[ ان يوم الحسين اقرح جفوننا ]

1K 114 16
                                    

تعلمتُ من الحسين كيف أبذل كل شيء قائلاً: إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى



( ٣٠)

إنتـهت تلك الليلة العجيبة بإعطاء علي لي بعض أسماء كتب تخص سيرة الائمه الإثني عشـر ككتاب(أعلام الهداية ) المكون من أربعة عشر جزءا ، واكـد لي على قراءة نهج البلاغة للأمام علي ومكارم الاخلاق واخبرني بٲن اعود إليه بعد قراءتهم وحقاً في اليوم التالي ذهبت واشتريت كل الكتب وكانت هذه المرة المهمة أصعب فوالدي يراقبني وهذا ما يجعلني أرتعب من فكرة أن يكتشفني!

كنت قد قررت أن اؤجل قراءة هذه الكتب بعد إمتحاني الذي سٲضطر لإعادته فلقد تغيبت عنه في يوم وفاة والدتي

وها أنا اليوم أدرس لإعادته ،وبالفعل مر الوقت وحان وقت الإمتحان واستطعت أن أجيب على كل الأسئلة والحمد لله

والأن حان وقت الغرق في بحر الكتب" نطقت بها بحماس وتوجهت للقراءة، كنت اتنقل من صفحة لصفحة ،ومن كتاب لكتاب ومن ،حياة إمام إلى أخر

قرأت عن الامام علي أولا ،ً قرأت فضائل الامام علي ونهج البلاغة، ومكارم الاخلاق، وسيرته أفعاله واقوله ،وماذا أقول فيه وماذا أصف يكفيني حديث رسول الله فيه حين قال ( أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فل يأتي من بابه)

هذا كان حديث رسول الله عن أمير المؤمنين إذن، لهذا لم يخبرني علي عن ذلك الباب، لأنه ارادني أن اكتشفه بنفسي! ابتسمت بسعادة لٲنني شعرت بلذة المعرفة وشكرت الله كثيراً على هذه النعمة .

كنت قد نظمت وقتي وحددت أوقاتا محددة للقراءة وهي بعد صلاة الصبح الى الساعة الثامنة صباحاً، أي قبل استيقاظ والدي ثم من الثالثة إلى السادسة مساءاً ففي هذه الساعات والدي يخرج من المنزل ومن الساعة العاشرة الى الثانية عشر  ليلاً فهو يخرج أيضا ،ً وكم كنت أفرح بخروجه وحصولي على حرية تامه ،كنت اقضي أيامي بين قراءة وعبادة وأعمال المنزل ولم أشعر يوماً بالحزن من الوحدة التي كنت أشعرها بها

طويت سيرة أمير المؤمنين بدمعه
قد نزلت على خدي وقد قرأت اي ظلم قد حل به وكيف قد طبروا هامه وهو قائم يصلي بمسجد الله ،وكيف نطق تلك الجملة التي زلزلت أركان السماوات السبع (فزت ورب الكعبة)

أي عظيم أنت يا أمير المؤمنين، حتى ذاك الذي قتلك أبيت إلا أن يطعموه من طعامك ويسقوه مما سقوك ! ورفضت أن يقام عليه الحد إلا بعد إستشهادك!! لقد فزت يا مولاي وأنا اريد الفوز بولايتك فأعني على ذلك يا سيدي.

فتحت بعدها سيرة الإمام الحسن بن علي ع(ليهما السلام) ولم تكن أقل عظمة من سيرة أبيه فلقد كانت سيرته مملوءة بالفضائل والكرم، كريم آل محمد الذي قضى حياته في الصراع ضد الظلم وأجبر على الصلح لحفظ دماء الأمة، وكم تعرض للخيانات وانتهى به الحال مسموماً وجنازته ترمى بسهام الخيانة ممنوعا من الدفن جنب قبر جده رسول الله !

أي ظلم هذا الذي قد حل بكم يا آل محمد! ، كنت أبكِ بحسره وأنا أقرأ سيرة الامام الحسن ولم أكن أعلم بٲنني ساتوجه بعدها لمصيبه أعظم ،ستدمي قلبي وتقرح جفوني " الأمام حسين بن علي عليهم السلام "

( إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني )

ماذا أقول فيك وأي كلام قد يوفيك ؟

سيرة الحسين أوصلتني إلى واقعة كربلاء وهنا قد بح صوتي من البكاء الويل لهم ماذا فعلو بك يا حبيبي ،وأي ظلم قد حل بك وبأهل بيتك، الويل لهم ماذا فعلو بك يا سبط رسول الله وحبيبه!

جسد مقطع بلا رأس قد طعن الآف الطعنات ، خنصر مقطوع مفقود ، وسهم توسط الفؤاد ، أخت تلطم الرأس بالتراب ، وبنت تصرخ أبتاه ، وطفلة بلا قرط اذنها تنزف بعد سلب ما ترتديه ، طفل رضيع مذبوح من الوريد الى الوريد، وشباب أبن الحسن مخضب بدمائه ،وام تنعى ابنها المقطع ، وقصة بطل هنالك قد كتبت قرب النهر إسمها كفيل بلا كفين.

كنت أبكي وأبكي وأقسم إنني في ذلك اليوم قد بكيت أكثر مما بكيت على والدتي، بكيت عليك يا حسين كالفاقد الحزين
( إن يوم الحسين اقرح جفوننا ) هكذا قال الامام الصادق عن يومك ،حبيبي أبا عبدالله بٲي ذنب قد قتلت مظلوماً على ارض كربلاء؟ بٲي ذنب قد سبيت نساءك وقتل اصحابك واخوتك وابنائك، بٲي ذنب قد قتلت عطشاناً وقد رفع رأسك فوق الرماح؟
ياليتني كنت هناك حينها علني اذبح معك، او أسبى مع زينبك أو على الأقل اُحرم أياما من الماء أو يقطع لي كف قرب الفرات فأواسي زينب !
ياليتني كنت معكم فأفوز والله فوزاً عظيما!

واقعة كربلاء

كانت ذلك الحدث الذي قلب كياني وزلزل قلبي وافاقني من غفلتي ، كنت أفكر في الأيام الماضية لمَ يحدث لي هذا ؟ لمَ ماتت والدتي؟ لمَ تركني أخي؟ لمَ ولمَ؟ ؟ أين أنا من زينب التي قد فقدت كل أحبائها في يوم واحد فسألوها كيف رٲيتي صنع الله بكِ يا زينب فتقول مزلزلة عرش الطغات " ما رأيت إلا جميلا "

أطفال وشباب، وشيوخ كبار، قد واجهوا الظلم إلى أخر رمق من حياتهم ولم يهتزا لهم جفن، لم ينزل لهم سيف وأنا التي
اختبئ من والدي وأهرب من مكان لمكان أخفي عنه إسلامي وتشيعي خشية العذاب ! !

طويت هذا الكتاب ولم أطوي كربلاء من حياتي فلقد أصبحت لي درساً لن أنساه ابداً، كربلاء هي بوابة الحق ،كربلاء هي روح التشيع ،من كربلاء قد بدأ نداء هيهات أن نعيش عبيداً لغير الله ،ومازالت كربلاء هي بداية كل شيء ونهايته.

لقد القت فيَ سر قد جعلني اقوى على مواجهة أي ظلم، أكاد أجزم الأن بٲنني أستطيع أن أقف أمام والدي وأقول له وبكل شجاعة وإيمان أبي أنا مسلمةٌ أعبد الله على دين محمد
ونهج آل بيته، أنا من شيعة علي إفعل ما تريد بي فلو قطعتني أشلاءً لن أتخلى عن ديني !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رسائلك غيرت حياتي (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن