لقد مرَّت تلك الليلة ومازلت لا أصدق ما حدث بها.. فقط ساعتين أو أقل قلبت موازين عقلي.. لقد كنت خائفة حد الموت.. من وقت دخولي للمنزل حتى الصباح لم أستطع النوم من هول ما حصل.. وغد يحاول الإعتداء علي بالقوة.. وآخر يحادثني كفتاة وضيعة ويعطيني مواعظ ثم يحاول حمايتي.. حتى أنه أوصلني.. ولكن لماذا!! لماذا كان يتصرف بتلك الطريقة؟ حتى أنه قام باحتضاني مرتين.. إلهي حمدا لك على انتهاء تلك الليلة.. لقد كدت أفقد عقلي..
إنه أول يوم في السنة الجديدة بالفعل.. الجميع يزور من يحب ويمضي وقتا سعيدا.. الفتيات في سني يقضون وقتا ممتعا برفقة عائلاتهن أو الأصدقاء.. أو الأحباء.. وأنا أمضي وقتي فى تنظيف المطعم
منذ وفاة والدي الغامضة وأنا كنت شبه مشردة فبعد أن نفذت النقود التي تركها لي وقد كانت لا تكفي طفلة رضيعة لم يكن لدي رأس مال.. حتى أنني لم أستطع الذهاب إلى المدرسة لوقت طويل.. أشفق عليَّ شخص كان يعرف أبي.. في الحقيقة هذا ما حاولت إقناع نفسي به.. فواقعيا هو لم يشفق عليّْ ولكنه استغل حالتي .. فقد عرض عليَّ العمل معه في مطعمه مقابل إطعامي ودفع مرتب يومي لا ينعت بالنقود حتى.. لم يرد توظيفي وفاءًا لصديقه المتوفي ولكنه رجل كبير لا يقدر على التنظيف ولا يدخل له عائد كبير حتى يحضر نادلا ويدفع له مرتبا محترما.. وافقت رغما عني حيث أنني كان يجب علي البقاء على قيد الحياة.. فأصبح يومي عبارة عن الذهاب للمدرسة صباحا ثم العودة منها على العمل ثم الذهاب إلى منزلي حوالي العاشرة مساءا.. أمضي ما يقرب من الساعة للدراسة وساعة أخرى للبكاء والنحيب ثم الخلود للنوم إن استطعت.. أجازتي الأسبوعية من المدرسة لم تكن رحمة بالنسبة لي فقد كنت أمضي اليوم أكمله فى المطعم بدلا من نصفه.. فقط في بعض الأسابيع أستطيع أخذ نصف يوم أجازة من العمل ومن المعجزة أن آخذ يوم كامل..
......................................................................
-إنه السيد بارك الشريك فى بناء المبنى الملحق لجامعتنا
-ماذا جاء به؟
-لا أعلم أظنه جاء لإلقاء نظرة على المبنى
تحادثت فتاتان بجانبها وهي لا تعطي اهتماما بالحديث إلى أن أفاقت نفسها حين صفعت رأسها قائلة بصوت منخفض..
-السيد با.. بارك!!منذ اختفاء تشانيول الغير مفهوم بالنسبة لها هي أخذت طريقها في البحث عنه فمنذ أنها تعرف أن والده رجل اعمال ظلت تبحث عن أي معلومات عنه عن طريق الشبكة العنكبوتية.. هي لا تملك هاتفا فكانت توفر بعض النقود للذهاب لأحد الأماكن التي تستطيع التصفح منها وكانت تبدأ فى البحث.. لم تعرف بالظبط ما تخصص أو مجال والده حيث أنه لم يكن يخوض حديثا لائقا عن والده وهي لم تكن تبادر بالاستفسار.. فعند بحثها كانت تضع اسم تشانيول بجانب البحث عن والده حتى تصل إلى شركته أو أي معلومة عنه .. لم تظهر لها نتائج مرضية إلا مرة واحدة حين وجدت خبرا عن افتتاح مدرسة ما من قبل وزير التربية والتعليم أشرف على بنائها السيد بارك.. ما جعلها تعتقد أنه والد تشانيول بجانب لقب بارك الذي يحمله تشانيول أيضا أنه أخبرها يوما أن والده شريك فى بناء المدرسة التي تدرس بها .. فخمنت سريعا أن مجال عمل والده له علاقة بالبنايات التي تنتمى للتعليم.. حاولت البحث مستخدمة عبارات للتعليم ممزوجة باسم بارك لكنها لم تتوصل لشيء
-إلهي لابد أنه هو!!
تقدمت نحو الفتاتان سريعا
-عذرا هل لي بسؤال
نظرت الفتاتان إليها حتى أجابت واحدة
-ما هو
-هل تعلمان شيئا عن المدعو السيد بارك؟
-ليس الكثير.. لما؟
-ااه.. أختي تدرس الصحافة ومشروعها الذي كلفت به هو مقال عن رجل أعمال له علاقة بمجال التعليم فهي تجمع المعلومات عن بعض رجال الأعمال منهم السيد بارك وأنا أريد مساعدتها
-إنه مسئول عن بناء المبنى الملحق للجامعة.. يقال أنه يملك شركة تابعة لوزير التعليم العالي.. تشرف على بناء المدارس والجامعات إلا أنها متورطه فى مشاكل كثيرة آخرها انهيار مدرسة أشرفت على بنائها
اقتربت أكثر من الفتاتان كأنها وصلت للسؤال الذي بدأت الحديث لأجله
-هل.. له أبناء؟
-هذا لا أعلمه
-ألم تسمعي شيئا عن هذا!!
هزت رأسها نافية.. فابتسمت لها كارما بتكلف قبل أن تشكرها وتهم بالذهاب.. حتى أوقفها صوت الفتاة الأخرى..
-أنا أظن أنني سمعت شيئا عن هذا
......................................................................
إنها الخامسة فجرا.. تستعد كارما للذهاب للمدرسة على الرغم من أن بداية اليوم الدراسى في الثامنة إلا أنها تنزل باكرا جدا لأنها لا تستقل مواصلات بل تذهب مشيا..
نظرت للنافذة قليلا قبل النزول لتتحقق من برودة الجو..
-إنها تثلج بالفعل..
هتفت قبل أن يلفت نظرها شيء آخر غير برودة الجو.. سيارة تشابه واحدة تعرفها.. لا تعرفها فحسب.. بل عاشت بها تجربة حياة أو موت عمليا.. يقف مستندا عليها رجل طوله يعطيه هيبة خاصة.. جسده ليس بمزحة يكاد يمزق الملابس التي فوقه من قسوته الظاهرة رغم كثرة الملابس..
-مستحيل.. لا مستحيل.. أنتِ تتوهمين.. ما بكِي الآن!! ماذا يحدث لكي!! إنه ليس هو.. ماذا في أن السيارة مشابهة للأخرى؟؟ لقد كنتي مصدومة بالفعل ذلك اليوم لذلك تتوهمين أنها نفس السيارة.. لنذهب كارما.. لنذهب
فتحت الباب بحرص وأغلقته ورائها بخفة تحاول أن تتغاضى تماما عن الذي أمامها.. تحاول بقوة إقناع نفسها أنه ليس ذلك الشخص.. مرت بجانبه بحذر فابتسمت براحة إذ أنه لم يقل لها شيئا
-أرأيتِ؟ إنه ليس هو
ابتسمت قبل أن تهبط ابتسامتها بعد أن صدر ذلك الصوت الذي لن تخطئه
-أنتِ.. هل أنتِ عمياء؟
-لتغمض عينها بقوة
-إنَّه.. هو
أنت تقرأ
إلى أن نلتقي ؛مجددا
Fiksi Penggemarبين ذكرى تمقتُها وذكرى تعشقُها هناك ذكرى نسيتَها.. وأنا بين الثلاثة وجدتُ ذكرى جديدة.. لا هي تُمقت ولا هي تُعشق ولا هى تُنسى.. بل هي تتملكني وأعيش عليها.. أخطتُها في قلبي وعقلي وأضلعي.. جعلتُها تحتل جسدي وروحي.. كل لحظة أحطْتَ فيها جسدي.. كنتَ فيها...