52

4.5K 227 1
                                    


اقترب من زوجته وجلس بجوارها : مش هتاكلي بقى ؟
أجابته دون أن تزيح نظرها عن شاشة التلفاز التي تعرض أحد المسلسلات التركية المفضلة لديها: لا ماليش نفس
شريف بقلق: إنتي كويسة ؟ ، لا فطار ولا غدا وكمان مش عايزة تتعشي؟ ، اليوم كله ع الحال دا يعني ، من إمتى بتقولي لا على الأكل يا ماري ؟
ماري بلا مبالاة: ماليش نفس ، لما يجي على بالي هأكل
سحبها من يدها قائلاً بحزم: مافيش الكلام دا ، أنا جهزت العشا وإنتي هتيجي تاكلي معايا
جلست بجواره على مائدة الطعام وقد أعد لها ما تفضله على العشاء ولكنها فاجأته بتقطيبتها وهتافها: بيض مقلي ؟؟؟؟
نظر إليها بإستغراب: ماله البيض المقلي ؟ ما إنتي طول عمرك بتحبيه يا ماري
لم تجبه فقد انطلقت مسرعة إلى الحمام لتتقئ ما ليس بمعدتها من الأساس ، لحق بها وأسندها لتجلس على السرير.
سألها بقلق: إنتي كويسة ؟؟
أومأت بضعف: شوية وأبقى أحسن ما تقلقش
رفع وجهها مدققاً به: هي جت الشهر دا ؟
قطبت حاجبيها مخمنة سبب سؤاله: ما تحطش أمل ع الفاضي يا شريف
شريف متعجباً: ليه بقى ؟
ماري متنهدة: عشان ما تحبطش
- طب قومي إلبسي بقى نروح للدكتور بتاعك نشوف في إيه
- مالوش داعي
- لا له داعي ، قومي إلبسي وأنا كمان هأغير ونروح
اتجه ليرتدي ثيابه منهياً الحديث فانصاعت مجبرة خائفة.
قال الطبيب بعد أن أنتهى من فحصها: مبروك يا مدام
نظر له شريف طالباً التوضيح: قصدك إيه يا دكتور ؟
ابتسم الطبيب بتفهم لإرتباكه: هتبقى أب يا أستاذ شريف
لم تسع الفرحة عالمهما ، فقد تحقق حلم العمر بالنسبة لهما.
--------------
سحبها من ذراعها ويده الأخرى خلف ظهرها تهدد حياتها بالسلاح ، مرا أمام رجل الأمن الذي يعرف نعيم جيداً فلم يشك في أمره فقد عاد منذ يومين فقط من أجازته التي امتدت ثلاثة أشهر ولم يخبره أحد بوجوب الإبلاغ عن نعيم والقبض عليه فور رؤيته ، كذلك لم يلحظ السلاح المخفي بين جسده وجسد ديما.
أجلسها بمقعدها في سيارته الجديدة وخاطبها قبل أن يغلق الباب عليها: لو فكرتي تهربي مش هتنهي حياتك إنتي بس ، لا هتنهي حياة حبيب القلب
ديما بهلع: باسل ؟؟
ابتسم بسخرية: هو في غيره ؟
أدار السيارة وانطلق بها إلى حيث لا تدري ، متجاهلاً سؤالها عن وجهتهما برد واحد مقتضب: هتعرفي لما نوصل
بكت بشدة عندما تبينت مكان إقامتها ، إنه هو ، حقاً هو ، لم يختلف فيه سوى مرور الزمن.
سألها: عرفتيه مش كدا ؟
أومأت باكية: دا بيت ماما
هز رأسه نافياً: البيت دا بتاعي
أكمل عندما لاحظ دهشتها: مامتك باعته عشان تساعد باباكي يحل أزمة مرت بيها الشركة وقتها وأنا اللي اشتريته
فتح لها الباب قائلاً: اتفضلي ، اعتبريه بيتك مؤقتاً
نظرت حولها ... لم يتغير البيت كثيراً لقد اهتم به حقاً وحافظ على حاله ، كان الدور الأرضي مفتوحاً واسعاً لم يكن مقسماً ، في الركن الذي يقع على يسارها توجد مدفئة تعمل بالحطب أمامها كرسي هزاز تعرفه جيداً فهي تملك صورة تحتوي على هذه المدفئة وأمها جالسة على هذا الكرسي تغزل الصوف مبتسمة برضا وبطنها منتفخة مشيرة إلى حملها بالشهر الأخير.
على يمينها صالون مدهب عتيق كلاسيكي يتلائم مع نمط المنزل.
أمامها يقع السلم الذي يوصل إلى الدور العلوي والأخير من المنزل حيث توجد ثلاث غرف.
أمرها بالجلوس على مقعد بالصالون المدهب ، أطاعته متسائلة: أنت عايز مني إيه ؟
تنهد وجلس مقابلها: عايز حاجات كتيرة
- أنا ما صدقتش أنك أنت ممكن تكون ورا كل اللي بيحصل دا ، طب ليه بتعمل كدا ؟
- ابدأ من الأول ؟
- ابدأ ، المهم أعرف كل حاجه
- أنا هأقولك .....
----------------
زفر باسل بغضب: الساعة بقت 12 والهانم لسه ما شرفتش
مراد: معلش الغايب حجته معاه
باسل حانقاً: نفسي أفهم إيه اللي أخرها للساعة دي !
مراد: هي بقالها كام يوم عالحال دا ، شغل الشركة بيأخرها
باسل: وأنا أخر من يعلم يعني ؟
مراد متنهداً: يا ابني أنت بقيت مشتت بين الشركة والمنتجع ورايح جاي والسفر بقى يومياً بالنسبه لك فما حبتش أشغلك
باسل ساخراً: تقوم تسيب الهانم تتأخر لدلوقتي ولا تتصل ولا أي حاجه وكمان تليفونها مقفول
مراد: ربنا يسامحك يا ابني
مسح باسل وجهه بيديه قائلاً بعد أن هدأ نسبياً: أسف يا بابا ما أقصدش والله ، بس حضرتك عارف نعيم لسه بره وماحدش عارف طريقه وخايف ليستغل فرصة ويعملها حاجه
حاول أن يخفي قلقه هو الأخر: تفائلوا بالخير تجدوه
باسل: يا رب يكون خير فعلاً
مراد مغيراً الحديث: أومال مراتك فين ؟
فهم باسل ما يعنيه فهناك أخرى يجب أن يهتم لأمرها أيضاً: تلاقيها في أوضتها فوق
أمره والده: طب اطلع شوفها ، دي مراتك بردو وأنت مقصر ف حقها
اطاع والده وهو يفكر هل سيكون هذا قوله حتى لو علم برغبة في إيذاء ديما ؟
--------------
-كنت أنا وأبوكي صحاب لحد ما حبينا مامتك ، أيوه ... إحنا الإتنين شوفناها في نفس اللحظة وإحنا الإتنين حبيناها بردو في نفس اللحظة ، كانت جميلة وهي فعلاً جميلة ، الحفلة كانت في البيت دا بيت باباها ومامتها بمناسبة رجوعهم من العمرة ، حضرنا بسبب معرفة بين الأهل وبعض ، كنت باتقرب منها وهو كمان في نفس الوقت ، لأول مرة كل واحد فينا يعمل حاجه من غير ما يكون التاني على علم بيها ، لحد ما في يوم اختارته هو ورفضتني لما صارحتها بحبي ليها ، وقتها اتكسفت وبصت في الأرض
جميلة بخجل: نعيم ... أنت إنسان كويس وأنا بأحبك أووي وبأعزك بس ... زي أخويا مش أكتر
نعيم مجروحاً: وليه ما تحبنيش أكتر من أخ ؟
جميلة بحرج وخجل: عشان أنا بأحب واحد تاني
نعيم متفاجئاً: واحد تاني ؟؟؟ ، طب ممكن أعرف مين هو ؟
جميلة بحب: شهاب ، أنا بأحب شهاب يا نعيم
صٌعق لهذا الإعتراف الذي لم يخطر على باله مطلقاً.
بعدها اتخانقت مع شهاب وزعلنا سوا ، بس هو ما فرقش معاه غيرها وراح طلب إيدها واتجوزوا ، أنا ما انكرش إني لو كنت مكانه كنت عملت كدا وأكتر بس حبي ليها عماني.
فضلنا مقاطعين بعض لحد ما عرفت إنها حامل فيكي ، وقتها كنت هأموت وأشوفها بأي شكل حتى لو مجرد أخ زي ما قالت ، جيت وكانت عايشة هنا ، بعد ما أهلها ماتوا في حادثة ، شهاب نسي اللي حصل وعاملني كأنه مافيش حاجه.
علق ساخراً: ما طبعاً هو ما خسرش حاجه وأهي كانت معاه ومراته وحامل منه.
المهم حاولت انسى واتناسى الموضوع بس لما ماتت انهرت وعرفت إن عمري ما هانساها ، إنتي كنتي تعويض لشهاب عنها لكن أنا ما كانش في حاجه تعوضني فراقها.
فضلت ساكت وصابر وقررت أنتقم منه على إنه أخدها مني وحرمني منها.
قاطعته ديما مستغربة: بس هي ماحبتكش أنت ، هي حبت بابا وهو حبها يعني ما حرمكش منها ، الحكاية دي كانت طرفين بس وأنت اللي دخلت نفسك طرف تالت
نعيم بعند: بس لو ما كانش ظهر في حياتها كانت هتحبني أنا !
صدمت بطريقة تفكيره ولكنه تابع حكايته: إنتي كبرتي وبعتك على بره تكملي دراستك ولما رجعتي اتصدمت ، لما استقبلتك ف المطار كأني شوفت جميلة نفسها جايه عليا ، نفس الإبتسامة ونظرة العنين والبراءة وكل حاجه حتى نفس الماشيه ، بس كأنه للمرة التانية مُصر إنه يحرمني منها ، فكان عايز يجوزك لباسل ...
قطبت ديما حاجبيها: بس دا كان بعد موت بابا ، إيه اللي دخله ؟
نظر لها بحزن: دي كانت رغبته هو ومراد سوا ، فمرة كنا متجمعين وبنتكلم وجات سيرتك وسيرة مقابلة مراد ليكي في انجلترا...
مراد: بجد ربنا يباركلك ف ديما ،دي ملاك دخلت الفرحة على قلبي
شهاب باسماً: ما هي بنت جميلة ، يعني هتجيبه من بره ؟
نعيم: وناوي تخليها ترجع إمتى ؟
شهاب: لما تخلص دراستها هترجع ، هو أنا ساجنها هناك ؟
مراد: ولما ترجع ناوي على إيه ؟
تنهد شهاب: نفسي أطمن عليها ، خايف لتضيع من بعدي ، دي مالهاش غيري
مراد لائماً: وأنا روحت فين ؟ ونعيم راح فين ؟ ، ربنا يديك الصحة وما تخافش ديما قدها وقدود
شهاب بقلق: ديما طيبة وعلى نياتها برغم عيشتها لوحدها في الغربة إلا إنها لحد دلوقتي بتتقرص وما بتتعلمش ، بتدي الأمان للناس بسرعة ، خايف يجي واحد يكسر قلبها ولا يستغلها بكلام الحب عشان ياخد فلوسها
نعيم: ما إحنا موجودين ومش هنسيبها لوحدها
شهاب بتأني: أنا أعرف إن عندك ولد يا مراد مش كدا ؟
مراد متعجباً: أيوه باسل ، ليه خير ؟
شهاب: أصلي كنت بأفكر أطلبه لبنتي
نعيم بصدمه: أنت هتدلل على بنتك يا شهاب ؟؟؟ أنت أكيد أتجننت ! ، دي ألف واحد يتمناها
شهاب: ما هو عشان كدا ، خايف تختار غلط ، وبعدين في مثل بيقول " اخطب لبنتك ولا تخطبش لابنك "
مراد بتردد: طب افرض هما ما حبوش بعض أو رفضوا
نعيم مستهزءاً: أهو عجبك يا سي شهاب ، أهو بيرفضها من أولها
مراد بضيق: أكيد مش قصدي ، ديما على عيني وراسي بس أنا بأقول افرض
شهاب: خلاص خلاص ، اقفلوا الموضوع دا دلوقتي لما تخلص دراستها يبقى يحلها حلال
بعد كدا حصلت الحادثة ومات وإنتي كان فضلك شهر ، رجعتي بعدها ، وقتها افتكر مراد رغبة شهاب الله يرحمه فحب يحققهاله وخصوصاً إنه شاف في عينيك لمعة الحب على حسب قوله.
ما لحقتش اتصرف ولقيتك اتجوزتيه ، كنت متأكد إنه ما حبكيش وإن دي رغبة مراد ، ما كنتش هأخليكي تضيعي مني وتتعذبي بسببه زي ما جميلة ضاعت ، بعتله بوسي وما أخدش معاها مجهود كبير واتجوزها فعلاً وصبرت لحد ما تعرفي لوحدك لإني لو ادخلت كنت هاتكشف ويمكن كنتي اتمسكتي بيه أكتر ، وفعلاً عرفتي وخرجتي من حياته بهدوء ، ارتحت بس كان لازم أنتقم منه عشان حاول ياخدك مني وكمان أذى مشاعرك ، بقيت اخسره في شغله حتى إنتي كمان بدأت اخسرك من تحت لتحت لإني كنت متأكد لو وقع إنتي أول واحدة هتسنديه فكان لازم يبقى وضعك مش زيه بس ع الأقل ما تقدريش تقفي جنبه.
ديما الصدمات تتوالى على رأسها: طب ليه طلبت إني أرجع تاني؟ مع إنه كان أسهل أكون بعيدة
- لا كان لازم ترجعي لكذا سبب ، منهم إنه لازم تكوني موجودة عشان يبقى برغم وجودك إلا إنك مش هتساعديه ودا هيكسره أكتر وكمان لإن أنا ما كنتش عايز الشركة بتاعتك تقع ، أنا عمري ما هأذيكي بس كان لازم تضعف ف الوقت دا ، بس فؤاد اكتشف الحكاية وبدأتوا تصلحوا الوضع قبل اللي أنا عايزه ما يحصل بالظبط وقبل الوقت اللي كنت مخططله ، دخلتك في المناقصة عشان تكسبي ويشوف إنك أول واحدة هتفرحي فيه لما يقع ، بس من غبائك شاركتيه في المنتجع ، دا اللي ما عملتش حسابه وكمان قومتي بالشركة بسرعة رهيبة وخلال فترة زمنية قليلة فبقى عندك سيولة كافية إنك تدخلي شراكة.
ديما بحيرة: طب ما دام مش عايز تأذيني بعت واحد يتهجم عليا ليه لما عرفت إني لوحدي ؟
هتف بغضب: دا غبي ، إنتي عارفة لو كان أذاكي إنتي أنا كنت قتلته وشربت من دمه ، لكن الحمدلله ما جاتش فيكي
ديما: بردو ما عرفتش بعته ليه ؟
-كنت عايزك تخافي وتنشغلي بنفسك وابعدك عنه شوية وكمان اعاقبك على إنك روحتي شاركتيه !
نهضت تصرخ بوجهه: أنت مجنون مجنووووووووون
أمسك ذراعيها وقال بهدوء وتحدي: مجنون بيكي
نزعت ذراعيها منها وتراجعت قليلاً: وأنت جبتني هنا ليه دلوقتي؟ وعايز مني إيه ؟
- هتسافري معايا وهنتجوز وهتبقي ليا أنا
- بجد أنت مجنون
- مش مهم ، المهم اللي بأقوله هيتنفذ
- أنت بتحلم ، غير عدم موافقتي فأنا لسه متجوزة
أجابها بثقة: هيطلقك
بُهتت لثقته فهمست: إزاي ؟
اقترب هامساً بأذنها: دا شغلي أنا بقى
ثم اعتدل وخاطبها بجدية: بكره هتكوني مطلقة منه وبعدين نسافر على أي بلد نقعد هناك لحد ما شهور العده تخلص وبعدين نتجوز
عادت تجلس صامتة تفكر وقد أصابتها قلة الحيلة بالضعف خصوصاً بعد أن قال: أنا هأروح أحضر العشا ، وما تحاوليش تهربي لإنه في حرس ع الباب وهيرجعوكي تاني ، بس وقتها ... هاحبسك في الأوضة فما تخلينيش أضطر أعمل كدا.


اتجه إلى باب جانبي يقود إلى المطبخ ، أزاحت الستائر لتجد بالفعل رجلان مفتولي العضلات يقفان أمام الباب بانتباه فأسدلت الستائر وعادت أدراجها وقد تملكها التعب.


اصدقائي قنبله ذريه بقلم/  ساره محمد سيفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن