المشهد 45

3.2K 133 31
                                    

صباح البنفسج 💜
#مشهد45

كله منهكٌ للغاية عقله وقلبه وروحه بل وجسده كذلك ، رغم أنه وطّن نفسه وبذل الكثير من أجل الاستعداد لمواجتها، فهو يعلم أنها وصلت من الغضب أشده واخذت تقذف بحمم من النار على الجميع بلا توقف،
لكنه لم يكن يعلم أن رؤيتها ستقضي على كل طاقته بلمح البصر،
حتى وهي غاضبة كانت جميلة للغاية،
شعرها يلتف حول وجهها بخصلات قصيرة ثائرة شديدة السواد تعاكس بياض بشرتها،
عيناها الواسعتان لم تكونا تحملان تلك النظرة الطفولية اللامعة كما عهدهما،
بل كان هناك لمعةٌ من حزن عميق قد طغت عليهما لكنها منحتهما جمالا فريدا لم يعرفه فيها من قبل،
اعترف في نفسه أنه اشتاق لكل ملامحها بأنفها الطويل وشفتيها الجميلة المزمومة أمامه الآن غضبا، فلا يجد في عقله شيئا سوى التفكير في قبلةٍ عاصفةٍ مثلها يبث بها شوقه الطاغي إليها ويمتص منها غضبها أو ربما يزيده على الأرجح!
استغفر الله في سره وهو يخفض عينيه عنها ويذكر نفسها أنها لم تعد زوجته بعد، لكنه ما أن أخفص عينيه حتى انتبه إلى ثوبها الكحلي القصير الذي يظهر ساقيها البضة ، فهي حتى مع هزالها الملحوظ مازالت تحتفظ بامتلاء اردافها وساقيها، وهو الذي يذكر جيدا هيئتها منذ جن في عقله ذات مرة وحملها مقلوبة كجوال من البطاطا وسار بها ممسكا ساقيها حتى كادت تفقده صوابه ساعتها ومازال يشعر بنفس الشعور كلما تذكر تلك اللحظات المجنونة،
استغفر مرة أخرى لكن بصوت عالٍ هذه المرة قبل أن يرفع عينيه إليها في غضب قائلا
-هل ستسافرين إلى المشفى بهذا الثوب الفاضح؟!

رفعت حاجبها في استنكار واضح قد كست الحمرة خديها فلم يستطع أن يجزم إن كانت خجلا أم غضبا لكنها بكل الأحوال كانت قد زادتها جمالا و خففت من مظهرها الشاحب الحزين،
اخرجه من(سرحانه ) صوتها الهادئ بشكل عجيب قائلة
-أنت حقا تعطي نفسك أكثر مما يجب، سأحترم فقط أنك في بيتي الآن ولن أعلق على اسئلتك المثيرة للسخرية لذا سأعيد سؤالي بمنتهى الهدوء..
ماذا تفعل هنا سيد معاذ؟!!!!!!
الأمر كان مثيرا للاستفزاز لكنه تمالك أعصابه وهو يذكر نفسه أنه هنا لمصالحتها وليس الشجار معها من جديد فخرج صوته مع تنهيدة عميقة وهو يقول
-حسنا سدرة أتيت لكي اوصلك إلى والدك في المشفى.
صمت للحظة وهو يرى السخرية الواضحة على تعابيرها لكنه أكمل كلامه قائلا
-و لأننا نحتاج أن نتكلم معا ونعيد التفكير في كل ماجرى بيننا.
ابتسامة مستفزة علت شفتيها بينما ترمي سؤالها في وجهه
-بأي صفة... أريد أن أعرف أولا بأي صفة سأذهب أو سأتكلم معك؟!
بدأت أعصابه تفلت منه وهو يرى أسلوبها العجيب الذي لم يعهده من قبل فرد عليها بغيظ
-بصفتي كنت زوجك حتى وقت قريب يا سدرة وأريد أن نحاول إعادة الأمور إلى نصابها.

صمتت للحظات ثم تلاشت السخرية من ملامحها ما جعله يهدأ قليلا بينما تقول هي
-لماذ يا معاذ؟! لماذا تريد استعادة ما بيننا؟! أو أنتظر لحظة دعني أصيغ السؤال بطريقة أفضل...
مالذي كان بيننا يا معاذ؟!

أتى جوابه سريعا باستنكار
- هل نسيتي أنني كنت زوجك؟!

رآها تتنهد وتتنفس بعمق مغمضة عينيها وكأنها تستجلب أكبر قدر من الهواء إلى رئتيها قبل أن تفتح عينيها فتهزة نظرتها الحزينة وكأنه قد خيب أملها بشدة ثم أتاه صوتها منهكا وهي تقول
-خطأ....
جوابك خاطئ يا معاذ..
أنا أبدا لم أنسى أنك كنت زوجي....
لكن أنت من تنسى أو ربما تتناسى أن هذا الزواج لم يكن إلا مجرد صفقة ..
بل وصفقة خاسرة أيضا،
لذا إذا كان الزواج هو كل ما تراه بيننا فأنا لا أريده يا معاذ ، ولا أفكر باستعادته مطلقا.
ضيق عينيه وهو يقول
-إذا لا تريدن الزواج مني مطلقا !!!
هذه المرة أتاه صوتها مغتاظا بنزق وهي أن تقول
-ماذا تفعل هنا يا معاذ لماذ أتيت هل تتعمد أن ترفع ضغطي الآن؟!
حسنا أنا منهكة و أمامي طريق سفر طويل، ثم مواجهة مع زوجةٍ غاضبة من ابنتها لأجل زوجها المريض.....
لذا هذا يكفي فلا طاقة لي بجدالك الآن ارحل من هنا لا أريد منك شيئا،
وبالطبع لن أذهب معك إلى أي مكان ، سأنتظر رامي وشكرا جزيلا لعرضك لكنه مرفوض.

شعر بالنار تستعر في جوفه وهي تخبره بمنتهى البساطة واللامبالاة أنها ستذهب مع رامي، لا يعرف متى هجم عليها وأمسكها من ذراعيها يهزها وهو يقول
-انا تطالبينتي وتحاسبينني على الصلة بيننا بمنتهى الوقاحة، بينما رامي قد رفع عنه الحساب،
ما الصفة التي يملكها ولا املكها أنا؟!
دفعته بقوة وهي تخلص نفسها منها فتركها وهو يمسح وجهه وعقله يحذره ان يهدأ ويحذر مما يحدث بينهما، رفع رأسه فرآها تمسد ذراعيها مكان قبضته قبل أن تقول
-أيها المتوحش هل تريد ان تعرف الفرق بينكما، حسنا الفرق أنه كان دائما موجودا حتى لو رفضت وجوده لكنه كان يفرض نفسه حين يستلزم الأمر،
كنت اصرح بكرهي له لكنه ظل يهتم بأموري ويرعاني دون أن يتنصل من مسؤوليتي يوما بل ظل دائما خلفي يمهد لي طرقي الصعبة،
أما أنت فماذا فعلت؟!
أنت لم تتقن يوما سوى الهرب...
في كل موقف كنت احتاجك فيه ركنا استند إليه لم تكن موجودا أبدا!
بل دوما ما سارعت أنت لتبحث عن خلاصك بعيدا دون أن تحيد منك نظرة إلي!!!

كان يستمع إليها في ذهول وهو عاجز لا يعرف كيف السبيل لمراضتها فهو مستعد هذه المرة لفعل أي شيء لاستعادتها
ظل صامتا لا يعرف ماذا يفعل قبل أن يتذكر كلام خالته عن إعلان حبه لها....
لكن كيف وهو لم يكن من قبل عاشقا أو شاعرا ليعلن حبه في شكل درامي يُرضي به الأميرة الغاضبة؟!
للحظة تذكر جملة لوالدته لطلاما وقف امامها وهو يقرأها في مذكراتها
"بعض العشق قليل المفردات عميق المعنى، ليته قال لي "أحبك" وحسب كنت لأغزل منها سيلا من الكلمات وأنظمها قصيدة عشق أبدية أعلقها في أغوار القلب "

حسم أمره سريعا وهو يتقدم ليُسكت سدرة عن سيل مقارنتها البغيض وهو يقول بصوت منخفض
-أنا أحبك!!!

رآها تنظر إليه في ذهول لبضع ثواني قبل أن يتحول الذهول إليه وهو يسمعها تضحك بصوت عالي وضحكتها تطول وتطول وكأنها لا تستطيع التوقف، ما جعله يكتف ذراعيه ويرفع حاجبه استهجانا بينما يقول لها بغيظ
-ما الشيء المضحك فيما قلت؟!
ردت عليه وهي تحاول أن تتمالك ضحكتها
-طريقتك العجيبة..
لقد كنت تقولها وكأنك تقذفها في وجهي بسرعة خائفا من أن تلوثك!!
أو كأنك تخشى أن يسمعك أحد فيحل دمائك لأنك تحرض على الحب والعياذ بالله !!!
تنهدت وقد غادرت الضحكات صوتها وهي تكمل كلامها بحزن
-أنت نفسك لا تصدق ما قلته لي معاذ فهل تتوقع مني أن أصدقك!!!!

#يتبع
#شوال_البطاطس

أسيرة بلا قيد ( شوال_البطاطس 😅)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن