وقفت رنا أمام مبنى الشركة بأنتظار سيارة أجرة لتوصلها إلى المنزل ، لمحها عادل فاتجه إليها وسألها مبتسماً: مستنية تاكسي ؟
رنا: أه ... يا رب ألاقي بقى وما أقفش كتير
عادل: طب لو تحبي أنا ممكن أوصلك بعربيتي
رنا: لا معلش مافيش داعي ... يمكن مش على طريقك
عادل: لا عادي أنا ماورييش حاجه وماحدش مستنيني عشان استعجل عالمرواح بس إنتي عندك أولاد
-وزوج كمان
إلتفت عادل ليجد علي واقفاً خلفه وقال بذوق: طبعاً يا أستاذ علي
علي لرنا: يلا نروح ... عن إذنك يا أستاذ ...
أجابه مبتسماً: عادل
علي بلا مبالاة: معلش نسيت اسمك
عادل بأدب: ماحصلش حاجه ... متجوز إتنين وعندك ولاد والشغل ربنا يكون في عونك فعلاً
علي حانقاً: طب مع السلامة بقى
عادل: إتفضل
رنا بإبتسامة شاكرة: شكراً
بادلها الإبتسام: على إيه ؟ ... ما أنا ما وصلتكيش ولا حاجه
رنا: كفاية وقفتك معايا و عرضك عليا إنك تتعطل وتوصلني
عادل: لا عطلة ولا حاجه
علي بضيق: مش كفاية واقفة في الشارع كدا ولا إيه ؟
رنا: عن إذنك يا أستاذ عادل
أومأ لها عادل: إتفضلي
ركبت رنا بجوار علي في سيارته وسألته مستغربة: إشمعنه جيت تاخدني من الشركة إنهارده ؟ ... دا أنت عمرك ما عملتها من أول ما اشتغلت هنا
علي ساخراً: يمكن النصيب عشان ألحقك قبل ما تركبي مع سي عادل العربية عشان يوصلك
رنا بحنق: ومين قالك إني كنت هأركب معاه ؟؟
علي بشك: يعني ما كنتيش هتركبي معاه ؟
رنا بغضب: لا طبعاً ... بس إيه اللي جابك إنهارده بالذات تاخدني ؟
علي بحنان: بقالك مدة من ساعة اللي حصل مع ميرنا وإنتي بتروحي الشغل وتيجي جري تاخدي بالك من الولاد ولما أرجع تنزلي تقعدي معاها وترجعي متأخر ... قولت أرحمك من بهدلة إنهارده وبالذات عشان إنهارده سواقين الأتوبيسات والميكروباصات عاملين إضراب والكل هيضطر يركب تاكسي ويمكن ما تلاقيش
رنا بلهجه جافة: شكراً
ساد الصمت لفترة قبل أن يعود علي للحديث: وأستاذ عادل دا كان عايز منك إيه ؟
استغربت سؤاله: مش أنت سمعت بردو ولا كان بيتهيألي ؟
-أنا باسأل يمكن كان عايز حاجه تانية
-لا هو كدا بس
عاد يسأل: وإنتي علاقتك بيه وصلت لفين ؟
فقدت أعصابها عند سماعها لإتهامه المبطن: علاقة إيه اللي بتقول عليها؟ ... كل اللي يجمعني بيه إنه رئيسي المباشر في الشغل وبس !
ردد بشك: بس ؟!
أجابته بعصبية: أيوه بس! ... علي! ... إقفل الموضوع أنا دماغي عند ميرنا ومش ناقصة ضغط أكتر من كدا !
قاد السيارة بصمت طوال الطريق المتبقي وقد شعر بمبالغته في الغيرة عليها ، هي كل تفكيرها في صديقتها وهو يضغط عليها بأمر لا تضعه برأسها ، كما أنها لم ولن تحب غيره فهو من حاربت أهلها من أجله.
-------------
أفاقت ميرنا من سباتها ونظرت حولها تجد هدى تجلس على الكرسي المجاور لفراشها ممكسة بمصحف تتلو بعض آياته في خشوع ، تقطرت عينيها بالدموع وهي تتمتم: هو أنا ليه مش زيك ؟
اغلقت المصحف ثم تركت هدى مقعدها واتجهت إليها متسائلة: ليه بتقولي كدا ؟
ميرنا بعصبية والدموع تتسابق فوق وجنتيها: ما هو أنا لو كنت محجبة ولا كنت منقبة زيك ما كانش شاف وشي ولا حبني حتى ماكانش فكر فيا عشان أنا مسلمة
هدى بتعجب: إنتي بتخرفي تقولي إيه ؟... ممكن تهدي وتشرحيلي الحكاية؟
ميرنا بيأس: اشرح إيه ؟ ... وحكاية إيه ؟ ... ما كله خلاص راح
هدى: إيه اللي راح ؟
ميرنا: هي حكاية من جملة واحدة أنا مسلمة وهو مسيحي كدا خلصت الحكاية
عقدت هدى حاجبيها: مين دا اللي مسيحي ؟
-رامي
-رامي مين ؟ ... إيه الحكاية ؟ أنا مش فاهمة حاجه !
قصت عليها قصتها مع رامي منذ أن تعرفت عليه حتى تركته فوق ظهر اليخت.
علقت هدى بهدوء: أنا أول ما شوفتك واتعرفت عليكي افتكرتك مسيحية زي ماري ... لولا لما مرة كنا عند ديما وقولتيلها هاتي إسدال عشان أصلي
أومأت ميرنا متذكرة: أيوه ... وقتها كان بقالنا 5 شهور عارفين بعض واستغربتي عشان أول مرة تعرفي إني مسلمة
هدى: دا قصدي ، أنا عرفتك بقرب أكتر منه وما حطتش في دماغي إنك مسلمة فما بالك بولد علاقته معاكي لحد اللي حكيتيه سطحية حتى برغم التجاوزات اللي فيها
ميرنا بحزن: عارفة إنه أنا السبب عشان كدا حاسه إني مخنوقة
-أقولك على حاجه تضيع الخانقة؟
سألتها بلهفة: إيه ؟
-قومي إتوضي وصلي ... بس ما تمليش يمكن ما تحسيش بالراحة من أول ركعتين أو أربع ركعات ... الضيق زي التراب عالأرض ممكن مش مع أول جرت مقشة يروح بس لما تعملي مرة وإتنين وتلاتة وأربعة هتلاقي الأرض نضفت وبقت بتلمع ... ممكن كمان تقري قرآن بس يا ريت وإنتي بتحاولي تفهميه مش تمري عليه مرور الكرام
وافقت ميرنا: حاضر ... روحي إنتي بقى عشان طنط ما تقلقش عليكي
هدى: ماشي ... بس لو فيه حاجه كلميني
-طيب
ودعتها ميرنا واتجهت إلى الحمام فأحسنت الوضوء وبدأت في الصلاة والدعاء طالبة من الله أن يرشدها الطريق الصحيح ويصلح بالها ويهديها إلى ما فيه الخير لدينها ودنيتها.
---------------
استيقظ من نومه الطويل ليجد الليل قد حل ، نظر حوله هو معتاد على النوم والإستيقاظ بأماكن مختلفة كل ليلة فهو وحيد ليس لديه عائلة أو أسرة يُفضل النوم بالفنادق على أن يظل في بيت واحد بمفرده ، ويبدو أن حياته سيكملها وحيداً كما إعتاد.
أخرجته طرقات قصيرة على الباب فسمح للطارق بالدخول ، دلف عبدالحميد إلى الغرفة مبتسماً.
عبدالحميد: أنا قولت كفاية نوم لحد كدا عشان النوم الكتير بيضر بردو ومش بيفيد
تسائل رامي: هي الساعة كام دلوقتي ؟
-الساعة داخله على 11
استغرب رامي: هو أنا نمت 3 ساعات بس ؟
لم يستطع الرجل تمالك نفسه من الضحك: قلبك أبيض ... أنا قصدي 11 بليل مش الصبح
-يعني أنا نمت أكتر من 12 ساعة ؟؟؟؟!
قالت الزوجة من على باب الغرفة: نوم الهنا ... شكلك كنت جعان نوم
رامي: أنا أول مرة أنام المدة دي كلها ... أنا كان أخري 5 ساعات متواصلة دا لما أكون هأموت م التعب
الزوجة: بعد الشر عنك ، دا يمكن بس عشان ارتحت هنا
عبدالحميد متزمراً: وما يرتاحش ليه يعني يا أم يحيي؟ ... مش دا بيت أبوه وأمه بردو ؟
أسرعت الزوجة: طبعاً طبعاً أنا مش قصدي حاجه يا عبده ، هو أكيد فهمني
عبدالحميد: المهم جهزتيله لقمة ياكلها ؟
ابتسمت الزوجة بحنان: أومال إيه ... ما أنا كنت جايه أشوفه يحب أجيبله الأكل هنا ولا يطلع ياكله بره
هز رامي رأسه بعنف: لا لا لا كدا كتير ، أصلاً أنا طولت أوي ولازم أمشي
عبدالحميد: تمشي تروح فين ؟ الوقت اتأخر ما ينفعش
رامي معتذراً: ما عشان كدا لازم أمشي معلش
عبدالحميد: يا ابني لو قعدتك معانا مضايقك وعشان كدا عايز تمشي خلاص بات الليلة دي عالاقل وابقى أمشي الصبح
الزوجة: لو مشيت دلوقتي هيفتكرونا طردناك يريضك كدا ؟
رامي: بأمانة أنا مرتاح جداً وعمري ما ارتحت ف مكان ولا مع ناس قد ما ارتحت معاكوا
عبدالحميد: ومافيش حاجه تجبرك إنك تمشي ، مافيش غيري أنا وأم يحيي يعني لا بت نخاف عليها ولا واد يغير منك
الزوجة بحزن لكن يغلبه الرضى: يا ابني أنت أول واحد يدخل البيت عندنا من كذا شهر واللي بيجوا بيبقى عشان عبدالحميد تعب أو أنا فيا حاجه ، خليك يا ابني أهو ناخد بحسك
رامي بمرح: خلاص يبقى نتعشا بره ولو إني هاربي كرش بالطريقة دي
الزوجة: دا على أساس إن فيك لحمه أصلاً ، دا أنت يا حبة عيني جلد على عضم
رامي ضاحكاً: طولي 170 سنتي ووزني 67 يعني سمباتيك هههههه
استمر المزاح بينهم طوال العشاء ، ذهبت الزوجة لإعداد الشاي فأنتهز رامي الفرصة واقترب من عبدالحميد.
