-33-

581 56 17
                                    

<من وجهة نظر &&&>

وصلت للمنزل أخيراً، استغرقت رحلة القطار ثلاث ساعات، طوال الثلاث ساعات كنت أتخطى الأغنية ثم الأخرى، فقط الآن أدركت أنني أمتلك الكثير من أغاني بانقتان في هاتفي. في الوقت الراهن لا أريد التفكير بأي واحدٍ منهم فجميعهم يذكروني به.

كنت عندما أقود بهم السيارة عائدين للشقة يجلس بجانبي ثم أصل هاتفي بسماعات السيارة و نغني معاً بأعلى صوت غير مكترثين أننا نزعج السيارات المجاورة لنا، إما نشغل أغاني الروك الأجنبية أو أغاني حزينة جداً و نغني مع المذياع، أحياناً نتخيل أنفسنا فرقة أوبرا و نغني بآهات طويلة و عالية.

بالتفكير في ذلك، كان دائماً يعاتبني مازحاً إذا ما شغلت أغنية لفرقة توايس ثم أقول جملة توايس المشهورة " I am like TT" صانعتاً حرف 'T' بأصابعي فيمسح على رأسي مبتسماً ثم يقول " سأسامحك هذه المرة لأنك لطيفة".

هاه، كانت أياماً جميلة، ليتها تعود، ليتني أستطيع الرجوع في الزمن ثم العيش في تلك الأيام إلى الأبد، أوقف الوقت عن المضي فقط لاتسطيع الاستمتاع بتلك اللحظات الحلوة. كيف أصبح الأمس ذكرا بلا لون أو صوت، كيف أصبحت تلك التفاصيل البسيطة أحداث جارحة، و كيف أصبح لأسمه أكثر من معنى؛ فاسمه قد يعني ماضي جميل لذاكرتي، لحن حزين لأذني، و صورة مثالية لعيني، شيء بعيد المنال، و شيء يستحيل تكرارة، مشاعر كَبُرت مع الوقت.

لماذا هو بذات؟ و لماذا أنا؟ لماذا كنا معاً إن كنا سنفترق؟ لماذا كنت أبتسم إذا ما رأيته و لكن الأن أحزن، في الماضي كان قلبي ينبض فرحاً لسماع صوته العذب أما الأن فهو ينكسر و يتألم، تلك الشظايا التي كانت في الماضي قلباً سعيداً يملؤه الحب، الآن أنجرح كلما رفعت شظية و حاولت تجميعها. تعبت من محاولت إقناع نفسي أنهُ لن يعود، تعبت من محاولت تقبل الحقيقة و أكاد لا أميز بين الحلم و الواقع، ذلك الذي كان يبعث لروحي الأمل أصبح من يبث اليأس و يأسرني في عالمه الأسود، تلك الذكريات الجميلة أصبحت كابوس بشع أريد الإستيقاظ منها.

" &&& وصلتي اخيراً" نطق أحدهم فلتفت نحوه، " لما تقفين هناك هيا فالتدخلِ" نطقت الامرأة مجدداً لذا خطوت للأمام لكن تعثرت و سقطت لأنني لم أنتبه أن أرضية المنزل مرتفعة عن أرضية التي أمام باب المنزل حيث نضع أحذيتنا ثم ندخل.

" هل أنتي بخير؟ تبدين شاردت الذهن" سألت الامرأة و التي جلست بجانبي على الأرض، ثم مدت يدها لمساعدتي، لكنني فور أن رفعت جسدي عن الأرض إرتميت في حضنها، ثم هتفت بكل ما أمتلكت من قوة " أمي" و بدأت أبكي.

قد لا تعلم كم إحتجت لهذا الدفء، حتى مع أنني كبرت على حضنها و لم تعد رجلها تكفيني لأجلس فوقها إلى أنني حصلت على حنانها كما في صغري، أشعر أنني عدت طفلة صغيرة. وصلت أخيراً لمكان حيث أعلم بأنهُ لن يتم رفضي فيه و سيظل أصحابه يحبونني مهما حدث، لن يتركوني وحيدة.

أنا فقط مساعدتك | BTSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن