاخِذني على وعودي ، قَطَعتُها لَكَ وأَنا في أَفضَلِ حال .. في وقتٍ أقربُ ماكنتُ فيهِ لأكونَ كَأَميرةٍ تَخلو مِن حَياتِها الهُموم ، تَجِدُ ما تَبتَغيهِ مقدماً لَها على طَبَقٍ مِن ذَهَب .. لكنها لَيسَت نَفسي الحَقيقية ..
وذلكَ العهدُ الذي بَينَنا اتركهُ يَنطَوي خَلفَ ظُـلُماتِ الكون الدامي .. إحفظـهُ خَلفَ ستائرِ الماضي المسدولةَ بإتقانٍ حيثُ تَنجَحُ فِي سَترِ ما يقبعُ وراءها مِن نِزاعات ..
يقولونَ إنَّ وعدَ الحرِّ دَين .. وما كنتُ بِحُرّةٍ يَوماً في حياتي .. ماكنتُ إلا مسجونة .. مسجونةٌ في عتمتي وفي غربَةِ داري .. مسجونةٌ أُنصِتُ لمنطِقِ المجتمعِ بإذعانٍ في حينِ أَنتَظِرُ لَحظَةَ خَلاصي ..كلماتٌ تراقَصَتها شَفَتايَ قَبلَ أَن تُخرِجَهَا لَحناً هائِماً .. لحنٌ تلاشى في طَيّاتِ الماضي ومزَّقتهُ فَوضى المُستَقبَل ..
تتلألأ عقاربُ ساعَتي القديمة لتروي بقايا عصرٍ منزوِ .. ويُخيمُ على ذاكِرَتي غمائِمٌ سَوداءَ مِن نَدَمٍ تَشوبُها خُيوطٌ مِن بَريقٍ لازال يَزهو حامِلاً مَعَهُ لَحَظاتٍ مِن ذَهَبٍ ..تَحمِلُ مَعَها المحبةَ والطِيب ، بينما تجتاحُ كِياني مشاعرُ تَأبى الإنزواءَ والتواري عَن وجدانيَ البَالي ..
تتراقَصُ أحاسيسٌ على خُيوطِ الشَفَقِ عِندَ كُلِّ لَيلَةٍ حِينَ بُزوغِ الفَجر .. ويظهَرُ ذلكَ الحُلُمُ القديم حيثُ كُنّا مَعاً ، نُمسك بأيدي بعضنا البعض .. تنبثقُ إبتسامة من العدم لتشرقَ مع شروقِ تلكَ الوجنتين ، تتعهدُ بملازمة محيانا حتى الزوال .. وهنا يصدَحُ ذلك الأجيج المدوي بكلماتِه المعطرةِ بالشذى
" ها نحنُ عندَ وعدنا الذي لطالما حارَبنا مِن أَجلِه "
لكنني الآن تَرَكتُك ، أصبحتَ تُحارِبُ لأجلِ ذلك العهد المنشود في ساحة المعركة لِوَحدِك ، وأمّا عني فقد بتَّ مجرد ماضٍ أذكرهُ فتعاودُ نَغزاتٌ من حميمٍ تحرِق شرايينَ قَلبي .. وفي أحيانٍ أخرى أعاودُ الإبتسام لذكرى عابرة من طرائِفكَ المعدودة ..
أَصبحتَ تعيشُ في خيالي فَحسب كذكرى مصونة حارَبَها الزمنُ ليقطعها لأشلاء وأبقى أنا أقف في المنتصف خالية الوِفاضِ في دنيا كئيبة لا أَعرِفُ لها مغزىً
حالما تَفَتَّحَت عَينايَ على حقيقةِ أَمرِها المُرّ حيث أنني ظننت أن كلَّ شيء بين يَدَي وأنا المتحكمة في حياتي ومستقبلي ويالَ سذاجتي حينما كنتُ أظنُ ذلك ..أنا لستُ حُرةً على الإطلاق .. وإنما يُسَيّر حياتي أشخاصٌ آخرون كنت أعتبرهم أسرتي ..
أشعر أن خطأي هو أن أظن ذلك من الأساس .. ماكنت لأقترف مثل ذلك الذنب وقتها ، لو كنت أعرف حقيقة واقعي ماكنت لأقطع كل تلك الوعود الواهنة ، ماكنت لأحارب بتلك الطريقة ولا ألتفت من الأساس .. والآن وبعدما تركت ماكنت أعتبره روحي الأخرى يحارب وحيداً لا يسعني إلا أن أصبح إنسانة أخرى .. إنسانة لم يتعرف عليها أحد قط ، إنسانة باردة المشاعر .. لا تعني لها العلاقات شيئا ولا تسهب في مشاعر الآخرين .. تلقاها تألف وحدتها وتُمَجِّدها من بين كل الأمور الأخرى .. تجدها تواصل المسير وحدها بقوة ، دافعة كلَّ ماقد يعرقلُ مسيرتَها من قيود .. قيود المشاعر والعلاقات ..
لا صديق ولا رفيق ، قد حذفت هذه التسميات من قاموس حياتها .. أصبحت لا تعرف الأشخاص إلا شكلاً .. وأما من كانت تظنهم أهلها ، فلازالت تحاول الخروج بأبهى وأقوى طيف لملامحها أمامهم ، بينما في خاطرها ألف إنكسار وإنكسار ، أَبى إلا أن يحفرَ أَثَرهُ في أوصالِ جسدها الواهن ليُخفي بَينَ حَناياه كلماتاً لا تنتهي وحروفاً متناثرةً كانت ذات يومٍ تُلقي عليها تسمية " وعد "وَأَمّا عَن ذَلكَ الوَعدُ فَقَد هامَ وانكسرَ بَينَ أَراضي ماضٍ مُندَثر ..
ะ♡̸̸̸̸̸.
أنت تقرأ
خواطر إنسانة
Nonfiksiهنا مقبرة لمشاعري المدفونة ، كلمات لأشخاص وأشياء لم و لن يقرئوها .. هنا حيث اللامكان واللازمان يلتقيان لتنسج حروفي كلمات تتراقص على مدى الزمن تحمل معها أحاسيس صعبة التعبير وأقوال صعبة البوح .. بقلمي : ميرا