المشهد 41

3K 113 16
                                    

#مشهد 41
تقف في صمت تحاول أن تفهم ما تشعر به بينما تراقب ذلك النائم في ضعف غريب عليه للغاية، هذا القوي الجبار الذي قام بالعائلة لوقت طويل ينام ضعيفا بعد جلطة أصابته في قلبه ولولا وصول رامي إليه في الوقت المناسب لربما كانت سلبته حياته كلها ،
جلست  بجوار سريره وهي تعدل من غطائه وتفكر لو كانت هذه الجلطة منذ أشهر قليلة لكانت لتقول أنها الانتقام الإلهي لما فعله بها، لكنها الآن لا تشعر بأي شماتة تجاهه بل تكاد تتعجب من نفسها وهي تشفق عليه ، لكن ذلك الحب القديم الذي حملته يوما لم تعد تجد له في قلبها مكانا، ذلك الحب الذي تحطم ببطء مؤلم لأعوام على طرقات الحياة الوعرة حتى لم يعد لاسترداده من سبيل، 

انتبهت إليه وهو يفتح عينيه ببطء وإعياء فاقتربت منه بهدوء لترى ماذا يحتاج فتلمح ابتسامة ساخرة على شفتيه قبل أن يقول بإرهاق شديد
-أ مازلت هنا بُشرى ؟! هل تريدين أن تحضري اللحظات الأخيرة لتنالي انتقامك كاملا ؟!

للحظات ظلت تتأمله بينما تبحث في نفسها عن التشفي الذي يتحدث عنه فلا تجد فتنهدت وهي تقول
-أنا حقا لم أعد أرى مكانا للشماتة بيننا ، وبغض النظر عن كل ما حدث في ذلك الماضي اللعين أنت في النهاية والد طفلتي يا مراد ، والنبش في الماضي لن يزيدنا جميعا إلا ألما وعذابا ، لذا أنا أبحث عن بداية جديدة لابنتي بعيدا عن كل هذا الوحل الذي أغرقنا لوقت طويل .
انتبهت لتغضن جبينه واشتداد شفتيه وهو يقول بصوت ضعيف
- هل ستعودين إلى القصر إذا  ؟!

لم يتأخر ردها بل أتى قويا صارما وهي ما تزال واقفة بجواره 
-لا يا مراد، لن أعود للقصر، ربما لم تعد فكرة الطلاق تشكل فارقا بالنسبة لي لكن قرار الابتعاد محسوم تماما.

التفت إلى السقف بينما يغمض عينيه بقوة وهو يقول بصوت بدا لها أكثر إجهادا

-لن تسامحي أبدا كابنتك تماما، يبدو أنكما اتفقتما في  كل شيء مؤخرا.

تراجعت بهدوء لتعود وتجلس على الكرسي ثم تقول بثبات 

-إن كان قول هذا يريحك فقد سامحتك مراد،  حتى وأنت لم تطلب السماح أصلا، في الحقيقة ليس لأجلك بل لأجل نفسي، أردت أن أتحرر من كل قيود الماضي كي أستطيع الوقوف من جديد وقد اكتشفت كم أضعت من حياتي في هروب لم أفلح به أبدا.

صمتت للحظة قبل أن تكمل

-لكن اخبرني هل حدث لك ما حدث بعد مواجهتك مع سدرة أم أن هناك سببا آخر!!

لم يجب لكنها رأت قبضته تشتد بقوة ففهمت ثم لاتعرف كيف انتفضت بسرعة واقتربت منه تمسد يده وتفك قبضته وهى تقول بحزم

-لاتفعل ذلك أنبوبة المغذي موصولة بيدك،  اصمت وارتاح فأنت تحتاج إلى الكثير من الراحة كي تستعيد صحتك بسرعه. 

ظلت تمسد يده بينما أغلق هو عينيه بصمت دون أن يجرؤ على فتحهما،  وهو ما زال لا يصدق أنها قد نطقت بالسماح من بين شفتيها، ليجد نفسه يتساءل في أعماق روحه هل تراه يستحق عفوها ؟! 

#يتبع

أسيرة بلا قيد ( شوال_البطاطس 😅)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن