الفصل الثالث والثمانون

15.4K 1.3K 97
                                    

تصلبت في مكاني ورفعت مجال بصري اليه عاقدة حاجباي وصحت وانا اشعر بالغضب يتصاعد بداخلي:

-لا!!

تنهد وقال:

-ألبا..

قاطعته وانا اترك يده التي تستند علي ووقفت امامه:

-لقد قلت لا، انا لن اتركك تُبعدني وكأنني عاجزة.. انا لا اريد ان اكون عبئا والأن بعد ان اصبحت ذات منفعة تُخبرني ان اجلس منتظرة عودتك بينما يعتصرنا القلق انا وإفرديين.. ربما لا تدرك هذا لكن إفرديين توشك على البكاء في كل مرة تخرج فيها وحدك وكأنها لن ترى ابنها مرة اخرى.. على الأقل وانا معك هنا.. استطيع ان اطمئن عليك.. حتى يهمد قلب إفرديين..

مددت يدي الى وجهي امسح دموعي التي لم استطع كبحها رغم غضبي، نظرت له فوجدته يرمقني في صمت دون ان ينبس ببنت شفة مصمما على قراره.. وكانت هذه القشة التي قسمت ظهر البعير، لقد تجاهلت الأمر بما فيه الكفاية مقنعة نفسي انه ليس من شأني لكن ما يفعله يجب ان يتوقف الأن، عقدت يداي امام صدري وقلت:

-من كانت؟

رفع احد حاجبيه في تساؤل فقلت في نفاذ صبر:

-ما يحدث ليس عني، انت تتذكر شيء ما على الدوام وتخاف ان يقع مجددا بل انت مرتعب من تكراره لذا تلموني انا في المقابل.. لذا اخبرني ما الذي حدث؟ من كانت؟

شاهدت عيناه تتسعان وجسده يرتجف لوهلة قبل ان يتحول وجهه كله الى لوحة من المعاناة.. آلمتني ومزقت قلبي.. اعلم انه يتألم لكن هذا يجب ان ينتهي الأن لذا لم اتزحزح بل وقفت في عزم امامه حتى قال بصوت مرتجف قليلا:

-هل الأمر بهذا الوضوح..

اغمض عينيه في الم ثم تنهد وقال:

-لقد كانت ابنتي..

وضعت يدي على فمي مانعة شهقة كادت تفلت مني بينما تابع ليام:

-كانت اصغر منك قليلا..

ثم ابتسم وقال:

-كانت مليئة بالحيوية وتفاؤل يجعل المرء يتسائل في اي عالم تعيش..

تبدل وجهه وهو يُكمل:

-لكنها كانت عنيدة ورغم تحذيري لها إلا انها تبعتني الى عملي-كان هذا في بداية الحرب- عندما وقع القصف الأول بالقنابل على البنارا وانهار المبنى الذي كنت اعمل به.. لقد كانت على بُعد متر مني.. متر فقط.. رأيتها تختفي تحت الأنقاد امامي.. ظللت بعدها انقب ليل نهار مع فريق الإنقاذ لثلاثة ايام قبل ان.. قبل ان اجد جثتها ممزقة وقد جفت الدماء حولها.. لكن ما حطمني انها لم تمت لحظة الإنهيار بل ظلت تحت الأنقاد حية وحدها تنتظر ان ينقذها احد.. ان يصل اليها احد.. وهي تنزف دون توقف .. لكننا وجدناها بعد فوات الأوان.. كنا متأخرين جدا.. لابد انها كانت خائفة.. لابد انها كانت تتألم، تصرخ، تبكي دون ان يصغي اليها احد.. حتى لفظت انفاسها الأخيرة..

The Legend Of Abyss||أسطورة أبيسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن