البارت السادس و الأربعون

262 20 4
                                    



البارت(٥٨٠)

« قبل سنتين »
تحت ضل مدينة الـضباب ، في إحدى ليالي نوفمـبر الباردة ، كانت تعبر الشوارع لوحدها في الليل بعد ما اتجه الجميع الى النوم ما عدا هي اللي لا زالت ما تلتزم بعاداتهم حتى بعد مرور ثـلاث سنين على وجودها في لنـدن...شدت البالطو عليها من شعرت بنسمات الهواء تداعبها تخاف يدخلها البرد
اتجهت للكوفي اللي حفظته و حفظوها هم ، تدخله تُلقي السلام بالعربية؛ السلام عليكم عمو فهيم!
التفت كبير السن مُلئت لحيته باللون الأبيض ترتفع شفتيه؛ اهلًا اهلًا بالست أنغـام!
ضحكت تدخل المحل تقفل الباب خلفها؛ نـغم يا عمو نغـم!
سند نفسه على الطاولة يمسح الأكواب؛ ماهو انا عارف بس بحب انادكي أنغـام على أسم صوت مصر!
ابتسمت تجلس على الطاولة القريبه من الكورنر و ميل رأسه؛ طلبك المعتاد؟
اتسعت ابتسامتها تهز رأسها بالإيجاب؛ المُعتاد!
رفع اصبع ابهامه لها يلتفت و يبدأ يجهز طلبها. و كالعاده تأخذ راحتها لأن في هذا الوقت المقهى يكون فارغ ، رفعت نظرها من اردف؛ مئابلتك بكرا؟
هزت رأسها بالإيجاب تزفر بتوتر؛ ادعي لي يا عمو!
حمل كوب الشـاي يتجه نحوها؛ دعواتي كلها ليكي ربنا يوفئك
وضع الكوب امامها و ابتسم؛ و هو حيصل لهم أنغام تيجي تتوظف عندهم؟
ضحكت بسرور تحمل الكوب بين كفوفها ترتشف منه و توجه هو يكمل عمله و يستعد للأقفال ، كانت انظارها مُتركزه على الكوب أمامها تمر أمامها جميع الأحداث اللي حصلت خلال الثلاث سنوات الفائته ، من بدايه وصولها لبريطانيا و سحب ملفاتها من المستشفى اللي كانت تتعالج فيه تنقلها لأحدى المسشفيات الصغيره في مدينه بريستول لأنها كانت تعلم بأنهم راح يبحثون عنها و هي كانت تحتاج وقت للراحه مع نفسها ، لا زالت لحظه استيقاظها من التخدير عالقه في ذهنها وقت كانت الممرضه بجانبها "مُبارك لقد نجحت" كان وقع تلك الجملة من أجمل ما سمعت تدرك أنها و اخيرًا ارتاحت من عذاب و الم السنين ، لا زالت أعصابها تُرهقها لكن الأهم بأن القلب الضعيف هذا قد اصبح اقوى ، و من لحظه تشافيها هي عادت للندن مكانها الأحب تبدأ تفكر باللي بيحصل بالفتره القادمه و من حسن حظها بدأت الجائحة و رجعت للجامعة تُدرس فيها عن بعد من لندن و من عادت الأمور هي رجعت للسعودية بدون لا تخبر احد تخوض اختبارتها و تعود للندن ، تتخرج بعد سنتين من الدراسه و مباشره بدأت عملها عن بعد ايضًا تُصبح مُحامية تحقق حلم طفولتها و اللي سعت له طوال حياتها تنجح في مهنتها و غدًا مقابلتها لتصبح محامية رسميه لشركة سعودية مقرها في لندن
ابتسمت بخفه لأنها تغيرت خلال الثلاث سنين و طورت من نفسها اكثر ، بدأت رحله التشافي مع نفسها من لحظه دخولها العمليه لوحدها ، اصبحت معتمده على نفسها بعد ما كانت إتكاليه تعرف بأن لديها احد بيساعدها لكنها في الغربه كانت لوحدها ، قضت وقت طويل مع نفسها تفهمها اكثر و تعطيها الوقت الكافي لأن طوال اعوامها العشرين كانت مُحاطه بالناس و لا كان عندها فرصه لنفسها كانت تجعل نفسها الخيار الأخير دائمًا ، تعلمت التعبير عن مشاعرها بدل كتمانها في كل الظروف سواء كانت مشاعر حزن و فرح
كانت تتواصل مع أحمد و محمد اللي ضل ينبش حتى عرف مكانها ، كان تواصلهم قليل جدًا لكنهم يطمئنون عليها دائمًا ، وصلتها جميع الأخبار منهم ، تعرف بأن هتان لا زال يبحث عنها و معه نور و طفلهم ، وصلها خبر سعود و اللي كان قاسي جدًا عليها في الغربه و لوحدها ، كانت تعرف اخبارهم جميعًا...لكنها لم تسمع خبرًا عنه ابدًا...
انهت كوب الشاي ترفع نظرها للعم فهيم و اللي قابلته بعد تخرجها تصبح ترتاد المقهى خاصته كثيرًا؛ يسلمو عمو فهيم
اخذ الكوب يضع كفه على رأسه؛ ستين عافيه!
ابتسمت و رفعت يدها تلوح لها تودعه ، خرجت تشد على البالطو من اصبح الجو اكثر بروده تتجه لشقتها اللي سكنت فيها طوال الثلاث سنين الفائته
