عودة الغائب

9.2K 142 15
                                    

تدور بداية قصتنافي كبدوكيا ،وادي السحر و الغموض حيث تتربع البيوت المحفورة في الجبال، يتوسطها قصر الآغا قصرحازم ايجيمان ،كان رجلا تطابقت صفاته مع معنى اسمه ، يحمل زمام امور المنطقة و القرى المجاورة بين يديه كانت حياته عبارة عن تناقض كبير فقد كان مهيبا و عادلا و محب، لديه ولد واحد و هو ياغيز شاب في الخامسة والعشرين ورث عن والده جديته و حزمه و انصافه و حضوره المسيطر عن المحيطين به رغم صغر سنه و ورث عن امه سيفينش حلمها و عدلها و زرقة عينيه التي تشبه فيروز البحر ،لم يشأ حازم ان يسير ياغيز على منواله في تجارة السلاح الذي حاول هو نفسه مرارا ان يتخلص منه و لم يستطع فهي تجارة جبرته عنها التقاليد و ارث الاجداد وسلطة مهددة بالافتكاك من شقيقه جمال، و ايد قرار ابنه بدعمه لمواصلة دراسة الاقتصاد في امريكا.
شقت سيارته الطريق الصحراوي الذي تحده كهوف كبدوكيا الجبليه ،ظل يتأمل هذه الجبال التي شهدت طفولته التي لم تكن عادية بالمرة. تذكر اخر مكالمة من والده قبل عشرة ايام «ياغيز بني لقد نفذت طلبي بأن لا تعود الى تركيا طوال فترة دراستك و تحملت شوقك لوالدتك ، و لم تجد مني اي تفسير لهذا الطلب ، لا تقلق سأجيبك عن سؤالك في القريب العاجل ، انتبه لنفسك بني» .
قاطع تفكيره صوت سائقه و امين سر والده اردال
اردال:آغا سنصل الى القصر خلال نصف ساعة ، و هناك امانة اوكلني حازم آغا رحمه الله ان اسلمك اياها قبل وصولك للقصر
اخرج من جيب سترته ظرفا و سلمه لياغيز، فتحه ليجد خاتم والده مرفوقا برسالة ، ميز خط والده الانيق و المتناسق رغم قلة الكلمات و اختصار النص
«بني ،اظن انني سأرحل باكرا ولن انتظر وصولك لكنني سأجيبك عن سؤالك ،لقد طلبت منك عدم العودة خوفا على حياتك التي اصبحت مهددة بعد انتشار خبر مرضي ،بني لقد ورثنا عن اجدادنا تجارة كانت لعنة كما تسميها ،لم استطع باي شكل من الاشكال الخروج بالعشيرة من هذه التجارة بأقل الاضرار و بدون ان اكون اعداء هم اقرب ما يكون الينا ،اعلم انك لا تريد هذا المنصب ،لكن اعتبرها وصيتي الاخيرة ، كن الآغا بعدي و نفذ ما عجزت عن تحقيقه تخلص من اعدائك و خلص العشيرة من تجارة السلاح و بعدها افعل ما تريده لمستقبلك ، والدك حازم ايجيمان».
نزلت من عينيه الفيروزيتان دمعة حاول منعها و هو يقرأ آخر كلمات والده ،،تفرس في الخاتم قليلا و رفع بصره محدقا بالطريق بنظرة تحولت في لحظة من الأسى الى الغضب ، احكم قبضته على الخاتم ثم اخذه و وضعه في بنصره و قال بصوت عميق: فلتزد السرعة اردال ،هناك امور تستوجب ان احلها قبل مراسم الدفن.

لا تنسينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن