انتهت مراسم الدفن و ظل ياغيز متسمرا امام قبر والده اراد ان يجلس على الارض ليشتم التراب الي يواري جثمان ابيه ،اراد ان يحدثه ،ان يشكو همه ويفرغ الدموع التي احتبست داخل مقلتيه لكن حرم من كل هذه الامور ، هو الآغا الان لن يستطيع ان يفعل ذلك امام كامل العشيرة ،تقدم منه اردال:آغا ، لقد حان وقت الذهاب ، لن يذهب احد من هنا الا بأمرك
التفت ياغيز نحو الجميع :فليغادر الجميع ،اما كبار العشيرة فسنجتمع غدا فلدي ما اخبركم به.
تقدم نحوه عمه :ولكن بني امر الآغوية لم يحسم بعد...
قاطعه ياغيز :عذرا عمي جمال ،ولكن من المستحسن ان تناديني آغا بدل بني هذا افضل بالنسبة لك حتى تقتنع بأنه امر محسوم فعلا ، والان ليغادر الجميع ، و لتبق انت فقط اردال.
غادر الكل بمن فيهم جمال آغا الذي كان يغلي غضبا من قلة اعتبار ياغيز له ومعاملته الجافة.
بقي ياغيز عند قبر والده مدة من الزمن ، وعده ان ينفذ وصيته مهما كانت العقبات التي ستعترضه.
في طريق العودة تذكر كلام والدته قبل مراسم الدفن فقد اقترح عمه جمال تزويجه بابنته فرح ، و اخبرته انها ليست مرتاحة لهذا الاقتراح الذي يبطن اكثر مما يظهر كان ياغيز متأكدا من ذلك ، كما ان هذا الزواج يعتبره ياغيز وسيلة فقط لا غير لذا اذا كان مجبرا على ذلك فليكن زواجا يسهل التخلص منه ،تراكمت افكاره مما سبب له الما في مقدمة رأسه،فكر بصوت عال:سأجد حلا ،لن يصعب علي أمر تافه كهذا
كانت سيارته ذات الدفع الرباعي تحاول الاستدارة للدخول الى بوابة القصر الكبير،حين مر من امامه طيف رشيق ذو ضحكات رنانة ،كانت فتاة مذهلة الجمال ،اسرعت فاختفت ،فظن انه يتخيل او ان الم رأسه قد فعل به ما فعل.
التفت نحو الزجاج الخلفي ليتأكد ثم سأل سائقه:اردال هل لقد مرت فتاة منذ لحظة هل رأيتها ،لقد كانت تضحك ؟
اردال مبتسما :اه ، اجل آغا انها هازان
ياغيز:هازان ؟
اردال :انها حفيدة السيدة مريم ، انها قابلة القرية ،سيدة ضريرة ،تسعد والدتك دوما برفقتها ،لابد ان هازان قامت بايصالها و غادرت
ياغيز بحزم؛هذا جيد لكن هل تعلم هذه الفتاة ان موكبا للدفن قد خرج من هنا منذ ساعة ،كيف لها ان تضحك بهذه الطريقة
اردال :اعذرها ،آغا انها في السابعة عشر من العمر كما انها جديدة عن هذا المكان فقد اتت منذ اسابيع لقد توفي والداها و اتت لتبقى مع جدتها و هي لا تعلم شيئا عن عادات كبدوكيا .
التفت ياغيز مجددا عله يرى طيفها لكنها غابت بسرعة ،لكنه تأكد انها حقيقة و ليست مجرد خيال.
كانت الشمس تشرف عن المغيب عندما استيقظ ياغيز من نومه فهو لم يذق النوم منذ الليلة التي سبقت سفره ، اطل من شرفته ليشاهد المشهد الذي اشتاقت له نفسه كان للغروب في كبدوكيا طعم خاص حيث تسطع الشمس للحضات على صخور القصر ليمسي ذهبي اللون ، لمح فجأة نفس الطيف و لكنها كانت ساكنة هذه المرة فكان من السهل عليه تأمل تفاصيلها ، كانت فتاة ذات بشرة بيضاء وجسم رشيق ظهر تناسقه من خلف فستانها البسيط بعد ان سطعت عليه شمس الغروب كانت بشرتها ناصعة البياض ،ذات شعر اسود طويل ،عينان سوداوان تعلوهما رموش كثيفة طويلة و اكثر ما استرعى انتباهه شفتين مكتنزتين بلون الكرز تعلوهما نفس الابتسامة التي لمحها ضهرا.افاق من تأمله قائلا : و مازالت هذه الفتاة تبتسم ،على احد ان يعلمها ان هذا المنزل في حالة حداد
خرج من غرفته متجها نحوها نزل الدرجات بسرعة ، كانت تتأمل احد الأعمدة المنقوشة باعجاب و تلمس النقوش و هي مغمضة عينيها و تعلو شفتيها ابتسامة اثارت غضبه
افزعها صوته العميق:فلتمسحي تلك الابتسامة من على فمك فورا
جفلت و التفتت نحوه ثم اتكأت على العمود من فرط المفاجأة : لقد جئت لاصطحاب جدتي ، المعذرة ،سأذهب
كانت تحاول المرور من جانبه فامسك ذراعها ليعيدها الى مكانها
ياغيز:مازلت لم اكمل كلامي ، كما انني لم اسمح لك بالمغادرة
هازان:لقد اعتذرت ،لقد اعجبت بالنقوش ،لمستها فقط اعتذر مرة اخرى ، ابتسمت مرة اخر و اكملت كلامها :ولتعتبر انني سائحة تتأمل الآثار مثلا،سيكون الامر اقل ازعاجا
ماكان عليها ان تبتسم مرة ثالثة لقد ارتكبت خطأ فادحا دون ان تعلم
تقدم نحوها محاصرا اياها بين جسده و العمود الضخم:ابتسامتك هذه هي ما يزعجني فلتمحيها قبل ان افعل بنفسي
وضعت يديها على صدره تحاول ابعاده عنها لكنه لم يتزحزح بل اصر على الاقتراب منها و زاده اصرارا ذلك التحدي و الجرأة التي لمحها في عينيها الواسعتين و التي لم يرها في اعين كبار العشيرة ، لم يبعده عنها سوى صوت امه
سيفينش :ياغيز بني ، مالذي يحدث هنا؟
ابتعد عنها ياغيز ،و التفت ليجد والدته تمسك بيد سيدة عجوز ذات ملامح هادئة
ركضت هازان نحوها :جدتي .!! هيا لنذهب ،جئت لاصطحابك
سيفنش :هازان !كيف حالك يا ابنتي ؟
هازان:انا بخير خالتي سيفينش ،ارجو المعذرة علينا الذهاب قبل ان يحل الظلام.
رمقته بنظرة حادة وهي تحاول اجتياز البوابة مسندة جدتها
ذهب نحو والدته التي مازالت مستغربة للمشهد الذي رأته
ياغيز :حسنا امي ،الامر ليس كما يبدو ، لقد كانت وقحة و كان علي ايقافها عند حدها
سيفينش:هازان؟وقحة؟! كيف ذلك ؟انها طفلة حلوة المعشر وذات اخلاق عالية
ياغيز:طفلة ؟بالله عليك امي!!! انا لا ارى انها طفلة ابدا.
أنت تقرأ
لا تنسيني
Romanceملخص القصة : #لاتنسيني بعد وفاة والده الاغا يضطر ياغيز ترك جامعته ليعود لكبدوكيا ،من الطبيعي ان يترأس هو اعمال العائلة بعد والده لكن ياغيز كان يملك افكاره الخاصة ،سيصبح اغا مهما كلفه ذلك لكن ليس لاستكمال مسيرة والده بل تغييرها بشكل تام فهو لم يكن يو...