9

5.1K 227 1
                                    


أغلقت باب الشقة خلفها متنهدة براحه فقد كان يوم شاق بالنسبة إليها ، لم ترتح سوى لدقائق وظلت واقفة فترة طويلة ، فمنذ عودة ديما إلى الشركة زاد عدد الزوار من رجال الأعمال و غيرهم من الشخصيات ذات المراكز الكبيرة إما لعقد صفقة أو الإطمئنان على وضع الشركة أو حتى للترحيب بعودتها.
همت بخلع ملابسها ولكن أوقفها صوت الرنين المتواصل على الباب ، استغربت ذلك الإصرار للزائر غير المتوقع ، خصوصاً أن والديها ليسا بالمنزل.
فتحت الباب لتفاجئ برنا أمامها والتي دخلت كالعاصفة الهوجاء.
-رنا ؟؟؟
-أيوه رنا يا ست ميرنا
-أهلاً إتفضلي ادخلي
-مافيش داعي أنا جايه أقولك كلمتين مش أكتر
-طب نقعد وقولي براحتك ... أصلاً مافيش حد في البيت غيري
-ميرنــا ! ... إبعدي عني وعن جوزي ومالكيش دعوة بحياتنا ويا ريت ما تتدخليش فيها تاني ... وبلاش الأفترى دا على جوزي
-أنا ؟ أنا افتريت على جوزك؟!! ... أنا قولتلك اللي شوفته بس
-اللي شوفتيه ولا اللي كنتي عايزة توصليهولي وتخليني أبعد عن علي بيه؟
-وأبعدك عنه ليه بقى ؟ ... كان بينا قصة حب قديمة وإنتي جيتي خطفتيه مني وقررت أردهالك مثلاً ؟
-لا بس يمكن عشان تداري على خروجك مع واحد وقعادك معه في المطعم!
-لا يا شيخة! ... وأداري ليه لا أنا متجوزة ولا عندي ولاد ولا مرتبطة بحد عشان أخاف حد يشوفني ... اعقلي الكلام قبل ما تقوليه يا رنا !
-ما يمكن تكوني مريضة نفسياً أنا أعرف منين؟ ... ياريت بعد كدا ما توقعيش بيني وبينه وخليكي في حالك
-هو عملك غسيل مخ ولا إيه ؟؟! مش معقولة إنتي اللي بتكلميني دلوقتي
-أنا غلطانة من الأول إني ما سمعتش كلامه وبعدت عنكوا ... دي غلطتي فعلاً بس خلاص أديني فوقت وعرفت غلطي فين وهاصلحه
-وهتصلحيه إزاي بقى؟
-هابعد عنكوا وأشوف بيتي بقى وأراعيه ... طلع ماليش غيره في الأخر... عن إذنك
قبل أن تغلق الباب خلفها إلتفتت إليها ميرنا وقالت بهدوء: أتمنى إنك تبقي مبسوطة في حياتك لما تبعدي عننا وعني بالذات وحياتك تتصلح مع إني أشك في كدا
تمهلت قبل أن تتابع: وعلى فكرة مش هتلاقي غيرنا يقف معاكي ويسندك عشان تقفي لما تقعي ... عارفة ، مش هتصدقي كلامي دا دلوقتي بس بعد فترة هتحسيه يا رنا
ألقت رنا عليها نظرة أخيرة قبل أن تغادر وتغلق الباب خلفها وقد بدأ الندم يزحف إليها ولكن بعد أن سبق السيف العذل!
انهارت ميرنا على أقرب مقعد وأجهشت في البكاء ، لقد خسرت صديقتها دون أن تفعل لها شيئاً يؤذيها ، ظلت على هذا الحال حتى حل الليل ، وفي خضم حزنها لم تشعر بأن الظلام يحيط بها ولم تكلف نفسها فتح أي مصباح للإنارة حتى نهضت تبحث عن هاتفها فأضطرت إلى إشعال الضوء.
إلتقطت هاتفها ودقت أزراره منصتة إلى رنينه حتى أتاها الصوت على الطرف الأخر يقول بدهشة:
-ميرنا؟
-ممكن تيجيلي دلوقتي؟
-إنتي كويسة؟
-هتقدر ولا لأ ؟
-أكيد ... ربع ساعة وأكون عندك
أغلقت الخط دون أن تضيف كلمة أخرى واتجهت إلى الحمام لتنظر إلى عينها التي تورمت من كثرة البكاء ، غسلت وجهها بالماء البارد وتناولت حقيبتها وانطلقت تنتظر وصوله.
--------------------
حضرت طاولة الطعام في أنتظار عودة زوجها ، دخل المنزل ليجدها جالسة تترقب مجيئه ، ضمته قائلة: حمدالله عالسلامه يا حبيبي ... وحشتني أوي
-إيه الرضا دا كله ؟
-أنا طول عمري راضية عنك
-ما هو واضح
-يلا بقى نقعد نتعشى سوا
-ماشي ... يلا
-على فكرة أنا سمعت كلامك
-ف إيه بالظبط؟
-هأقطع علاقتي بصحابي زي ما أنت كنت عايز
-بس أنا ما قولتلكيش أقطعي علاقتك بيهم أنا قولتلك بلاش المقابلات الكتير دي وإبعدي عنهم شوية
-ولو ... أهو أخدتها من قصيرها
-ماشي اللي يريحك
------------------------
كان يقود سيارته صامتاً بمحازة النيل حتى همست بصوت بالكاد سمعه: أقف هنا ... عايزه أقعد عالنيل شوية
جلست على أحد المقاعد المواجهة للنيل وجلس بجوارها ، ظلت تبكي ما يقرب الساعة دون أن تتوقف أو أن تتحدث فقط يقاطعها بين الحين والأخر بوضع منديل في يدها وسحب أخر قد أصابه الإهتراء ، قطعت الصمت الطويل قائلة:
-مش هتسألني مالي ؟
أجابها بهدوء: لو حابه تحكي هتحكي من غير ما اسأل
بدأت الحديث فجأة كأنه أعطاها الإشارة لذلك: صاحبتي فاكراني بأقولها كدا عشان أخرب بيتها وأفرق بينها وبين جوزها ... طب أنا هأعمل كدا ليه ؟ ما فكرتش في السبب ليه ؟ يمكن مريضة نفسياً زي ما بتقول عليا ؟ ... طب مش أنت كمان شوفتهم زيي ؟ ... يعني مش بأكذب ... أنا مش مريضة ولا شيطانة عشان أعمل حاجه زي كدا ... وبعدين دي صاحبتي يعني حتى لو أنا مؤذية أو فكرت أضر حد مش هتبقى هي ... ولو فكرت أضرها مش هأذي ولادها ... للدرجة دي لعب بعقلها وعرف يقلبها عليا ؟ ولا أنا اللي باين عليا شريرة للدرجة دي ؟ ... ما ترد عليا يا رامي ! ... هو أنا شريرة أوووي كدا ؟ إنتي شايفني إزاي؟
نظر إليها والدموع قد تجمعت في عينيه ولم يملك إلا أن يضمها إليه قائلاً بحنان: إنتي أحن وأطيب واحدة عرفتها
استمرت على وضعها مدة من الزمن قبل أن ترفع نظرها ليقابل عينيه وسألته بهدوء: هو أنا غلطانة ؟
أجابها: لا ، إنتي خفتي على صاحبتك ونصحيتها
-طب هي ما فهمتش دا ليه ؟
-ومين قالك إنها ما فهمتش؟ ... ما يمكن فهمت عشان كدا عملت معاكي اللي عملته
سألته بعدم فهم: إزاي ؟
-يعني واحدة حست إنه لو صدقت صاحبتها وإحساسها هتهد بيتها وتخسر جوزها ... لكن لو صدقت جوزها وكدبت الباقي مش هتخسر جوزها
قالت بحسرة: يعني تخسرني أحسن ما تخسر جوزها
-إنتي نسيتي إنه عندها ولاد ؟ ... يعني مش هتخسر لوحدها ! ... دا ممكن الأولاد يتعقدوا كمان
-طب وأنا ذنبي إيه؟
-ذنبك إنك صاحبتها وعشان كدا هي اتحاملت عليكي لأنها عارفة مهما الدنيا لفت بيها إنتي هتعذريها ... لكن جوزها حاسه إن عمره ما هيعذرها ومش بعيد ياخدها حجه كمان
سألته بحيرة: وأنا أعمل إيه دلوقتي ؟
نهض وأمسك يدها ليسحبها معه قائلاً بمرح: حضرتك هتيجي معايا دلوقتي
سألته متعجبة بعد أن نظرت إلى ساعة يدها: على فين؟ ... دي الساعة 8 ونص
أدعى الحزن قائلاً: إهئ إهئ إهئ ... دلوقتي فرق معاكي الوقت بعد ما أخدتي غرضك مني يا وحشة ... إهئ إهئ إهئ
ضحكت بقوة: طب مش تفهمني عايزني أروح معاك فين؟
فتح لها باب السيارة لتركب قائلاً بقوة: سيبيلي نفسك وصدقيني مش هتندمي
نظرت إليه والسعادة بدأت تحتل عيونها عوضاً عن الحزن ، وقالت بمرح مفاجئ: ماشي ... خلينا ورا ... لباب الدار
-بقى أنا ... ماشي ماشي حسابنا بعدين يا ست هانم
ضحكت وشاركها ضحكها وبعد أن احتل مقعده في السيارة إنطلق بها
ツ ツ ツ

اصدقائي قنبله ذريه بقلم/  ساره محمد سيفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن