بعد بضعة أسابيع..
يجلس على إحدى الصخور متربعًا بيده قصب سكر والآخر يجلس أسفل الصخرة راميًا بين الفينة والأخرى بحبات من الصنوبر لفمه.
مشهد الغروب يسحر الناظر.. حمرة الشفق الممتدة على الغابة أسفل الجرف تبعث في كل روح منكسرة هدوءًا وسكينة لا تضاهى، والنسيم برغم برودته إلا أنه لم يؤثر على الاثنين اللذين يرتديان قمصانًا قطنية وبناطيل قماشية مريحة اجتمعت أطرافها في الأحذية الجلدية المناسبة لحركتهما المستمرة، وقد تركا معاطفهما الجلدية القصيرة والمبطنة بجواريهما.
هذه حالهما بعد كل تدريب يومي، ساعة في هذا المكان لا يمكن تقديرها بثمن.
لكن الاسترخاء اليوم بم يزر عزام الذي تنهد بخفوت بعد أن عاد من شروده، فخروجه للسوق هذه المرة جعله يعود بكم هائل من الأسئلة التي لم يجد لها جوابًا، لذا التفت لياسين الجالس أسفل منه موقنًا أنه الوحيد الذي سيجيب على تساؤلاته.
وسرعان ما أخذ قراره، ثم وضع ما تبقى من قصب السكر جانبًا ووقف وقفز بخفة ليستقر بجانبه، يجعل ياسين يلتفت له مستغربًا «ماذا هناك؟»
جلس المعني بجانبه عاقدًا ساقيه، ثم أجاب بشكل طبيعي وهو يأخذ منه حفنة من الصنوبر ويعيد نظره للمنظر أمامهما «لدي بعض الأسئلة»
عقد ياسين حاجبيه باستغراب لجوابه، لم يعتد أن يقاطع عزام خلوتهما هذا الوقت، عادةً هو من يصر على أن لا يتبادلا الحديث خلال هذه الساعة، لذا احتل الاستغراب نبرته وقد نسي أن لعزام فضول ونظرة دقيقة تجعل من الشيء البسيط أمرًا له آلاف الأسئلة المعقدة.
«أسئلة!» تمتم باستغراب، فأومأ عزام ناظرًا للأفق ثم التفت له مؤكدًا «أجل»
ورده الواثق جعل ياسين يزفر الهواء من صدره بتهكم ثم يعلق وهو يرمي حبة من الصنوبر إلى فمه «عادتك ولن تتركها صحيح!»
«أشبع فضولي، ماذا ستخسر!»
تمتم عزام بغيظ يعقد حاجبيه بخفة ويحدق به، فأومأ ياسين بلا اهتمام وهو يريح رأسه على الصخرة مراقبًا الغروب «تفضل»
تنهد عزام وهو يرمي بقية الحبات لكف ياسين بخفة ثم عقد ساقيه أمامه بحيث التصق قاع حذاءيه معًا، واتكأ بكفيه على قدميه مسترسلًا بشكل مباشر «من هو الدون؟»
توقفت يد ياسين في مكانها وتجمد لوهلة قبل أن يلتفت للكستنائي بتفاجؤ، تفاجؤ جعله يعتدل ويسأل بحذر «لم تسأل هذا السؤال؟»
أنت تقرأ
||خذلان : سقوط نجم||
Mystery / Thrillerانقلبت حياة عزام، الفتى اليافع ذو الرابعة عشر عامًا فجأة بعد أن تم بيعه كعبد لعائلة من الطبقة النبيلة، تم تفريقه قسرًا عن والدته وقتل والده أمام عينيه، ظن أنه لن يتجاوز ما حدث لكنه لم يدرك أن لديه عقلية متكيفة ومتغيرة.. ياسين الابن الوحيد للعائلة، ا...