#مشهد 26
ثعبان ضخم يلتف حول رقبته ويخنقه بقوة حتى فقد قدرته على التنفس حاول أن يصارعه لكنه كان متمكنا منه تماما ، صوته لا يستجيب وكأن أحباله قد تمزقت من شدة الخنق بينما يمر الوقت من حوله في بطء مميت ، فلا هو يستطيع الخلاص من الثعبان الخانق ولا هو يختنق فيموت، وكأن الزمن قد توقف عند لحظة الخنق حتى امتدت إلى مالا نهاية ، فجأة اختل توازنه وهو مازال مختنقا تحت ضغط الثعبان وبدأ يسقط بسرعة مهولة إلى قاع بئر بدا له بلا قرار ، حين حانت منه إلتفاتة للأسفل في عمق البئر وجد أمه هناك !!
كانت تنظر إليه بجزع وهي تصرخ بشيء ما، لكنه لم يتمكن من سماعها وكلما اقترب وجد نفسه يسقط أسرع بينما ظلت المسافة بينهما كما هي وظل صراخها مستمرا دون أن يصل إليه ،أخذ يصارع لمقاومة الثعبان وعيناه تحيد غصبا عنه لامه فيراها مازالت تصرخ به وعيناها تحمل حزنا لا يذكر أنه رآه في عينيها قط ، شعوره مشتت يمزق روحه ما بين غضبه المخنوق كعنقه وبين جزعه وخوفه الشديد،
غضب قاتم شديد السواد لا يعرف له تفسيرا يزداد من حوله كلما رأى لمحة من وجه أمه الحزين الصارخ ، يتناوب على روحه مع شعوره بخوف شنيع مؤلم للغاية لا يعرف أهو عليها أم على نفسه حين يراها خائفة صارخة وضغط الثعبان يزداد بلا هوادة إلى الأبد دون موت حتى يكاد يصبح الموت هو أمل الخلاص ،
بدت اللحظات كأنها البداية التي لا نهاية لها وكأنها هوة سقطت من الزمن سهوا فلا هو يذكر متى بدأت ولا يعرف هل تنتهي يوما ،
يأس قاحل لفه فسلم تماما آملا أن ينتهي ذلك السقوط إلى صخرة مدببة أو أن ينهى الثعبان ما بدأه لكن لا شيء يحدث، وكأنها الأبدية فأغمض عينيه لا يعرف لكم من الزمن وقد فقد احساسه به حتى سمع صرخة أمه أخيرا
"أغفر لي ولا تؤذها ، لا تأخذها بذنوبنا نحن !!"ففتح عينيه في ذهول ليجد أمه تنظر إليه باكية ودموعها تتساقط بغزارة وقد صمتت لكن صرختها تحولت كما الصدى ظلت تتردد في المكان وتخفت لكنها لم تتلاشى ،
بصيص من نور ظهر فأوجع عينيه فأغمضهما بينما الثعبان يفك قيده ببطء وهو يسحب كل ما يستطيع من هواء لصدره لعله يسترد الحياة من جديد ،حين فتح عينيه ناظرا إلى الأعلى رآها هناك
جميلة كما كان يراها دائما تنظر إليه بعينيها الجميلتين في حزن ودموعها تسيل على خديها ، خرج اسمها من فمه مهتزا متكسرا وقد عاد للحياة منذ دقائق فقط
" سـ د ر ة !!"
كافأته هي بإبتسامة حزينة بينما تمد يدها له فيستجيب بإنهاك شديد لكنه ما أن مد يده حتى تلقتها لتجذبه إليها بسهولة عجيبة دون أن تفارق الابتسامة الحزينة وجهها .كان يريد أن يلقي نظرة أخيرة هناك بالأسفل حيث أمه، لكنه لم يستطع فقد جذبته بسرعة لم يستوعب معها ما يجرى خاصة مع ذلك الصوت الغريب الذي بدأ يرتفع من حوله.
لحظة لم يكن صوتا غريبا إنه يعرفه جيدا، لحظات وبدأت الأشياء تتلاشى من حوله بينما يستوعب أن الصوت لم يكن سوى دقة هاتفه .
يالله حلم ...كل هذا محض حلم!!!
وهاهو مازال ممددا في فراشه منهكا بشدة غارقا في سيول من العرق يكاد يشعر بألم في عنقه وكأن ذلك الحلم هو حقيقة وما سواه بعض خيال أو سراب.تنهد بعمق يسترد كل أنفاسه التي ضاعت في ذلك الحلم العجيب قبل أن يعتدل برفق ويرتشف بعض قطرات المياه من الكوب بجانب السرير وهو يتحسس عنقه بيده ، قبل أن يستغفر ثم يجذب الهاتف الذي كان قد بدأ الرنين للمرة التي لا يعرف عددها،
كان اسم خالته رجاء يتوسط شاشة هاتفه ، خالته التي لا تهدأ أبدا هذه الأيام وتدور من حوله بكل مكان حتى أصابته بالاختناق ، لكنه سيكون كاذبا إن أنكر أن اهتمامها المبالغ فيه يروي عطش روحه لحنان افتقده بشده ، عطش يجعله مهما تذمر من ملاحقتها لا يستطيع أن يتجاهلها أو يتهرب منها ، وفي هذه اللحظة بالذات هو في أشد الحاجه إليها ليخرج من كل هذه الدوامات التي تبتلعه مابين الوجع والخوف والغضب .
فتح الهاتف ليرد قائلا
-السلام عليكم ..
صوته كان متحشرجا متعبا فأتاه صوت خالته جزعا
- معاذ ... مابك ؟ هل أنت بخير ؟ ما به صوتك ؟ أين أنت يا ولد؟ ألم تكن مستيقظا كعادتك ؟
ضحكة حقيقة من أعماق قلبه خرجت صادقة للغاية حين لامسه هذا الفيض المتدفق من الاهتمام لكنه قطعها حين لم تسعفه أنفاسه المنهكة بينما يقول
-أهدئي خالتي ، أنا بخير حال لا تقلقي فقط كنت منهكا وتأخرت قليلا عن موعدي واستيقظت على صوت اتصالك.
علا صوتها وقد تضاعفت اهتزازات القلق فيه بدلا من أن تهدأ
-أنت أحمق كبير يا معاذ ، رجل كبير تُعمل عقلك في كل أمورعملك بمنتهى الجدارة ثم تضعه جانبا حين يتعلق الأمر بحياتك لتتصرف بمنتهى الغباء،
يا إلهي ليكن الله في عوني حتى أستطيع المجيء إليك وحدي الآن !!
قاطعها بصوت حازم ظن أنه قد يفيد أمامها
-أنا بخير تماما أنت لن تأتي إلى خالتي، فقط سأرتاح قليلا ثم أمر عليك قبل ذهابي إلى العمل.
ردت عليه بصوت غاضب حانق
-هل تظن أنني سأخاف من نبرتك هذه يا ولد ، أنت أحمق إن توقعت أنك ستمنعني مما أنوي فعله….صمتت للحظة قبل أن تكمل بنبرة هادئة مغلفة بالمكر
- هل تعرف سأتصل بزوجتك وأجعلها تجلبني إليك حالا.
أعتدل في سريره بعنف قبل أن يرد عليها
-إياك يا خالتي سأغادر الشقة حالا، أفعليها ولن تجديني بل سيكون العثور علي ليس متاحا لأحد مطلقا.
طال الصمت للحظات قبل أن ترد عليه
-لماذا تفعل هذا يا معاذ الفتاة تحبك جدا ، وأنت تؤذيها بتصرفاتك الرعناء هذه.
رده جاء سريعا وكأنه خائف من أن تلتصق كلمة الحب به حتى بدا كأنه يبصقها لا ينطقها
-أنا لا أريد حبها ... ولا أريد حبا من أحد!!
علا الاستنكار صوتها وهي ترده قائلة
- هل تستمتع بخداع نفسك معاذ ؟! إذا كنت لا تريد حبها فلماذا هي بالذات ؟! ولماذا تنازلت عن حقك في مقابل الحصول عليها ؟! لماذا عدت أصلا من الخارج إذا؟!
الفتاة في رقبتك يا معاذ ، هشة رقيقة بقلب صافٍ إياك أن تكسرها فالعاقبة وخيمة كن واثقا من ذلك ..
كان رده جاهزا وكأنه قد تدرب عليه لوقت طويل
-ربما لا أريد حبها لكنني أحتاج وفائها ونقاء قلبها هذا .
جاء ردها بصوت خافت وكأنها تتوقع ثورة قادمة لكنها لن تتراجع
- هكذا كانت أمك يوما!!
غضب كسى نبرات صوته لكنها لم تكن عالية بل هادئة بشدة حتى بدت كفحيح سام
-لا تجعليني أخطؤ في أمي على الملأ خالتي أتركي ما في قلبي لي ، دعي الماضي مدفونا فنبشه هلاك وشقاء للجميع،
وتأكدي سدرة ليست كأمي مطلقا ، ربما تبدو لك رقيقة حالمة لكنها قوية تقف بصمود حين تحتم عليها المواجهة ، واعذريني خالتي هذه المكالمة استنزفت الباقي من صحتي سأغلق الهاتف وأرتاح قليلا ثم أمر عليك قبل العمل فلا تقلقي رجاء.
تنهيدة حزينة لامست أذنيه قبل أن يأتيه ردها-حسنا في أمان الله ، أتمنى فقط أن تفيق قبل أن تكتشف الفتاة مدى حماقتك يا ولدي.
#خلود
#تراتيل_البنفسج
أنت تقرأ
أسيرة بلا قيد ( شوال_البطاطس 😅)
Romance.... قبل أن تجد نفسها ترتفع فجأة ليحملها على كتفه كجوال و رأسها مقلوبة إلى الأسفل ويسير بها واضعا يده الأخرى بجيبه وكأنه لا يحمل شيئا يذكر كانت في ذهول تام غير قادرة أن تستوعب أنها تُحمل الآن مقلوبة كجوال من البطاطا ثم تسمعه وهو يقول بصوتٍ ذو بحة...