وضع مصطفي حقائبه في إحدي كبائن القطار
جلس بإرهاق فوق المقعد ناظراً بشرود للخارج
إبتلع ريقه متذكراً ما حدث عندما صعدوا للحديث
وكيف أنبه مازن بغضب مجيباً علي تساؤلاته التي طالماً وإحتار بإجابتها!
فلاش باك ...
هتف به مازن بغضب
- إنت ضمرتها فاهم يعني إيه ..
أصلاً إنت عرفت إن أهلها كان طريقتهم غلط وحاطين في دماغها إنها هتبقي زي مامتها
مع إني مش عارف مامتها عملت إيه أصلاً
المهم إنهم كانوا عاملين عليها حصار وتعبين نفسيتها
كان لازم تنسحب ساعتها مكنتش تصمم تتكلموا تلفون وتعرفها إنك راجل ..
بس إنت أناني يامصطفي .. كان شئ بديهي إنها هتتعب لو عرفت إنها كلمت راجل حتي لو بالغلط
قال مصطفي بضيق
- أنا مكنتش ...
قاطعه هاتفاً به
- إخرس .. إخرس وإسمعني عشان ننهي الحكاية دي .. مش نفسك تعرف عرفتني إزاي ؟!
أنا هجاوبك عرفتني إزاي وهقولك إنت عملت إيه فيها بغبائك وأنانيتك
هعرفك وصلتها لإيه !
ماتليدا تعبت جدا وبدل ما تشوف إنك كذاب وأناني
لا شافت إنها عملت الغلط وإرتكبت الحرام وكلمت راجل
وبسبب عقائدها اللي إتربت عليها بهدلت نفسها وأنبت ضميرها
وبدأت تتعب واحدة واحدة لحد ما ضاعت وساعتها عرفتها أنا
وبعدها حاولت أقنعها إنها مغلطتش
وإنها عايشة متربية غلط وربنا مش هيجلدها زي ما هي فاهمة
قاطعه مصطفي بعصبية
- وأنا حاولت كمان أقنعها وقلتلها إن حياتها غلط
دفعه مازن بقوة للخلف قائلاً بثورة
- مش بالكلام ياغبي .. وهتقنعها إزاي وإنت حياتك كلها حرام
أفكرك كام بنت لعبت بيها يامصطفي ؟! ..
أفكرك كام مرة إتخانقت معاك وقلتلك دعوة الولاية مش بالساهل ؟!
أفكرك كام مرة قلتلك إتقي الله في أختك مع إني مكنتش أعرفها أصلاً ؟!
ولولا إن ربنا عادل كان زمان أختك وقعت في إبن حرام
بس دعاء أهلك أعدلها وأنقذها من شر أعمالك
أنا أقنعتها من القران من كلام دينها اللي هي إتربت عليه غلط
أقنعتها بالدلائل والأحاديث مش بإني أقولها بحبك وإنتي كده كده كلمتيني وخلينا نكمل كلام !!
إبتلع مصطفي ريقه من معرفة مازن لجميع التفاصيل وفاق من شروده علي صوت مازن القوي
- بعدت عنها عشان مأذيهاش مع إني حبتها
ومش حبك ولا حب حد .. لا أنا قلبي كان بيحس بيها وإنت عارف كويس إن قلبي كان مرتبط ببنت وبحاول أوصلها
ولما شفتها كان بعد عشر سنين يعني مش يومين وشهر ولا سنة حتي
لا إتعذبت كتير ودفعت سنين في المستشفيات والأقسام وغيره عشان بس لو ظهر إسمها
كنت عارفها بخديجة مش زيك بماتيلدا
وبعد ما عملت كل دا عشان ألاقيها في النهاية لقتها صدفة
لإن ربنا مبيجيش بالعند.. لقتها صدفة وأنا بساعد حازم إنه يمسك بكر
حتي أنا محاولتش أنتقم من بكر عشان والدي زي ما الكل فهم أصلاً والدي متأذاش هو كان مريض قلب
أنا من البداية كنت هناك عشان حازم وتاره مع بكر
وحظه إن بكر عاوز سلسلة مطاعم العابدين بتاعتنا
وتابع بقوة ومرارة
- عشت ألمك يا مصطفي وكنت فاكرها ليه
وكنت فاكره لمسها وكنت وكنت وكنت.. والتفكير قتلني كتير بس رغم دا بعدت ..
رغم نجاسة بكر بعدت عنها رغم إنه كلب ولا يسوي بعدت
عشان مخنتش ثقتي بنفسي عشان مبقاش إتعديت علي حرمة غيري
ومقربتش إلا لما عرفت إنها مطلقة ..
إنفردت بيها كتير أوي عمري ما حولت أتعدي عليها ولا عمري لمستها إلا لما بقت مراتي
أغمض مصطفي عينه بألم مما صرح به مازن
فتابع مازن بقوة غاضباً
- اه لمستها يامصطفي .. وكنت الأول وهبقي الأخير إن شالله وإنت ملكش مكان بنا خلاص
هتاخد حاجتك وهتمشي من هنا دا لو باقي علي صداقتنا لو واحد في المية حتي .. يا إما أنا مش هسيبك
لإن ببساطة صعب نفضل قريبين يامصطفي خلاص
إنت مش هتتحمل الألم وأنا مش هسمح إنك تشوفها تاني ولا إنها تعيش بقلق وخوف كفايا اللي شافته
وبالنسبة لأختك تقدر تكلمها مش همنعك عنها طبعاً
ولكن كن متأكد إنها في أمان وإنت شفت بنفسك سلمي أختي قبل ما تبقي مرات أخويا وعمري ما هسيبها
صمت قليلاً وتابع بهدوء
- ولا هسيبك !.. لو حصلك حاجة أو وقعت في مشكلة متترددش بالإستنجاد بيا وكُن متأكد عمري ما هسيبك
إحنا بنا سنين وعشرة .. ولكن مستحيل نكمل مع بعض وإنت عارف دا كويس
وإقترب منه قائلاً بتحذير غاضب رغم خفوت نبرته
- وماتيلدا هتنساها .. مجرد التفكير فيها ممنوع سامعني !
فاق مصطفي من شروده علي جلوس تلك السيدة جانبه
نظر لها فوجدها إمرأة كبيرة في السن متشحة بالسواد تملئ التجاعيد كفيها الضعيفين ووجهها
نظر مرة أخري للخارج ماسحاً دموعه
رفع بصره للسماء بألم لا يعلم بما يشعر
يريد التأسف والإستغفار علي المحرمات التي إرتكبها في حياته
وفي نفس الوقت يشعر بالحزن علي حالته .. تصعب عليه نفسه
قالت المرأة ببسمة عندما رأته يمسح دموعه للمرة الثانية ناظراً لأعلي
- سبها لله يابني !
إبتلع ريقه بصعوبة ومسح وجهه ناظراً لها فقابلته ببسمة حنونة قائلة بعطف مُهذب
- البــــلاء سُنَّة الله الجارية في خلقه؛ فهناك من يُبتلى بنقمة أو مرض أو ضيق في الرزق أو حتى بنعمة ..
فقد قضى الله عزَّ وجلَّ على كل إنسان نصيبه من البــــلاء
وخرج صوتها هادئاً مريحاً وهي تتلوي أية من الكتاب الحكيم
قال تعالى {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا *
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 2,3]
مننا اللي هيفهم حكمة الله تعالى في ابتلاءه، فيهون عليه الأمر ..
ومننا اللي هيجزع ويتسخَّط، فيزداد الأمر سوءًا عليه ..
رمش مصطفي عدة مرات يشعر بالألم داخله
فتابعت المرأة بحنان أمومي جارف
- هوِّن على نفسك، مهما كانت شدة البلاء هيجي الفرج من الله لا محالة ..
وتابعت ببسمة هادئة
- إعرف إيه الحكمة يابني من البلاء والتعب اللي إنت فيه
فالله سبحانه وتعالى يبتلي ليُهذب لا ليُعذب .. تأملها كده
سالت دموعه يعلم بما أذنب
فتابعت هي ملتقطة كفه رابتة فوقه بحنان وكأنها إستشعرت ذنبه
- البلاء في حق المؤمن كفارة وطهور
ويوم القايمة هتتمني لو كان إداك أكتر في الدنيا عشان تقابله نضيف
البلاء دليل علي حب الله للعباد والمُحِب لا يتضجر من فعل حبيبه أبدًا..
سبها لله ياحبيبي
أنا ربنا وعدني بزوج مش كويس
الله يسهله ويسامحه بهدلني كتير
وولادي ماتوا في حادث في شقتي بسبب الغاز وأنا كنت بره وقتها
بس حمدته .. أه تعبت وعيطت بس حمدته لإن لكل شئ حكمة
إرمي حمولك علي الله وتوكل عليه وإرجعله
هو بيناديك مدام إبتلاك بيفوقك قبل ما تروح عليك في دنيا فانية
زادت دموعه كطفل صغير وإلتفت ناظراً للخارج بصمت
إبتسم عندما وصله صوتها هادئاً مؤمناً
- يمكن ربنا بعتني ليك عشان عارف حجم ألمك .. إرجعله يابني وفوق
ربنا يصبرك ويجبر بخاطرك !
*************************************
بعد مرور خمس سنوات
.........................................
في صباح يوم جديد ..
نهض مازن من فراشه ببطئ حتي لا تشعر به وتستيقظ فبالكاد نامت للتو
عدل من وضع الشرشف الرقيق فوقها وتسحب ببطئ للخارج
دلف لدورة المياه وأخذ حمامه المنعش ثم أدي فريضته قبل أن يأذن الظهر
تنهد براحة مستغفراً وقام بطي سجادة الصلاة وتوجه نحو المطبخ
قام بتشغيل غلاية المياه الكهربائية ووقف يجهز كوب من الشاي الخفيف كما يفعل يومياً
خرج بعد قليل ودلف لغرفة المعيشة ومنها للشرفة
وقف متأملاً للطريق مستمتعاً بحرارة الشمس الدافئة
وإبتسم عندما وجد أخيه يصف سيارته في الأسفل وترجل حاملاً أكياس عدة
نظر في ساعته فوجدها الحادية عشر ظهراً
إستنشق الهواء بقوة معبئاً رأته به ودلف للداخل مرة أخري بعد أن أنهي مشروبه الساخن
أخذ هاتفه وقام بالإتصال بوالدته
- صباح الخير ياماما
أتاه صوتها الدافئ الحنون
- صباح النور يامازن.. إيه هتنزلوا إمتي ؟!
وضع مازن الكوب الفارغ من يده قائلاً
- شوية كده .. ماتيلدا نايمة وأنا ما صدقت نامت بصراحة فلما تصحي هننزل
أنهي حديثه مع والدته بعدها ودلف مرة أخري لغرفته
إستلقي ببطئ جانبها متكئاً بمرفقه فوق الوسادة
إنحني بعد عدة دقائق مقبلاً شفتيها بلطف يشعر بالإشتياق لها ولنبضاتها
إبتعد عندما إمتعضت ملامحها ..
إبتسم بحنان وظل يتأمل بطنها المُنتفخ عله يلاحظ إحدي حركات إبنه المشاغب ..
*********************************
هتفت سلمي بغضب بإبنها
- ماااازن .. تعالي هنا متتعبنيش
إقترب مازن ذلك الطفل ذو الخمس سنوات قائلاً بتبرم
- خير ياماما زهقتيني !
نظرت له بصدمة مرددة بذهول
- زهقتيني ؟!
نفخ بضيق قائلاً بإمتعاض
- أصلك كل شوية تنادي وتزعقي عشان بابا يصحي ويزعقلي إني بتعبك
إلتفت كلاً منهم علي ضحكة مروان القوية بعد أن خرج من غرفته مستمعاً للحديث
قالت بضيق ناظرة له
- إنت بتضحك ..شايف الرباية؟! .. شايف بيكلمني إزاي ؟!
إقترب ضاحكاً حتي حمل طفله مازن رافعاً إياه لأعلي قائلاً
- لا مش شايفها .. أنا شايف واد ذكي لأبوه
حتي الواد فقسك كفايا بقي زعيق عاوز أنام أنا في شغل وقلنا بنجيب منه المَم
نهضت سلمي قائلة بعصبية
- والله .. ماشي يامروان .. وبكرة هجيب بنوتة برده ومش هتفضلوا عاملين عليا حزب كده
وتابعت بضيق
- والنهاردة الجمعة يابتاع الشغل
ثم إقتربت من الاريكة الثانية قائلة لطفلها الأخر
- تعالي يامحمد ياحبيبي نمشي من هنا أنا اللي بحبك
نظر لها محمد قائلاً بصوت طفولي
- لا مش عاوزة أجي بابا هيجبلي بسكوت وكيكة مع مازن ومش هيعد يقولي ثنانك(سنانك) ولأ زيك
ضحكت فجأة ناظرة لمروان وقالت بتهديد
- إنت بتقوم الولاد عليا بالبسكوت والكيكة .. وربنا أهرب يامروان
ضحك مقترباً من طفله الأخر وحمله قائلاً بسخرية
- كل مرة بتهربي وبنزل ألاقيكي عند ماما .. فأعدي في حتة بقي
رفعت رأسها وسارت بكبرياء من جانبه وربتت فوق صدره بقوة قائلة بهمس
- إتشطر ولم إبنك عن بنت مازن عشان هيفضحنا ماشي ؟!
ضحك مرة أخري تحت سؤال إبنه مازن الغاضب
- هي بتقولك إيه يا بابا ؟!
همس لها بعبث
- لما ألم أمه هلمه حاضر ونظر لطفله قائلاً بضحك
- بتقولي إنك أحلي وأجمد راجل في الدنيا ..
وهتف بقوة ليصلها صوته العابث
- يارافع راسي إنت يا جاااامد ..
دلفت للغرفة ضاحكة ..واضعة يدها فوق صدرها تستشعر نبضاته
وكلما مضي بهم العمر ترتفع
تعلم أن نبضات صدرها ما هي إلا
نبضات عاشق ..
ورغم ألمها إلا أنها رائعة !!
************************************
نظرت نرمين لحازم أثناء تناوله الطعام
إبتسمت داخلها قبل أن تبتسم شفتيها ببسمة عذبة متأملة ملامحه
لم تنسي طارق ولن تنساه .. لكن حازم قد حاز علي مكانة كبيرة داخلها
يكفي تحمله لها وعدم ضغطه عليها بشئ .. يكفي رأفته ورحمته بها
تشعر وكأن الله عوضها به لتنسي سنين شقائها وحزنها
إختفت بسمتها بإرتباك عندما رفع بصره لها فجأة
ظلت النظرات بينهم تنافس الصمت حديثاً
إبتسم حازم واضعاً صحنه جانباً وهمس بعشق كعادته منذ عام تقريباً
- بحبك .. عقبالك !
شعرت بخفقاتها المتسارعة من مجاملة رجل رائع مثله
لكن لسانها لا يستطيع نطق الإعجاب به فقط يظل صامتاً عاجزاً
تعلم أن صدرها لا ينبض له .. برغم أن صدره ينبض
بنبضات عاشق..من أجلها !!
إبتسم لها بحنان وإلتقط كفها مقبلاً إياه قائلاً بمكر
- النهاردة الجمعة وإنتي وعدتيني بعشا رومانسي لوحدنا في البيت
وأنا إديت أجازات للخدم ولو مش عاوزانا نروح لبيت العابدين النهاردة علي العزومة مستعد ألغي
شعرت بالحرج مما يلمح به وقالت بحزم رغم ضحكتها الصافية
- انا قلت هعمل بليل عشا .. بس مقولتش رومانسي !..
وهنروح العزومة أنا بحس إحساس حلو معاهم وبحب أروح دنا بستني كل جمعة عشانهم
ضحك بقوة معقباً بعبث علي نصف حديثها الأول
- خلي بس العشا يجي والباقي عليا ..
عضت علي شفتيها السُفلية بحرج ونظرت لطعامها وهمست بعد لحظات ببسمة دون النظر له
- تحب تاكل إيه علي العشا !
تنحنح بثبات هامساً بعبث
- بلاش أقول أحب أكل إيه !
رفعت بصرها له بصدمة من نبرته وتلميحه الوقح فتنحنح وتابع مسرعاً
- المهم تلبسي الفستان الأزرق اللي جبته ومتحطيش أي ميكب عنيكي هتنور بلون الفستان ومش هحتاج أكتر
وتابع بجدية بعد تنحنحه للمرة الثانية
- ممكن تعملي بانية مثلاً أنا بحب طعمه من إيدك
قومي إلبسي عشان نروح ..
وبإذن الله هناكل عشانا بليل وهننبسط .. أحم أحم في الأكل طبعاً
نهضت من فوق المائدة قائلة بضحك
- كفايا نحنحة هتشرق
عاجلها بالرد الماكر وكأنه يؤدبها
- ما أشرق عادي وإنتي إعمليلي تنفس صناعي !
وقفت لحظة متنهدة بصمت لا تقدر علي حبه.. ولا تستطيع جرحه !
نظر لها بنظرات صبورة لا تُزهق وهمس بتساؤل مختنق
- مفيش أمل تحبيني يا نرمين ؟!
إبتلعت ريقها بصعوبة وزمت شفتها مجيبة بحزن
- لو كنا في ظروف تانية .. ومكنتش حبيت راجل مات بسببي
بسبب إنه دخل عيلتنا عشاني
ولو مكنش فيا كل الألم والوجع دا
صدقني كنت أنا اللي هحاول معاك عشان ألفت نظرك !
إبتسم بهدوء رغم مرارته الداخلية وقال بنبرة حاول أن تخرج عادية
- يلا روحي إلبسي هنتأخر ..
إبتسم بسخرية من نفسه بعد ذهابها يشعر وكأنه بدأ بعشق حبها لأخر .. !
والأن .. ماذا ظل بها لم يعشقه !!
****************************
ضحكت سيلان بقوة متمسكة بإطار اليخت حتي لا تسقط
رفع كمال رأسه من جلوسه علي مقدمة اليخت تحت الشمس الدافئة
إبتسم عندما وجدها متوقفة جانباً تضحك للماء
نهض هاتفاً بها
- تعالي كملي ضحك هنا بلاش تدوخي
أجابته هاتفة بقوة ليصله صوتها الضاحك
- لالا مش هدوخ المية أصلا بتيجي عليا وحلوة أوي نفسي أنزل فيها ياكمال
نهض من مكانه وأجابها مقترباً منها
- لا هدوخي عشان الحمل
وشوية وهنزلك تعالي بس أعدي دلوقتي
وإضحكيلي أنا بدل ما بتضحكي للبحر !
أحاطت خصره قائلة بتساؤل ضاحك
- إنت بتغير من البحر ياكمال ؟!
إبتسم من سؤالها وأجابها بلامبالاة
- لا طبعاً مش للدرجاتي فكك بقي من جو الروايات والقصص اللي بتقريها دي ..
بس غالباً ممكن أغير من إبني في ناس بتقول كده يعني
خفق قلبها عندما أحاطها من ظهرها لتصبح في مواجهة مياه البحر
تسارعت نبضاتها بنبضات عاشق عندما شعرت بقبلته الدافئة فوق جيدها
تلاها همسه الهادئ الذي تعشقه بنفس الجملة الخاصة بها
- إنتي اللي خبطي علي بابي .. إدخلي مكانك بين نبضاتي !
أمسكت بذراعه المُلتف حول بطنها متمتمه بالحمد لله كما علمها
أن تقيد النعم يكون بالشكر !
************************************
وضع ماجد طفلته الصغيرة مادلين ذات العام الواحد في فراشها قائلاً بضحك
- حلوياتي يا عالم إسم علي مسمي
معني مادلين (حلوي وفاكهة صيفية )
ضحكت له مصدرة صوتاً طفولياً وكأنها تفهم ما يقوله
إقتربت مرام بعد أن نيمت طفلها الأول مالك ذو الأربع سنوات
- أنا خلاص لبست مالك ونام الحمدلله
يلا نروح دلوقتي عشان أساعد ماما في الأكل أكيد سلمي نزلت تساعدها دلوقتي
وماتيلدا مش هتقدر عشان الحمل وسيلان وكمال مش هيجوا عشان سافروا فحرام يشيلوا هم الأكل كله لوحدهم
وأصلاً وحشوني اوووووي جدا جدا يعني
قال ماجد مقبلاً طفلته الضاحكة
- يلا كلها شهور وننقل في البيت بتاعهم وتزهقي منهم
قالت بسعادة
- عمري ما أزهق منهم دنا متحمسة جدااا إننا ننقل هناك
ومصدقت إمتي الشقة إتبنت وجهزت
إقترب منها محيطاً إياها هامساً بأذنها
- طيب مش متحمسالي ؟!
ضحكت وقالت بسخرية
- تعرف كان باين إنك قليل الأدب من الأول
أجابها بعبث
- إتعلمت من أخوكي وعلي رأيه محدش ليه عندي أنا في بيتي !
ضحكت بقوة ضحكات أسرعت من نبضاته حتي وصلت لنبضات عاشق فهمس مرة أخري
- أنا بقول ندخل نشوف إيه اللي ناقص الولاد ونكتب الطلبات عشان نجيبها وإحنا مروحين بليل
قالت مسرعة براحة
- أه يا ريت ياماجد والله عاوزة أجيب حاجات كتير ليهم
شهقت بفزع عندما حملها فجأة متجهاً للغرفة قائلاً بجدية
- ما إحنا هنكتب كل حاجة عشان نشتريها .. كوني مطمئنة ياحياتي أنا مش هنسي حاجة
أحاطت رقبته بذراعها وبدأ صدرها يضرب بتلك النبضات العاشقة الخاصة به
أغمضت عينها متمتة بالشكر
لن تنسي مكالمة تلك الفتاه داليا زوجة مراد أو بالأحري طليقته حالياً عندما أخبرتها عن مدي معاناتها معه
بسبب تجربة زواجها الأولي
وكيف كان يجبرها عن المقارنة بينهم ليعود بالإعتذار والأسف في النهاية
كيف تزوجها فقط ليرد لها الصاع صاعين بعد معرفته بخطبتها لماجد وكأنها هي من تخلت عنه !
تذكرت حديث مازن لها عندما أخبرها نصاً
- دي قدرة يامرام ومراد كان هيبقي أحسن راجل في الكون بس لو كان الأول في حياتك
بس حالياً مينفعش خلاص
لإن من طبيعته مش متقبل إنك كنتي ملك غيره وهيتعب وهيتعبك
وبكرة هتفهمي كلامي وهتقدريه بس دلوقتي إنتي موجوعة عشان قبلت بواحد تاني
وعارف إنك شايفة ماجد مُرعب وبيخوف بس هو مش كده
وإسمعي كلامي المرادي وإفتكري كلامي عن الحب وإنه نعمة من ربنا بيحطها في القلوب بدون إرادة
فاقت علي قبلة ماجد وهمسه العابث
- لو سرحتي تاني هنكتب مطلبات الأولاد مرتين إتفقنا
ضحكت بقوة وشددت من إحتضانه مقبلة عنقه النابض هامسة
- شكرا لوجودك في حياتي ياماجد .. أنا بحبك
*************************************
جلست ماتيلدا ببطئ فوق المقعد فكانت في شهرها الثامن
كما أن حملها هذا أصعب من الأول بكثير
قالت مني بسعادة لأبناء مروان بعد أن فتحت لهم الباب
- أهلا أهلا أهلا
إحتضن مازن الصغير قدمها كما فعل محمد
دلف مروان مقبلاً رأسها وإحتضنتها سلمي قائلة بحنان
- يارب أكون نزلت بدري ولحقتك قبل الطبخ
ضحكت مني قائلة بحنان
- لحقتي ياحببتي بس لفيت حلتين ورق عنب
قالت سلمي بضيق
- ياطنط الدنيا لسه الظهر إنتي بتلفي الفجر ولا إيه
دلف مروان محيياً ماتيلدا وسأل عن أخيه
- أومال مازن فين .. لسه شايفه في الصلاة ؟!
إسرع إبنه تجاهه قائلاً
- أنا أهه يا بابا
قال مروان بضحك
- كان إيه خلاني أسمي مازن والعروبة كلتني أوي
بس يلا بقي ما هو ردهالي وسمي علي إسمي برده
ثم إنحني لطفلة قائلاً
بص ياحبيب بابا لعاشر مرة أقولك لما اسأل طنط ماتيلدا يبقي قصدي عمو مازن
و لما اسأل مامتك المتعصبة دي يبقي قصدي إنت.. طيب
أومأ الصغير له فضحكت ماتيلدا مجيبة
- بغض النظر إني مش عارفة إنت إزاي مزهقتش من توضيح المعلومة كل مرة
بس مازن فوق ونازل أهه .. نزلنا دلوقتي بس طلع يجيب تلفونه
إقترب منها مازن الصغير متسائلاً بفضول سعيد
- طنط ماتيدا.. فين ماتيدا الصغيرة ؟
ضحكت ماتلدا بتأوه قائلة
- أولا إسمي وإسمها ماتيلدا في لام ياحبيبي كفايا بقي شوهتولي الإسم
تاني حاجة ماتيلدا في الأوضة جوا بتلعب مع مروان الصغير
كانت ماتيلدا الصغيرة صاحبة الأربع سنوات وأخيها مروان أتم عامه الثالث منذ شهرين فقط
ركض مازن الصغير للداخل مسرعاً ولحقه أخيه محمد
دلف مازن من الباب قائلاً بسخرية عندما وجد أخيه
- أهلا أهلا بالوش والصداااااع ..
حياه مروان ساخراً
- صح وش وصداع ما أنا اللي بخلف كل سنتين وكأني ظابطها علي العداد ها
ضحك مازن قائلاً بإغاظة
- دا حقد دا يامروان صح ؟!
إلتفت للباب الذي طرق بعد أن أغلقه ذهب ليفتحه تحت حديث سلمي الغاضب
- متستفذهوش يامازن والله بيطلع عليا أنا في الأخر
ضحك بقوة ونظرات شامتة لأخيه وفتح الباب ملتقطاً مالك من حضن أخته مرام مقبلاً إياها
- يلا أهه موسوعة الوش كملت الصلاة علي النبي
أغلق ماجد الباب حاملاً إبنته قائلاً بثقة
- أنا معنديش وش ياحبيبي أنا عندي تهذب وإنضباط
ومالك أكتر طفل هادي هنا وحلوياتي الصغيرة لسه متكلمتش
فخليك في عيالك بقي ومتحرجش نفسك علي الصبح
ربت مازن علي ظهره بقوة قائلاً بضحك ساخر
- هعديهالك ياميجو عشان بس خاطر مرام وعشان إنت ظابط وأنا بخاف أوي
نظر الجميع علي خروج ماتيلدا الصغيرة باكية من الداخل قائلة بغضب
- يا بابا شوف بقي مازن بيضايقني
إنحني مازن جالساً القُرفصاء ليجري طولها متسائلاً بغضب مصتنع
- عملك إيه الواد دا ؟!
مسحت دموعها بظهر يدها قائلة بضيق
- بيزعقلي علي الشورت وبيتريق علي لبسي وأنا مش بحب كده
ضحك مروان بقوة هاتفاً بسعادة
- جدع ياض وحش لأبوك
حملها مازن قائلاً بمراضاه يجيدها
- هنعاقبه دلوقتي ونقوله ميدخلش في اللي ملهوش فيه .. وميباش وقح لأبوه ها !..
كان يوجه حديثه الأخير لأخيه
خرج مازن الصغير من الغرفة قائلاً بضيق لعمه
- بص يا عمو مازن أنا قلتلها قبل كده متلبسش شورت لإن محمد أخويا هنا
ومالك إبن عمو ماجد كمان جه أهه
تعالت ضحكات مروان محفزاً إبنه
- أيوا ياميزو ياحبيبي هو دا الدم الحامي
ضربه مازن برفق فوق رأسه قائلاً
- بس ياحبيبي وملكش دعوة ببنتي يا إما هنعاقبك
نظر لها قائلاً بحنان
- ها ياروحي شوفتي بقي ولسه هضربه كمان بس مش قدام حد ..
ولو عملك حاجة تاني تعالي قوليلي وأنا هعاقبه تاني
ثم نظر لمازن الصغير غامزاً إياه من خلفها فإبتسم مومأ برأسه هامساً بخفوت
- مش هقولها عليه تاني دلوقتي عشان كأنك عاقبتني ياعمو ..
وتابع فجأة غاضباً بنبرة خافتة
- بس قولها بعد كده مش تلبسه
ضحك مازن ضارباً كف بكف قائلة بسعادة
- إحساسي بيقول إن في تاني مازن وماتيلدا مش عارف ليه
ضحكت ماتيلدا بينما قالت سلمي أتية من المطبخ
- إحساسك إيه.. دا الشارع كله عارف وسمعتها هتبقي في الأرض بسبب رباية ولاد أخوك
قال مروان بغرور
- لا ياحببتي حاسبي هي تطول تاخد إبن مروان العابدين
أجابته ضاحكة
- قصدك إبنك يطول ياخد بنت مازن العابدين
رفع حاجبه دهشة قائلاً بسخرية
- علي فكرة دا إبنك إنتي كمان أنا مش متبنيه
ضحك الجميع بقوة بينما تابعت هي
- أعتقد رديتهالك.. أروح بقي أشوف طنط عشان المحشي
جلس الجميع فإقترب محمد وجلس جانب ماجد بهدوء
أتي مالك ركضاً من الداخل قائلاً
- مش تحط إيدك علي شعر متلين(مادلين) يامحمد بابا قله مش يلعب بيه
ضحك ماجد قائلاً
- حاضر هقوله ياحبيبي روح يلا إلعب مع مازن ومروان وماتيلدا جوا بينادوك
إنطلق الصغير للداخل ليُكمل لعبه فنظر ماجد لمحمد الصغير هامساً له
- عادي حسس علي شعرها شوية .. بس براحة عشان راسها زي ما إتفقنا طيب ؟!
أومأ له محمد الصغير بسعادة ورفع أصابعه الصغيرة يتحسس خصلاتها الناعمة
قال مروان بضحكة عابثة
- والله ولادي يرفعوا الراس شايفين
ضحكت ماتيلدا قائلة بسخرية
- قصدك يعروا .. ماشالله رباية زي الزفت حقيقي يامروان مش مجاملة
ضحك الجميع بقوة فأتي مروان الصغير من الداخل وسأل والدته
- ماما إنتوا بتضحكوا علي إيه ؟!
أجابت ماتيلدا بضحك
- بنشكر في خلفة عمك مروان ياحبيبي
فإقترب منها أكثر مقبلاً بطنها قائلة بضيق
- هو النونو دا مش هتيجي بقي أنا زهقت ياماما
وماتتدا (ماتيلدا) مش بتحب غير العروسات
وتابع متسائلاً لأبيه قبل أن تجيب
- بابا هي النونو اللي مستخبية عند طنط سين(سيلان) جت ؟!
قال مازن بحنان حاملاً إياه ليضعه فوق فخذه
- لا ياحبيبي بس قربت تيجي خلاص
فقال الصغير بضيق
- دايما بتقولي كده وأنا زهقت بقي
مفيش نونو بيجي كلهم مستخبين وأنا عاوز ألعب بقي
ضحك مروان قائلاً بسخرية
- ياعيني علي ولادك يامازن واحدة مش عاجبها الغيرة
والتاني بيفكر في اللعب بدل ما يقول النونة دي بتاعتي زي الواحد محمد إبني
بص عامل حصار حولين مادلين إزاي .. ونفس العمر سبحان الله
أجابه مازن ببرود ساخر
- عشان ولادك زيك ياحبيبي مش متربين إنما ولادي عاقلين وحلوين لأبوهم بقي
قال ماجد بضحك وقتها
- الصراحة فعلاً يامروان ولادك ماشالله زي ما قالت ماتيلدا
بلاش نعيد بقي عشان محمد ومروان
بس أنا بقيت أخاف علي بنتي والله
عمزه مروان بوقاحة هامساً بعبث
- الدار أمان متخفش !
أتت مرام من المطبخ لتفتح الباب الطارق قائلة بضيق
- يعني أعدين ترغوا ومحدش بيفتح وإحنا اللي نيجي من جوا نفتح
فتحت الباب لتبتسم بسعادة لنرمين التي دلفت محتضنة إياها
نهض الجميع محيين كلاً من حازم ونرمين
وبعد جلوسهم ذهب مروان الصغير تجاه نرمين قائلاً بسعادة
- أنا عاوز نونو كمان يا طنط عشان عينكي فيها لون
وماما هتجبلي واحد عينه فيها لون زيها
وطنط سين(سيلان) هتجبلي واحد عينه فيها لون كمان
ضحك الجميع بشدة مما قاله الطفل
إبتسمت نرمين بحرج من همس حازم العابث لها
- إسمعي كلام الطفل وهاتيله طفل عينه فيها لونه .. إتقي الله فيا بقي حراااام
قال مروان بعد ضحكه الهستيري
- إلحق يامازن إبنك بيجمع أطفال ملونة وأنا اللي كنت فاكرة برئ
دا محمد إبني هو اللي برئ .. محدد واحدة ومكتفي مش دا اللي ماشي يلم عيال ملونة
ضحك مازن ناظراً لإبنه وقال
- علي فكرة الواد دا طلع جاي لعمه أنا معرفهوش
مالت ماتيلدا عليه قائلة بضحك
- متسبش إبنك كتير مع مروان أديك شايف النتيجة
نظر لها نظرة غريبة عابثة وهمس بخفوت لم يصل لأحد غيرها
- إنتي صدقتي دا تغطية عشان برستيجي
ضحكت بشدة متأوهة وقالت
- طب والله كنت عارفة إنك هتقول كده
وهموت وأقولهم إنك أصيع من مروان بس ماسكة نفسي
إبنك بيدور علي العيون الملونة ما شاء الله
وكأنه عارف إنك بتأعدنا يومياً علي النور الأصفر عشان تتفرج في عنيا
همس بعبث
- دا حالياً بس وعارف إنك مبسوطة وما صدقتي خلصتي من النبض علي فكرة
بس إن شالله هانت وهتولدي أهه ونرجع تاني بقي للزمن الجميل
ضحكت قائلة بتهديد
- أقسم بالله هشكيك لمامتك أنا مش ناقصة خلفة تاني خلاص هيحصلي حاجة والله
أخذ كفها مقبلاً إياه قبلة هادئة أثارت نبضها العاشق إليه هامساً
- متخافيش هنشوفلها حل .. قلبك بينبض جوايا يا ماتيلدا .. وحشتني
وتابع حديثه ببسمة شقية يتخللها بعض الملل
- إولدي عشان إتخنقت الواد دا طول والله
رفع كفه فوق صدره عندما شعر بنبضاته العاشقة والتي حتماً بسبب نبضاتها وقال مداعباً
- واضح إنك مشتاقة قلبك بينادي جوايا أهه !..
ضحكت بخفوت فهمس متسائلاً بمكر
- بزمتك محشكيش النبض !
نظرت له ببسمة وأومأت له ضاحكة
تنهدت براحة ورضا بعد أن قبل كفها
وحولت بصرها للجميع بسعادة متمتمة بالحمد داخلها علي تلك العائلة
..................................
فتبسم دائما فإن الله ما أشقاك إلا ليسعدك ..
وما أخذ منك إلا ليعطيك..
وما أبكاك إلا ليضحكك ..
وما حرمك إلا ليتفضل عليك ..
ورغم إختلاف الأراء علي هذا القول إلا أنه مريح ومُرضي للنفس ..
**************************************
تمت بحمدلله -bidi-ϛY*
أنت تقرأ
نبضات عاشق.. أشعر بك2
Romanceوضع كفه فوق صدره عندما شعر بألم نبضاته المتسارعة بقوة نظر لها مبتلعاً ريقه يعلم أن ألم نبضاته بسبب نبضاتها !! كانت عينها ممتلئة بالدموع الغزيرة ورفعت كفها الثابت منذ فترة !! رفعت كفها بالفعل في محاولة للمس وجهه لا تصدق ما قاله ! نظر لكفها المر...