توقفت قدماه و لم يقدر علي المتابعة ليعود ليحتضن أبيه محيطاً خصره بقوة .. أوراق الخريف بدأت بالتساقط و ملء الشوارع بسبب حركة الرياح القوية .. لم تبكي السماء هذا اليوم كما فعلت من قبل و كأنها إكتفت من البكاء حتى لا تجرح تلك القلوب الرقيقة بدموعها .. بل تركت باقي العمل لفصل الخريف الذي كان بنهايته و لم تتدخل بعمله مجدداً !
إنحني ميشيل و جلس علي ركبتيه أمام ابنه يمسك بكتفيه بقوة بسيطة و ينطق بهدوء ظاهري : إهدأ يوجين .. أعلم أن الامر مخيف و صعب لكن لأجلي هذه المرة فقط تحمل .. سأحاول بقدر الامكان أخذك بالقانون لتعود لأحضاني مجدداً صغيري .
رفع كفه يمسح عيناه الدامعة و نظر لوالده بحزن : لكن أنا خائف .. هم سيعذبوني .
تنهد ميشيل بهمّ و قلق بينما يضمه بقوة و يبادله يوجين بخوف .. نطق ميشيل بهدوء : معك هاتفك لا تعطيه لأحد أو تعرفهم ان لديك هاتف .. راسلني طيلة الوقت و إن حدث شئ أخبرني عنه و لا تكتم داخلك .. أي شئ قد يحدث معك خلال الستة أشهر سيؤثر بهذه القضية ..
أبعده وحاوط وجهه بكفيه الدافئان بينما يكمل : يوجين لا تكتم أبداً .. ان فعلوا لك شئ حتى لو خدشوك فقط أخبرني و حاول ان تقوم بتصوير ما يحدث و عندها لن أرحمهم ، حسناً طفلي ؟!
أومأ يوجين بقلق يتضاعف داخله .. بعدها ودعه ميشيل بحرارة ليتقدم من البوابة و كلما إقترب كان يسمع أصوات الماضي حيث بكل مكان في القصر كانوا يهينوه .. يضربونه او يعاقبوه على أفعاله الطفولية البريئة و كلما كان يبكي كان جده يزيد عقابه أضعافاً !
أغمض عيناه و تنفس بقوة .. لن يجعلهم يرون ضعفه و خوفه .. أنسي انتقامه ؟ .. عليه أن يرجع هذه الفكرة لعقله مجدداً حتى يستطيع محاربتهم !
تابعه والده بقلب متألم غير قادر علي فراقه هذه المدة .. فقط كيف إستطاع أن يأتي به لهذا المكان بنفسه .. هذا أصعب ما فعله في حياته !
توقف يوجين و إلتفت يحدق من بعيد بوالده الذي يتابعه بقلب يرفض العودة دونه لكن الظروف لا تسمح بذلك !
ابتسم يوجين و أشار لقلبه انه سيصمد لأجل ان يعود مجدداً ليلتفت بعدها و سار بسرعة للداخل .. كل ذلك حتى لا يشعر والده بالسوء تجاه نفسه أكثر .. فأي والد قد يأتي بإبنه للجحيم بقدميه ؟! .. هو يعلم جيداً ان ميشيل يتقطع قلبه من الالم و لهذا هو أراد ان يمده بالتفاؤل لعل الامر يسير كما يحلو لهما و يعودا ليكونا بجانب بعضهما مجدداً .
إلتفت ميشيل بقلب يتألم ليستقل السيارة و يغادر بصمت .. هناك خطة في باله و لكن تنفيذها صعب .. صعب جداً !
أنت تقرأ
غَــيثْ (مكتملة)
Fantasy. لم أطلب يدًا تمسح دموع الفزع ولم أُوقظ أحدًا ليعانقني كي أهدأ، علام يجب أن أكون ممنونًا؟ .. لقد عشت أسوأ اللحظات بمفردي. * ماضي أليم و غامض ! .. و حاضر مشوش و مضطرب ! .. بينما المستقبل مجهول ! كيف ستؤول الايام ببطليّ قصتنا ؟! دانيال و يوجين طفلان...
