أسطورة بئر برهوت الجـــزء الثالث

183 6 0
                                    

تذكر جيدا...أن هناك عالما خفيا عنا، فلا تندهش مطلقا عندما تسمع أن هناك من ينام بجانبك في فراشك، وهناك من يشاركك الطعام، وهناك من يمكنه رؤيتك في كل مكان، لذلك لا تستهين مطلقا بالأذكار.

سارعت وبيدي الكشاف مناديا عليه، ولكنني حمدا لله وجدته متعلقا بإحدى حواف البئر، مددت يدي إليه لأساعده، حاولت جاهدا ولكنني لم أستطع فالمسافة كانت بعيدة بعض الشيء، انزلقت يده وسقط من جديد، وعلت أصوات صرخاته المتقطعة، حاولت بالكشاف أن أجده أو أجد أي شيء منه ولكن كل محاولاتي بائت بالفشل، وبعد مدة من الزمن اشتد فيها علي الحزن والضيق والندم، وتملكتني مشاعر الخوف من فقدان ابن عمي فتسارعت قطرات الدموع تنهمر من عيناي.

ولكنني سمعت صوت تأوهات ووجع، إنه صوت "خالد" وكأنه قد استفاق من موت وبعث للحياة من جديد، وجدته ممسكا بقدمه اليمنى والدم سائل من تحته، يتوجع ولكن دون أن يصدر أي صوت ولا حراك، حابس أنفاسه وكأنه ينتظر ملك الموت الذي سيقبض روحه؛ صرخت عليه: "علي... علي... أأنت بخير؟!"

وضع يده على فمه وكأنه يخبرني ألا أتفوه بكلمة واحدة أخرى، وكأنه يرى شيئا ما هنالك في الظلام الهالك الذي وقع به، اقترحت عليه أن أذهب بسرعة وأطلب نجدة حتى يتخلص من معاناته داخل البئر ولكنه رفض وبشدة: "خالد انتظر هادئا ولا تصدر أي صوت، انتظر معي ولو لآذان الفجر حتى".

كان صوته مليئا بالألم والحسرة، ألقيت إليه بالقميص الذي كنت أرتديه حتى يربط به على قدمه للحد من الدم الذي يسيل منها، جعلت يدي الممسكة بالكشاف بداخل البئر حتى يطمئن بوجودي معه، وفجأة شعرت بشيء ما يلامس يدي، إنها أطراف أصابع، تمالكت نفسي رغما عن أنفي حتى لا أصيب "علي" بالذعر أكثر من ذلك، وجهت الكشاف الذي بيدي حتى أتأكد من الشيء الملامس ليدي وإذا بها أفعى ضخمة، وغيرها الكثير من الأفاعي التي تخرج من البئر، يا لمصيبة وهول الموقف، لم أِعر بنفسي إلا وأنا أجري بكامل سرعتي رغبة في جلب مساعدة ل "علي"، ورغبة في أن أتخلص من هذا الكابوس المزعج للغاية.

ولكن ما إن توجهت للجبل الذي يكون به مدخل الوادي حتى وجدت شخصا يبدو عليه من ملامحه أنه غريب وليس من أهل البلد الأصليين، ولكن الأغرب من ذلك أنه كان عليه من الثياب كأهل البلد الأصليين، سألني: "ما الذي أتى بك هنا ؟ّ!"

عندما أجبته بأننا قدمنا بدافع الفضول والتحدي للبئر تغيرت ملامح وجهه وتغيرت معاملته معي، ولكنه سألني سؤالا آخر: "هل أنت من هنا؟!"

تأكدت حينها أنني لم آخذ بنصيحة "علي" وأتحدث باللغة الأصلية لهذه البلد، وضع الرجل يديه على الجبل من خلفي ليحيطني بهما وبعدها سألني: "أتعرف ما عواقب فعلتكما؟!"

لم أتمكن من الإجابة على سؤاله وإذا بصرخة عالية ترج الوادي وتزلزله، إنه علي، أسرعت تجاه البئر حتى أطمئن على ابن عمي، ولكني وجدت أناسا كثيرين هناك، أناسا غريبي الأطوار، يحيطون بالبئر ويقفون صامتين!

توقفت مكاني متسمرا من شدة الخوف ولكنني أسرعت إليهم لأعرف كما الذي فعلوه بابن عمي، وهنا استوقفني الرجل الغريب وأمسك بكتفي بكل قوة وأسقطني أرضا، لم أعرف لم يفعل كل ذلك بي، أمسك بأفعى عملاقة بيده العاريتين وشقها نصفين وألقاها على الأرض، وبعدها أشار إلى البئر بإصبعه وقال موجها الكلام إلي: "أترى كل هذه الأفاعي والتي امتلأ بها الجوار، إنها خرجت بسبب فعلتكما، وهي في حقيقة الأمر ليست بأفاعي إنما هي جن ومردة الشياطين، والتي تم سجنها منذ مئات السنين".

تجاهلته واقتربت من البئر، وكان الذين يقفون حوله قد رحلوا في لمح من البصر، ناديت عليه بأعلى صوتي ولكنه لم يجبني، حاولت العثور عليه باستخدام كشاف هاتفي ولكنه غير موجود بالبئر من الأساس، ركضت بأنحاء الوادي كالذي فقد عقله من شدة صدمته عندما فقد أغلى شخص عنده، ويا له من شعور عندما توقن في نفسك أنك المذنب الوحيد في فقد أغلى شخص عندك؟!

ولكن كانت الأفاعي تركض معي أيضا في كل مكان، وفجأة رأيت أفاعي تركض في اتجاهي وكأنها تخشى شيئا فتبعد عنه مسرعة، اشتد الخوف بداخلي وحبست أنفاسي واتبعت طريق الأفاعي الذي تسلكه من شدة خوفي مثلها مما رأي، وفجأة...

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن