49

4.4K 232 1
                                    


كانت الساعة الثامنة مساءً ...
أجابت رنا على هاتفها: السلام عليكم
أجابها الطرف الأخر بالإنجليزية مسرعاً: مدام رنا ، أرجوكِ ساعديني ،ليزا تشعر بألم رهيب وأنا لا أعلم كيف اتصرف ولا إلى أين أذهب
رنا بإهتمام: ماذا بها ؟
جاك بقلق: تتألم كثيراً ممسكة بمعدتها وقد لاحظت إرتفاع درجة حرارتها قليلاً
رنا وقد تسرب إليها القلق أيضاً: أين أنتم الآن ؟
جاك بحيرة: لا أعلم ، نحن نقف أمام النيل ، ولكن يوجد محل هنا اسمه ....
قال اسم محل باللغة الإنجليزية فتعرفت عليه رنا في الحال ، أغلقت معه الخط على وعد منها بالإسراع قبل أن تسوء حالة ليزا أكثر.
همت تبحث عن علي لتخبره فتذكرت أنها خرج قبل قليل بعد أن جاءه إتصال ولم يقل إلى أين.
حاولت مهاتفته مراراً ولكنه أغلق الخط في وجهها فأسرعت تغادر في حنق وسرعة.
-------------
تغرق الشمس بين أحضان البحر المالح ، يظهر لونها مزيجاً عجيباً من الألوان ، ترحل على استحياء كأنها تخجل من إزعاج العاشقين الملتفين حول طاولة صغيرة على الشاطئ ينظران لها بتأمل وقد سحرتهم بجمالها المبهر.
سألها وهو يضمها إلى صدره بقوة: ما تتخيليش أنا سعيد قد إيه ، عمري ما فكرت إنه ممكن سعادة الإنسان توصل للدرجة اللي أنا حاسسها دلوقتي.
نظرت إليه مريم باسمة: مش زي فرحتي إني دلوقتي معاك وجوا حضنك
كريم ضاحكاً: ربنا يتمم سعادتنا على خير ، وأما نبدأ حياتنا اللي بجد وندخل في دوامة المشاكل ما نغيرش رأينا.
تمسكت مريم بيديه قائلة بحب: طول ما إيدي في إيدك ، تقومك لما تقع ، تسندك لما تضعف ، تتمسك بيك عشان تفهمك إنها مش هتسيبك مهما حصل ، يبقى عمرنا ما هنغير رأينا.
تنهد كريم بقوة: يا رب أفضل أسمع الكلام دا حتى بعد ما ابننا المزعج يشرف
مريم مندهشة: ابننا مين ؟ هو إحنا لحقنا !
كريم بجدية مصطنعة: هو إحنا بنهزر ولا حاجه !
مريم مقهقهة: ماشي ، بس ما تقولش على ابني مزعج
كريم: ما هو لما يحرمني منك أكيد هيبقى مزعج
بمجرد إنتهاءه من الجملة إرتفع رنين الهاتف فقال بضيق: أهو دا فعلاً المزعج اللي بجد
نظر إلى هواية المتصل ، نظرت إليه مريم مستغربة فأجابها متنحنحاً بحرج: دي ماما
ضحكت مريم بشدة: طب ما ترد
أجاب وهو يشعر بالحنق لضحك مريم عليه: السلام عليكم ... أيوة يا ماما ... مالك يا حبيبتي ؟؟؟ ، إيه ؟؟؟ خلاص خلاص أنا جاي ، مسافة الطريق.
سألته مريم بقلق: في إيه ؟
كريم مضطرباً: ماما تعبت وهي لوحدها وأنا خايف عليها.
مريم بتساؤل: طب كلمتك إزاي وهي تعبانه ؟
كريم: هي بتقول إنها بقت أحسن دلوقتي بس صوتها مش مطمني ، أنا لازم أرجع القاهرة حالاً
هبت مريم قائلة: أكيد ، أنا هأجهز الشنط بسرعة.
أمسك يدها بإمتنان: ربنا يخليكي ليا ، وصدقيني هأعوضك عن بقية الأيام اللي هتروح مننا.
ابتسمت بحنان: ما دام أنت معايا مش مهم المكان ، ويلا بقى عشان نطمن على ماما.
----------------
جلست رنا في الخلف برفقة ليزا بينما كان جاك يقود مسرعاً تبعاً لإرشادات رنا.
مسحت رنا جبهتها المتصببة بالعرق ولاحظت إرتفاع درجة الحرارة بشدة.
وصلا في النهاية إلى المستشفى بسلام واستقبلهم الأطباء والممرضين ونقلوا ليزا إلى غرفة الفحص.
-إنها الزائدة الدودية ويجب استئصالها فوراً
هكذا ترجمت رنا كلام الطبيب لجاك.
صرخ جاك بالإنجليزية: افعلوا ما تريدون ، أريدها بخير فقط
أومأ الطبيب متفهماً واتجه ليأخذ الإجراءات الملائمة لبدء العملية.
وقفا خارج غرفة العمليات بإنتظار خروجها ، استندت رنا بظهرها على الحائط تنظر إلى حذائها بشرود بينما جلس جاك على المقعد خوفاً من الإنهيار.
سمعته فجأة يتحدث بحزن شديد: أرجوك ليزا لا تتركيني ، أنتِ كل ما تبقى لي في هذه الحياة ، لم أكن حياً حتى وهبني الرب إياكي ، لقد شعرت بحب الرب لي عندما ظهرتي أنتِ ، ماذا سأفعل إذا رحلتي وتركتني ، سألحق بكِ دون شك يا عزيزتي.
أشفقت رنا على حاله بشدة ، لقد كان بالأمس فقط يتحدث بصلابة وقسوة كأنه لا يملك قلباً واليوم يتحدث كأنه شخص أخر غير السابق ، هل حبه لها السبب أم حبها له ؟
حاولت مشاركته في حالته فسألته: منذ متى وأنتما متزوجان ؟
تفاجئ جاك لسؤالها ولكنه أجاب: منذ عشر سنوات ولكني تعرفت عليها قبل زواجنا بعامين.
ابتسمت رنا مواسية: ستكون بخير لا تقلق عليها
جاك بأسى: لقد طلبت مني منذ فترة أن نتبنى طفل بعد أن اكتشفنا عدم جدوى الأدوية والعلاج ولكني رفضت بشدة
سألته بعفوية: ولماذا لم تتزوج غيرها إذا كان العيب منها أم هو منك ؟
نظر لها جاك بغضب ولكنه أجابها بصدق: أنا لا أتخيل حياتي بدون ليزا وهذا أحد الأسباب التي جعلتني أقبل بمجيئها معي هنا إلى مصر ، وأيضاً أنا لا أحب الأولاد عموماً والسبب الوحيد الذي دفعني لحبهم أنهم سيكونون قطعة منها ، فأملك ليزا زوجتي وليزا ابنتي أو ابني الذي يحمل رائحتها بين خلاياه.
سألته: أتحبها إلى هذا الحد ؟
ابتسم بضعف: وكيف لا أحبها وهي التي وقفت بجواري وقت فرار الناس من حولي ، رأت جبروتي وقوتي ولم تخف لقد كانت تخاف عليّ في أوقات ضعفي فهذه ليست بعادتي رغم أنها لا تحبها ، لقد بثت في روحي الحياة بعد موتها وأعادت لي حيويتي بعد أن سلبتها مني الحياة ، إنها أجمل وأعظم نعم الرب عليّ.
ابتسمت بحسرة مفكرة ، لم يرزقه الله منها بأولاد فرفض تركها وتمسك بحبها ، قدر ما بذلته من أجله مهما كان عملاً صغيراً وعادياً في نظر البعض والأخر لم يقدر.
إذا كان هذا الذي يحمله جاك بقلبه تجاه ليزا هو الحب فماذا يُسمى ذلك الذي يحمله علي تجاهها؟
أطمئنت على خروج ليزا وبقاء جاك بجوارها حتى تستيقظ ، استأذنت بالعودة إلى منزلها وطلبت منه أن يتصل بها في أي وقت يحتاجها فيه.
--------------
وصلا أخيراً بسلام بعد أن فقدت مريم الأمل في عودتها سليمة.
صعدا إلى شقة والدته وفتح الباب ليجدها تجلس أمام شاشة التلفاز بهدوء وأمامها تشكيلة من كل أنواع التسالي.
اتجه كريم إليها مستغرباً: ماما إنتي كويسة ؟
ضمته والدته إليها بقوة: وحشتني يا كريم أوووي
اقتربت منهما مريم قائلة: سلمتك يا طنط
والدة كريم بصوت خافت: الله يسلمك
كريم بلوم: كدا يا ماما تقلقيني عليكي وتخليني أجي على ملا وشي
والدته بسعادة: المهم إنك جيت بالسلامة وشوفتك ، أنت ماكنتش عارف أنك واحشني قد إيه
كريم بتوجس: وحشتك إيه يا ماما دا أنا لما كنت بأروح العين السخنة كنت بأقعد بالأسبوع والإتنين من غير ما أشوفك
والدته بحزن: بس كنت كل شوية تكلمني مش ناسيني كدا
كريم متعجباً: ناسيكي إيه يا ماما بس ، دا أنا كنت بأكلمك أول ما أصحى وقبل ما أنام
والدته مسرعة: أهو شوفت مرتين في اليوم بس ! لكن لما كنت بتروح شغلك كنت بتكلمني أكتر من 5 مرات ، يظهر إنه العروسة خلاص أخدتك مني.
كريم: مريم نفسها كانت بتكلم مامتها مرة واحدة في اليوم
والدته بحنق: ما هي مش بيفرق معاها ، دي سابت أمها يا حبة عيني 3 سنين من غير ولا كلمة ، مش عايزها تكلمها مرة واحدة في اليوم ؟؟؟ ، دا كويس أنها عبرتها أصلاً!
اقتربت منها مريم وقبلت يدها باسمة مخفية كسرتها: ما عاش ولا كان اللي ياخد ابنك منك يا ماما ، معلش حقك عليا أنا بعد كدا هاخليه يكلمك 10 مرات في اليوم مش 5 بس
والدته: لما نشوف
نهضت مريم قائلة بحماس مصطنع: أنا هأغير هدومي وأحضرلكوا العشا
اتجهت إلى الغرفة التي فرشتها على ذوقها بعد أن رفضت استقلالهما عن والدته في شقة خاصة ، فكيف يقبل قلبها ويغفر لها ربها ترك إمرأة مسنة في المنزل بمفردها.
حدثت نفسها: دا أنا شكلي هأشوف أيام لوز معاكي يا حماتي المصون ، شكل البت ميرنا معاها حق وتقمصت دور الحما بحق وحقيقي.
--------------
خرج من غرفته بعد عدة ساعات من العزله ليجد ماري تجلس أمام شاشة التلفاز المطفئة وهي في حالة شرود شديد.
لمح بقايا الدموع فوق وجنتيها فشعر بالألم يمزق قلبه ، لقد تسبب في حالتها هذه رغم حبه الشديد لها.
جلس على ركبتيه أمامها متوسلاً: أسف سامحيني ، ماكنتش أقصد أضايقك
مسحت وجنتيه بكف يدها وقالت بإبتسامة واهنه: مش هأزعل بس لو قولتلي مالك
زفر بحدة وسألها: مصممة ؟
أومأت بصمت فتابع: لما لقيت مافيش حمل وماما كل شوية تسألني عنه ماحبتش أكلمك في الموضوع عشان ما أضايقكيش ، بعدين فكرت إنه العيب ممكن يكون مني وإني أنا سبب التأخير دا
سألته بتفهم: كشفت ؟
أومأ برأسه وصمت فأردفت: وإيه النتيجة ؟
بعد صمت طويل أجابها: طلعت سليم
رفعت رأسه ونظرت في عينيه لتعرف الإجابة منها قبل لسانه: أومال الحزن ف عينك ليه ؟ ، هي دي حاجه تزعل؟
أطرقت قائلاً: أصل خايف إنه لم تكشفي إنتي يطلع ...
توقف عن إكمال جملته فأكملتها: العيب مني ؟
تمعنت به: أنت خايف العيب يكون فيا وما تعرفش تقولي إننا لازم نسيب بعض عشان تتجوز اللي تجيبلك طفل ؟؟
وضع يده بسرعة على فمها وقال معاتباً: أوعي تقولي كدا ، أنا كنت خايف إنك تطلبي تسبيني زي ما فكرت أقولك سيبيني لو طلع العيب مني ، مش ذنبك إنك تعيش مع واحد مش هيخلف
سألته بترقب: يعني لو العيب مني مش هتفكر تسيبني؟
شريف بحب: لو الواحد يقدر يتخلى عن الهوا اللي بيتنفسه عشان يعيش ، وقتها بس أقدر اتخلى عنك.
تساقطت دموعها وقالت بخجل: أنا عايزه أعترفلك بحاجه.
نظر إليها مستفهماً فتابعت: أنا كمان ماما كانت بتكلمني في الموضوع كتير وعشان كدا روحت للدكتور وكشفت
أنتبهت جميع حواسه منتظراً التكمله: والدكتور قالي إنه مافيش حاجه وإني ممكن أحمل ف أي وقت
ابتسم شريف براحه: يبقى ربنا لسه ما أردش
ابتسمت ثم ضربته بقبضتها في كتفه قائلة بغيظ مرح: يعني نكد عليا وعلى نفسك من غير سبب ، وقال إيه بيقولوا الستات هما اللي نكديين ، كانوا يجوا يشوفوك
سألها ضاحكاً: طب وإنتي ما قولتليش إنك كشفتي ليه؟
ماري غامزة إياه: لنفس السبب اللي أنت ما قولتليش عشانه يا ناصح
ضمها إليه بقوة: لو تعرفي بحبك قد إيه بس
ماري: كنت عملت إيه ؟
شريف بمرح: كنت خليتك تعمليلي طبق فشار كبير
لكزته ماري بقوة: دمرت الرومانسية يا بعيد
شريف ضاحكاً: هو بعد كلمة بعيد دي بقى في رومانسية أصلاً ؟
ماري: بلا رومانسية بلا كلام روايات ، أنا هأروح أحضر الفشار عقبال ما أنت تختار فيلم رعب عشان السهرة تحلو.
غمزها شريف: أنت تؤمر يا قمر
------------
جلس بجوار زوجته يتابع نشرة الأخبار على التفاز ولم تمر عدة دقائق حتى وجد الشاشة تنطفئ.
نظر لزوجته باستغراب بينما خلعت نظارتها ووضعت الكتاب جانباً قائلة بهدوء: عايز تقول إيه ؟
لاحظت الدهشة على وجهها فأضافت ضاحكة: لو فرضنا إنك نسيت إني دكتورة نفسية هتبقى ناسي بردو إنك عشرة عمر وإني عارفاك كويس ؟
ابتسم بهدوء قائلاً: عملت حاجه بس مش عارف صح ولا غلط
سألته بجدية: إيه هي ؟
زفر قائلاً: قابلت جوز رنا
رفعت حاجبيها بدهشة: علي ؟؟ ، وقولتله إيه ؟؟
نظر أرضاً: قولتله إنه ما ينفعش بنتي وإنه لازم يطلقها ويبعد عنها ويخليها تشوف حياتها ، وإذا كان هو مش قادر يسعدها ويعرف قيمتها ، في مليون واحد تاني يقدروا على كدا ويتمنوا التراب اللي بتمشي عليه.
علقت متفهمة: وأكيد فهم إنه قصدك ابن أختك
أومأ: مع الأسف
تمعنت به: خايف ليقول لرنا ؟
قال بحزن: خايف ترجع تاخد مني موقف وتبعد عني زي ما عملتها قبل كدا واتحرم منها وأنا في أخر أيامي
اقتربت منه زوجته وضمته إلى صدرها بحنان لتبث به القوة: ربنا يديك الصحة وطولت العمر ، وبعدين ما تخافش بنتك عاقلة وعمرها ما هتعمل كدا.
سألها متردداً: هو اللي عملته كان صح ؟
دقيقة من الصمت كسره ردها: مش صح وكمان مش غلط بس لو كنت ظبطت كلامك شوية كان هيبقى صح 100% ، بس اللي اتكلم ما كانش الدكتور لا دا كان الأب.
تبادلا النظرات قليلاً وكذلك إبتسامات متفاهمين في سكون.
-------------
كان الإرهاق قد استبد بها عندما وصلت إلى المنزل ، وجدت نادية تجلس بجوار علي محاولة أن تكبح جماح غضبه.
وقف بمواجهتها بعدما أغلقت الباب خلفها ، نظرت إليه بعدم فهم متسائلة: في إيه ؟
كز على أسنانه بشدة: كنتي فين يا ست هانم ؟
تنهدت رنا ثم أجابته بهدوء: كنت في المستشفى مع المندوب الألماني ، مراته تعبت ونقلناها المستشفى وفضلت هناك لحد ما أطمنت إنها كويسة.
علي بغضب: وإنتي مالكيش راجل تقوليله إنك خارجه وتستأذنيه ولا إيه ؟
رنا ببرود: كلمتك أكتر من مرة وكنت بتكنسل عليا وفي الأخر قفلت الموبايل خالص
علي صارخاً: يبقى ما كنتيش نزلتي أصلاً
رنا بعصبية: أنت بتزعق ليه ؟؟؟ ، وبعدين الناس غرب مش من البلد دي والست كانت تعبانة جدا ما أقدرش أسيبهم في الحالة دي !
علي بنفس النبرة المرتفعة: ما دام أنا ما سمحتلكيش تخرجي يبقى مافيش خروج.
وقفت نادية بينهما تحاول أن تجعله يهدأ: براحه يا علي مش كدا ، وطي صوتك شوية.
علي متجاهلاً نادية تماماً: بصي يا بنت الناس أنا صبرت عليكي كتير ، قولت كلها يومين ولا حاجه وهتزهق من الشغل والخروج بس الظاهر إنه مافيش فايدة ، فمن بكره مافيش شغل ، وباب البيت دا ما تعتبهوش غير ورجلي على رجلك ، إنتي فاهمة ؟؟؟؟
رنا وقد فقدت السيطرة على نفسها هي الأخرى: لا مش فاهمة ، بتاع إيه إنك تمنعني !! ، أنا هأنزل الشغل زي ما أنا عايزة
علي صارخاً: وأنا قولت مافيش نزول ولو كسرتي كلمتي أنا هأكسر رجلك يا رنا
رنا بعناد شديد: طب هانزل وهاروح الشغل يا علي ووريني هتعمل إيه!
قبل أن يعي أحد ما حدث ، دوت صفعة قوية على وجه رنا.
كتمت نادية صرختها بيدها وشلت الصدمة الجميع للحظات بدت كسنوات.
أفاقت رنا على صوت بكاء مكتوم ، نظرت بإتجاهه لتجد كرم وأمجد يقفان بجوار بعضهما وقد أخذ جسدهما في الإرتعاش فزعاً ، أشفقت على حالهما ومزقت دموعهما قلبها.
نظرت إلى علي بغضب وكره شديد ثم اتجهت إلى ولديها وسحبتهما خلفها.
جلست على طرف السرير الخاص بأمجد وأوقفتهما أمامها قائلة بتماسك: في ولاد كبار كدا وعاقلين يعيطوا ؟
أمجد بصوت باكِ: وهو العيط غلط ؟
رنا بهدوء: لما ما يكونش له سبب يبقى أكيد غلط
كرم مندفعاً: بس بابا كان بيزعقلك وكمان ضربك
رنا متنهدة: أديك قولت ضربني أنا وزعقلي أنا ، يعني أنا اللي أعيط مش أنتوا !
أمجد بتعقل: بس اللي بيحب حد بيفرح لفرحه وبيزعل لزعله
ضمتهما إلى صدرها بقوة محاولة منع دموعها من النزول أمامهما.
رنا: خلصتوا الواجب ؟
أمجد: أيوه
كرم: أنا مش عايز أروح المدرسة بكره
رنا: لا لا أنا ما بأحبش الدلع دا ، مافيش غياب من المدرسة وبكره هتروحوا مفهوم ؟
أمجد: مفهوم
كرم بإمتعاض: مفهوم
رنا: يلا اغسلوا سنانكوا وناموا


بعد أن أطمئنت على استغراقهم في النوم توجهت إلى غرفتها تفكر فيما أصاب حياتها والإضطراب الذي يعيش الأولاد بسببهما الآن.


اصدقائي قنبله ذريه بقلم/  ساره محمد سيفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن