لحظة من الصمت سادت المكان. كان الشاب الأشعث يلهث، أنفاسه متسارعة بعد انفجاره بالطاقة. السلاسل التي تمزقت جزئيًا لا تزال عالقة حوله، لكن مع كل قطرة عرق تتساقط من جبهته، كان يشعر بشيء غريب. تلك اليد الباردة التي كانت تمسك به منذ لحظات لم تعد موجودة. نظر بسرعة إلى جانبه حيث كان خصمه ذو الشعر الأبيض واقفًا.
لكنه لم يكن هناك.
الشاب تراجع خطوة إلى الوراء، عيناه الذهبيتان تتفحصان المكان بسرعة. كيف اختفى؟ هل كانت خدعة؟ أين ذهب؟ الصمت الثقيل كان يخنقه، لكن سرعان ما تحول هذا الصمت إلى إحساس غريب يزحف إلى روحه. شيء ما لم يكن على ما يرام.
"أين أنت؟!"، صرخ الشاب بصوت عالٍ، عينيه تبحثان في كل اتجاه، لكن المكان بدا وكأنه ابتلع خصمه. لا أثر للسلاسل التي كانت تربطهما. لقد تبخرت كما لو أنها لم تكن موجودة أصلاً. لكن شيئًا آخر، أعمق وأشد غموضًا، كان يغمر الغرفة.
بينما كان يقف متصلبًا في مكانه، كانت هناك أصوات خافتة تتردد من حوله. كأن هناك همسات من عالم آخر، همسات لا يستطيع فهمها، لكنها تزرع في قلبه الخوف. بدأ يشعر بأن الهواء أصبح أثقل، وكأن المكان نفسه يرفض السماح له بالتنفس بحرية.
"هذا ليس طبيعيًا..."، تمتم لنفسه، يضع يده على صدره حيث كان يشعر بنبضات قلبه تتسارع. هل كان هذا نوعًا من الفخ؟ هل اختفى ذو الشعر الأبيض عن عمد أم أن هناك قوة أكبر تتحكم في كل ما يحدث هنا؟
"لن أسمح لك بالهروب بهذه السهولة!"، صرخ مرة أخرى، وكأنه يتحدى الغياب الغامض لخصمه. لكن في أعماقه، كان يعرف أن هناك شيئًا أكبر من مجرد مواجهة جسدية يحدث هنا.
فجأة، شعر بشيء يتغير في الجو. الطاقات التي كانت تتدفق حوله بدأت تتركز في مكان واحد. استدار ببطء، وهو يحاول تحديد مصدر هذا الشعور الغريب. ثم، في منتصف الغرفة، ظهرت هالة باهتة من الضوء الأبيض، تتوهج بشكل ضعيف.
"ماذا... ما هذا؟" تساءل وهو يخطو ببطء نحو الضوء. لم يكن يعرف ما إذا كان يجب عليه الاقتراب أم التراجع. ولكن بدافع الفضول أو التحدي، تقدم خطوة تلو الأخرى.
الهالة البيضاء بدأت تزداد توهجًا، ثم ببطء شديد، تجسدت منها صورة خافتة لذو الشعر الأبيض. لكن هذه المرة، لم يكن كما كان من قبل. كانت عيناه مغلقتين، ووجهه بدا عليه شيء من السكينة. وكأن الشخص الذي يقف أمامه لم يعد ذلك الخصم البارد والمسيطر.
"هل هذا...؟"، تردد الشاب الأشعث، غير قادر على فهم ما يحدث.
قبل أن يتمكن من فعل شيء، فتحت عيناه الحمراوتان فجأة، لكنهما لم تلمعا بتلك الحدة التي كان يعرفها. بل بدتا كأنهما فارغتان، أشبه ببوابتين إلى عالم آخر.
"هذه ليست النهاية، إنها مجرد البداية."، قال ذو الشعر الأبيض بصوت خافت، لكنه كان عميقًا بشكل يخترق العقل.
وفجأة، بدون أي تحذير، اختفت الهالة البيضاء تمامًا، كما ظهرت. وكأن الشخص لم يكن موجودًا أصلًا.
الشاب الأشعث وقف في مكانه مصدومًا. كل ما حدث كان يفوق قدرته على الفهم. هل كان هذا خيالًا؟ هل كانت تلك الهالة حقيقية؟ ولماذا شعر بأن هناك شيئًا أعظم من كل هذا على وشك الحدوث؟
مع هذا الاختفاء الغامض، بدأ يدرك أن اللعبة التي دخلها ليست مجرد صراع بين قوتين، بل هي جزء من مخطط أكبر لا يستطيع رؤيته بعد. ولكن الشيء الوحيد الذي كان يعرفه هو أن الاختفاء الغامض لخصمه لم يكن نهاية الصراع... بل مجرد بداية لغموض أعمق.
---
أنت تقرأ
"سلاسل الظلال: المختبر المفقود"
Fantasyفي أعماق مختبر سري تحت الأرض، تختبئ أسرار مظلمة وقوى خارقة تتحدى الفهم. يتلاعب أفراد غامضون بمصائر محتجزة بسلاسل، بينما تُنسج خيوط المؤامرات في الظلال. بين المختبرات المظلمة والممرات المتشابكة، شخصيات مجهولة تتصارع للسيطرة على قوى تفوق الخيال. في هذ...