رامي بحرج : أنا كان عندي سؤال كدا
-اتفضل يا ابني اسأل براحتك
همس محرجاً: هو أنت مش قولتلي إنكوا ما عندكوش ولاد ؟ ... طب إزاي بتقولها يا أم يحيي ؟ ... ولا دا كان ابنكوا بس مات
ابتسم عبدالحميد وحضرت الزوجة حاملة أكواب الشاي قائلة: أنا بقى عملتلكوا كوبيتين شاي إنما إيه ... تسلم فومك أنت وعبده
لاحظت إبتسامة عبدالحميد وحرج رامي فسألت قلقة: مالكوا في إيه ؟
رامي بتوتر: لا مافيش حاجه
أجابها عبدالحميد بهدوء شديد: بيسأل ليه اسمك أم يحيي وإحنا ما عندناش ولاد
رامي: لا لا لا لا خلاص يا جماعة أنا حشرت نفسي في اللي ماليش فيه
جلست الزوجة وهدأته مبتسمة: وليه بتقول كدا يا ابني؟ ... هي دي حاجه مستخبية ؟ ... ما الكل عارف الاسم دا وعارفين إنه ماعنديش ولاد ومع ذلك بينادوني بيه ... أنا مش بازعل على فكرة أنا بأفرح بيه جداً
زادت الحيرة على وجه رامي فقال عبدالحميد: إنتي زودتي حيرته يا أم يحيي هتقوليله إنتي ولا أنا اللي هأقوله
بدأت تروي له قصة لقبه: سيدنا زكريا –عليه السلام- كبر في السن ومراته بردو من غير ما ربنا يرزقه بولد ، فدعا ربنا إنه كبر في السن وشعر شاب وخلاص قرب يموت وخايف لما يموت الناس اللي تيجي بعده يكونوا جهله ويتسببوا في ضلال الناس وهو عايز ولد ينقله كل اللي عنده ويبقى نبي من بعده وكمان لما شاف السيدة مريم بتصلي وعندها فاكهة الصيف وهما في الشتا وكمان كانت والدة السيدة مريم اسمها "حنة" أخت زوجة زكريا –عليه السلام- وكانوا الإتنين عاقر ومع ذلك ربنا رزق حنة بمريم فحس بحنين لإنه يكون عنده ولد فدعا ربنا بقوة وإيمان صادق فالملايكة بشرته بولد اسمه يحيي فحس إنه فيه أمل فسأل ربنا عشان يطمن أكتر إزاي هيبقى عندي ولد وأنا كبرت في السن ومراتي عاقر فالملايكة قالتله إن ربنا خلقك قبل كدا مش هيقدر يرزقك بولد ؟ ربنا إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون ... وفعلاً ربنا رزقه بيحيي
رامي: بس بردو ما اعرفتش إنتي اتسميتي أم يحيي ليه؟ وإشمعنه يحيي بالذات ؟
عبدالحميد: كان فيه شيخ في المسجد اللي على أول الشارع يعرفنا وكان ساكن هنا معانا في البيت وكان بيزورنا ونزوره ، ما النبي وصى على سابع جار ... كان عارف حكايتنا وشايف صبرنا ففمرة جه وقالنا وهو مبسوط إنه حلم بينا إنه بقى عندنا ولد واسمه يحيي
أكملت الزوجة: ومن ساعتها ومراته بقت تقولي يا أم يحيي والشارع كله بقى يقولي يا أم يحيي ... ما هو أصل الشيخ دا كان محبوب أوووي من الناس هنا ومافيش مرة حلم وحلمه جه الأرض أبداً
رامي متعجباً: والكلام دا كان من قد إيه ؟
ابتسم عبدالحميد: من خمستاشر سنة
رفع رامي حاجبيه مصدوماً: ولسه مصدقين ؟
سأله عبدالحميد: أنت عارف سيدنا زكريا –عليه السلام- كان عنده كام سنة لما خلف يحيي؟
حرك رأسه علامة جهله فأجابه مبتسماً بحنان: كان عنده 120 سنة وزوجته كان عندها 98 سنة
الزوجة بثقة في الله: طول ما أنت مقتنع وراضي باللي كتبهولك ربنا ... ربنا مش هيحرمك من حاجه وهيديك من وسع ... ربنا كبير أووي وقادر على كل شئ يا ابني
هز رأسه والإستغراب يملؤه ، هل يمكن له في يوم من الأيام أن يصل إيمانه وثقته بالله لهذه الدرجة التي وصلوا إليها ؟
أنت تقرأ
اصدقائي قنبله ذريه بقلم/ ساره محمد سيف
Romance"لن تخطئي بمفردك فسنخطئ معكِ ... من ثم نصلح ما فعلنا" فتيات جمعتهن الصداقة. لم يفرقهن دين .. أولاد ... ولا حتى ازواج استمرت صداقتهن إلى أجل الأجلين ... واقفات أمام كل ما حاول التفريق بينهن أو هز صداقتهن. تعاونوا سوياً على الضراء قبل السراء. كل واحدة...