أتدرون إن الإنتقام بشع جدا ويدمر صاحبه ، فلا تظلم ولا تعتقد بأنه بعد موت أحدهم سيتوقف عن ملاحقتك فأنت مخطىء سيلاحقك حتى إن كان في الجحيم ،اقدم لكم اليوم الجزء الثالث من رواية رسائل من الجحيم .
لم تحب مريم بيوت العائلة ولم تتمنى أن تسكن بإحداها يوما ، ولكن ليس مع زوجها الثري حسان فهذا قصرا كبير ، نعم القصر بالريف وسط الحقول الخضراء وليس بالمدينة ، ولكنه في النهاية قصرا كانت تحلم برؤيته فقط في يقظتها ، وتتمنى دخوله حلامها ، لم ينغص على مريم شيئا إلا الطابق الخامس من القصر وسكانه ، فكانت تشعر بالرهبة منه منذ أن وطئت قدماها القصر ، فتسمع صوت صراخ متواصل ليلا وعندما تحاول صعود الطابق ، لتعرف ماذا يحدث كانت تجد "تيسير "شقيقة زوجها ، تقف أمام السلم فجأة كالموت لتحول بينها وبين ما ستفعله ..فتسألها هل تريد شيئا ، فتشعر معها مريم بالرعب من نظرات تيسير المخيفة ، وتهرع إلى غرفتها خائفة مذعورة بدون أن ترد عليها ، وعندما أخبرت زوجها حسان بما حدث أجابها بفتور ، بأن زوج تيسير قعيد من زمن وعنده شلل رباعي ومصاب بصرع ويصاب أحيانا ، بحالات هستريا فيصرخ بلا سبب لم تقتنع مريم وقتها بتلك الحجة الواهية ..
وعرفت بأن زوجها يكذب وهذا لسبب بسيط ، فهي تسمع صراخ امرأة وليست رجل ، ولكنها لم تهتم وقتها وحاولت التأقلم والتعايش مع الوضع الجديد ، فلم يبخل زوجها حسان عليها بشيء بل كان كريم ويصرف بسخاء ، وكانت تشتري كل ما تريده ووقتما تشاء ، ولكنها شعرت بالملل والحيرة فهي لا تعرف ماذا يعمل زوجها ولا أشقائه ولا أين ، كل ما تعرفه عن زوجها بأنه يعمل مع والدة وأشقائه بالتجارة فقط ، ولكن لا تعلم أي تجارة أو نوعها أو حتى مكانها ، فكانوا يخرجون صباحا ، ولا يعودون إلا ليلا وحاولت هي الانشغال ولكن ماذا ستفعل .
فلقد ابتعدت عن أهلها وأصدقائها وعن المدينة العامرة للصباح ، وكانت عادات أهل زوجها غريبة فهم دائما صامتون لا يتحدثون إلا فيما ندر ، لا يتجمعون أبدا على مائدة طعام واحدة ، فكل أسرة مع نفسها وكأنهم لا يعرفون بعضهم البعض ، وكانت هي وحيدة فليس عندها أطفال وزوجها لا تراه إلا وقت النوم ، فبدئت تشعر بالملل وتزايدت الصرخات ليلا ...
فكانت تشعر بالفزع والرعب وعندما تخبر زوجها يضحك عليها ويسخر منها ، وأخيرا بدئت تشعر بأنها ليست وحيدة بالشقة فهناك من يتبع خطواتها ، ظلا اسود تراه أحيانا بطرف عينيها سيلوليت اسود لشخص يراقبها دوما وعندما تحاول التأكد لا تجد شيئا ، فتبحث في كل مكان بالشقة فلا تجد احد فتبسمل وتحوقل ، ثم تفتح التلفاز على قناة المجد للقران الكريم ، وتذهب إلى الشرفة تنتظر قدوم زوجها ، والآن هو لا يصدقها بل ويسخر منها أيضا ، فوقفت حائرة تنظر إلى زوجها وهو يهم بالخروج بحسرة ، فليست هذه هي الحياة التي تمنتها يوما ، فهي كانت تتمنى أن تعيش الحياة بكل لحظة فيها وتستمتع ...
تخرج وتسافر إلى أماكن جديدة وتلف العالم ، بأحد القوارب الكبيرة ..لا أن تحبس بهذا المكان الكئيب وتضيع سنوات عمرها هباء ، وهنا سمعت الصرخات العالية قادمة من الطابق الخامس فشعرت بالقشعريرة تسري في جسدها وفتحت باب شقتها لتسترق السمع ، فلم تسمع شيئا ولكنها سمعت خطوات احدهم يسرع الخطى صعودا على الدرج وهنا أغلقت باب شقتها ببطيء حتى لا يشعر احد بيها ، ووقفت خلف الباب تنظر من العين السحرية في منتصف الباب ، وهنا شاهدت أم زوجها عفاف هانم السيدة المسنه التي تجاوزت الستون عاما تصعد الدرج بهدوء وهي تحمل في يدها سكينا كبيرا ، وهنا شهقت مريم فزعا ووضعت يدها على فمها لتكتم الصرخة ، وفي تلك اللحظة شاهدت مريم ...حماتها عفاف هانم تنظر إلى باب شقتها ثم تبتسم وتلمع أسنانها الحادة فهل تبرد المرآة أسنانها وتسنها كالأفارقة من يدري؟؟
فبعدت مريم بفزع عن الباب وهي تضع يدها على فمها وترتعد أوصالها ، وتسأل هل شاهدتها المرأة من خلف الباب وماذا ستفعل بالسكين ، وهنا سمعت صوت ضجيج عالي من المطبخ وأشياء تتحطم ، فصرخت مريم فزعا ثم ذهبت إلى المطبخ فلم تجد شيئا هناك ، ولكنها وجدت شيئا غريبا فكل الأواني محطمة على الأرض والأطباق مكسورة وهنا شاهدته بطرف عينيها ظلا اسود لشخص يمر مسرعا بجوارها ، فابتعدت تركض وهي تصرخ ثم فتحت باب الشقة محاولة الفرار ، ولكنها اصطدمت بحماتها عفاف هانم تقف أمام الباب لتسد عليها الطريق وفي يدها سكينا كبيرا ترفعه عاليا وتبتسم لتظهركل أسنانها البيضاء اللامعة..
يتبع ...............
أنت تقرأ
قصص رعب
Horreurوهل عندما نحب شيء نجده امامنا ، فأنا أحب قراءة قصص الرعب كثيرا والإستماع إلى قصص الرعب الحقيقية من كل بلد ومكان .