33

11 4 1
                                    

في جو هادئ داخل الشقة، كان شو يقف أمام النافذة، يُطالع الأفق بعيونه الحمراء، مشغول الفكر بما قد ينتظره. المهمة التي وُكلت إليه لم تكن سهلة، وكان يعلم أنه لا يملك خياراً سوى القبول. لكنّ قلقه الحقيقي كان على الطفل. كان الصغير يلعب بألعابه على الأرض، لا يدرك ما يخبئه القدر.

"سأغيب لبضعة أيام... ربما يومين أو ثلاثة"، قال شو بصوت هادئ، محاولاً إخفاء قلقه.

رفع الطفل رأسه وابتسم ببراءة، "سأنتظرك هنا. تعِدني أنك ستعود بسرعة؟"

شعر شو بانقباض في صدره. "أعدك"، قال بصوت ثابت، لكن بداخله كان يعلم أن الأمور قد تكون أكثر تعقيدًا. احتضن الطفل برفق قبل أن يغادر، ثم توجه إلى المهمة التي ستضع حياته وحياة الطفل على المحك.

---

مرت الأيام ببطء. كانت المهمة قاسية ودموية، وشو لم يسلم منها. أصيب بجروح عميقة في أنحاء جسده، ولكنه بذل كل ما لديه لإنهائها سريعاً، فقد كان كل تفكيره منصبًا على الطفل الذي ينتظره في الشقة. بعد يومين من القتال المستمر، عاد أخيراً إلى المدينة، وقد بدت عليه آثار الجروح المتعددة. بالكاد كان يستطيع الوقوف على قدميه، لكنه أصر على الذهاب مباشرة إلى المستشفى العسكري.

في المستشفى، تم وضعه على سرير العلاج فوراً. الأطباء كانوا معتادين على إصاباته، لكن هذه المرة كان الألم شديداً، إلا أن شو لم يسمح له بالتأثير على مشاعره. جلس الطبيب بجانبه ليبدأ في خياطة الجروح وتثبيت العظام المكسورة، لكن شو بالكاد أظهر أي علامة على الألم.

بعد ساعات طويلة من العلاج، قرر شو العودة إلى الشقة. كان مُنهكًا جسديًا ونفسيًا، لكنه لم يشأ أن يترك الطفل وحيداً أكثر من ذلك. عندما فتح باب الشقة بصمت، لم يكن يتوقع ما سيراه.

كان الطفل جالسًا بالقرب من النافذة، عيونه واسعة وقلقة. وعندما رأى شو يدخل، ركض نحوه بسرعة واحتضنه بشدة. شو، رغم الألم الذي ملأ جسده، شعر بدفء لم يعرفه من قبل. "أنت بخير، شو؟" قال الطفل بصوت صغير مليء بالقلق.

شو، يحاول التحكم في ملامحه المتعبة، همس بهدوء، "أنا بخير، لا تقلق."

لكن حين حاول الصغير أن يلمس كتفه المصاب، أطلق شو أنينًا مكتومًا. تراجع الطفل فورًا، عيناه تمتلئان بالدموع. "ماذا حدث؟ أنت تؤلمني، شو!"

حاول شو أن يبتسم رغم الألم. "لا شيء، إنها مجرد جروح سطحية. سأكون بخير قريبًا."

الطفل لم يصدق. أمسك بيد شو وجرّه نحو الأريكة برفق، "يجب أن ترتاح. سأعتني بك."

جلست بجانبه، بينما بدأ الصغير يجلب كل ما يمكنه: الماء، الضمادات، وحتى لعبته المفضلة. "هذه ستجعلك تشعر بتحسن، أليس كذلك؟"

ابتسم شو بخفة رغم كل الألم الذي يعصف بجسده. "أنت تفعل الكثير لأجلي... شكراً."

الليلة كانت باردة، ولكن دفء وجود الطفل إلى جانبه جعل شو يشعر بشيء مختلف. كان الألم يذكّره بالمهمة، بالخطر الذي مر به، لكن في كل مرة ينظر فيها إلى الطفل وهو يتجول حوله ببراءة، كان يشعر بشيء أشبه بالراحة.

بعد قليل، جلس الطفل بجانبه على الأريكة، رأسه يتكئ على ذراع شو. "شو، هل ستذهب إلى مهام أخرى قريباً؟"

شو نظر إلى السقف بتفكير عميق. "قد يكون هناك المزيد... ولكنني سأفعل كل شيء لأبقى هنا معك."

"هل تعدني ألا تتأذى مرة أخرى؟" همس الطفل وهو يرفع عينيه الكبيرة نحو شو.

شعر شو بعقدة في حلقه. "أعدك أنني سأحاول."

الليل استمر، والطفل بدأ يغفو بجانبه. شو، رغم الجروح، شعر بسلام لم يعرفه منذ زمن.

"سلاسل الظلال: المختبر المفقود"  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن