تعظم حرقة القلب عندما يعظم الأمر، وخاصة عندما يتعلق بمفارقة أغلى الأناس.
عندما يتعلق أمر الموت والفراق بالانتقام، ويقرن ذلك بذلك تعظم الفاجعة وتزداد حدة الأمر، فيتمنى المرء حينها أن يكون هو المختار، وأنه هو من يجب فعل ذلك به من البداية.
لو على الآباء يفدون أبنائهم بأنفسهم حتى وإن كانوا سيقاسون من الأمرين.
ولكن للمنتقم كلمته حتى وإن كانت ستخلف نيرانا بقلب ظالمه لا يمكن لشيء إخمادها.
وفي هذه اللحظة لم تتمالك الزوجة أعصابها بل انفجرت في وجه العجوز قائلة: "أقسم بالله العلي العظيم إن اقتربتِ على ابنتي فلن أشفي غليلي إلا فيكِ أنتِ..."
وقبل أن تنهي كلامها وجدت العجوز بكل برود أعصاب تغادر، همت بالمغادرة خلفها بضعة خطوات وعلى مد بصرها في جميع الاتجاهات لم تجدها وكأنها تبخرت في الهواء!
تمالكت أعصابها حتى غادر الناس جميعا وطوى الليل الأركان، ذهبت لزوجها وسألته قائلة: "أستحلفك بالله أن تصدقني القول، هل أنت السبب في ما حدث لابني؟!"
لم يقص شيئا عليها، فازداد صراخها في وجهه: "إن قلبي كان يحدثني بأنه سيحدث مكروه من وراء أفعالك هذه، ولكني لم أتخيل يوما أنني سأفقد أحد ابني ويكوى قلبي ويحترق بهذه الطريقة، على العموم لقد تأكدت من أنك السبب في كل ذلك، لقد حضرت العزاء نفس العجوز التي رأيتها بالسوق مسبقا، وسألتني إن كنت أوصلك لك رسالتها أم لا؛ وهذه المرة حذرتني وهددتني بأن ابنتنا هي من ستكون القادمة".
الحارس وقد التقط أنفاسه بالكاد: "إنني لم أفعل شيئا، وما حدث لابننا لقد كان قضاء الله وقدره، استهدي بالله من أجل ابنتكِ هذه".
استمرت زوجته في النظر إليه بنظرة لو نطقت لقالت أنت من قتلت ابني وقرة عيني، تجنب الحارس هذه النظرات وذهب هاربا للنوم، و يا ليته لم يفعل هذا من الأساس؛ لقد راوده نفس الكابوس بنفس الكيفية، رأى نفسه يقف بمنتصف المقابر مكتوف الأيدي وصراخات ابنه تملأ وتعبأ أركان المكان بأكمله، وهو يقف حائرا يلتفت يمينا ويسارا ولا يدري ماذا يفعل له، يبحث عنه في كل مكان ولكن دون جدوى.
وما إن يذهب بكل ليلة للنوم حتى يرى نفس الحلم لدرجة أنه كره النوم والشعور به؛ ومر يومان على هذه الحالة حتى وجد نفسه يقرر الذهاب لقبر ابنه وأن ينبشه ليعلم ما الذي يحدث لابنه في الداخل، ويطمئن قلبه وتفارقه وتكف عنه هذه الكوابيس المزرية.
انتظر الوقت نفسه مثلما كان يفعل من قبل، وحمل المصباح في يده وذهب لقبر ابنه، فتح القبر وما إن نزل الدرجات القلائل حتى وجد ابنه عاريا وكفنه ممزقا وملقى بعيدا منه، وكان ابنه وكأن شخصا كان يعذبه، فقد كان ملقى على الأرض وكأن أحدا ضرب به عرض الحائط.
احتضن ابنه وأمسك بالكفن الذي وجده ممزقا لقطع صغيرة، وشرع في بكاء مرير، سمع صوتا مألوفا عليه، صوتا لا يمكنه أن يتوه عنه، لقد كان الميت ذا السنة الذهبية، وعلى وجهه قد رسمت ابتسامة شماتة ونظرة تجعل الجسد بأكمله يرتعش من شدة الخوف الذي ينبعث منها في الأركان.
الميت: "من لم يحفظ الأمانة لا يرجى أن تحفظ أمانته، أليس كذلك؟!"
لم يستطع أن يسيطر على غضبه فانفجر في وجهه غاضبا ثائرا: "أنا فعلت بك ما فعلت، لم تفعل ذلك مع ابني، لقد كان طيب القلب ولم يؤذي أحدا من قبل، لا يستحق ما تفعله به".
وفي هذه اللحظة اختفى الميت في ثوانٍ، وظهرت زوجة الحارس، وقد فاضت عيناها بالدموع، رأت زوجها ممسكا بكفن ابنها وقد كان عاريا، وقبل أن يوضح أمره وجد كلماتها ودموعها سابقة...
الزوجة: "ألهذه الدرجة تملكك هذا الشر لدرجة أنك لم ترحم صغيرك الوحيد؟!"
الحارس: "انتظري أنتِ لا تفهمين شيئا".
لم تعطه فرصة للرد، وانهالت عليه بالإهانات وتحميله الذنب كاملا، وهو لم يخرج من يده سوى دموع البائس الحائر المغلوب على أمره.
وأثناء حديثهما سمعا صرخات طفلتهما الوحيدة التي تركاها وحيدة بالغرفة، ركض الحارس وتبعته زوجته، وعندما وصلا الغرفة وجدا الابنة تصرخ بأعلى صوتها وتتصبب عرقا مع العمل أنهم بفصل الشتاء والجو قارص البرودة، كانت عيناها معلقة على شيء ما بالغرفة....
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
أنت تقرأ
قصص رعب
Horrorوهل عندما نحب شيء نجده امامنا ، فأنا أحب قراءة قصص الرعب كثيرا والإستماع إلى قصص الرعب الحقيقية من كل بلد ومكان .