#مشهد39
أغلقت غرفة المرسم بنفس الغضب الذي يتملكها في كل مرة حين تعجز عن الرسم، مازالت منذ اللحظة التي عرفت فيها إنكشاف كل الماضي على الملأ في عائلة أخيها ثم هروبه خارج البلاد مرة أخرى بعد أن طلق زوجته الصغيرة وهي عاجزة عن الرسم،
تشعر في داخلها بخزيٍ شديد وكأنها هي من خانت وأخطأت وليس أمها، لمرات عدة حاولت أن تخفف من وطأة الأمر في قلبها وهي تقنع نفسها أن أمها لم تخن بل كادت أن تزل إلى الخيانة لكنها لم تفعل حقا، لكن ذلك لم يطفأ النار التي تشتعل في قلبها خاصة وهي ترى نفسها نسخة منها في شكلها وهيئتها بل وحتى صوتها كما تقول لها خالتها غافلة عن أن ذلك لا يسعدها بل يأجج نار الغضب والخوف في صدرها أكثر، غضب منها وعليها لما كانت عليه وما فعلته، وخوف من أن تشابهها دون أن تشعر فيجعلها تجاهد لدفن كل مشاعرها عميقا جدا حتى تستطيع إحكام سيطرتها على خيوط الحياة بعيدا عن أسطورة الحب اللعين،
انتبهت إلى صوت هاتفها يرن لترفعه باستغراب وهي ترى اتصالا من رامي الهواري، تنفست بعمق وهي تتذكر الحماقة التي كانت قد أقدمت عليها وهي تعرض عليه الزواج مقابل ابتعاده عن أخيها وزوجته،
لم يصلها رده أبدا لكن الأمر انتهى بطلاق أخيها فأغلقت تلك الصفحة المُهينة إلى الأبد، انتفضت وهي تفكر كيف تراه ينظر إليها الآن بعد أن عرف حقيقة والدتها وقد زادت هي من الطين بلة بعرضها ذاك الذي بدا لها ساعتها منطقيا جدا لمساعدة أخيها ، لذا وجدت نفسها ترفض الاتصال فلا طاقة لها مطلقا لمواجهة هذا الشعور المؤذي بالخزي أو الاستماع لبعض الاستظراف السمج منه.
زفرت بضيق وهي ترى المكالمة التي لا تعرف عددها بعدما رفضت عددا لا بأس به ولكن يبدو أنه لا يمل ، فكرت أن تغلق الهاتف نهائيا لكنها لم تفعل ، فكأنما كان الشعور بإصراره للوصول إليها ينعش شيئا من إنهاك قلبها لكنها أبدا لم تكن لتعترف بهذا ولو بينها وبين ونفسها.
فتحت الخط لترد بنزق واضح في صوتها
- من معي ؟!
للحظة لم تسمع ردا قبل أن تعلو ضحكة رجولية قوية بدت لها مستفزة جدا ثم يأتيها صوته متكلما بنبرة رائقة مازالت تحمل آثار الضحك
-هل تريدين أن تقنعيني أنك لا تعرفين من يكلمك يا آنسة ريم .. على كلٍ شكرا لك حقا فقد كنت أحتاج هذه الضحكة منذ وقت طويل .
كانت تعلم أنه يحاول استفزازها لكنها لا تعلم إلى ماذا يريد أن يصل لذا قاومت لترد ببرود تتقنه في أغلب الأوقات
-وهل من المفترض أن أعرف من يكلمني ؟!
عاد إلى الضحك وهو يقول
-أظن أنك من وصل إلي قبلا بعد أن بحثتي عني لتعرضي علي عرضا مميزا لم أرد عليه بعد .
تنهدت بضيق وهي تراه يذكرها بما لا تريد فتقول باقتضاب حتى تنهي هذا المكالمة
- آه حسنا يبدو أنك السيد رامي ، لكن أظن أن الأوان قد فات للحديث في هذا الأمر، لذا شكرا لاتصالك وإلى اللقاء .
قبل أن تغلق الهاتف وصلها صوته قويا وقد تلاشى أي أثر للمرح به قائلا
-توقفي ، إذا أغلقت الهاتف ستندمين حقا.
ردت بانفعال نادرا ما يحدث معها قائلة بغضب
-هل هذا تهديد ؟
رد سريعا وقد عاد صوته هادئا وكأنه يلاعبها
-أو ربما تشويق …
صمتت للحظة قبل أن تقول بحيرة
-ماذا تريد سيد رامي ، أنت تعرف أن معاذ وسدرة قد انفصلا ولم يعد هناك صفقات واردة بيننا لذا لا أفهم ماذا تريد مني في الوقت الحالي .
رد عليها بنفس الهدوء قائلا
-ربما أحمل أنا صفقة جديدة لنا .
صمتت ولم تجد ما تجيب به ولم تقوَ على السؤال عن صفقته وقد زادت نبضات قلبها بشدة واتجه تفكيرها كله إلى الماضي لتجد نفسها تتسآئل بهلع هل تراه يراها مثلها ؟!
لتسمعه يقول بعد فترة الصمت التي طالت
-حسنا طالما أنك لن تسألي ربما علي أن أعرض عرضي كما عرضتي أنت من قبل أليس كذلك؟!
لم تعرف بماذا تجيب وهي تتألم بصمت دون أن تفهم لماذا يصر على الدوران حول الأمر من كل الاتجاهات ألا يعلم أن ذلك يؤلمها؟! أم أنه يحتقرها حقا ؟!
أترى كان عرضها ذاك شنيعا إلى هذه الدرجة، أخذت نفسا عميقا لتقول بصوت أكسبته كل البرودة الممكنة وهي تحاول أن تخفي توترها مما قد تسمعه خلف طياتها
-وما هي صفقتك ؟!
جاءها صوته واثقا قويا وهو يقول
-تزوجيني ….. وسأفتح لك مرسماً خاصا بك ..
ذهول أغرقها بشدة وخرجت شهقة مستنكرة منها دون أن تتمكن منها لتقول بصوت فقد قوته الظاهرة وبرودته وخرج مترددا وما زالت الدهشة تمتلكها وتهتز في نبرتها
-من … كيف عرفت أنني أريد مرسما لي؟!
فيأتيها رده بنبرة ممازحة لم تجد لها موقعا في نفسها مطلقا
-ربما لأنه من الطبيعي أن أجمع كل ما أستطيع من المعلومات عن زوجتي المستقبلية.#شوال_البطاطس
#اسيرة_بلا_قيد#خلود
أنت تقرأ
أسيرة بلا قيد ( شوال_البطاطس 😅)
Romance.... قبل أن تجد نفسها ترتفع فجأة ليحملها على كتفه كجوال و رأسها مقلوبة إلى الأسفل ويسير بها واضعا يده الأخرى بجيبه وكأنه لا يحمل شيئا يذكر كانت في ذهول تام غير قادرة أن تستوعب أنها تُحمل الآن مقلوبة كجوال من البطاطا ثم تسمعه وهو يقول بصوتٍ ذو بحة...