—
فتحت عيناي لأجد نفسي أقف أمام منحدر صخري، كانت أمواج البحر تضرب الحجارة أسفل المنحدر بهدوء، ناظرت السماء بالأعلى و قد كانت صافية مع سحاب أبيض متفرق، و الشمس تنير المكان بلطف، كأنهُ يومٌ عادي من إحدى أيام الصيف المعتادة.سمعت أحدهم يناديني بأسمي من الخلف و قد كان صوتهُ مؤلوفاً، التفت نحوه و إذا به يقف و خلفه حقل من الزهور متنوع الألوان و شجرة كبيرة بأوراق خضراء تتوسط المكان. " تعالي لنرتاح تحت ظل تلك الشجرة" ناداني مبتسماً و مد يديه ليستقبلني.
أردت أن أجري نحوه وأن أحتضنه، لكنني لم أستطع التحكم بجسدي و وجدت قدماي تخطوان للخلف لتبعداني عنه. إختفت إبتسامته الحلوى تدريجياً عندما أدرك أنني أرفض طلبه، مال رأسه للجانب كما يفعل عندما يكون مستغرباً ثم نطق بهدوء " ما الخطب؟ لماذا تبتعدين؟" و بدأ يخطو نحوي مقترباً مني.
لكنني رفعت يداي صانعتاً علامة توقف بكفي ثم صرخت " أبتعد عني، لا تقترب" مما جعله يصنع وجهاً حزيناً و زاد توتري، إلتفت نحو الحاوية التي أصبحت أقرب لها مما كنت عليه منذ بضع ثواني، " أنتبهِ ستسقطين" حذرني بنبرة قلقة مما جعلني أخطو للخلف أكثر.
وجهت نظري نحو الحافة مجدداً، حيث صار البحر هائجاً و تضرب الأمواج الصخور بعنف، فجأه أصبح المكان مظلماً و لم أعد أرى الشمس بسبب الغيوم السوداء الكثيفة. ضرب البرق و الرعد في السماء ليزرعا الخوف في قلبي، إلتفت نحو يونقي و لاحظت إختفاء الزهور التي كانت خلفه، و تلك الشجرة التي كان يتحدث عنها أصبحت تشتعل ناراً، الأرض التي نطأ عليها جافة جرداء كأنهُ لم يهطل عليها المطر منذ أعوام.