ارتدت ملابسها واستعدت للخروج لمقابلة العريس الذي تقدم لخطبتها ، ظلت تأخذ عدة أنفاس لتهدأ ، دخلت والدتها إليها وهي تقول بحبور: يلا يا هدى الناس مستــ ....
قطعت سعاد كلامها لتتابع بتعجب: إيه اللي إنتي لابساه دا ؟
نظرت هدى إلى نفسها فلم تجد شيئاً مختلفاً : عادي يا ماما ما أنا بألبس كدا على طول فين الجديد ؟
أجابتها والدتها بغضب: جديد إيه بقى ... فيه واحدة تطلع تقابل عريسها بالنقاب ؟
هدى: يا ماما دا واحد غريب عني هاطلع قدامه إزاي من غير نقاب ؟
الأم: دي رؤية شرعية يعني يشوفك بشعرك كمان مش من غير نقاب بس
تنهدت هدى وقالت مستسلمة: طيب
عادت والدتها لتقول: مافيش وقت تغيري ... ارفعي النقاب وخلاص
هدى: حاضر
الأم: يلا تعالي ورايا عشان تاخدي الصينية وتقدمي العصير
نفذت ما قالته لها أمها ، دخلت على الضيوف بغرفة الصالون وقدمت المشروبات دون أن ترفع عينيها إلى وجه أياً منهم ، ولكنها ميزت حذاء والدها وثوب والدتها ، ورأت ثوب أسود لمرأة أخرى بجوارها حذاء لم تعرفه
قطعت سعاد شرودها هاتفه بإبتسامة: سلمي على طنط إعتماد يا هدى
تقدمت إلى تلك السيدة ذات الثوب الأسود ومدت يدها لتصافحها عندما باغتها سؤال مفاجئ: هو إنتي منقبة ؟
تعجبت للهجة الصدمة في حديثها فرفعت عينها إليها للمرة الأولى منذ دخلت إلى الحجرة ورأت علامات الإستهجان والسخرية على وجهها فاشتد غيظها ولكنها تذكرت قول الله تعالى "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس " فاستغفرت ربها سراً وتحاملت على نفسها لتجيب بهدوء: أيوه
-اااه قولتيلي ... طب تعالي اقعدي جنبي كدا يا حبيبتي
جلست فتابعت: ألا قوليلي يا حبيبتي إنتي كام سنة ؟
شعرت هدى بالحرج وأخفضت بصرها أرضاً: 34 سنة
لمحت سعاد المرأة وهي تلوي شفتيها إستنكاراً لعمرها فقالت مبتسمة: ما تيجي يا إعتماد نطلع البلكونة وأهو تشوفي المنظر والهوا اللي يرد الروح
نهضت إعتماد مجبرة بينما سحبت سعاد زوجها ليتركوا هدى مع العريس ليستطيعوا التحدث براحه.
عم الصمت لدقائق قبل أن يتنحنح العريس قائلاً: إزيك؟
أجابت وما زال نظرها مصوباً إلى الأرض: الحمدلله
-تحبي نتكلم ف إيه؟
-مش عارفة اللي يريحك
-طيب ... أنا عادل ياسين عندي 36 سنة باشتغل مهندس في شركة نسيج في العاشر من رمضان والدي متوفي وعايش مع والدتي وما عنديش أخوات أنا وحيد والدتي وساكن هنا وباروح الشغل كل يوم وأرجع يعني مستقر هنا عشان ما ينفعش أسيب والدتي لوحدها
-ولو حصل نصيب هنسكن فين ؟
أجابها مبتسماً: العمارة اللي عايشين فيها واخدين فيها شقتين في نفس الدور عشان لو اتجوزت وحبيت استقل بحياتي أتجوز ف واحدة منهم ووالدتي تعيش في التانية وأهو ما ابعدش عنها واستقل بنفسي ولما أسافر زوجتي تقعد معاها ويونسوا بعض
أومأت متفهمة وجهة نظره فتابع: كلميني عن نفسك شوية ... ممكن ؟
أومأت مرة أخرى قبل أن تقول: هدى فوزي 34 سنة خريجة ألسن عين شمس وباشتغل في دار مترجمة لبعض الكتب وحضرتك عارف والدي ووالدتي وأخويا الصغير بس
-أه تمام
في تلك اللحظة عاد الجميع إلى الغرفة وجلسوا يتسامرون سوياً حتى اقتربت والدة العريس وجلست قربها وبدأت تحدثها: إنتي عينك لونها إيه؟
استغربت السؤال ولكنها أجابت: لونها بني
-وأنتوا مافيش في عيلتكوا حد عينيه ملونة ؟
أجابتها هذه المرة سعاد ضاحكة: إيه الأسئلة الغريبة دي يا حاجه إعتماد؟
-لا غريبة ولا حاجه باسأل بس
الأب بتعقل: هو فيه سبب يعني ورا سؤال زي دا ؟
-أه أومال إيه ؟ ... أصلي بصراحة عايزة ولاد إبني يبقوا عيونهم ملونين بس بما إن عينيها بني ومافيش حد في عيلتكوا عينيه ملونة يبقى ما اعتقدش حاجه زي دي تحصل
الأب متعجباً: وهي دي حاجه مهمة بالنسبالكوا أوي يعني ؟
هزت كتفيها قبل أن تتابع: وإنتي شعرك ناعم ولا خشن يا حبيبتي ؟ ... ما توريهولي كدا
الأب بضيق: هي إيه لزمتها كل الاسئلة دي يا حاجه ؟
-عادي يا أبو كمال ... بأطمن على خلفة ابني هيبقى شكلها إيه
شعرت هدى بالدموع تقفز إلى عينيها فنهضت إلى غرفتها مستأذنة بصوت بالكاد يُسمع ، تابعها كلا من والديها بأسف.
قالت إعتماد بحنق: وهي دي مالها قامت فجأة كدا وواخده في وشها تقولش حد داسلها على طرف ؟
قال الأب بحزم: أصلاً أنا مش هأسمح إنه حد يدوسلها على طرف وأنا على وش الدنيا
رفعت إعتماد نظرها إليه قبل أن تستفسر: قصدك إيه يا حاج ؟
نهضت الأم قائلة بلهجة ذات معنى: يعني زيارتكم كانت على عينا وراسنا يا حاجه إعتماد
أمسك عادل بذراع والدته وأومأ لها: يلا يا أمي كفاية علينا لحد كدا
كانت هدى تجهش بالبكاء في غرفتها ودموعها لا تتوقف عن الخروج من عينيها ، دخلت عليها والدتها وفي عينها نظرة حزن على حال والدتها ، انفجرت بها هدى ما إن شعرت بدخولها: مش عايزة أسمع سيرة إنك جبتيلي عريس تاني ... كفاية أوي لحد كدا ... الست كانت ماسكاني وبتفرزني كأني بضاعة وبتعاينها لتتغش فيها دي مش جوازة دي بيعه ... وهو ما بينطقش ولا أكنه هو اللي هيتجوز من الأخر ما عندوش شخصية وأنا مش عايزة واحد مامته اللي بتمشيه ... لا واللي قبله اللي ما كانتش عاجبه إني منقبة واللي قابله اللي واللي واللي ...
حاولت والدتها الحديث: بس يا بنتي ...
تابعت هي دون توقف : كفاية يا ماما الجواز دا رزق زي الفلوس والأكل سيبيني بقى لحد ما يجيلي رزقي عشان أنا تعبت بجد تعبت
دخل الأب عليهم موجهاً حديثه إلى هدى قائلاً بطيبة: ما تخافيش يا بنتي أنا مش هأسمح لحد أنه يجي عليكي أو يأذيك ولا حتى بكلمة
ثم إلتفت إلى زوجته قائلاً بحزم: قفلي عالموضوع يا سعاد وبلاش عرسان من مجايبك تاني اللي يعوز بنتي أنا بابي مفتوح مش بأقفله في وش حد
ألقت هدى بنفسها بين ذراعي والدها قائلة: ربنا يخليك ليا وما يحرمنيش منك يا أحلى أب في الدنيا
ضحك قائلا: بس يا بكاشه ... يلا استهدي بالله واتوضي وصلي عشان تهدي ونامي وإنتي حاطه في بطنك بطيخة صيفي زي اللي أكلناها إمبارح وعجبتك
ضحكت هي أيضاً برغم دموعها: أه والله كانت طعمه أوي
غمزها: بس مش أطعم منك يا جميل
تدخلت الأم قائلة بغيرة مصطنعة: يا سلام وأنا مش هينوبني من الحب جانب ولا إيه ؟ ... ولا أنا بنت البطة السودا
وضع زوجها أحد ذراعيه حول كتفيها قائلاً: دا إنتي الحب كله يا سوسو
ضحكت هدى: يا عم يا عم ... إيه الرومانسيه دي يا أبو كمال ؟
قالت سعاد بخجل: إتلمي يا بت ... الله !
ضحك الأب قائلاً: يلا بينا يا أم كمال من هنا خلي الواحد ياخد راحته
تابعتهم هدى بضحكاتها قبل أن تتنهد وتتجه إلى الحمام لتتوضأ وتصلي تضرعاً إلى ربها ليريح بالها ويصلح حالها.
----------------------
-يا سلام عالأكل يا ديما تسلم إيدك
ديما بإبتسامة سعيدة: الله يسلمك ... ألف هنا وشفا
مريم بحزن مفتعل: على فكرة بقى أنا اللي عامله السلطة وسخنت العيش ورتبت السفرة كمان
قهقه الجميع ، قالت رنا: وإنتي كمان تسلم إيدك يا مريومه
استفسرت ميرنا: أومال هدى ما جاتش ليه ؟
ديما: لما كلمتها قالت جايلهم ضيوف وهتقعد تساعد مامتها
رنا: ليكون عريس
هزت ديما كتفيها: مش عارفة ... هي ما قالتش لوحدها فخلاص سيبتها
ميرنا بسخرية: وأكيد مامتها قالتلها سيبك من صحابك وركزي في العريس
مريم ناهره: حرام عليكي يا ميرنا ... مامتها وخايفة عليها بردو
حركت ميرنا كتفيها بلا مبالاة ، سألتها ديما: طب ماري ماجاتش ليه ؟
ميرنا: راحت مع شريف يشوفوا معاد في الكنيسة عشان الجواز
مريم بسعادة: يا سلام ... الله يعني هنحضر فرح قريب !
ديما: ربنا يتمم لهم على خير
رنا بحزن: أهو بدأنا نتفرق
مريم مستغربة: ليه بتقولي كدا يا روني ؟
رنا: هدى عشان جايلها عريس أهي ماجاتش وماري عشان تجهز للجواز بردو ما جاتش ... يظهر إنه علي عنده حق ... كل واحدة فيكوا لما هتتجوز مش هتسأل تاني وهتنشغل بحياتها وأنا بس اللي هأفضل اسأل
ديما بلوم: إخص عليكي يا رنا ... كدا بردو ؟ ... دا إحنا أكتر من الإخوات عمرنا ما هنفترق ... هي بس ظروف طارئة وهنرجع نتجمع كلنا من تاني
ميرنا بتمهل: إلا قوليلي يا رنا عامله إيه مع جوزك ؟
ظهر الإحباط على ملامحها: لسه زعلان مني الصبح ونزل من غير ما يكمل فطاره ... دا غير إنه بقالنا مدة مش مظبوطين وبنتخانق ع الفاضي والمليان ... حساه مش طايقلي كلمة
مريم مواسية: ما تقلقيش فترة وهتعدي وهترجعوا زي الأول وأحسن كمان
بدأت رنا في البكاء: أنا حاسه إنه ما بقاش يحبني زي الأول ... خايفة يسيبني في أي لحظه ... أنا ما أقدرش أعيش من غيره
ميرنا بعصبية: ما دام واحد خاين يبقى تقدري تعيشي من غيره بناقص منه ومن اللي يجي من وراه !
نظرت لها رنا بصدمة: خيانة ؟ .. خيانة إيه؟ ... أنا ما جيبتش سيرة خيانة أنا قولت بس إنه أنا حاسه بيه بعيد عني شوية بس
ميرنا: ما هو بعيد عشان بيخونك ... عشان غيرك ف حياته
ديما: ميرنــــــا !
مريم: بتقولي كدا ليه يا ميرنا بس ؟
ميرنا بسخرية: البيه المحترم شوفته قاعد مع واحدة في المطعم إنهارده
وبيفطر معاها
رنا مستدركة بسرعة: يمكن بينهم شغل ولا حاجه
ميرنا بثقة: واللي بينهم شغل بيمسكوا إيد بعض بردو ؟
مريم بعدم تصديق: لا لا علي عمره ما يعمل كدا
ميرنا: البت شكلها ما عجبنيش ولبسها مستفز أنا نفسي ما أقدرش ألبس اللي كانت لابساه دا ... وشعرها ناكشاه زي ما تكون لسه متكهربه بـ200 فولت!
حل الصمت لفترة قبل أن تنهض رنا مغادرة ولم يوقفها النداءات المستمرة من صديقاتها.
-----------------
وصل إلى المنزل في وقت متأخر كعادته منذ فترة ، وجد البيت يعمه الظلام فتنهد براحه ، سيرتاح من الأسئلة المكررة كل ليلة لماذا تأخرت وأين كنت ولو لليلة واحدة !... فجأة أضئ أحد المصابيح وسمع زوجته تهمس من خلفه: اتأخرت ليه يا علي ؟
تنهد في ضيق ، يبدو أنه لن يرتاح من هذا السؤال ولو لليلة واحدة !
أجابها: شغل يا رنا شغل
ردت بسخرية وهي تقترب منه وتتوقف أمامه مباشرة وقد أصبحت تنظر في عينيه بتمعن: شغل بردو ؟ ... ولا السنيورة اللي كنت بتفطر معاها إنهارده هي اللي أخرتك ؟
أدار ظهره وهو يقول محاولاً التحكم في أعصابه: سنيورة مين ؟
بدأت العصبية تظهر عليها وتفقد التحكم في أعصابها: ميرنا شافتك يا علي وبلاش تنكر لو سمحت ... خليك راجل واعترف باللي بتعمله أحسنلك
إلتفت لها بغضب وصرخ: أنا راجل غصب عنك وعن أي حد ... اللي كنت قاعد معاها دي زميلتي في الشغل وبس ... إنما اللي بتزرعه في دماغك الست هانم صحبتك دا مالوش أساس من الصحة ... تلاقيها قالت كدا عشان تداري إني شوفتها قاعدة مع واحد في المطعم ولا الله أعلم أسباب إيه كمان عندها ... وبعدين أنا قولتلك كذا مرة صحابك دول مش هيجي من وراهم الخير أبداً ... لو مش مصدقاني عندك الباب أهو مفتوح لو حابه تمشي
تركها غاضباً واتجه إلى غرفته ، الصدمة تحتل وجهها من جملته الأخيرة فهي لم تكن تتوقع أن يتفوه بها بعد كل تلك السنين والمشاعر التي جمعتهما معاً.
ذهبت خلفه لتجده أنتهى من تبديل ملابسه ، قامت بضمه من الخلف وهي تقول بأسف: أسفة يا حبيبي ، سامحني
تنهد براحه ولكنه قال: لو بتشكي فيا يا رنا الحياة مش هتنفع تكمل بينا
وقفت في مواجهته قائلة بخوف: لا يا علي إخص عليك أوعى تقول كدا ! أنا ما أقدرش أعيش من غيرك ولا أتخيل حياتي بعيد عنك
أجابها: بس بالشكوك اللي في دماغك دي هتهد البيت علينا
هزت رأسها بقوة: مش بأشك فيك يا حبيبي أنا بسألك بس عشان أطمن
ضمها ناظراً في عينيها: أطمني ... أنا بحبك إنتي ... إنتي وبس
دفنت وجهها بين كتفه وعنقه قائلة بسعادة: وأنا بحبك أوي
سألها: هما الولاد ناموا ؟
-من بدري ... نسيت إنه عندهم مدرسة الصبح ؟
همس في أذنه: طب ما تقفلي الباب بالمفتاح عشان عايز أقولك كلمة سر
ابتسمت رنا بخجل وقد شعرت بالإطمئنان على حب علي له
أنت تقرأ
اصدقائي قنبله ذريه بقلم/ ساره محمد سيف
Romance"لن تخطئي بمفردك فسنخطئ معكِ ... من ثم نصلح ما فعلنا" فتيات جمعتهن الصداقة. لم يفرقهن دين .. أولاد ... ولا حتى ازواج استمرت صداقتهن إلى أجل الأجلين ... واقفات أمام كل ما حاول التفريق بينهن أو هز صداقتهن. تعاونوا سوياً على الضراء قبل السراء. كل واحدة...