«ما رأيكِ في كوب قهوة؟» الفصل الثاني

9.2K 364 96
                                    

"لَاتِي... صغيرتي"

ويحدث أحيانا أن نسمع دقات قلبنا..
ما أن سمعت صوته حتى تسارعت نبضاتي.. ما الذي أرجعه؟ هل علي الخوف من مجيئه أم الفرح لرؤيته بعد هذه المدة؟.. هل يعني هذا أنني سأعود؟ لما في هذه اللحظة بالذات بعدما حددت هدفي؟

"إشتقت إليك.. كيف كنت؟ هل آذيت نفسك؟ ماذا عن مشاكلك؟ لما لم تتصلي و تطمئ..."قالها بسرعة وعطف بعدما أدارني لأقابله.

"أنا بخير.. حقّا بخير، لا تقلق" قاطعته بلطف معهود مني تجاهه. وضع يده على رأسي ليتحسس شعري. إشتقت لحنانه، أصلا إنه الحنان الوحيد الذي وجدته بعدما تركت أمي. تأملت ملامحه التي تعبر عما يتعدى الخمسين سنة .. خمسين سنة من كونه رجلا بعشر رجال. أي فخر أحمله كلما تذكرت أني أنتمي إليه!

"كيف حالك أنت، معلم؟ ألم تترك بعد عملك؟..". قلت وأنا أعلم مسبقا الإجابة.

"ما كنت لأحمل مسدسا لو تركته.."

دخول الحمام ليس كخروجه!.. وهكذا هي طبيعة هذا العمل. أعلم أنه في أعماقه يرغب في الاستسلام أخيرا، أن يعود لزوجته و ولده وهو متيقن أنه آمن.. لكن بين أريد وأحصل خط رفيع من المستحيل!

"لا أظن أنه مكان مناسب لما أتيتَ من أجله" قلت له: "اتبعني.."

⁦⁦ . . . . . .  ๑˙❥˙๑ . . . . . .

"شقة جميلة... وصغيرة".قالها بينما يرتشف من كوب القهوة أمامه.

"أمم.. مساحة كافية لفتاة مثلي، والأهم أنها كافية لأتنفس بحرية!"

رمقني بنظرته المعتادة كلما تحدثت عن الحرية.. نظرة حزن، حنين، عتاب وفخر!.. فخر بي أنا التي لا أتقبل أصفاد ولا أرضَ أغلال في عمل يقيدك من رقبتك لأخمص قدميك!

"كيف وجدتني؟!.."
"حسنا، كنتِ دائما تتركين ما يقودني إليك.. ليس بالامر الصعب!"

أمم.. هذا صحيح.. فبرغم أني تركت تلك الحياة، إلا أني لم أقدر على التخلي عن شخص مثله.. كان كأب وجدته بعد يُتمٍ دام لسنين!.. لن أتخطاه لمجرد أني أريد المضي قدما.. كنت دائما أترك ورائي ما يقوده إلي.. هو فقط!.

"لا أظن أنك هنا لتسأل عن أحوالي و تُعجَب بشقتي". قلت بجدية، فأنا أعلم أنه بالفعل يعلم أخباري، كما أعلم أنه ما كان ليخاطر بمجيئه بتلك الطريقة ما لم يكن أمرا في غاية الأهمية..

أتمنى أنه لن يكون!..

"لديكِ مهمة!.."

بالتحديد ما لم أرد سماعه!..

"تعلم أني بالفعل تركت هذا الامر... بالكاد تخطيت ما حدث منذ سنتين ولست على استعداد أن أعود لنقطة الصفر". قلت له بصرامة حاسمة أمري.. لن أعود. ليس هذه المرة!..

قال بحنانه المعتاد بعدما إبتسم تلك الابتسامة المهدئة التي تريحني: "أعلم.. صغيرتي أعلم! لستِ أسعد مني لرؤيتك تتقدمين في حياتك، لكن.." تغيرت ملامحه نحو الجدية: "هذه المهمة ستغير كل شيء... ما كنت لآتي إليك لو لم أعلم جدية الامر.. إ-إنه يتعلق ب«تولين»!"

𝚂𝚊𝚟𝚎 𝙼𝚎 | أنقذونيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن