الفصل العشرين: الاستيقاظ من الجحيم

17 4 1
                                    

كان جاكس يراقب جسد شو المرتعش، وكانت تعابير وجهه لا تخفي القلق الذي يعتريه. شعر بشيء خطير يقترب، لكن لم يكن لديه الوقت الكافي للتفكير. بصوت مملوء بالقلق، صاح في زملائه: "بسرعة، قيدوه! قبل أن..."

قبل أن يكمل كلماته، جاءت ضربة هائلة على فكه، أطاحت به بقوة وأرسلته ممددًا على الأرض. الجميع توقفوا في مكانهم، التوتر كان واضحًا في أعينهم، لكن ما رأوه بعد تلك الضربة كان يفوق كل مخاوفهم.

شو... لم يعد هو.

تحولت عيناه بالكامل إلى سواد، لم يعد هناك لون أبيض، وكأن الظلام قد غزا عينيه وجسده. كانت عيناه أشبه بشقوق سوداء لا قاع لها، مشعة بظلام عميق كما لو أنه قد خرج من قلب الجحيم ذاته. قواه كانت تتحرك حوله مثل عاصفة مجنونة، لم تعد تلك النار الهادئة التي اعتادوا على رؤيتها. كانت الآن قوة متوحشة، لا تخضع لأي منطق أو سيطرة.

شو وقف هناك، وكأنه آلة مدمرة، لا يتحرك كإنسان، بل ككائن مسكون بقوى خارقة للطبيعة. كان كل نفس يأخذه يملأ الجو بطاقة شريرة، وكأن الهواء نفسه يخاف الاقتراب منه. عضلاته مشدودة، وقبضته تشتعل بقوة تفوق الوصف، وكأنه على وشك تفجير العالم من حوله.

بصوت خافت، أشبه بهمس الشيطان، قال شو: "موتوا..."

وفي لحظة، انطلقت منه موجة قوة قاتلة، قوية لدرجة أن الأرض تحت قدميه اهتزت وانقسمت. كانت الضربة سريعة وحاسمة، ضربت الفرقة الخاصة بقوة غير عادية. الأجساد تطايرت في الهواء مثل الدمى، وكانت الدماء تملأ المكان. لم يكن هناك صوت سوى أصوات التحطم والصرخات المذعورة. الفرقة التي كان يُعتقد أنها قادرة على إيقاف شو، كانت الآن تتلاشى، واحدة تلو الأخرى، تحت تأثير قوته الجبارة.

شو لم يكن إنسانًا في تلك اللحظة. كان أشبه بآلة جحيم مبرمجة على التدمير. لم يكن هناك بريق في عينيه، لم يكن هناك شعور بالرحمة، ولا خوف. كل ما كان موجودًا هو رغبة في التدمير، في القضاء على كل من تسبب له في الألم. كل صرخة كانت تزيده شراسة، وكل جسد يسقط كان يعزز غضبه.

لكن فجأة، شعر شو بشيء غريب. كانت هناك قوة جذب مختلفة، قوة لم تكن مثل أي شيء واجهه من قبل. التفت نحو كرة الحماية التي كان بداخلها لين. تلك القوة كانت نقية، وكأنها تعاكس كل ما يمثله شو الآن. كان شيئًا هادئًا، ناعمًا، لكنه قوٍ بطرق غير مرئية.

بلا تردد، رفع شو يده، وجسده كله توهج بالظلام. كان يستعد لتوجيه ضربة قاتلة، ضربة من شأنها أن تنهي حياة لين في لحظة واحدة.

لكن قبل أن يضرب، فتح لين عينيه فجأة.

الوقت بدا وكأنه تجمد. كان لين مرهقًا، جسده مغطى بالجروح، لكنه كان واعيًا بما يحدث. في لحظة واحدة، أدرك أن الموت كان يقترب منه، وأنه كان بيد شو. تراجع بسرعة، متفاديًا الهجوم الهائل الذي شق الأرض من تحته. كان شو واقفًا أمامه، لكنه لم يكن ذلك الشخص الذي عرفه في المختبر.

لين شعر بارتباك عارم. "شو...؟" همس بصوت مرتعش. "الم يكن في المختبر؟ كيف خرجنا من هناك؟" عينيه تجولت في المكان، ليرى الحطام والجثث التي تملأ الأرض من حوله. الفرقة الخاصة كانت مدمرة بالكامل، ولم يكن يعرفهم. الرعب بدأ يتسلل إلى قلبه.

لكن الأشد رعبًا كان شو... الشخص الوحيد الذي بقي واقفًا بين تلك الجثث. نظر لين إلى شو وكأن وحشًا يقف أمامه، قوته كانت هائلة، تملأ الأجواء باليأس والكآبة.

"شو... ماذا حدث لك؟ هل فقدت السيطرة؟" سأل بصوت ضعيف، لكن قلبه كان ينبض بالخوف. المشاهد التي رأها في عقل شو، كل الآلام التي عاشها شو في الماضي، بدأت تتدفق إلى ذهن لين.

تذكر لين تلك الذكريات المأساوية، وتذكر الألم الذي عاشه شو. وبدلاً من أن يخاف منه، شعر بشيء غريب يجذبه نحو شو. لم يكن يعرف لماذا، لكنه شعر بأنه يجب أن يقف بجانبه. كان هناك شعور عميق بالمسؤولية يتغلغل في داخله، كأنه يرى شو لأول مرة.

"لا يمكنني أن أتركه هكذا..." همس لين، وهو ينظر إلى صديقه. "لقد عانى كثيرًا... لقد تخلى عنه الجميع."

في تلك اللحظة، اتخذ لين قرارًا. مهما كانت النتيجة، لن يترك شو يضيع في هذا الظلام.

"سلاسل الظلال: المختبر المفقود"  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن