25

4.6K 256 1
                                    


فركت عينيها بقوة لتستطيع فتحهما ، من الذي يدق عليها في مثل هذه الساعة إنها الثالثة فجراً !
أجابت بصوت ناعس: السلام عليكم
أجابها الطرف الأخر من الخط مباشرة: أنا قررت أتحجب يا هدى!
استغربت أذنيها وابعدت الهاتف عن أذنها لترى اسم المتصل الذي لم تشغل بالها بمعرفته فور إستيقاظها لتجد الاسم "ميرنا"
صرخت ميرنا على الطرف الأخر: هدى ! هددددى ! إنتي معايا؟
أعادت الهاتف على أذنها وقالت بهذيان: إنتي ف وعيك ولا الحالة رجعتلك؟
ميرنا ضاحكة: لا في كامل قوايا العقلية تحبي أثبتلك ؟ ... إنهارده الجمعة والساعة دلوقتي تلاته وخمسة واسمك هدى فوزي وعندك أخ اسمه كمال وأنا بأضايق من مامتك
قاطعتها هدى ضاحكة: بس ... مادام قولتي بأضايق من مامتك تبقى إنتي ميرنا بعينها
-هههههههههههه الحمدلله إنك صدقتي
سألتها هدى بجدية: إنتي بتتكلمي جد ؟
-بوصي مش أوي ... بس أنا بأحبها عشان مامتك يا دودي
-لا لا مش قصدي ... قصدي الحجاب
-اااااااه ... جد الجد ... ما تعرفيش أنا صليت إستخارة قد إيه ودعيت قد إيه وأخيراً قررت إني اتحجب
-وهتثبتي ولا يومين وتغيري رأيك ؟
-هو أنا فضلت السنين دي كلها مش عايزة ألبسه عشان يوم ما أخد القرار أقلعه تاني ؟
-أنا بأطمن بس
-أصلاً أنا نزلت اتمشيت مع ماما من شوية ووقفت قدام محل لملابس المحجبات لاقيت نفسي دخلت وماما ورايا واخترت طقم والبنت اللي ف المحل جابتلي طرحة تليق عليه وفضلت من ساعة ما رجعت لحد دلوقتي مترددة اجربهم ولا لا ... صليت إستخارة لأخر مرة لاقيت نفسي عايزة أجرب ولو بس عشان أشوف شكلي
-كملي وحصل إيه؟
-ما تتخيليش أنا حسيت براحه وفرحة قد إيه ! ... أنا هاين عليا أنط من الفرحة ... أنا مبسوطة أووي أووي يا هدى
-ربنا يبسطك كمان وكمان يا حبيبتي ... ويثبتك عليه ويقربك منه كمان وكمان
-آمين يا رب ... أنا لما قررت ما أخلعهوش قولت لازم أقولك إنتي أول واحدة ... عارفة إنك أكتر واحدة هتفرحيلي ... إنتي بالذات ياما تعبتي معايا عشان تقنعيني ألبسه وأنا اللي كنت منشفه دماغي
-مش مهم الكلام دا ... المهم إنك في الأخر لبستيه ... أنا نفسي أشوفك بيه أووووي
-ههههه ولهو إنتي فاكرة إني هأسيبك؟ ... دا إنتي والبنات هتنزلوا معايا عشان أجيب لبس بقى وأرمي اللي عندي دا
-هههههههه ماشي ... إنتي حالفه لتطلعي روحنا مش كدا ؟ ... بس إنتي صاحبتنا وأختنا هنعمل إيه لازم نستحملك
-ههههههههههه بقى كدا ؟ ... طب ماشي يا ستي مسيركوا تحتاجوني بردو هتروحوا مني فين يعني ... وإنتي بالذات هأفكرك
-ههههههههه طب يلا اقفلي بقى وروحي صلي ركعتين شكر لله على الخطوة دي
-ماشي ... أنا هأكلم باقي البنات بقى مش قادرة أمسك نفسي ... سلام
أغلقت الخط ووجدت هدى الدموع تتساقط على وجنتيها دون أن تدري من فرط سعادته لقرار صديقتها
-الحمدلله ... الحمدلك كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
قررت أن تصلي ركعتين شكر لله على هداية ميرنا وهذه الخطوة الكبيرة التي خطتها في طريقها إلى الله.
----------------
لحق رامي بعبدالحميد على باب الشقة وهو يرتدي حذائه متوجهاً لصلاة الجمعة.
