24

218 21 5
                                    

بعد عديد الأيام التي حرم العاشق بها من معشوقه هو عاد ليستقر بين أذرعه، عاد ليرتوي عشقاً يستمده قلبه مما أهدته إياه شفتي العقيد من قبلات تناثرت على بشرة رقبته

الإطمئنان استوطن کیانه وروحه تشبثت بجسد من عرف معنى الغربة عند فراقه

رائحة ايان كانت كمهدئ خصص للعقيد دون غيره، استنشقها فأطاعت عينيه هيبتها و أغمضت تاركة إياها تعبث بفؤاد من أسكن الفتى في قلبه

تلك الرائحة المتسللة لأنفه أعادته لزمن جرى بين جدران غرفة المنزل الريفي الذي احتواه في غربته البعيدة عن وطنه، حيث إعتاد على استنشاق رحيق عطره كلما كان بين ذراعيه و على مقربة منه

أعادته لأيام كان يصبح كل يوم ملاقياً بندقيتين أنسته وطنه و إتخذت نفسها موطناً له، جعلته يقسم على كونه عقيد خاضع قطع على نفسه وعد أن يكون جندياً حامياً لها و لصاحبها

من عالج روحه و غذاها بترنيمة ضحكاته التي كانت كالدواء الشافي لجروحه، الذكريات أخذت تجول به بعيداً حيث إجتمع بالساكن بين ذراعيه

تلك الذكريات أعطته منظراً عزيزاً على قلبه رآه كثيراً وسط الحقل الذي شهد على قبلة حياة حضى بها من شفتين أعطته لمحة عن كيف يكون النعيم

ذلك المنظر حيث تشكلت ملامح ايان المنعكسة عليها أشعة الشمس منيرة فضاء بندقيتيه و مزيدة جمال إسمرار بشرته، إضافة لخصلاته التي كانت تتحرك عشوائياً إثر تلاعب نسمات الهواء بها

وما كان لقلبه لحظتها إلا أن يعلن كونه عاشق توسم بأعلى درجات الحب، والآن هو عاشق مشتاق حرمته الحياة من معشوقه ثم أعادته له ورمت به بين أحضانه

فما كان له إلا أن يضمة قوياً راجياً لو يسكنه وسط قلبه و يحرم الأذى من رؤيته

لكن ما كان باستطاعته أن يوقف ما يجول بداخله من حزن قطع أشلاء قلبه حتى لم تبقى به جدران تحمي فتاه من ذلك الأذى

فكيف له أن يكون سعيداً مرتاحاً و حبيب فؤاده وسط مدينة ربته و يعلم ما بها من قسوة لغير من ربتهم ؟

كيف له أن يهدأ و يطمئن وقلبه بات يرجف خوفاً من رؤية مكروه يحل بعزيزه ؟

عيناه أعادت انفتاح نفسها مبصرة ظلمة المحيط سوى من أشعة الشمس المنيرة مقبعهما دون غيره

شفتاه المستقرة على عنق ايان سحبت نفسها ببطئ تباعاً لحركة رأسه الذي إبتعد تلبية لطلب عينيه لرؤية جمال ملامح محبوبه

وما كان ابتعاده سوى إنشات ضئيلة تسمح له برؤية البندقيتين التي بادلته لهفته بنظرة طغى عليها الضياع

1965 | HNحيث تعيش القصص. اكتشف الآن