داخل ذلك المبنى المجهز بأحدث التقنيات، حيث كانت الكاميرات تتبع كل تحركات شو بدقة، كانت الحياة تتغير ببطء. لم يعد شو مجرد سلاح بيد الدولة أو المختبرات، بل أصبح شخصًا يجد نفسه في مواقف غير مألوفة، مواقف كانت أبعد ما تكون عن المعارك والدماء.
بدأت الأمور ببساطة، عندما طُلب من شو العناية بالطفل الذي صادفه في مهمته الأولى بعد سيطرة التكنولوجيا عليه. كان الطفل قد رأى فيه شيئًا لم يره أحد من قبل، لم يكن خائفًا من شو، بل نظر إليه بعينيه البريئتين وكأنه وجد فيه شخصًا يعتمد عليه.
في الصباحات الباكرة، كانت الحياة الجديدة تبدأ. اعتاد شو أن يستيقظ ويجد الطفل يحدق به بعينيه الواسعتين، يتساءل عن اليوم وما الذي سيحدث. كان الأمر غريبًا لشو. لم يكن يعرف كيف يبدأ يومًا عاديًا مع طفل. كل شيء كان جديدًا.
أحيانًا، كان الجندي المسلح يأتي بحاجياتهم اليومية، ويلتقط الطفل الحماس في عينيه. كان يختار ملابسه بعناية، ثم يقف بجوار شو، يختار له شيئًا يرتديه.
الطفل (ببراءة): "هذا القميص يناسبك، أظن أنك ستبدو قويًا فيه."
كان شو يتأمل الطفل وهو يختار بعناية، ويشعر بغرابة كيف أن هذه اللحظات الصغيرة كانت تجلب شعورًا دافئًا في داخله. لم يكن يعرف كيف يعتني بالآخرين، لكن مع مرور الوقت، أصبح يشعر بالمسؤولية تجاه هذا الطفل الذي بدأ يعتمد عليه.
في إحدى الأمسيات، وبينما كان شو يحاول إعداد شيء بسيط للعشاء، كانت يديه الكبيرة والعضلية غير معتادة على الأعمال اليومية البسيطة. حاول تقطيع الخضار، لكن يديه الخشنتين كانت تتعامل مع السكين وكأنه سلاح في ساحة معركة. سقطت قطعة من الخضار على الأرض، وشعر بالعجز. لكنه لاحظ الطفل يجلس بجواره، ينظر إليه بابتسامة خافتة.
الطفل (بصوت ناعم): "يمكنني مساعدتك."
كان المشهد بسيطًا، لكنه حمل معه مشاعر لم يعرف شو أنه يمتلكها. كان الطفل يعلمه كيف يقوم بأشياء بسيطة، وكيف يمكن أن تكون الحياة مليئة باللحظات الهادئة والجميلة بعيدًا عن العنف.
في لحظات الهدوء هذه، بدأ شو يشعر بشيء جديد يتسلل إلى داخله. لم يكن يعرف ما هو، لكنه كان يعرف أن هذا الطفل يعيد تشكيل جزء من شخصيته.
في كل صباح، كانا يجلسان معًا لتناول الإفطار. لم يكن شو يجيد إعداد الطعام، لكن مع الوقت تعلم كيف يصنع بعض الأطباق البسيطة. في لحظات الهدوء تلك، كان الطفل يثرثر بحماس عن أشياء بسيطة، عن أحلامه، عن أشياء تافهة، لكن كل كلمة كانت تؤثر في شو بطريقة لم يتوقعها.
الطفل (بابتسامة): "عندما أكبر، أريد أن أكون قويًا مثلك."
كان شو ينظر إليه بصمت، لا يعرف كيف يرد. كلمات الطفل كانت تشعره بثقل المسؤولية، لكنه كان يعرف في داخله أن هذا الطفل يثق به، وربما لأول مرة في حياته، يشعر شو بأن لديه شخصًا يعتمد عليه ويحتاجه.
في الليل، عندما يستعد الطفل للنوم، كان شو يجلس بجواره. لم يكن يعلم كيف يعبر عن مشاعره، لكنه كان يشعر بالارتباط المتزايد بهذا الطفل. كان يتأمل وجهه الصغير وهو يغرق في النوم، ويدرك أنه يرغب في حماية هذا الطفل من كل شيء. أراد أن يراه يكبر، يحقق أحلامه، ويعيش حياة مختلفة عن حياته هو.
وفي إحدى الليالي، وبينما كان الطفل يغفو ببطء، همس له سؤال جعله يفكر بعمق.
الطفل (بصوت خافت): "هل ستبقى هنا دائمًا معي؟"
توقف شو للحظة. لم يكن يعرف كيف يجيب. فكرة العائلة، التي كانت غريبة عليه، أصبحت الآن قريبة بشكل لم يتوقعه.
شو (بصوت هادئ): "نعم... سأكون هنا."
تلك الكلمات البسيطة حملت في طياتها وعدًا لم يكن شو يتوقع أنه سيقطعه. لكنه في أعماقه، كان يعرف أن هذا الطفل أصبح جزءًا منه، وأنه سيحميه بكل ما يملك.
رغم أن المكان كان محصنًا بأحدث التقنيات والأسلحة، إلا أنه بالنسبة لشو والطفل، أصبح ملاذًا. لم يعد مجرد سجن لشو، بل تحول إلى مكان يمكن أن يعيش فيه حياة هادئة، حتى ولو لبضع لحظات.
كان المبنى مزودًا بكل شيء، من مطبخ إلى غرفة نوم مريحة، لكن خلف الأبواب المصفحة والجدران الصلبة، كانت تنمو بين شو والطفل علاقة عميقة. علاقة حملت معها الدفء والحنان الذي لم يعرفه شو من قبل.
أصبح الطفل جزءًا من يوميات شو، كان يسأل عن كل شيء، وكان يثرثر عن أحلامه وطموحاته. وفي كل مرة كان شو يستمع إليه، يشعر بأنه يعيد اكتشاف نفسه.
في تلك الحياة البسيطة، وفي تلك اللحظات الهادئة التي كانت تتخلل أيامهم، بدأت مشاعر جديدة تنمو داخل شو. لم يعد الوحش الذي يخشاه الجميع، بل أصبح شخصًا يحمل في قلبه رغبة في العناية والحماية. كان يعرف أن حياته كانت مليئة بالعنف، لكن هذا الطفل، ببساطته وابتسامته، كان يفتح أمامه بابًا جديدًا للحياة.
ومع مرور الوقت، شعر شو بأنه أخيرًا وجد هدفًا يتجاوز الحروب والمعارك. هذا الطفل أصبح الأمل الذي لم يكن يتوقعه، والأمل الذي قد يعيد شو إلى طريق الإنسانية.

أنت تقرأ
"سلاسل الظلال: المختبر المفقود"
Fantasyفي أعماق مختبر سري تحت الأرض، تختبئ أسرار مظلمة وقوى خارقة تتحدى الفهم. يتلاعب أفراد غامضون بمصائر محتجزة بسلاسل، بينما تُنسج خيوط المؤامرات في الظلال. بين المختبرات المظلمة والممرات المتشابكة، شخصيات مجهولة تتصارع للسيطرة على قوى تفوق الخيال. في هذ...