~
رفعت رأسها توقف امام المبنى الطويل تستغرب حجمه لأنها و حسبما قرأت عن الشركة هذه سنتها الثانية فقط ، اخذت نفس تسمي بالله و تقوي نفسها؛ يلا نغمي تقدرين!
خطت خطاها تدخل الشركة تُذهل عيناها لأن اغلب الموظفين هنا من جنسيات عربيه و يلتزمون بالزي السعودي رجالًا و نساءً ، نزلت انظارها للبسها تضحك بخفه؛ حلو من اولها
توجهت نحو الأستقبال مباشرة ترفع رأسها المرأة المحجبه؛ اهلًا كيف اساعدك؟
تحدثت بالعربيه تبتسم هي بلا شعور منها لأنها منذ زمن ما وقع على مسامعها اللكنه العربيه السعودية؛ جيت عشان المقابله الوظيفية
مدت بطاقتها لها تسكن الموظفه من قرأت اسمها ، شدت على قبضتها بتوتر من اطالت المرأة المظر تتنحنح ، انتبهت المرأة اخيرًا تبتسم بأحراج؛ اوه المحامية نغـم ، الحقيني
استقامت المرأة و اخذت هي تتبعها ، كانت تجول نظرها في انحاء الشركة بأنبهار لكثره الرسومات المعلقه فيها في كل زاوية ، ركبوا المصعد يصعدون للدور الأعلى في المبنى تتوتر هي بلا سبب ، وصلوا بعد مده تلتفت نحوها المرأة؛ امشي لليمين تشوفين قدامك مباشره مكتب بيساعدونك
هزت رأسها بفهم تبتسم تشكرها ، خرجت من المصعد تتجه لليمين و بالفعل قابلها مكتب خلفه باب عريض و يتوسط المكتب فتاه صغيره ، تقدمت نحوه ترفع صوتها لجل تنتبه لها؛ السلام عليكم
رفعت رأسها الفتاه تنتبه لوجودها و سرعان ما اتسعت ابتسامتها تردف بحماس؛  المحامية نغم علي السلطان؟
هزت رأسها بالإيجاب و استقامت الفتاه تمد يدها؛ اهلًا انا تُـقى بنت مشاري ، سكرتيرة الرئيس العام
ابتسمت تصافحها تسعد بداخلها جدًا لأنها اشتاقت؛ تشرفنا تُقى
عدلت تُقى عبايتها تأشر نحو الباب؛ الحقيني ، لجل نبدأ مقابلتك
اخذت تمشي وراء تُقى و اللي قدرت بأنها اصغر منها بالعمر ، دخلوا خلف ذالك الباب يتبعه ممر طويل يمشون فيه و اللي كان مماثل للشركة مليئ بالرسومات لكن تلك الرسومات كانت مختلفه...عود ، قمر ، بحر ، ليل...رسومات آلمت قلبها
وصلوا نحو مكتب بجانب الباب يستقيم من خلف المكتب رجل صغير في العمر و ابتسمت تُقى تلتفت نحوها؛ ريّـان بن حاكم ، الرئيس العام
رفع ريان كفه يضعها على صدره؛ تشرفنا حضره المحامية
ابتسمت بتوتر من نداءه الغريب نحوها تهز رأسها و التفتت نحو تُقى اللي اردفت؛ مقابلتك بتكون مع الرئيس التنفيذي مكتبه ورا الباب مباشره ، بالتوفيق
التفتت نحو الباب تشعر بالغرابه و التوتر ، ابتسمت نحو تُقى؛ يعطيك العافية
ابتسمت تُقى تشوفها تفتح الباب و تدخل من خلاله تتلاشى ابتسامتها من بعدها تلتفت نحو ريان تناديه بفزع؛ ريّان!
هز رأسه بالإيجاب يتوتر هو الأخر؛ تُقى!
~
دخلت و كل جسدها يرجف بتوتر لأنها ما توقعت مقابلتها مع الرئيس التنفيذي ، دخلت المكتب الكبير باللون الأزرق و الأبيض تُزينه الرسومات من كل الجهات ، اخذت تمرر نظرها حتى وقعت انظارها على المكتب الكبير خلفه الكرسي المقابل للشباك الكبير ما تشوف هويه الجالس ، ترفع نظرها للوحة الكبيرة فوق المكتب تشهق تترك كل مابيدها تتناثر الأوراق تغطي ثغرها بصدمه لأنها تعرف تلك الرسمه..."نغـمة العـود"
تعرف الرسمه و كيف ما تعرفها و اول رسمه جمعتهم...تعرف صاحبها أحق المعرفه و هنا ارتبطت القطعه في عقلها تستوعب كل شيء ، الرسومات في كل مكان ، العود و القمر ، حفاوه استقبالهم لها و كأنهم يعرفونها ، سهوله حصولها على المقابلة
كل الطُرق كانت تؤدي إليه ، ارتجفت نبرتها تهمس بأسمها تحاول تكذب اعينها؛ بـدر...؟
استقام صاحب الهويه المجهوله من كرسيه يلتفت نحوها...ينهار كلها لأنه كان هو...
تقابله من جديد بعد فراق ثلاث سنين ، بعد وداعه لها و اخر حديث دار بينهم...بعد اعترافها له بمشاعرها

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 4 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لا جت نَغمة العود في ليلة القَمرآحيث تعيش القصص. اكتشف الآن