رامي: خدني معاك يا عم عبدالحميد
أوقفه عبدالحميد: بردو مُصر تمشي يا ابني
الزوجة وهي توشك على البكاء: مافيش مشيان من هنا يا واد يا رامي
هدأها رامي ضاحكاً: مش رايح في حته أنا مرتاح معاكوا وهأفضل على قلبكوا ومش هاحل عنكوا خلاص
الزوجة: على قلبي زي العسل
عبدالحميد مستفسراً: أومال رايح فين ؟
رامي: هأروح معاك ... مايصحش أفضل مع أم يحيي لوحدنا
أم يحيي ضاحكة: هتاكلني ولا إيه يا واد
رامي: ما يصحش بردو
عبدالحميد: خلاص سيبيه على راحته ، بس أنا هأروح أصلي في المسجد هتيجي معايا ولا هتروح تتمشى؟
رامي: لا هأجي معاك ... إذا ماكانش فيها إزعاج يعني
ابتسم الرجل واضعاً يده على كتف رامي: أكيد يا ابني ... بيت ربنا مفتوح لكل الناس ... ما الكنيسة بردو بتدخل المسيحي واللي مش مسيحي ولا إيه؟
رامي شاعراً بالراحة: أكيد لكل الناس
سار معاً في الطريق وعندما جاوزا المسجد الموجود على أول الشارع الذي يسكنه عبدالحميد.
سأله رامي: إحنا رايحين فين؟
أجابه: المسجد اللي قابلتك فيه أول مرة
-طب أنت ما داخلتش المسجد دا ليه ؟
-قال رسول الله -صلّ الله عليه وسلم-: ( صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسة وعشرين ضعفا وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه اللهم صلي عليه، اللهم ارحمه ولا يزال أحدكم في صلاة ما أنتظر الصلاة)
يعني كل خطوة ربنا بيرفعني درجة ويشيل عني خطيئة يبقى استغل إني لسه بأقدر أمشي على رجلي ولا لأ ؟
( كل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة )وقال صلّ الله عليه وسلم
-أها ، طب أنا مش سامع خطبة إحنا هنروح بدري ولا إيه ؟
-هنوصل المسجد قبل بداية الخطبة بـ5 دقايق ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر سنة : صيامها وقيامها )
-خلاص لما تبدأ الخطبة مش هأتكلم عشان ما أضيعش تعبك وثوابك
-ههههههههههه ماشي ، بعد الخطبة ابقى اتكلم معايا زي ما تحب
-هو فيه سؤال كنت عايز اسألهولك بس مكسوف
متعجباً سأله: وإيه اللي يكسفك ؟
-أصله سؤال تافه
ابتسم قائلاً: قول وأنا اللي هأحكم إذا كان تافه ولا لا
-أنا على طول شايفك مبتسم وبتضحك ، هو معقول ماعندكش مشاكل للدرجة دي ؟
ضيق عبدالحميد عينيه وأجابه بجدية: وهو فيه حد في الدنيا ماعندهوش مشاكل ؟
-أومال إيه السر ؟
-قال صلّ الله عليه وسلم " تبسمك في وجه أخيك صدقة "
-هو أنت كل حاجه بتعملها بتبقى من حديث ؟ ... بتنفذ كل اللي بيقولك عليه دينك ؟
-طبعاً ، ما دام في مصلحتنا ودينا أمرنا بيه ليه ما أعملوش
-يعني أنت تبقى من جواك مضايق وهتنفجر ومع ذلك تبتسم ؟ طب إزاي؟
-تعرف إنه علمياً اثبتوا إنه لما تبقى مضايق وتضحك أو تبتسم بالرغم من الإحساس اللي جواك حتى لو تعيس الجسم بيترجم الإبتسامة دي وبيقتنع فعلاً إنك سعيد وتتحول من مجرد تمثيل للسعادة أو اخفاء التعاسة لسعادة وفرحة حقيقية ، والإبتسامة بتطول العمر وبتحمي القلب ، ربنا أعلم بالنفوس اللي خلقها وإزاي بتسعد
-دي قدرات
-عارف مش دا السبب وبس ، هي بتسبب السعادة للشخص ولغيره كمان
-أومال إيه كمان ؟
ابتسم عبدالحميد وحيا رجلاً يجلس أمام المحل الخاص به مقطب الجبين.
-السلام عليكم
-وعليكم السلام
فغر رامي فمه من الدهشة ، لقد تحول تقطيبه إلى بشاشة ، كيف حدث ذلك؟
أجاب عبدالحميد على السؤال الذي لم يطرحه: الإبتسامة زي الوباء بتنتشر بسرعة ومن شخص لشخص ، بس في حالة واحدة
نظر رامي منتظراً أن يتابع حديثه: لما تكون من القلب هتوصل للقلب
-معاك حق
-سبحان من خلى الإبتسامة في ديننا صدقة نؤجر عليها
------------
-تصدقوا إن أنتوا أندال !
مريم: وليه الغلط بس !
ميرنا: بقالي قد إيه بقولكوا عايزة أنزل أجيب لبس ولا حد فيكوا سأل؟
ديما: ما إنتي عارفة إنه صعب نتجمع كلنا في نفس الوقت
هدى: إنتي بتردي عليها من عقلك يا ديما ؟ ... دي مكلمانا الساعة 3 الفجر ودلوقتي 6 المغرب اتأخرنا فين بقى؟
رنا ضاحكة: كانت عايزة تنزلنا أول ما كلمتنا
ميرنا: والله كنت هأعملها بس رجعت ف كلامي
ديما: لا عاقلة يا بت
أخرجت ميرنا لسانها: طول عمري
هدى: بس تصدقي ماكنتش اعرف إنك هتلبسي كدا ، أنا قولت هتلبسي ضيق والطرحة قصيرة وتبيني جزء من شعرك
ميرنا بقوة: لا طبعاً ، أنا لما اتحجب أتحجب صح يا بلاش
هدى: تعجبيني أبت
مريم: بس تصدقي الفستان لايق عليكي؟
ديما: والحجاب خلى وشها ينور
ميرنا: لما دخلت لماما أقولها إني اتحجبت وماردتش عليا خوفت لتكون زعلت أو مش عاجبها الحجاب بس لاقيتها بتقولي تصدقي وشك نور بيه ، بصراحة أنا ما صدقتش نفسي
رنا: ربنا يخليهالك ، هي هيهمها إيه غير سعادتك وراحتك ؟
ميرنا: لا واللي أدهى من كدا قالتلي إنها هتلبسه هي كمان !
هتفت مريم: مش معقول !
هدى: ربنا يهدينا جميعاً
ميرنا: وأنا ماصدقتش نفسي ، هي قالتلي إنه ماعندهاش حاجه تنفع للحجاب فمش هتعرف تنزل معايا وقالتلي أجيبلها كام طقم على ذوقي
رنا: وهي بيعجبها ذوقك؟
ميرنا: طبعاً يا بنتي ، لما كنت بأسافر في حته أنا اللي كنت بأجيبلها لبسها ولما يكون عندها مناسبة ومش فاضية بردو أنا اللي بأجيبه
ديما: ربنا يديم المعروف بينكم
مريم: بس والله أخبار تجنن ، إنتي ومامتك تتحجبوا وف نفس اليوم يا سبحان الله
ديما: إنك لا تهدي من أحببتك ولكن الله يهدي من يشاء
الجميع: ونعم بالله
ميرنا: يلا بقى عشان أجيب لبس كتيررر
ديما: ماشي ، بس لبسك القديم هتعملي بيه إيه ؟
ميرنا: ماما هتكلم جمعية خيرية يجوا ياخدوه
مريم: طب كويس
رنا: لازم تطلعي صدقة يا ميمي عشان ربنا يباركلك ويوفقك أكتر وأكتر
ميرنا: إمممم ، ماشي كويس إنك قولتيلي
هدى: طب يلا بقى عشان أمي هتشعلقني عالتأخير دا
-------------------
-هتمشي بردو ؟
رامي: معلش يا أم يحيي بس ورايا شغل
أم يحيي بأمل: خلاص خليك معانا وروح شغلك وارجع علينا وأهو ناخد بحس بعض وتلاقي اللي يعملك لقمة ويونسك
عبدالحميد: خلاص بقى يا أم يحيي ما تضغطيش عليه هو عارف إنه بابنا مفتوح له على طول وعمره ما هيتقفل
شعر بالرثاء لحالة تلك السيدة التي أكرمته فقال: صدقيني يا أم يحيي لو شغلي كان هنا كنت قعدت بس أنا شغلي ف العين السخنة ، بس وعد أول ما هأجي القاهرة هأجي أقعد معاكوا
أم يحيي: لما نشوف
استدار رامي لعبدالحميد: معلش أنا هأخد منك الكتابين دول وهأبقى أرجعهم لما يخلصوا
عبدالحميد باسماً: على مهلك يا ابني أنا مش مستعجل عليهم ، المهم يفيدوك
رامي: مع السلامة
أم يحيي: خلي بالك من نفسك واتغطى كويس ، وبلاش سهر يا واد بيضر بالصحة
عبدالحميد مداعباً: هههههههههه دا لو عنده 10 سنين مش هتقوليله كدا
أم يحيي معاتبة: ماهو لو عنده 10 سنين أصلاً ماكانش خرج م الباب دا
رامي: ههههههههه عن إذنكوا
عبدالحميد: إذنك معاك يا ابني
شعر رامي بالحزن يعتمر بداخله لفرقهم ، ولكنه سيعود فهو يشعر بأن هذا مكانه بينهم وأن هذا بيته الذي لم يولد فيه.


اصدقائي قنبله ذريه بقلم/  ساره محمد سيفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن