نظروا الى المسخ الذي احتل الفراغ امامهم في رعب جمدهم في مكانهم ، وانصب الشعر على سواعدهم فما يرونه لم يكن اي شيء لقد كان الموت..
وضعت سفريا يدها على فمها كاتمة شهقاتها المرتعبة وهي تلتفت الى شاهين وهيثم بعينين تكادان تقفزان من محجريهما وقبل ان يتمكن احدهما من الإجابة سمعوا الجي سورتيه يقول بدهشة:
-ما هذا؟
ثم التفتت انظارهم الى الأيزن تا تريال وهي تنظر الى المسخ العملاق بذهول وهي تقول:
-هـ..هذا ليس شكل القلب!!..هذه ليست هيئة الموت!!..ما هذا؟
اجابها شداد بصوت بارد كالثلج:
-هذا اخر ما سترينه بتلك الهيئة لو لم تعيدي كيسارا
اجابت بغضب بعد ان استطاعت بصعوبة التغلب على الذهول الذي يتملكها فهي لا تدري ما الذي تراه بالضبط:
-لن تستطيع فحياتها بيدي
قال شداد بإستهزاء:
-انت لا تستطيعين قتلها فالروزين يحميها للمرة الأخيرة اخبريني اين هي؟
لكن القلب قابله بنظرات متحدية كانت كفيلة بالإجابة حينها رفع شداد يده الى المسخ من خلفه وقال ببرود:
-انت من اراد هذا
ومن بعدها لم يدر احد ما حدث فقط ما ادركوه ان السماء قد اسودت وان ما قد ظنوه من الهواء ثقيلا فقد ايقنوا انهم كانوا مخطئين وبشدة فالأن لم يعد احد قادر على التنفس وخلال الدقائق التالية لم يدر احد كيف يصف ما سمعوا من الأصوات او حتى ما الذي سمعوه اصلا؟.. لكن اهتزاز المكان من حولهم والصراخ الذي انطلق من حيث لا يدرون وكيف انهم رأوا الظلام وهو يمتد ليبتلع كل ما حولهم في جشع حتى وقف امامهم مالك الساعة مكونا مجالا حولهم يحميهم وهو يقول:
-هذا سيء ان شداد ينوي تدمير الهيئة بالتأكيد
عقد الجي سورتيه حاجبيه وقال:
-انت تمزح اليس كذلك؟
فقال شاهين بصوت مرتجف قليلا:
-ما الذي يحدث بالضبط؟
اجاب مالك الساعة قائلا:
-ان شداد يا اعزائي يستخدم قوى القلب وبجدية وذاك الأخير لم يسمى بالموت من الفراغ
رفع الجي سورتيه حاجبيه بذهول:
-هذا جنونـ..
قاطعهم صوت تمزيق بشع مرعب اتبعه صرخة محتضرة ثم الصمت..الصمت التام..كسر هذا الصمت صوت هيثم قائلا:
-كيسارا!!
اتسعت عينا راي وهتف بحدة:
-ماذا بها؟ ماذا عنها؟
وكذلك نظرت سفريا الى هيثم في قلق صامت فلا تزال تحت تأثير الصدمة مما رأته فرد هيثم:
-انا اشعر بها لقد ظهر وجودها فجأة..
ثم اغمض عينيه وقال:
-بل انا ادر اين هي بالضبط؟
فعقب شاهين:
-اتعني ان الحاجز الذي كان يفصلك عنها لم يعد موجودا؟
هنا قال كمال بعد صمت:
لكن الا يعني هذا...
وتوقف فجملته لم تحتج الى تكمله، و نظر الى الظلام الذي بدأ ينسحب ليعود الى مصدره ..لقد ادرك الجميع ان شداد قد انتهى من القلب بالتأكيد لكن بأية طريقة وعلى ماهية الكيفية فإن احد لا يدر..بإستثناء مالك الساعة كما يبدو..وقفوا يراقبون الظلام والدخان يتجمع حتى وصل الى مصدره..الى شداد الذي احتواه وقد اختفى المسخ من خلفه وكأن شيئا لم يكن..وحين انتبهوا للمكان من حولهم شهق معظمهم في رعب وذهول فقد تحول المكان من حولهم الى غبار ورماد وكأنما الحياة قد امتُصت منه حتى لم تبق فيه شيئا سوء الموت..وعندما التقت اعينهم بعيني شداد القرمزيتين ادركوا على الفور ان شيئا ليس على ما يرام فحتى شداد نفسه لم يبد عليه الحياة ولم يدركوا كم هم محقين فجسد شداد لم يكن فقط متصلب كالتمثال بل وبارد كالجثث بينما خلى وجهه من كل معالم الحياة وقد خلف السواد جزء منه اما عيناه فلم تكونا تطرفان فقط علاهما نظرة ليست للأحياء بل..للموت..للفناء، لم يجرؤ احد على السؤال وكيف يجرؤن، كان اول من تقدم نحو شداد هو فيليب..حتى اصبح على قيد نصف متر منه وقال:
-ان هيثم يعرف مكان كيسارا علينا ايجادها
كان اسمها هو ما جذب انتباه شداد وحين رفع عينيه الى فيليب كان قد عاد الى طبيعته وقد اختفى السواد التي غطى اجزاء من بشرته وقال بصوت هامس:
-اين هي؟
قال هيثم:
-قريبة
واشار الى طريق امامهم فقاطعهم الأيزن جي سورتيه:
-ماذا فعلت بالتا تريال؟ ))
نظرت حولي في ذهول..أ..أين انا؟..حاولت ان اتحرك لكن الألم شديد..الم الجلسة..ظللت مكاني جالسة على الأرض ارمق ما حولي وقد تقلص وجهي في الم حين..حين رأيتهم..نعم رأيتهم جميعا يتجهون نحوي ويتقدمهم هيثم حتى رأوني فأسرعوا في حركتهم بينما عدا راي نحوي بسرعة جعلته امامي خلال ثوانٍ وهو يهتف:
-كيسارا!!
نظرت اليه بعينين متسعتين لكنه لم يلحظ فقط انقض حولي يحاول احتضاني وليته ما فعل فقد دفعته في عنف عني وانا اتراجع للخلف واشهق في رعب..هذا مستحيل..وجوده مستحيل لابد اني احلم..بل لا شك في هذا..نظر لي راي في دهشة وفي عينيه نظرة مجروحة وهو يقول:
-كـ..كيسارا؟!
كان القية قد وصلوا الينا ورأيت سفريا تهرع نحوي فصرخت:
-لا!!..ابتعدوا عني..
فتوقف الجميع في حركتهم وهم ينظرون لي وهم يتسألون..عما بي؟ هل انا بخير؟..لكني اعلم، اعلم الحقيقة الأن ما هذا الا حلم..شخصيات صنعها خيالي في محاولة يائسة للهروب من اوراكل..لكني لم اهرب يوما ولن افعل ابدا..فأغمضت عيني وضعت يداي على وجهي لكي لا ارى..لكي لا اتمنى..حين سمعت صوته..صوت سيد شداد يقول متسألا:
-كيسارا؟
لكني لم اجب بل اغمضت عيني بقوة اكثر وضغط على اسناني وانا اشعر بالدموع تنهمر على وجهي..سأستيقظ الأن..سأستيقظ في اي لحظة الأن..لو تجاهلتهم سأكون على ما يرام لن اتألم اكثر لن اتمنى لو كان هذا الحلم حقيقة..لكن صوته لم يترك لي مجال إذ قال بحزم وهو ينحني نحوي:
-كيسارا اجيبيني؟
عضت على شفتاي وانا اجهش بالبكاء..لا..لا..ولا ادري كيف لكني وجدتني اقول بصوت متهدج:
-انا احلم..انا احلم..سأستيقظ الأن..
ومن بعيد سمعت صوت شاهين يسأل بقلق:
-كيسارا ماذا بك؟
فصرخت:
-ابتعدوا عني..انا..انا لن اتحمل المزيد..يجب ان استيقظ يجب..
هنا شعرت بيد باردة تتحسس جانب رأسي وصوت سيد شداد يقول:
-تستيقظين مما؟ انت يقظة بالفعل يا كيسارا
هنا تجرأت ورفعت رأسي اليه وقلت بعينين تغمرهما الدموع:
-لا انا احلم، انا اعلم اني احلم
عقد حاجبيه وقال:
-انت لا تحلمين..
قاطعته بابتسامة مريرة:
-انت لا تدري لكني اعلم اني احلم..كل هذا..كل هذا ليس سوى مخيلتي..لقد اخبرني بذلك وهو لا يكذب..هو لن يكذب..
نعم هو لن يكذب ليس في هذا..سأل سيد شداد:
-من هو؟
قابلت عيناي عيناه وقلت:
-اوركال
تجمد سيد شداد في مكانه ثم رفع عينيه الى هيثم الذي هز رأسه نفيا فعاد ببصره الى كيسارا وقال:
-ان اوركال ليس هنا ولم يكن هنا فما الذي تتحدثين عنه يا كيسارا؟
طالعته بعينين زجاجيتين ثم قلت:
-كل هذا..كل هذا ليس حقيقة..اوركال اخبرني بهذا
تساءل مالك الساعة في خفوت:
-ماذا بها لم تتكلم عن اوركال هكذا..وكأنه ليس ماض؟
اغمضت عيني وقد هبطت المزيد من الدموع وانا اقول:
-انا لم اهرب ذلك اليوم..انا لم اهرب ابدا..هو لن يسمح لي ابدا بالهروب
هنا نظروا الى بعضهم ثم لي في ذهول اعتقد انهم قد ادركوا للتو ان الأمر جلل حتى اني سمعت شاهين يقول:
-ماذا بحق الـ...
تابعت انا في خوف:
-جب ان استيقظ يجب وإلا فإن اوركال سيـ..
قالت سفريا:
-ماذا فعل القلب بها؟
في حين ظل راي صامتا مصدوما بينما جثى سيد شداد على ركبته حتى اصبح في مستواي وقال:
-ماذا بك بالضبط يا كيسارا؟
ثم رفع احدى يديه الى وجهي وقبل ان اتخذ اي رد فعل شعرت به..بقواه تتغلل بداخلي..بداخل كل ركن في عقلي..مستهدفا ذكرياتي ،افكاري ومشاعري..وبالألم المريع لإستخدامه لتلك القوى علي ..الم لا يمكن ان يتحمله بشر عادي لكنه لا يقارن بالجلسات وبصعوبة منعت نفسي من الصراخ ومع كل لحظة تمر رأيت عيني سيد شداد تتسعان..انه يرى..انه يعرف
((بهدوء ازاح شداد يده عن وجه كيسارا وهو يقول:
-ما كان هذا بالضبط؟
كان اول من جرء على السؤال هو شاهين إذ قال:
-ماذا رأيت؟
رفع شداد انظاره اليهم ثم قال:
-رأيت شُهورا..شهورا من الذكريات ليس من المفترض ان توجد في فترة هي اقل من اربع وعشرين ساعة
قالت سفريا بنفاذ صبر:
-ماذا تعني؟
رمقها بنظرة باردة وقال:
-اعني انها عاشت شهورا منذ ان فقدناها قبل نصف يوم من الأن
هنا اتسعت عينا هيثم وقال:
-وتلك الفترة..؟
اومأ شداد قائلا:
-اجل لقد اعادها القلب الى تلك الفترة التي كانت فيها في حوزة اوركال وجعلت ذلك الأخير يقنعها بأننا مجرد حلم وانه الحقيقة وانها لم تهرب قط وقد ترجم عقلها هذه الفترة لشهور..لقد تأخرنا..تأخرنا كيرا في اجادها..
قال كمال:
-انا لا افهم كيف مكثت شهورا وما هي الا مجرد ساعات
رد هيثم:
-ان العقل هو المتحكم في فترة الاوعي وتلك يدور فيها الزمن دورة اخرى..دورة اسرع بكثير فمثلا قد تنام وتحلم وفي ذاك الحلم قد تظن انك استرقت ايام بينما في الحقيقة هي مجرد ساعات قليلة اثناء النوم لذا فإن الساعات قد تتحول لشهور والأيام الى سنين
تدخل شداد قائلا:
-مما اعطى القلب فترة كافية لإقناعها بحقيقة كاذبة وجعلها تفقد القدرة على التمييز بين الواقع فعلا والخيال حتى بعد انتهاء تأثيره عليها..لقد استخدم القلب اكبر مخاوف كيسارا انها لم تهرب يوما قط وانها لم تقابلني..))
أنت تقرأ
The Legend Of Abyss||أسطورة أبيس
Science Fictionقيود، قيود وأرض تميد .. جبال من النار تحت الجليد.. حيث تتنزل الملائكة والشياطين على هيئة البشر.. لتبدأ النهاية.. ولتُحصد الأرواح وما اُخذ بالقوة لا يُسترجع إلا بها.. ألا فاسأل عن الحقوق فلن تجد سوى السيوف على الحقوق دليلا.. وحدها القادرة على تحريرهم...