45|سجن مظلم- انهيار|

2K 157 268
                                    

«لقد غادر جزء من روحي مع ذهاب كل واحد منهم، وقد ذهب بعضي الأخير قبل ثوان.
لذا لم يعد من معنى للأنفاس التي تدخل صدري عنوة، ولو وددت لخنقتها وتركت جسدي يتحرر، فلا تحرمني من الذهاب حيث ذهبوا.
بقائي لن يجعل من الحياة سوى عالةً عليّ، ولن يجعل مني سوى عالةً عليك، لكن..
أريد منكَ أن تتذكرهم ما بقيتَ حيًّا.
لا تتركهم في منتصف الطريق أرجوك.»

***

ظلام دامس.

أرض قاسية وصقيع يحتل جسدي.

أطراف لا تستجيب ونفس فاتر لا يكاد يلاحظ.

كم سأستمر في البقاء هنا؟

مر وقت. وقتٌ طويل.

وقتٌ فقدتُّ طريقة حسابه.

ألن يوقظني أحد؟

كيف اختفى الجميع فجأة!

كيف تسقط الأيدي التي كانت ذات مرة تمسك بالمرء في لحظة غادرة، عابرة، لا يكاد يستوعبها!

مجددًا أحاول الحديث بيأس.

علَّ صوتي يخرج!

علّهم يأتون لانتشالي من هذا المكان المظلم.

يا رفاق!

أناجيهم فلا يجيبني سوى الصمت.

أغمضتُ عيني مجددًا.

أستسلم للرياح الدافئة التي زارتني على حين غرة، ثم انتشر ضوء أصفر مفاجئ وفتحتُ عينيّ ببطء.

ثياب سوداء تغطيني، وممر مزخرف طويل أمتد أنا على أرضيته المغطاة بسجاد فاخر.

ومشاعل ذات ظلال شاحبة ومخيفة، تمتد على طول جدران الممر.

استجاب جسدي فجأة، ورفعتُ كفي أحدق بها بصمت أتأكد من قدرتي على تحريكها، ثم انقلبتُ على جانبي كي أقف متطلعًا حولي.

صوت رياح قادم من اللامكان، وهزيم رعد ظهر بقوة وتحركت أضواء المشاعل بحدة.

حدقتُ بجانبيّ الممر المتشابهين.

لا شيء سوى اللانهاية.

حتى أخذتُ قراري وحركتُ قدميِّ أمشي بهدوء.

خطوة تتلوها خطوة، وصوت الرياح يعلو وهزيم الرعد يزداد.

أسرعتُ في خطواتي. الممر يتغير. ستائر بيضاء وجدران ذوات نوافذ زجاجية ضخمة.

||خذلان : سقوط نجم||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن