الفصل الثاني: نيران الغضب

57 6 0
                                    

لم تمض سوى لحظات على تلك المواجهة المربكة، لكن الزمن بدا وكأنه توقف في هذه اللحظة. كان الشاب ذو الشعر الشائك لا يزال يشعر بالقيود تضيق حول ذراعه، وكأنها تلتهم جسده من الداخل. عيناه الذهبيتان التمعتا بشيء أكثر من الغضب... رغبة في الانتقام.

"سأجعلك تندم على كل شيء!"، صرخ بصوت قوي، نيرانه الداخلية بدأت تتوهج مجددًا. مع كل كلمة نطقها، كانت الطاقة المظلمة في المكان ترتفع، وكأن شيئًا غامضًا يستجيب لغضبه. لكن السلاسل، رغم كل ما يحدث، لم تُبْدِ أي علامة على التراجع.

الآخر، ذو الشعر الأبيض والعيون الباردة، لم يُبدِ أي ردة فعل تُذكر. بقي هادئًا كما هو، كأن هذه الغضبة الشرسة لم تكن شيئًا جديدًا عليه. بالعكس، كان يبدو وكأنه يتغذى على هذه الطاقة المتصاعدة، يمتصها بهدوء كأنها ملكه.

"أنت لا تتعلم، أليس كذلك؟"، قال صاحب الشعر الأبيض بهدوء متعمد، ثم أشار إلى السلاسل التي كانت تمتد بينهما. "هذه القيود ليست لعنة عليك فقط، إنها لعنة علينا نحن الاثنين. كلما زادت قوتك، زادت قوتي."

بدأ الشاب الأشعث يشعر بأن الحرارة تزداد داخل جسده، وكان يعرف ما يعنيه ذلك. قوته المدمرة على وشك الانفجار. ولكن كلما حاول أن يسيطر على نيرانه، كانت السلاسل تشدد قبضتها، كأنها تحاول قمع طاقته، وتعيدها إلى داخل جسده.

"ماذا تفعل بي؟!"، صرخ وهو يحاول تحرير يده، لكن بدون جدوى. كان يلهث، يشعر أن جسده ينهار تحت الضغط. ومع ذلك، كان عيناه مملوءتين بالعزيمة. "لن أسمح لك بأن تتحكم بي... أبدًا!"

صاحب الشعر الأبيض تحرك أخيرًا، خطواته كانت هادئة وهو يقترب أكثر من خصمه. "السيطرة ليست شيئًا تُمنح أو تؤخذ. إنها شيء يُكتسب." توقف على بعد بضع خطوات منه، رفع ذراعه المربوطة، وأشار إلى قلب الشاب الآخر. "وكلما حاولت تدمير هذه السلاسل، كلما أظهرت لي ضعفك."

صمت الشاب الأشعث، لكن الغضب في عينيه لم يختفِ. بل على العكس، كانت النار التي بداخله تستعر أكثر. كان يعلم أن القتال ضد هذه السلاسل ليس الحل... لكن في نفس الوقت، لم يكن مستعدًا للاستسلام بسهولة.

"إذا كنت تريدني أن أتعلم، فسأتعلم بطريقتي."، قال بصوت منخفض، مليء بالتحدي.

ابتسم الآخر، لكن هذه المرة ابتسامة باردة. "لنرى إذًا كيف ستنجو من هذا." في تلك اللحظة، رفع يده، وبدأت السلاسل تتحرك ببطء. كانت تلتف حول الشاب الشائك أكثر وأكثر، تعصر قوته حتى شعر بأنه على وشك الانهيار. لكنه لم يستسلم، بل كانت عيناه تزدادان توهجًا، كأن النار التي بداخله ترفض أن تموت.

"لن... أستسلم!"، صرخ بصوت أعلى من أي وقت مضى، وبقوة غير متوقعة، انفجرت الطاقة من جسده، لتحطم بعضًا من السلاسل. لكنها لم تكن كافية. السلاسل التي بقيت كانت أقوى مما توقع، لكن الآن، لأول مرة، شعر ببصيص أمل.

"إذا كنت تريد أن تلعب بهذه الطريقة..."، همس لنفسه بينما كانت الطاقة تحيط بجسده مثل درع ناري. "فسأريك من يكون السيد الحقيقي هنا."

"سلاسل الظلال: المختبر المفقود"  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن