الفصل السابع عشر

47.1K 1.3K 28
                                    

     أدخل كمال جانب كفه بسرعة بين شفتيها
حتي لا تعض أكثر علي لسانها بعد أن أنزلها أرضاً
وكطبيب إستطاع تشخيص حالتها بصدمة
ونهض فجأة دافعاً الطاولة بعيداً عنها حتي لا تصطدم بها
وإلتقط بسرعة إحدي الوسائد المريحة الناعمة من فوق الأريكة ووضعها أسفل رأسها
فأولي خطواط التعامل مع نوبات الصرع
هي تفريغ المكان حول المريض من جميع الأدوات الصلبة والحادة حتي لا يأذي نفسه
إقترب ببطئ منها يريد تمديدها علي جانبها ورفع رأسها لأعلي قليلاً حتي تستطيع التنفس وليخرج اللعاب من فمها
ونجح بالفعل وجلس مبتعداً عنها ينتظر إنتهاء نوبتها بل أنه بدأ يتابع ساعته ليعرف كم دقيقة ستستمر !
وعندما بدأ التشنج بشمل نصفها الأخر علم أنها ستفقد الوعي
وبالفعل ثبتت فجأة كجثة هامدة بعد أن فقدت وعيها تماماً
تنهد براحة فنوبتها لم تتعدي الثلاث دقائق تقريباً ..
ظل جالس أرضاً جانبها لا يصدق ماحدث
فلم يتوقع أنها تعاني من إحدي أنواع مرض الصرع !!
وبعد عدة دقائق إقترب منها وبدأ بفتح ملابسها لترتاح أكثر وسحب الوسادة من أسفل رأسها واضعاً ذراعه مكانها
والأخر أسفل ركبتيها وحملها متجهاً لغرفته بهدوء
وضعها وأتي بعدة محارم ورقية ونظف وجهها بحنانٍ جارف لم يشعر به يوماً !
جلس علي مقعد أمامها لا يعرف كم مر من الوقت وهو ينظر لها هكذا ممدة بإستسلام فوق فراشه
مسح وجهه يتنفس مطلقاً زفيراً قوياً ونهض مقترباً منها جالساً علي طرف الفراش عندما تذكر جرحها
حركها ببطئ وبدأ بالتغير عليه ومعالجته تنهد بحرارة بعد أن إنتهي
لا يعرف لم يشعر بكل هذا الشعور داخله فدون معرفته بمرضها كان يشعر بألمٍ يعتصر معدته عليها
والان بعد أن عرف.. يشعر بشعورٍ قاتل !!
نهض من جانبها وبدأ بتعقيم حروج كفه من أسنانها ورغم ألمه إلا أنه أهون عليه من أذيتها لنفسها
نفخ بضيق يشعر بالإختناق يكاد يقطع أنفاسه !
وظل ينظر لها بهدوء ينتظر إفاقتها
***************************************
خرج مازن من دورة المياه بهدوء فوجد ماتيلدا نائمة
إبتسم بعبثٍ من تصنعها للنوم وأغلق الإضاءة .. ثم إقترب من الكومود وأضاء مصباح الفراش الخافت
نظر لظهرها مبتسماً بحنان و جلس جانبها عند قدميها
إتسعت إبتسامته من رجفتها عندما شعرت به .. زم شفتيه يكتم ضحكاته بصعوبة من برائتها
كيف تظنه سينخدع بنومها ؟! .. يكفي نبضاتها الخافقة داخل صدره!!
سحب قدمها بحنان يمسح فوقها فإزدادت إنتفاضتها وشددت من إغماض عينها
إبتسم حتي بدت نواجذه وبدأ يتلاعب بأصابعها البيضاء الصغيرة إلي أن نهضت فجأة جالسة قائلة بحرجٍ وإضطراب
- أنا صاحية .. بس خايفة!..
ضحك بقوة وزحف محله مقترباً منها بشدة متسائلاً بخفوت
- خايفة .. ولا محرجة؟!
نظرت له بحيرة لا تعلم !! تشعر بخفقات قلبها القوية وهمست بخفوت
- الإتنين!
رفع أصابعه متحسساً جانب وجنتها قائلاً بإطمئنان
- لا متخافيش مني .. أنا عمري ما هاذيكي ابداً..
ومتتحرجيش برده ..عشان أنا مش هقرب منك فجأة ولا غصب..!
إبتلعت ريقها بصعوبة وقالت تنظر داخل عينه اللامعة من الضوء الخافت وكأن نظراته تسحبها بقوة
- صوتك بيخلي قلبي يدق جدا .. لما بتتكلم كده !
إبتسم بعشق وهمس بعاطفةٍ لا يحتويها العالم علي سِعَته
- صوتك.. ونفسك.. ونظراتك.. وحركاتك.. وضحكك..
كله بيخلي قلبي يدق جامد !
تنفست بقوة لتسيطر علي خفقات قلبها والتي أخذت بالإرتفاع بقوة
فقال هو متحسساً ملامحها كعادته المميزة معها بدء من مسحه فوق جفنيها الي أنفها وشفتيها
- إنتي ملكي!!..
إبتسم متابعاً بنبرة خافتة
- مع إن عمر ما كان عندي حب إمتلاك لأي شئ
بس معاكي كل حاجة مختلفة بحس إن ربنا خلقك عشان قلبي !.. بحس قلبي جواكي!!..
ساعات مببقاش قادر أصدق إنك خديجة .. وماتيلدا !
خديجة البنت اللي حسيت بيها و كان نفسي أشوفها ..
وماتيلدا اللي قلبي كان بيدقلها مع ذلك كان نفسي تبعد عن نظري عشان ضميري بيقولي مش بتاعتك وحرام..
مكنتش أتوقع إن الدنيا هتودينا وتجبنا بس في النهاية هتبقي مراتي..
مراتي في بيتي مع أهلي في سريري من حقي ..ملكي!!!
فتحت فمها قليلاً تتنفس ورفعت أصابعها المرتجفة تضغط موضع قلبها من أثر كلماته العاصفة وهمسه القوي
ورغم أنه مجرد همسٍ .. لكنه همس نبضات عاشق !!
همسً يرسل الذبذبات داخلها بقوة كالطوفان ليحرك كل شئ فيها بقوة !
أغمضت عينها علي قُبلته الحانية تشعر وكأنها خرجت من الواقع
إستمر الوضع دقائق خرجوا بها من العالم بأكمله الي أن شهقت بعنف تحاول رفعه عنها بعد أن إستلقي بها وسط دوامتهم !
إبتلع مازن ريقه يضغط قلبها لا يريد التوقف .. رغم أن الألم مُهلك!!
تنفس بقوة مستندا بجبهته فوق جبهتها هامساً بألم
- مش عاوز أبعد!!.. بس خايف عليكي!!
دمعت عينها من قوة الألم الناحر لصدرها لا تعلم ماذا يحدث فخفقاتها تتسارع بقربه لدرجة الهلاك .!!
نهض مازن جاذباً لها معه ببطئٍ لتجلس يتنفس بقوة هامساً بنهيجٍ خافت
- خليكي أعده شوية عشان نَفَسِك وقلبك يهدي !
أومأت له بإستسلامٍ تنظر للأسفل ممسكة بقلبها بقوة تشعر وكأنه سيتوقف
رفعت بصرها له عندما همس بخفوت رغم ملامح الألم الظاهرة علي وجهه
- بعيد الشر عليكي!!.. متخافيش مش هيوقف!!
أغمضت عينها تحاول الهدوء هامسة بألمٍ
- صوتك!!.. صوتك بيزودلي النبض!.. إسكت!!
جذبها إليه بحنان دافناً وجهها داخل صدره يمسح فوق خصلاتها لتهدأ
أغمض عينه يشعر أن نبضاته تزداد بسبب نبضاتها !!
**************************************
بكت مرام بخفوت علي الهاتف متسائلة بحزن
- ليه يا مراد؟!
مسح مراد فوق خصلاته مجيباً بإختناق
- غصب عني يا مرام كل شخص وطاقته!!
أغمضت عينها بألم لا تصدق أنها كان تمزح معه بموضوع الزواج لتُصدم برفضه القاطع لها !!
أغلقت الهاتف دون حديث وجذبت غطائها تحتضنه بقوم بل تعتصره بألم !
لم تتوقع أن يكون تفكيره بتلك الطريقة !
أغمضت عينها مرة أخري تنساب عبراتها بغزارة متذكرة حديثهم قبل لحظات
فلاش باك
- خلاص إنت تتجوزني بقي وتهربني من هنا ..
كانت تلك كلمات مرام والتي أنهتها ضاحكة بمزاح
بينما أجابها هو بجدية
- هو إنتي رافضة أي عريس عشاني.. ولا عشان أكرم؟!!
إبتلعت ريقها من سؤاله المفاجئ ..تشعر بجديته في الحديث وأجابته بحيرة
- مش عارفة يا مراد.. أنا مرتحالك جدا ..وإنت إنسان محترم وخلوق
بس يمكن مازال جوايا خوف من أكرم وهنا صدمها سؤاله
- إنتي ليه بتتكلمي علي أساس إني العريس أو ممكن أتقدملك تاني يامرام ؟!
خفق قلبها من إسلوبه ورغم ذلك قالت بدعابة
- عارفة إنك مش العريس.. وبعدين إنت تطول تتقدملي يابني ..
أنهت دعابتها ضاحكة ولكن ضحكتها إختفت تماماً عندما أتتها إجابته القوية حادة
- اه اطول!!.. بس مش هتقدم عشان إنتي متنفعليش دلوقتي !!
شعرت بالغضب منه رغم صدمتها وقالت بقوة
- ليه إن شالله!.. إنت إزاي تكلمني كده اصلاً
أتاها صوته الهادئ قائلاً جُملة لن تنساها لو مهما حييت
- ديماً والدتي كانت تقولي(( متاخدش الوردة اللي قطفها غيرك وشمها .. دور علي أجمل وردة في البستان وأقطفها بنفسك وإرعاها بنفسك)) !!
شهقت بقوة عند هذه النقطة من التفكير عائدة لواقعها !!....
أخفت وجهها خلف كفيها المرتعشين تبكي بشدة ونحيب مؤلم
وها هو مجتمعنا الأحمق كما قالت لمازن قبلاً .. الجميع يفكر بتلك الطريقة البشعة !!
هي الأن ليست مرام العابدين .. ولكن مرام المُطلقة !!
*******************************
بعد مرور إسبوع ...

قالت نرمين ببكاء علي الهاتف
- أنا أقدر أدخل القصر يا طارق من غير ما حد يحس وهجبلك أي ورق إنت عاوزه ..
خلينا نخلص عشان خاطري أنا خايفة يأذيك
صرخ بها بعصبية
- متتكلميش في الموضوع دا .. إنتي ملكيش دعوة بحاجة أنا بقولك أهه متدخليش
شهقت من بكائها جالسة فوق الفراش هامسة بتوسل
- عشان خاطري ياطارق خليني أساعدك .. أنا خايفة يقتلك بكر مش سهل
نفخ بضيق وقال محاولاً تهدئتها
- إسمعيني يا نرمين عشان خاطري .. أنا هعرف أخلص علي بكر وعارف إنه مش سهل بس إنتي مينفعش تدخلي بكر لو حس لمجرد الإحساس بيكي هيقتلك .
صمت قليلاً مستمعاً لبكائها الخافت ثم تابع بحنان
- إهدي خالص ومتفكريش بكر ميعرفش بوجودي أصلاً متوتريش نفسك هانت وهاخدك من كل دا !
*****************************
وقف كمال في شرفة مكتبه داخل المشفي يستنشق الهواء بقوة بعد أن إنتهي من إحدي عملياته الصعبة
نظر في ساعة معصمه فوجدها الرابعة والربع فجراً
أخذ شهيقاً قوياً متحسساً ظهره يشعر بألم عظامه
مسح فوق خصلاته مبتسماً فمهما كان إرهاقه وألمه إلا أنه يستحق
فسعادة أهل المريض بنجاح العملية وشفاء مريضهم تكفي لراحة أي ألام
أغمض عينه براحة حقيقية متذكراً صورتها الضعيفة
لا تغيب عن تفكيره منذ أيام بل منذ حادثها معه
لأول مرة يشعر بتلك الشفقة والحزن علي أحد فكم شعر بضعفها وحاجتها للسند والظهر في تلك الحياه
إرتفع جانب ثغره ببسمة غريبة عندما تذكر وجهها عندما إستيقظت
كانت عينها تطلق شرراً حقاً وإن كانت تستطيع الحركة لكانت صفعته علي إرعابها تنهد متذكراً
- إنت عملت فيا إيه ؟!
هذه كانت كلمات سيلان التي هتفت بها بحدة وعصبية بمجرد ما فتحت عينها
إبتسم كمال بحنان وأجابها بنبرة هادئة
- متخافيش معملش حاجة!..إنتي كويسة دلوقتي ..
نظرت له بطريقة غريبة وكأنها تحاول بكل طاقتها وقوتها إستجماع تركيزها
فقال كمال ناهضاً من مقعده الذي وضعه جانب الفراش ليتابعها إلي أن تفيق
- إنتي كويسة متخافيش .. كانت نوبة وراحت !!
نظرت له بكرهٍ.. تكرهه وتكره نفسها من ظهور ضعفها أمامه
فسأل هو بنبرة هادئة مستغرباً بعض الشئ
- غريبة يعني ليه معرفتنيش إنك تعبانة؟!
أجابته بحدة تخللها بعض السخرية
- إنت هتصاحبني ولا إيه ؟!.. وأقولك بتاع إيه اصلاً؟! إنت مين إنت !!..
إرتفع حاجبيه بدهشة من كلامها ثم قال بنبرة ساخرة مقترباً بإحدي علب العصير
- أنا كمال النيري.. دكتور رميتي بلاكي عليه وكل شوية تنطيله بكارثة ومصيبة!!..
وتابع بسخرية رغم بسمته
- وأكيد مش هصاحبك إنتي مش قدي عشان أصاحبك!!
زمت شفتيها بغضبٍ من طريقته الباردة ودفعت يده بالعصير قائلة بضيق
- تمام وأنا مش هجيلك تاني !!
أنهت حديثها ناهضة بقوة لتذهب ولكن بمجرد نهوضها حتي ترنحت بشدة فسقطت جالسة علي الفراش خلفها
ورغم ذلك لم تستسلم عندما تنفست بقوة ونهضت مرة أخري
إقترب كمال ببرود عندما شاهد ترنحها للمرة الثانية وجلس بهدوء شديد علي المقعد الموجود أمام الفراش كما وضعه
نظرت له بتشوش ولم تشعر بنفسها عندما سقطت مرة اخري جالسة !!
وضع كمال قدم فوق اخري ببرود وتناول فنجان المشروب الساخن والذي برد بالتأكيد من الإنتظار
إرتشف منه القيل رافعاً بصره لها من فوق الكوب بنظرات باردة
هتفت به بضياعٍ وشرود من دورانها
- انت عملت فيا ايه ؟! .. أنا دايخة !
أحاط الكوب بين كفيه مجيباً بهدوءٍ غريب
-إنتي سألتي السؤال دا وجاوبتك بس هجاوبك تاني
- أنا معملش حاجة إنتي تعبانة شوية مش أكتر !!
رفعت نظراتها له وقد بدأ جسدها بالإرتجاف برداً أو خوفاً لا تعرف !
فقال كمال بحنانٍ لمعرفته بكم الإرهاق البدني والقلق بعد نوبات الصرع
- إهدي خالص وإتنفسي ..أنا معاكي أهه.. وإنتي كويسة ..
أغمضت عينها بقوة وخرج صوتها مهتز بقلقٍ
- أنا دايخة ليه..؟!
أجابها بنبرة خافتة بسيطة
- عشان أنا إديتك حقنة من شوية !!
نظرت له بهلعٍ وعينين متسعتين بشدة وسألت بذعر
- حقنة إيه؟ .. إنت هتقتلني؟!
قطب بين حاجبيه بصدمة من تفكيرها وإستنتاجها الغريب وقال بهدوء مطمئناً رغم دهشته
- لا طبعا أنا مش قتال قتلة ..أنا دكتور يعني بساعد الانسان يعيش ويخف مش بقتله !!
إبتلعت ريقها وقالت بتوتر ورجاء شديد
- لو سمحت عاوزة أمشي!!
إبتسم لها وأومأ برأسه بالاجابة متابعاً بنبرة حانية
- هعملك اللي إنتي عاوزاه بس قوليلي إنتي تعبانة من إيه؟!
إحتدت نظراها بكرهٍ وغضبٍ تفكر لما يسألها وهو يعلم هل يريد إهانتها!!
فبالطبع يعلم مرضها بما أنه طبيب !!
أجابها كمال وكانه قد قرأ أفكارها من غضب عينها ونظراتها
- أنا بسأل عشان معرفش فعلاً.. ومش الطبيعي إني أقول عندك كذا من غير ما أكشف صح؟!!
ضيقت عينها وقالت بقوة وكأنها تفتخر بل تُوصل له رسالة لا يمكنك إذلالي !!
- عندي صرع.. تمام كده !!
لم تتغير تعابير وجهه وهمس
- تمام! .. يعني إنتي عارفة !
إبتسم وقال موضحاً
- أنا شكيت في كده.. بس مش الطبيعي إن من نوبة واحدة حصلت قدامي أشخص إنه صرع!!
وعلي فكرة الصرع أنواع .. تعرفي إنتي في أني درجة؟!
نظرت له ببلاهة لفترة تفكر في كلامه الذي لا تفهم شئ منه
فقال هو ناهضاً ليأتي بعلبة العصير مرة أخري
- أنت غالباً عندك نوبات صرعية جزئية أو الاضطراب التشنجي .. بس دا مينفعش يتحدد كده برده
لازم أشعة مقطعية ورنين مغناطيسي ورسم كهربائي لمخك
صمت لحظة ثم سأل بهدوء رغم تخمينه للإجابة
- عملتي الفحوصات وكشفتي بالاجهزة والاشعة اللي قلت عليها دي ؟!
نفت برأسها بشرود .. فقال مشجعاً
- علي فكرة ليه علاج وممكن تتعالجي كمان بس متعرفيش سببه؟
أخفضت رأسها للأسفل ولم تجيبه.. فشعر أنها تعرف ولا تريد إجابته
وبالفعل لم يصر علي إجابته لتظل هادئة وقال بنرة عادية
- تمام بلاش السبب.. بتخديله علاج؟!
نفخت بضيق من شعورها بالعجز وقلة الحيلة أمام إستجوابه
- اه كنت باخد .. باغدها بسواله قبل أن تصمت مرة أخري
- وليه كنتي؟!.. بطلتيه ليه ؟!
أجابت بقوة وعصبية شديدة
- غالي عليا.. وقررت أوفر أم تمنه .. ممكن بقي تخلصني من أسألتك دي !
شعر بذلك الألم الحاد الذي يعصر معدته بشدة .. ذلك الألم الخاص بها!!.. ذاك الألم القوي المُهلك وكأنه تناول سماً!!
تنفس بهدوء ولم يعلق علي شئ
وبعد حديث دام لفترة بينهم محاولاً إقناعها لتأتي معه حتي يقوم بفحصها ويعرضها علي صديقة طبيب الاعصاب
رفضت رفضاً قاطعاً بل وثارت واحتدت بحديثها وحركتها
وتركها في ذلك الوقت يريد راحتها بعد تلك النوبة العنيفة التي تعرضت لها
تركها تذهب أيضاً عندما أصرت علي ذهابها
لا يعلم كيف .. لكنه تركها يشعر أنها ستعود اليه مرة اخري..
فاق من شروده الطويل أو أجبر نفسه علي الإفاقة ليقود سيارته دون تفكير فيكفي إرهاق اليوم
*****************************************
كانت الساعة الرابعة فجراً عندما إقترب ماجد من ذلك الرجل المقيد وأمسكه من فكه بعنف هامساً بشر
- هسيبك .. بس عشان لما تتمسك توصل للديب رسالتي!!..
إبتسم بشر إبتسامة ظهرت من خلف قناعه الأسود قائلاً بقوة
- إبقي قوله ((أجلك قرب .. أحفر قبرك))!!
إبتلع الرجل ريقه بذعر وأومأ برأسه
لا يعلم هل يرتاح بترك ذلك الملثم له لتوصيل رسالته أم يقلق من توصيلها لبكر الديب بنفسه !!
هتف ماجد بالجميع للإنسحاب بعد أن أنهي رجاله سَكب البنزين فوق البضائع كاملةً!!
خرج بعد فترة خلفه النار متوهجة تأكل كل شئٍ بنهمٍ مخيف !!
*************************************
وفي صباح اليوم التالي ..
كان صراخ بكر مخيف وكأن حنجرته ستتفتت من قوة صراخه
- إزااااي حصل .. مين ال*** دا !!
وقبل أن يجيبه الطرف الأخر كان يتابع سبابه متوعدا
- إسمعني يا شرنوبي معاك 24 ساعة لو مجبتليش مين دا هحرقك زي ما بضاعتي إتحرقت .. إنت عارف خسرت كام مليار !
قال الرجل بتوتر شديد
- يمكن حد من رجالتك معاهم لان إزاي حرق مخزن زي دا .. دا تخطيط تقيل !
هتف بكر بصوت شيطاني
- عليك وعلي تخطيطك ال *** شوفني مين إبن ال*** عاوزه حي سامعني .. حي !!
*********************************
خرجت مرام بهدوء من غرفتها فقالت سلمي متسائلة بحنان
- مالك يامرام بقالك فترة مش كويسة ؟!
نفت برأسها بشروداً هي حقاً ليست بخير تشعر بألم كلمات مراد الأخيرة لها كم شعرت أنها زهيدة الثمن
إبتلعت ريقها بصعوبة تريد البكاء فرغم كل هذا إلا أنها مفتقدة مكالماته بشدة
تشعر أنها تعلقت به.. وكيف لا !
وكانت مكالماته يومية للإطمئنان عليها
وضعت سلمي الأطباق من يدها وإتجهت لها تمسح فوق خصلاتها قائلة بإهتمامٍ حنون
- لو تعبانة قولي .. ناخدك مستشفي !
نفت مرام مرة أخري بصمت ثم نهضت من مكانها محتضنة سلمي بقوة
تشعر بحاجتها للحنان .. تريد تعويض غياب مراد!
*********************************
دلف كمال لشقته مساءً يريد النوم كثيراً
وقف فجأة بمجرد أن لمح طيفها امامه فنظر بدقة ووجدها بالفعل !!
ظل متوقفاً للحظة قبل أن يعتلي ثغره بسمة ساخرة ثم قال بهدوء
- مش عارف المفروض أسالك دخلتي هنا إزاي .. ولا مسألش بما إني عرفت إنك حرامية وأكيد دا مش صعب عليكي!!
أغلق الباب دالفاً للداخل بهدوء غريب رغم البسمة فوق ثغره
فقالت هي ناظرة له بعبثٍ وقالت ببرائة تجيد إصتناعها
-دخلت بالمطوة بتاعتي!! .. بابك خرع أوي يا دوك !
ضحك كمال فجأة قائلاً بسخرية
- إنتي هتستعبطي .. باب إيه اللي خرع؟! .. دا مُصفح !
مطت شفتيها وكانها تفكر وقالت بهدوء
- مصفح ودخلت عشان تعرف إني مميزة !
ورغم كل شئ لم يشعر بالغضب يتوقع أنها سرقت مفتاحه ونسخته !!
بل يشعر بالراحة حقاً لعودتها أخيراً وقال بعد أن القي مفاتيحه فوق الطاولة
- علي فكرة أنا جبتلك دوا .. ممكن تاخديه مؤقت ومش عاوز فلوسه!!..
وياريت تسمحيلي أعالجك .. أنا كلمت دكتور صحبي وهو اللي وصفلي الدوا
بس لازم تعملي الأشعة والرسم الكهربائي زي ما قلتلك ..وأنا هتكفل بكل دا انتي بس...
صمت بصدمة عندما إستمع للصوت الرجولي المُقبل من الداخل !!
وإتسعت عيناه بذهول عندما رأه مقبلاً عليها دون معرفته بوجوده علي الأغلب قائلاً بسعادة
- أنا ظبط الدنيا ..وكده رضا اوي ومفيش حاجة هتبان كمان!!
حول بصره من الرجل إليها مصدوماً لا يريد إستيعاب أنها أتت بشخص لتسرقه !!
حينها شاهده الرجل الثمين وقال بصوت متوحش
- الله البيه جه أهه مش تقوليلي!
نظرت للرجل بحدة أوقفته محله وإقتربت من كمال والذي كان يشعر بنيران العالم داخله
تأملها بصدمة وشعر بالقلق فجأة عندما شعر بترنحها المفاجئ
فإمتدت ذراعيه لتمسك بها قبل أن تسقط أرضاً
وكانت لحظة قبل أن يشعر بنُصلٍ حاد يخترق جسده بقوة!!!!!
نظر لها بصدمة مقطب الجبين فإبتسمت له ببرائة وعفوية غريبة
بينما ظهر صوت الرجل في الخلف قائلاً
- خلصي عليه ليطلع منها ويعترف علينا !!
إبتلع ريقه وكتم أنفاسه عندما شعر بخروج النصل ليدخل به مرة أخري بقوة أكبر!!!!!!!!
************************************ >S

نبضات عاشق..  أشعر بك2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن