غرق لين في الظلام العميق، محاطًا بأصداء ذكرياته. وجد نفسه في عالم بعيد، مليء بالآلام والأحزان. كانت أصوات الماضي تتردد في أذنه، وضوء خافت يتسلل عبر ظلمة الذاكرة، ليكشف له عن ماضي ذلك الشاب ذو الشعر الأبيض.
تداخلت الصور أمامه، لتظهر له صبيًا صغيرًا، ذو شعر أبيض وعيون حمراء. كان يتعرض للأذى على يد رجل غريب، حيث كان في غرفة مختبر مروعة، محاطة بأدوات غريبة وأجهزة تنبض بالحياة.
"أنت مجرد دمية!" كان يقول الرجل بصوت قاسٍ، بينما يُجبر الطفل على الجلوس على سرير معدني. "سأقوم بتجارب لا تصدق عليك، وستكون القوة في يدك!"
توالت التجارب، وكانت صرخات الطفل تتداخل مع صرخات الألم. كان الشاب ذو الشعر الأبيض يتحمل عذابات لا تُحتمل، يتلقى الحقن والصدمة الكهربائية، حتى أصبح كائنًا بلا حياة. كانت عيناه، الحمراء كاللهب، فارغتين من الأمل، وكأن روحه قد غادرت جسده.
ومع مرور الوقت، كبر الصبي، حتى أصبح في السابعة عشرة من عمره، وما زال يخضع للتجارب القاسية. كان يشعر وكأنه مسخ، فهو لم يعرف الحب أو الرعاية. كلما نظر إلى عينيه في المرآة، شعر بالانكسار، لأنهما كانتا تذكرانه بماضيه الأليم، وبشعور العزلة الذي عاشه. كانت قيود التجارب حول معصميه تعني أنه لا يستطيع الهروب، وكلما حاول، كانت العواقب تتعاظم.
وفي أحد الأيام، حدثت فوضى مفاجئة. انطلق إنذار عالٍ، وصدر صوت ارتطام الأقدام. كانت فرصة سانحة للهروب، شعاع صغير من الأمل. ركض الشاب ذو الشعر الأبيض عبر الممرات الضيقة، في محاولة للتخلص من مطارديه.
وفي لحظة، اصطدم بطفل صغير، عمره حوالي عشر سنوات. كان الطفل هو "لين الصغير"، يتأمل الشاب، مدهوشًا من مظهره المتعب وعينيه الفارغتين من الحياة.
"ماذا حدث لك؟" سأل لين الصغير ببراءة، بينما كان يخرج حلوى صغيرة من جيبه، ويقدمها للشاب. "عندما أشعر بالتعب، تعطيني أمي حلوى. تفضل يا أخي، أتمناك سعيدًا."
تأمل ذو الشعر الأبيض في الحلوى، وشعر بدفء لم يشعر به من قبل. كانت كلمات الطفل كأنها شعاع من النور في عتمة حياته، تذكره بأن هناك من يهتم، حتى لو كان مجرد طفل صغير. شعور غريب غمره، شعور بالأمل. لم يكن قد سمع كلمات مشابهة من أحد طوال حياته في المختبر، حيث عاش معزولًا عن العالم، محاطًا بالآلات والألم.
رغم أنه حاول استيعاب تلك اللحظة، جاء صوت من بعيد ينادي الطفل. "لين! تعال هنا!"
في تلك اللحظة، اختفى الطفل الصغير، وتذكر ذو الشعر الأبيض أنه كان يهرب. لم يعد لديه القدرة على التفكير، وأُخذ مرة أخرى من قبل الرجال الذين كلفهم المختبر بإعادته.
سار مع رجال المختبر، وهو شبه فاقد للوعي، عيونه الحمراء مثبتة على الحلوى في يده. وفجأة، انهمرت الدموع من عينيه الحمراء، وهي دموع لم تعبر عن الحزن فقط، بل عن شعور عميق بالحنين، والشعور بأنه لم يُحب أو يُعتنى به من قبل.
عندما جُلب إلى المختبر مرة أخرى، كانت القيود حوله أكبر، وكان الأمن مشددًا. فتح باب الغرفة، وظهر ذلك الرجل الغريب، الذي كان يمثل كابوسه، مبتسمًا بنظرة خبيثة.
"أهلاً بك مرة أخرى،" قال الرجل، بينما كانت الظلال تخيم على المكان. "لقد حان الوقت لنتابع تجاربنا."
استدار ذو الشعر الأبيض ببطء، وشعره يتطاير حوله، عاقدًا العزم على الهروب، حتى لو كان الأمل قد بدأ يتلاشى. ومع تلك الكلمات، أدرك أن ذكرياته وآلامه ستظل تطارده، ولكن أيضًا، سيتذكر دفء كلمات الطفل الذي تمنى له السعادة، مما أعطاه القوة ليواجه كابوسه من جديد.
أنت تقرأ
"سلاسل الظلال: المختبر المفقود"
Фэнтезиفي أعماق مختبر سري تحت الأرض، تختبئ أسرار مظلمة وقوى خارقة تتحدى الفهم. يتلاعب أفراد غامضون بمصائر محتجزة بسلاسل، بينما تُنسج خيوط المؤامرات في الظلال. بين المختبرات المظلمة والممرات المتشابكة، شخصيات مجهولة تتصارع للسيطرة على قوى تفوق الخيال. في هذ...