13

4.6K 237 3
                                    


فتحت ديما باب مكتبها لتدخل ويلحق بها كلاً من رنا وميرنا وماري ومريم وهن يضحكن من قلبهن.
ميرنا: هههههههه يستاهل ... هو كمان عايزك تحضري له هدومه قبل ما ينزل ؟ ... دا إيه البجاحه دي؟
ماري: بس إنتي خرجتي هدومه إمتى ؟ ... إنتي لحقتي؟
رنا ببراءة: طب أعمل إيه بس يا ماري ... ميرنا خلتني اشتري حاجات كتير جيت أرصها ما لاقتش مكان ... روحت واخده هدومه ووديتها له الأوضة التانية وحطيت هدومي أنا بقى
مريم: هههههههههه دا إنتي طلعتي قوية ومش محتاجه حد يساعدك ولا حاجه ... كلها كام يوم وتطفشيهم
ديما: ههههههههه كفاية هزار بقى وخلينا في الشغل
إلتفتت إلى مريم: خديها على قسم العلاقات العامة وعرفيهم بيها
مريم: حاضر يافندم
رنا: ههههههههه إنتي قلبتيها جد كدا ليه من أولها
ميرنا: إنتي لسه ما شوفتيش حاجه ... دي بتسخن بس
رنا: لا لا براحه عليا أنا ما بقاليش غير ربع ساعة هنا
ماري: بس بأمانة أحلى حاجه إنه إحنا سوا
مريم: فعلاً أنا مبسوطة أوي ... كدا مش ناقصنا غير هدى
ديما: فعلاً أنا محتاجكوا جنبي الفترة دي أوي ... لازم أعرف مين اللي عايز يأذيني وليه !
غمزتها رنا: ما تخافيش وراكي رجاله
ميرنا: ههههههههه إحنا عاملين زي العصابات بالظبط
ديما: أنا لو أطول أوزعكوا في كل الأقسام في الشركة كنت عملت بس ربنا يستر بقى
مريم: ما تقلقيش إحنا معاكي أهو
ميرنا: إنتي محسساني إن وراها فنتاستيك فور ... جاتك نيله دا إحنا مع أول قلم هنجري ونسيبها
انفجرن في الضحك ، قاطعهم دخول باسل العاصف ورامي يلحق به فتوقفن فجأة ونظرن إلى بعضهن بدهشة.
وضع باسل يديه على المكتب أمام ديما وقال بغضب: إنتي عايزة مني إيه؟ ... راجعة تنتقمي مني يعني ولا إيه؟
رامي مهدئاً: براحه يا باسل مش كدا
باسل بنفس النبرة: سيبني يا رامي مش وقتك ... جيبي من الأخر عايزة مني إيه؟
إلتفتت ديما إلى البقية: ممكن تسيبونا لوحدنا شوية ؟
غادر الجميع وبقى رامي وباسل برفقتها فأضافت موجهة الحديث إلى رامي: معلش يا رامي ممكن تشرب حاجه عند مريم بره ؟
تردد رامي قليلاً قبل أن يقبل مغادراً بهدوء ، أشارت لباسل أن يجلس وجلست تسأله: تحب تشرب إيه؟
قال بحنق: يا ريت بلاش الشكليات اللي مالهاش لازمه دي
ديما ببرود: لو إكرام الضيف بالنسبالك مجرد شكليات فدي مشكلة حضرتك مش مشكلتي
أجابها محرجاً: ممكن قهوة
رفعت السماعة وطلبت له ما أراد وعادت تنظر له بجدية مستفهمة: ممكن تقولي في إيه بقى؟ ... بس يا ريت بهدوء عشان أفهم ونقدر نوصل لحل
سألها ساخراً: يعني مش عارفة ؟
أجابته بنفس البرود: لو كنت عارفة ماكنتش سألت ... وأظن أنت أكتر واحد عارف إني بأحب الصراحة وماليش ف اللف والدوران
أجاب: ما تعرفيش إنك كسبتي المناقصة اللي كنتي داخلاها قصادي؟
سألته بهدوء: النتيجة طلعت إمتى؟
-إمبارح
-إمبارح ما كنتش في المكتب غير شوية صغيرين خلصت الورق المهم وبعدين طلعت عالمصنع وكان عندي معاد مع عميل وما رجعتش الشركة تاني ... وإيه المشكلة إني كسبت المناقصة دي؟ ... دا شئ كان متوقع أساساً ولا أنت إيه رأيك؟
سألها مباشرة: إنتي دخلتيها ليه ؟
-وما أدخلهاش ليه ؟
-عشان أنا فيها !
-وأنا أعمل إيه عشان حضرتك فيها؟ ... أضرب تعظيم سلام مثلاً؟
شعر بحنق لإستهزاءها به فرد عليها: إنتي أختفيتي بقالك 3 سنين تقريباً ، إيه اللي رجعك ؟
نظرت له شذراً: والله أنا رجعت لحياتي وشغلي ... لكن ما رجعتلكش يعني ما يفرقش معاك حاجه زي دي ولا إيه؟
-إنتي رجعتي عشان تدمريني !
-وأدمرك ليه ؟
-عشان إتجوزت عليكي
-وما عملتش كدا من زمان ليه؟ ... إشمعنه دلوقتي؟
-ما هو دا اللي عايز أعرفه
أمسكت قلماً وتناولت أحد الملفات بعد أن قالت بحزم: يا ريت حضرتك تتقبل الهزيمة ... عالم الأعمال كدا يوم تخسر ويوم ... الله أعلم ... وبلاش شغل العيال دا ... أنت مش مهم بالنسبة لي ولا بأفكر فيك لدرجة إني أفكر أنتقم منك ... نصيحة مني ليك ، ما تديش لنفسك أهمية أكبر من قدرها
شعر من حركتها أنها أنهت الحوار فنهض منصرفاً: أما نشوف مين اللي هيكسب في الأخر يا مدام ... ديما
فور خروجه تركت ما حاولت أن توهمه بإنشغالها به ، وعادت بها الذاكرة إلى ما قبل 3 أعوام ....
****
ما إن أنهت قراءة تلك الورقة حتى إنهارت على المقعد المجاور لها وتساقطت الدموع بغزارة دون أن تجد مانع يحول دون ذلك ، دلف باسل الغرفة مستغرباً: كل دا ما لاقتيش الور...
بُهت باسل عندما رأى مظهرها فسألها بجزع: مالك؟
سألته مباشرة: أنت أتجوزت عليا ؟
زفر بقوة وأمسك بالملف: هأدي الموظف الملف دا الأول وأرجعلك
غادر ، شعرت بالإنهيار فهو لم ينكر ما واجهته به ، عاد بعد لحظات ولكنه ظل صامتاً فبادرته بإنكسار: هو أنا وحشة أوي كدا عشان تتجوز عليا ؟
نفى ذلك بسرعة: لا لا إنتي مافيش منك ، صدقيني
نهضت فجأة وقد دبت في جسدها الطاقة بطريقة عجيبة وصرخت: أومال ليه؟ ليه؟ أنا غلطت في حقك في إيه ؟ فهمني!
أمسك كتفيها لتهدئتها وصاح: غلطتك ! غلطتك إنك خليتي أبويا يحبك ، غلطتك إنه شافك الإنسانة اللي ما يتمناش غيرها زوجة لإبنه ، عرفتي غلطتي ف إيه ؟
-باباك ؟ ... وماله باباك بالموضوع؟
تنهد بقوة قبل أن يتابع موضحاً: بابا لما تعب بعد فترة من زيارتك ليه وأخدناه المستشفى وبدأ يفوق صمم إني أتجوزك وقتها الدكتور قالي مش لازم أزعله وأعمل كل اللي يطلبه مني ... وافقت إني أتجوزك وإتجوزتك فعلاً
-وما قولتليش ليه؟ ... كنت أنا رفضت وماكانش زعل منك
-إنتي مش فاهمه ... مش مهم يزعل مني أو من غيري ... المهم إنه ما يزعلش أصلاً ... أي زعل بيأثر على قلبه
-طب كنت قولي فهمني ما تسبنيش عامية كدا
-حاولت صدقيني حاولت بس ما قدرتش!
-كنت بتحبها من قبل ما تتجوزني؟
-لا أنا ما عرفتهاش أصلاً غير بعد الجواز بكام شهر
سألته مترددة وهي تشير إلى قلبه: يعني طول فترة جوازنا عمري ما قدرت أدخل هنا ولو شوية ؟
زفر وهو يمسح شعره بيديه قائلاً بيأس: مش عارف صدقيني مش عارف ... يمكن لو كنت إتجوزتك برضايا أنا وبمزاجي مش بضغط من بابا ... كنت حبيتك ... إنتي إنسانة جميلة جداً من بره ومن جوا بس الظروف هي اللي عملت فينا كدا
-هي عارفة إنك متجوزني؟
أومأ موافقاً: أيوه ... وقبلت نخبي جوازنا لحد ما أقنع بابا إنه قراره بجوازي منك كان غلط أو على الأقل إنه نطلق
أردف ساخراً: بس هأقنعه إزاي وأنا أصلاً مش قادر أقتنع
-أه تقوم متجوزها عليا في السر وتخليني أنا اللي أدفع التمن مش كدا؟
قال بحزن: أسف
-ودي أصرفها منين؟
سألها بيأس: طب تحبي أعمل إيه عشان تسامحيني؟
أجابته بقوة: تطلقني !
وقعت عليه تلك الكلمة كوقع الصاقعة ، لم تمهله لينفذ طلبها فقد إنصرفت إلى غرفتها وجمعت أغراضها كيفما اتفق ، غادرت الفيلا مسرعة وعندما قابلته خارجاً من باب المكتب قالت: ورقتي توصلني في أقرب وقت لو سمحت
وغادرت المنزل بغير رجعة.
****
أفاقت من ذكرياتها على صياح مريم: مالك يا ديما؟ ... عملك إيه تاني؟
مسحت دموعها بسرعة: ماعملش الذكريات هي اللي عملت
سألتها بشفقة: لسه بتفتكري الموضوع دا وتفكري فيه؟
أشاحت بيدها في الهواء وقالت: المهم إحنا كسبنا المناقصة؟
أومأت مريم إيجاباً: أيوه ... لسه شايفة الورق بتاعها حالاً مع إنه وصل من إمبارح بس عشان كنت معاكي في كل مشوار عملتيه
-ولا يهمك ... أنا مش هأروح أقابل عميل بره لوحدي ... مع إني ماكنتش موافقة بس بصراحة لما شوفته مقعد وحابس نفسه في البيت عشان بيخاف من نظرات الشفقة من الناس عذرته وغير كدا ما كنتش روحت
-عارفة ... ربنا يشفي كل مريض
-أمين ... عرفتي رنا على القسم بتاعها؟
-أيوه واستقبلوها وسيبتهم يسلموها الشغل بتاعها
-تمام ... روحي بقى شوفي باقي شغلك إنتي كمان
-ماشي
ترددت في المغادرة فسألتها ديما: في حاجه تانية يا مريم؟
مريم: أصل ... أصل ... أصلي كنت عايزه أخرج بدري إنهارده
-ليه؟ ... فيه حاجه ؟
نظرت أرضاً مجيبة: كنت عايزة أروح أشوف ماما يعني وأطمن عليها
ابتسمت ديما بسعادة: ودي محتاجه إذن؟ ... روحي من دلوقتي يلا
رفضت: لا ... ورايا شغل هأخلصه وكمان أكون أطمنت إنه مرات أخويا نزلت السوق وأعرف أشوفها لوحدي
تفهمت موقفها: خلاص روحي خلصي شغلك عشان ما تتأخريش
إتجهت إلى مكتبها وبدأت تنهي ما تبقى لها من عمل قبل أن تنصرف وأخذت تفكر كيف ستستقبلها والدتها ؟
----------
تعرفت على زملائها بالعمل الجديد ، كانت تشعر بالسعادة فستحقق ذاتها وحلمها الذي تخلت عنه بسبب رفض زوجها لفكرة عملها بالخارج وغيابها عن المنزل لساعات ولو معدودة ، جلست على مكتبها بأنتظار أن تأتي زميلتها شيماء إليها بالعمل الذي ستقوم به ، تطلعت حولها فقد أعجبها جو الألفة في المكان كان المكتب يحتوي على خمسة مكاتب المجاور لها هو مكتب شيماء والمقابل لها مكتب زميلتهم التي تأخرت كعادتها سميرة هكذا أخبرتها شيماء والمجاور لمكتب سميرة هو مكتب عوني والمكتب الذي يحتل المنتصف بين صفي المكاتب هو مكتب معاون رئيس القسم الأستاذ عادل وهو الشخص الذي ستتعامل معه مباشرة وأيضاً حلقة الوصل بين الموظفين ورئيس القسم.
وضعت أمامها عدد من الملفات: إتفضلي يا ستي ... أنا هأقولك هتعملي إيه ولو وقف قدامك أي حاجه قوليلي وأنا مش هاتأخر
رنا ممتنة: شكراً يا شيماء
بدأت شيماء تشرح لها طريقة العمل من ثم تركتها متوجهة إلى عملها ، إنكبت على الأوراق تتصفحها ، دخلت إمرأة في أواخر الثلاثينيات قائلة بضيق: يحرق الخلفة عاللي عايزين يخلفوا
ضحكت شيماء: هههههههههه دي بقى يا رنا بدل صباح الخير عند الأستاذة سميرة
نظرت سميرة إلى الموظفة الجديدة: إنتي بقى المستجدة هنا ؟
شيماء محذرة: براحه عليها يا سميرة هي لسه ما تعرفكيش
هزت كتفيها بلا مبالاة سألها عوني ضاحكاً :مشكلة كل يوم؟
-هو فيه غيرها ؟
إلتفتت شيماء لرنا موضحة: أصل سميرة مطلقة وعندها 4 صبيان ما شاء الله ... وكل واحد مدرسته في حته شكل وهي بقى لازم توصل كل واحد مدرسته
قالت رنا ببديهية: طب ما كانت حطيتهم في مدرسة واحدة وخلاص
ضحك عوني قائلاً: ما هو ماينفعش خاااالص
وضحت سميرة: يا ستي طلال في أولى ثانوي و عماد في تانية إعدادي و محمد في تالته إبتدائي و أخر العنقود بقى لؤي دا في كي جي 2
رنا متعجبة : يعني إنتي مش مطلقة بقالك كتير؟
رفعت إصبعين من أصابعها قائلة: من سنتين بس
شعرت سميرة بترددها في السؤال المعتاد فأعفتها من الحرج قائلة: ما تتكسفيش تسأليني أنا اتعودت خلاص ... طلقني يا ستي عشان دا
وأشارت إلى بطنها المترهل من كثرة الحمل: قال إيه بقيت بكرش ومش مهتميه بنفسي وكل همي الولاد والخلفة عشان أربطه جنبي
شيماء: ويا ريته اتربط ولا اتنيل
سميرة بحنق: على أساس إنه مش هو السبب في دا يعني
عوني: ما سمعتوش عن حاجه اسمها حبوب منع الحمل ؟
هتفت سميرة بغضب: ما هو اللي فارسني إنه قبل الجواز كان عمال يقولي عايز عالأقل دسته عيال وأهو لسه ما كملناش نصها قام طلقني واتجوز واحدة تانية !
عوني: هههههههه يمكن عايز يغير في الجينات شوية
دخل رجل طويل ذو بنيان قوي وسيم الملامح ، شعر أسود ناعم وعينان زرقوان كأمواج البحر قال ممازحاً: شايف أنه ليك يا عوني في كلام الستات دا !
ضحك عوني: هأعمل إيه بقى يا أستاذ عادل في البيت كدا وفي الشغل كدا ... من عاشر قوماً أربعين يوماً صار منهم بقى
عادل ضاحكاً: طب كمل شغلك بقى لتبقى من قوم القهاوي
ثم استدار إلى سميرة: وإنتي مش هتبطلي تأخير بقى؟
-أعمل إيه طيب يا أستاذ عادل في العيال ومدارسهم
-إشتركي في الباص بتاع المدرسة
لوت شفتيها قائلة: ما هو أربع مدارس بأربع باصات والمصاريف مش متحملة
-هو أبوهم مش بيديكي نفقة؟
-لا هو بيصرف عالسنيورة الجديد وناسي إنه عنده ولاد ... والقضية اللي رفعتها عشان النفقة لسه ما صدرش الحكم فيها
-خلاص إصحي بدري شوية ... ما هو كدا مش هينفع بردو
أومأت موافقة: هأحاول والله يا أستاذ
نظر نظرة إستفهام إلى رنا الجالسة على مكتبها فبادرت شيماء بتعريفها : دي مدام رنا اتعينت إنهارده يا أستاذ عادل
ارتسمت إبتسامة ترحيب على شفتيه ومد يده لمصافحة رنا التي نهضت من مكانها وقالت بخجل: أسفة ما باسلمش على رجاله
أخفض يده مبتسماً دون أي شعور بالحرج بل تفهم موقفها: أتمنى إنه شغلك معانا يعجبك
-إن شاء الله
تركها متجهاً إلى مكتبه وانشغل كل فرد بعمله.


اصدقائي قنبله ذريه بقلم/  ساره محمد سيفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن