«عدنا للواقع، آنسة دِي رَاشِيلْ»الفصل الثامن عشر.

5.1K 285 56
                                    

_مَا رَأيُك فِي الهُروُب؟
_إِلىٰ أَين؟
_إِلىٰ مَكَان بَعِيد.. مَكَان نَغرَق فِيه مَعًا! مَكَان يَحتَوِينَا كِلَينَا فَيُحَرِّرُنا مِن أَغلَال الوَاقِع، وَيَسمَحُ لِي أَن أَغرَقَ فِي عَينَيكِ صَبَاحَا وفِي حُضنِكِ عَشِيّة!.. إِلَىٰ هُنَاك، المَكَان الذِّي نَكُون فِيهِ أَنَا وَاَنتِ.. وَحُبُنَا!
____

"إصعدي"

قال دِلِير بابتسامة وهو يفتح باب السيارة.
بادلته الابتسامة ودخلت بهروء. كانت سيارة عادية بمقعدين أماميين وخلفية مفتوحة.. اختياره البسيط هذا كان بداية جيدة لهذه الليلة.

هل ستستمر بهذا الشكل؟

"إذا إلى أين سنذهب؟" سألته بهدوء ما إن تحركت السيارة معلنة بداية الجولة.
"لا أعلم!" ضحك بمرح وأردف وهو يبتسم لي: "سنذهب لأي مكان، وسنعود في أي وقت!"

رأيت الساعة، وجدتها السادسة والنص، عقدت حاجباي وقلت بقليل من القلق: "لكن لا أريد أن أتأخر!"
"هل تثقين بي؟" سأل بابتسامة دافئة...
"طبعا لا!" أجبت بسرعة واندفاع.

إبتسم لي بدفء: "إذن تعلمي أن تثقي بي! ويكفي جدالا"

غبي! أي سؤال ذاك؟ ما كنت لآتي معه لو لم أكن أثق به! لم يقم بشيء سوى مفاجأتي وخيانتي الأسابيع الماضية، ورغم ذلك فداخلي يثق به ومتأكدة، بشكل غريب، أنه لن يضرني بشيء!..

فتحت النافذة وأسندت رأسي على الباب.. توقف المطر بحلول الآن لكن البرد كان قارسا بالفعل.
أحطت جسدي بيدي وكأني أعانق نفسي لعلي أدفئني.

"لما تفتحين النافذة طالما ستبردين؟!" سأل من جانبي بهدوء وقليل من العتاب..
ابتسمت للسؤال. كان السؤال المعتاد الذي أسأله لنفسي منذ الصغر... لماذا أفتح النافذة حتى وإن كان جسدي لا يتحمل مثل تلك البرودة؟

"ربما لأني أحب أن يضرب الهواء وجهي، وعندما تحب شيئا لا تهتم إن كان يؤلمك أم لا، فقط سترغب بفعله!" أجبت بابتسامة واستنشقت الهواء البارد بعمق وراحة.

"إذن فأنت كهوائك هذا بالنسبة لي!" قال فجأة ما جعلني أعقد حاجباي..
"رغم أن قربك يؤلمني لكن لا يمكنني الإبتعاد عنك، بطريقة ما أجد نفسي أعود إليك! أليس هذا هو معنى الحياة؟ تضعك بين خيارات لا تستطيع اختيار أحدها تماما ولا التخلي عنها كليا" تنهد ما إن أنهى جملته..

لم أحتج للتأثر بكلامه، فأنا أشعر بالمثل تماما! أحب البقاء معه وأتلذذ بقربه رغم أني أعلم مدى الألم الذي سيعتريني ما إن نعود للواقع..

𝚂𝚊𝚟𝚎 𝙼𝚎 | أنقذونيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن