اللوحة الثانية

489 32 29
                                    

"أتعلمين تلك القطرة الملونة التي تسقط وسط مياه نقية فتتحول إلى بحيرة ألوان؟"
"هذا ما فعلتيه بحياتي .."

-------------------

توسعت عينيها بصدمة تشهق بغير مصدقة أنه الكفيف وقهقهته الخفيفة أخبرتها أنه أدرك صدمتها، يدور بعقلها مئات الأسئلة أولها .. كيف؟، كيف؟ هو الكفيف ولقد كان يحدق بها أثناء حديثها!، كيف كانت عيناه تتبعانها أثناء توجهها للجلوس علي الأريكة!، طريقة جلوسه وحديثه وتصرفاته لم توحي أنه كفيفاً؟، كيف فعل هذا؟!

أرادت أن تنهال عليه بأسئلتها لكنها أُحرجت مِن أن تفعلها، أعتبرته تطفل وخجلت من سؤاله فحمحمت بتوتر مخفضة رأسها بغير تصديق "عدم ثبات أنفاسكِ يخبرني كم أنتِ متوترة ومصدومة، أتوقعتيني مُبصراً!، عظيماً لقد توقعت أنني لا أُتحسن" همس بأريحية مُطلقة ضاحكاً بخفية بنهاية حديثه وكأن أمر أنه كفيفاً لا يزعجه مما زاد تعجبها أكثر، أهو طبيعي حتى؟

أرادت السؤال بشدة ولكنها وضعت يدها على فمها لاجمة لسانها وعقلها على وقاحتهما، تنهيدة خفيفة صدرت منه تليها رفعه لعينه ليحدق بها فتقع عيناه بعيناها مما أرجفها وجعلها تصدُر صيحة خفيفة مصدومة مع رفعها لساقيها تضمهما لصدرها بأندهاش

ضحكة عالية صدرت منه لصيحتها وشعوره بتحركها "أتوقع أن عيناي وقعت على عيناكِ تماماً، أخبرتكِ تحتاجين لمعرفة الكثير عن المكفوفين" همس بهدوء ونقل نظره أمامه وبالتقريب كان يحدق بباب الغرفة وهتف بهدوء مُنادياً "سيدة هيلدا"

تصرفاته التى توحي أنه مبصراً رُغم أنه ليس كذلك أرعبتها، أيملك جهاز أستشعار لتصرفات مَن حوله حتى يَظهر وكأنه يرىَ؟، أم هناك سماعة لاسلكية بأُذنه وآلة مراقبة وهناك مَن يخبره بتحركاتها؟، بدأ جسدها يرتجف هلعاً وتمنت لو كانا رينا معاها بهذه اللحظة فهذا الشخص مريب ومُفزع حقاً

أنتفضت لأنفتاح الباب وظهور تلك السيدة مُخيفة المظهر تُجيب بصوتها الغليظ مع نبرة حانية ألتمستها نوڤان بصوتها مما أثار دهشتها "أمرك سيد زين؟" أستند المدعو زين بظهره على المقعد وأخرج عُلبة لفافات تبغ ليضع واحدة بفمه ومرر السبابة والوسطي على اللفافة لنهايتها ثم رفع القداحة أمام مقدمة اللفافة مباشرةً ليُشعلها

راقبته نوڤان بدهشة ملاحظة طريقته لتندهش مُدركة ما فعله، هل قاس طول اللفافة تواً كي يستطيع أشعالها!، هذا أثار أهتمامها كثيراً فهو ليس كما يظهر بالتلفاز والمكفوف يحتاج لعناية فائقة، ربما هو محق، أنها تحتاج لزيادة معلوماتها عن المكفوفين بالفعل وستبدأ به

"جهزي غُرفة إيميلي السابقة لتمكث بها الآنسة أثناء عملها هنا، وأحضري القهوة لكِلينا فحديثنا سيطول" تحدث بهدوء مستنشقاً من لفافته ثم ينفث دخانها بعيداً عنها، مراقبتها له كانت وكأنها أكتشفت كائناً غريباً تحتاج لدراسته

رسامي الأعمى || Z.Mحيث تعيش القصص. اكتشف الآن