01|نظرة،، فذكرى|

19.2K 628 416
                                    

«أن تسمع الهاوية في صوت أحدهم من مجرد كلمة.»

___

فنلندا - هلسنكي
الأربعاء - 11 أغسطس
الثالثة وعشر دقائق مساءً

الرياح الباردة حملت النسيم في المكان، تحمل معها رائحة البحر المحملة وتنشرها عبر شوارع وأحياء مدينة هلسنكي، لؤلؤة الشمال البيضاء.

شمالها قبع الصرح التعليمي الحديث لجامعة إيليتي، والواقع في حيِّ باسيلا، حيث حوى الطلاب من جميع أنحاء العالم، مستقطبًا ذوي العقول البارزة وذوي الإمكانات المتميزة ومن لديهم الشغف الواسع للعلم.

في الكافتيريا الرئيسية والمفتوحة على مساحات الأشجار الخضراء والمصابيح التي بدأت تعمل مع انسلال ضوء الشمس وتواريه في الأفق، جلست أريج ذات التسعة عشر عامًا، تحرك الملعقة في كوب قهوتها وعلى سوداوتيها يظهر ملل وضجر واضح، في حين استمرت سوزان الشقراء بحديثها الذي لا تثرثر به سوى حين يجتمعان بمفردهما، وكأنها تختبر آخر ذرات صبرها بمواضيع تافهة لا تناسب سوزان نفسها.. المتشاحنة مع جنس الرجال بشكل عام، وتجعل أريج تتخيل نفسها تسكب كوب القهوة على رأسها «أريج انظري لتلك الطاولة!»

دحرجت المعنية عينيها بنظرة ناعسة وصبر نافد لطاولة بعيدة عنهما مسايرةً إياها، ثم تنهدت بملل من إزعاج وتفاهة صديقتها المستمر منذ عشرون دقيقة، ثم تمتمت بتذمر «أوف سوزان ما بها!»

«شابين جديدين في جامعتنا! سمعت أنهما يدرسان في مجالك، وسيمين أليس كذلك؟» أردفت وهي ترمقها بعبث وحدقت بها أريج ببلاهة قبل أن تتمتم «هذا ما ينقصني!» صمتت للحظة ثم أردفت بعصبية ملوحةً بكفها «ثم مابها لو كنا في تخصص واحد! ليس هما فقط من يدرسان في تخصصي! هناك العديد غيرهما!»

عقدت سوزات ذراعيها لصدرها وضيقت عينيها قائلةً بتذمر «أصبحتِ عصبية وملولة مؤخرًا، ما الذي يحدث معك بحق الإله!»

هتفت أريج بحدة واستنكار «لا شئ! سوى أن حماسك يأتي بأوقات غير مرغوب بها بتاتًا!»

تأففت بعدها بضيق وهي تعود لتقليب قهوتها التي بردت منذ زمن، ثم تنهدت مستسلمة وهي تتمتم بخفوت «يبدو أن التقييمات تؤثر على مزاجي مؤخرًا، أتمنى فقط أن أحصل على ما يستحق كل هذا المجهود!»

«وما شأن الناس بمشاكلك على كل حال! لا تتوقعي أن تشفع لمزاجك السيء!» علقت الأخرى بنبرة متهكمة وفظة وهي تشير بإصبعها بسخرية، لترفع أريج نظراتها لها متمتمةً بانزعاج «ألا تجيدين أسلوب التشجيع والمواساة، بدلاً من تعليقاتك السيئة والتي لا داع لها في قاموس معاملتك للبشر! ثم هل تكرهينني كي تزعجيني في كل مرة نكون فيها وحدنا!»

||خذلان : سقوط نجم||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن