42

4.5K 240 1
                                    


استيقظ علي من نومه ليجد البيت هادئ وكأنه في سبات عميق ، اتجه إلى المطبخ ليجد نادية ماتزال تقف به فسألها بحيرة بعد أن فتح الثلاجة وبدأ يرتشف من زجاجة الماء ليروي عطشه- أومال فين الولاد ؟أجابته وهي تقلب السلطة: خرجوا هما ورنا مع باباها ومامتها
خرج الماء من فمه دفعة واحدة كرشاش الماء المسئول عن ري الحدائق وقالت بصوت صارخ: مع ميييييين؟؟؟نظرت إليه نادية بتعجب: هو في إيه ؟أنتابه القلق وشعور بالخوف: ربنا يستر ويرجعوا
تركها في دهشتها وإتجه إلى غرفة الأولاد ، فتح الخزانات ليجد الملابس في أماكنها والألعاب مستقرة في الصندوق المخصص لها.وفي غرفة رنا ، حقيبة السفر فوق الخزانة لم تتحرك من مكانها وخزانتها مملؤة بأغراضها.تنهد براحه شديدة فهي حتى الآن لم ترحل ولكن دب القلق في قلبه مرة أخرى فبالتأكيد بعد حديثها مع والديها وعلمهما بزواجه عليها لن يسمحا لها بالإستمرار معه وسيأخذانها غصباً.تخلل شعره بأصابعه وقد ارتسم الحزن على وجهه: لا أكيد رنا مش هتسيبني أكيد مش هتسيبني----------------وضعت كأس عصير الليمون على الطاولة أمامها بعد أن إرتشفت منه القليل تهرباً من الحديث مع والديها.الأم بضيق: إنتي ليه ما قولتلناش إنه إتجوز عليكي ؟؟؟بلعت ما إرتشفته بضيق وأجابت ببرود: أنتوا كنتوا مسافرين وما حبتش أقلقكوا
الأم بحنق: طب كويس إنك عارفة إنه الموضوع يقلق
الأب: أعتقد إنه إحنا حذرناكي من الأول إنه مش مناسب ليكي
الأم: أنا من الأول ما كنتش مستريحه له ، زي ما يكون قلبي كان حاسس إنه واحد غدار
الأب محدثاً رنا التي تنظر إلى الكأس بيدها في ملل واضح: واتجوز عليكي ليه بقى ؟الأم: عنده ولدين يعني مش الخلفة وإنتي جسمك حلو أهو ومش باين عليكي السن يبقى أكيد مش إنتي ،إيه السبب بقى؟صمتت رنا قليلاً لا تعلم بما تجيب حتى استقرت على: عايز بنت
الأم بفزع: نعم ؟؟؟؟؟؟الأب مهدئاً: اصبري شوية خلينا نسمعالأم بغضب شديد: نسمع إيه ! ، دي بتقولك عايز بنت ! ، والله أنا أول مرة أسمع كدا ، على طول الراجل بيبقى نفسه ف ولد من إمتى طلعت حكاية البنت دي كمان ؟الأب بهدوء: أكيد مش السبب الوحيد ، في سبب تاني صح يا رنا؟أخفضت رنا رأسها بخجل وقصت عليهم الأسباب التي عرضها عليها.نظرت الأم لزوجها قائلة بضيق شديد: أسباب غير مقنعة ، دا أكيد مريض نفسي!!رنا بسخرية: خلاص خلي بابا يعالجه
الأب بغضب: إنتي بتتريقي عليا يا بنت !رنا ببرود: أبداً ، مش حضرتك دكتور نفسي؟ وماما بتقول عليه مريض نفسي؟ ، خلاص يبقى حضرتك تعالجهالأم: وإحنا مالنا نعالجه بتاع إيه ؟ ، إنتي تتطلقي منه والموضوع يخلص على كدا ويبقى يعالج نفسه بمعرفته بقىرنا: وولادي؟الأم: هنحطهم في عينينا ، مهما كان دول أحفاديرنا بهدوء: بس أنا مش عايزة ولادي يتربوا بعيد عن أبوهم
الأم باستنكار: يعني إنتي عاجبك الوضع اللي إنتي في دا؟ ، مبسوطة بالهانم اللي عايشة معاكي واللي ما كلفش نفسه يجبلها شقة لوحدها ؟تنهدت رنا بقوة: أنا مرتاحة كدا
الأب ساخراً: واضح بأمرة عصير اللمون اللي ما بتحبهوش وعماله تشربي فيه من ساعة ما قعدنا
لوت رنا شفتيها فأردف بجدية: على العموم إنتي حرة دا كان إختيارك من الأول
رنا: بالظبط كدا كان إختياري من الأول ولازم اتحمل نتيجته
الأم لزوجها: معلش روح شوف الولاد راحوا فين عشان مش شيفاهم
نهض مدركاً رغبة زوجته بالإنفراد برنا قليلاً.بدأت الأم تتحدث بحنان ولأول مرة منذ بداية الحديث مع ابنتها بل منذ إصرار رنا على الزواج بعلي: رنا يا حبيبتي إنتي إيه اللي ما خلاكيش تتصلي بينا تقوليلنا اللي حصل معاكوا ؟حاولت رنا الحديث ولكن والدتها قاطعتها بقوة: ما تقوليليش الكلام الفراغ بتاع أقلقكوا وأزعلكوا واشغلكوا بمشاكلي لإنه كلام قديم ومالوش لازمه ، قولي الحقيقة كنتي خايفة إننا نلومك ونقولك دا كان إختيارك اللي أصريتي عليه وإحنا كنا رافضينه من الأول زي ما باباكي عمل دلوقتي صح ؟ظهر شبح إبتسامة على شفتي رنا: ما أديكي عارفة أهو يا دكتور أومال بتسألي ليه ؟ابتسمت الأم بحنان: أنا عرفت عشان أنا مامتك اللي ربتك مش الدكتورة النفسية
تنهدت رنا بحرقة فتابعت الأم: إنتي عايشة في الوضع دا مش عشان ولادك مع إنهم جزء من السبب بس مش كلهنظرت إليها رنا بترقب ، ابتسمت الأم مضيفة: إنتي لسه بتحبيه ... صح؟
ترقرقت الدموع في عيون رنا مما جعل الأم تجذبها إلى صدرها وتربت على رأسها بحنان حتى تهدأ صغيرتها.بعدما أفرغت رنا ما بداخلها من ألم في الدموع ، إعتدلت في جلستها ومسحت ما تبقى على وجنتيها.بادرتها الأم بحنان: أنا هأكلمك دلوقتي بوضوح وصراحةنظرت إليها رنا متخوفة من الكلام الآتي ، ابتسمت الأم بتفهم: الكلام هيبقى نصيحة لكن مش هأضغط عليكي تمشي بيه ، إنتي بنت واعية وبقيتي أم وتقدري تعرفي المناسب ليكي واللي مش مناسبأومأت رنا بصمت فتابعت الأم حديثها ولكن بلهجة جدية: إنتي متقبلة الوضع دا دلوقتي بس مش هيستمر ودا أنا متأكدة منه لإنه بنتي اللي ربتها مش هتستحمل تكون رقم 2 في حياة اللي بتحبه أو على الأقل يكون ليها شريك فيه ، بس يا ترى فكرتي هيحصل إيه لو التانية حملت ؟ ، وبقى لولادك أخ غير شقيق ، سيبك دلوقتي إنه ولادك ممكن يتأقلموا أو لا مع الوضع ، إنتي ... إنتي هتقدري تتقبلي إنه بقى أب بس من ابن أو بنت واحدة غيرك ؟ ، حتى لو كل دا ما حصلش ، إنتي دلوقتي تحت ضغط عصبي كبير ... أه مش باين عليكي ... وأه إنتي متحملة دلوقتي الضغط دا ... بس إنتي بشر يا رنا ... زيي وزي أبوكي وليكي قدرة معينة عالتحمل ... وهيجي وقت مش هتبقي طايقة نفسك ولا طايقة حد ... وهتلاقي حبك لعلي دا اتحول فجأة لكره ... مش شرط الكره بالمعنى المعروف بس مش هتبقي طايقة تشوفيه وتتمني إنه عمرك ما عرفتيه
رنا بضعف: طب وأنا أعمل إيه ؟نظرت لها والدتها بجدية: إنتي اللي هتبقي عارفة تعملي إيه مش أنا ، أنا باكلمك لإني بره المشكلة إلى حد ما وبأحاول أوضحلك اللي إنتي مش شايفاه أو مش عايزه تشوفيه عشان تعرفي تفكري صح وتحلي مشكلتك بالطريقة اللي تريحك
لمحت الأم إقتراب الأولاد برفقة جدهم فقالت مسرعة: بس اللي عايزاكي تتأكدي منه إنه مهما كان قرارك أو اللي عايزة تعمليه فأنا وباباكي هنفضل جنبك حتى ولو إنتي الغلطانة وعمرنا ما هنلومك على غلط عملتيه لإنك ببساطة بنتنا اللي طلعنا بيها من الدنيا
ركض كرم إلى رنا قائلاً بحماس: شوفتي يا مامي جدو جابلي فشار وقال هيداخلني سنيما
أمجد: مش كنتي جيتي تلعبي معانا يا مامي
رنا بإبتسامة صغيرة: معلش المرة الجايه
الجد بمرح: يلا بقى أنا عايز أشوف الفيلم من أوله
أمسك كل من الصغيرين يد الجد وانطلقت رنا برفقة والدتها في إثرهم.----------------ابتسمت الفتاة الواقفة في إستقبال أحد الفنادق الشهيرة والتي تتميز بالأناقة والرقي قائلة: تحت أمرك يافندم
ديما: أنا كنت حجزت أوضة باسم ديما شهاب الدين الفاروقالفتاة بنفس الإبتسامة: طيب ثواني يا فندم
بعد عدة نقرات فوق الحاسوب الذي أمامها عادت إلى ديما بإبتسامتها: صحيح يا فندم
أشارت الفتاة إلى أحد العمال: وصل الهوانم لغرفة 1054
إلتفتت ديما إلى مريم: اطلعوا أنتوا بقىمريم بتعجب: وإنتي مش هتطلعي معانا ؟ديما بغموض: لا ، ورايا مشوارمريم بشك: مشوار إيه دلوقتي ؟ الساعة داخله على 6 ؟ديما بنفاذ صبر: يلا يا مريم ، ماما تعبت من الوقفة ، هأبقى أقولك بعدين
إلتفتت لتغادر ولكن مريم أمسكت بذراعها قائلة بهمس يشوبه القلق: خلي بالك من نفسكرسمت ديما إبتسامة هادئة على شفتيها: ما تخافيش ، بإذن الله مافيش حاجه هتحصل
تركتها مسرعة ، لاحظت الأم قلق إبنتها على ديما فربتت على كتفها قائلة بحنان: هنطلع نصلي وندعي ربنا يحميها وبأمره مش هيجرالها حاجه
مريم بقلق: يا رب--------------------ظل يذهب ويجئ في كل الإتجاهات ، يضرب قبضته بكف يده الأخرى ، القلق والأنتظار شعوران متلازمان مهما مر الزمان ، فمهما كان البلاء شديد نتمنى وقوعه بسرعة عن إنتظاره.انتفض في مكانه عندما سمع طرقات على الباب ، زاد توتره ولكنه إتجه ليرى من بالباب.
أخبرته الخادمة بأن إمرأة تدعى ديما جلست تنتظره بغرفة إستقبال الضيوف.وقع اسم ديما على أذنيه كوقع الصاعقة ، ماذا تفعل هنا ؟ لماذا ليست في منزلها؟ ، هل فشلت خطته للمرة الثانية على التوالي؟
زفر بقوة وتمالك أعصابه قبل أن يتجه إلى ضيفته.
تركت كأس الماء على الطاولة ورسمت إبتسامة مخادعة على شفتيها ونهضت: أسفة يا أستاذ نعيم إني جيت من غير معاد
أشار إليها بالجلوس ولحق بها قائلاً بهدوء: أبداً ، البيت بيتك ف أي وقت تقدري تيجي ، دا البيت نور أصلاً- ميرسي ، دا من ذوق حضرتك
سألها بشك: هو حصل جديد عشان تجيلي دلوقتي ؟رشفت رشفة من كأسها قبل أن ترد: كنت عايزة أعرف بس حضرتك وصلت لفين في القضية بتاعت الحرامي اللي دخل شقتي
عقد ذراعيه قائلاً بهدوء: لسه ما حصلش جديد ولو في أكيد إنتي أول واحدة هأبلغها
- معاك حق ، بس بصراحة بقيت خايفة أقعد في البيت لوحدي وصحابي كلهم ليهم حياتهم ومش عايزة أزعجهم- بابي مفتوحلك ف أي وقت ، ومافيش داعي للخوف الجاني واتقبض عليه - يمكن بردو ، على العموم لو حصل جديد ما تنساش تبقى تكلمني في أي وقت
أومأ موافقاً: أكيد
تناولت حقيبتها مغادرة: استأذن أنا بقى
- ليه؟ ما لسه بدري
- لا كفاية لحد كدا ، دا أنا أزعجت حضرتك ف يوم أجازتك- لا مافيش إزعاج ولا حاجه
غادرت ديما وعلى شفتيها إبتسامة سخرية ، قادت سيارتها عائدة إلى الفندق الذي ستقضي الليل فيه برفقة مريم ووالدتها.انشغلت بشعور النصر فلم تلمح السيارة التي كانت تسير خلفها لتحدد وجهتها.


اصدقائي قنبله ذريه بقلم/  ساره محمد سيفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن