06|وهم- ذاك الشبيه!|

3.6K 275 98
                                    

هل من سبيل

إلى حل عقدة تستوجب القطع!

وكلما لمستُها

علمت أن خيوطها من نياط قلبك!

اقتباس

***

فنلندا - هلسنكي
الأربعاء - 18 أغسطس
السادسة وعشر دقائق مساءً


كم يمكن لذكريات المرء أن تأكل من روحه ولحظاته!

كلها! نصفها أم جُلُّها!

لم تدرك أريج ذلك وهي تغمض عينيها جالسةً على سريرها، كحالتها منذ الأمس، دموعها تتحرر بين الفينة والأخرى من بين جفنيها المنغلقتين فترفع أصابعها تمسحها ثم تعود لجمع كفيها بين ساقيها المتقاربتين، تستشعر برد أناملها الذي انعكس على جسدها المغطى بمنامة كريمية عكست لون شعرها الأسود المنسدل بإهمال، وتشعر بالصقيع يزيد بداخلها.

تبكي بخفوت لثوان ويتجعد جبينها كما شفتيها اللتين تزمهما بعناد، ثم تعود هادئةً لثوان أخرى، الذكريات تضرب وعيها دون أي مقاومة منها، وكأنها تجلد نفسها بطواعية تامة.

تتذكر ما مر عليه سنوات، تتذكره، وتتذكر تفاصيله، ضحكاته، أحاديثه، غضبه وحنقه وكبريائه، تتذكر كلماته وصمته، وآخر نظراته لها، مخذولة خائبة وغارقة بالحزن والأسى.

تتذكر كل ما يؤلمها فتجهش باكية تغطي عينيها وتحاول كفكفة دموعها بكفيها المبتلتين، ثم تستجمع شتاتها بعد دقائق متنهدة تنهدات متقطعة خلال الصمت.

كانت تلك طقوس حزنها منذ سنوات، حزن أرادت والدتها استئصاله وأراد ياسين دفنه في خانة النسيان لكنه تمرد على محاولاتهما في كل مرة وكأنها لا شيء، كان يهدأ، يستكين ويتوارى لكنه ينتفض ويعود حيًّا نابضًا بداخلها حالما يلمسه أحدهم بنظرة أو كلمة، وهذه المرة استيقظ بشكل أكثر إيلامًا.

«هل هو؟ أم يشبهه! كل هذا الشبه! هذا مستحيل!»

تمتمت بعدم وعي وهي تحدق بالسقف دون أن ترمش، ثم استجابت حواسها لصوت أقدام خارج غرفتها فاعتدلت تمسح دموعها بسرعة.

قد تكون كريمة، التي تحضر أطباق طعامها التي تدخل ثم تخرج كما دخلت، أو ربما تنقصها بعض لقيمات أكلتها إرضاءً لوالدتها المهمومة، والتي حالما تأتي تحاول جاهدةً أمامها إخفاء حزنها متعللةً بالإرهاق.

أو ربما ياسين الذي تحسده على صموده.. تحسده كثيرًا.. ليتها تمتلك القليل من عزيمته وقوته! القليل فقط.

||خذلان : سقوط نجم||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن